Chance

1.6K 190 118
                                    

...

4

كانت تتقلب في الفراش وقد غطت لفائِف شعرها الأحمر وجهها، زفرت مبعدة إحدى الخصل لتسقط مرةً أخرى على جبينها، فركت عينيها، لعنت أشعة الشمس التي تسللت عبر حلمها لتوقظها بقسوة، ركلت الغطاء بقدميها ثم زفرت من الأعماق.

كم كانت تكره الصباح!

فهي كائنٌ ليليّ يحب الهدوء، لم تُصنع من أجل النشاط والحيويَّة التي يتمتع بها بقية رفاقها من بني البشر، لطالما فكرت هكذا ولكن لم يفهم أحد هذه العقلية الغريبة، نهضت بتكاسل لتتكِئ على خلفيَّة السرير وقد مطت يديها في الهواء، سمعت صوت فرقعات صدر من عظامها جعلها تتطلق تنهيدة متضجرة منذ الصباح الباكر.

زادت تكشيرتها عمقًا حين سمعت ذلك الصوت المألوف يصدح كلعادة بأغنيَّة ما عن الدمار والفساد، نظرت نحو الحائِط الذي يفصلها عن غرفته لتضيق عينيها نحوه بحقد عميق. صحيح أن ماتيو يمتلك ذلك النوع من الصوت الذي لا نرغب بالقول لصاحبه اصمت_بحق_السماء! ولكن لأن مارى آن هي ماري آن زعقت بغضب:

- بحق السماء ألا تصمت أبدًا؟

لم يأتها جواب، وبدلًا عن ذلك سمعت صوت صنبور المياه يُفتح ليزداد غناءَه وضوحًا، فربما يكون ماتيو قد إعتزل الأضواء والشهرة، ولكن ذلك أمام الجماهير فقط...أما مع نفسه؟ فهو يغني أكثر ممَّا يتحدث.

يمكنكم القول بأنه يُقدِر النعمة التي يمتلكها حق تقديرها.

بعثرت مارى آن شعرها أكثر لتلعن، وتحاول تذكر السبب الذي جعلها تبقى في هذا المكان؟

لم يستغرقها الأمر أكثر من ثانية لتعرف الجواب: الأجر العالي، الطعام المجاني و...دورت عينيها غير راغبة في الإعتراف بالأخيرة.

تمتمت بصوتٍ خافتٍ أقرب للخجل: وربما عزف وحيد الخليَّة ذاك!

خللت أصابعها عبر شعرها الطويل في محاولة لتهدئِة هياجنه قليلًا، بحثت حولها عن ربطة الشعر وما إن وجدتها قامت برفعه للأعلى على شكل ذيل حصان، أغمضت عينيها مستسلمة لحقيقة أن الصباح قد أتى، وهاهو يوم شاق آخر يوشك على البدء، مرة أخرى لعنت الصباح لتتناول هاتفها من أسفل الوسادة عاقدة لحاجبيها بسبب الإشعار الذي ظهر على الشاشة.

بالجهة الأخرى، خرج ماتيو من الحمام واضعًا منشفة على رقبته يقوم بتجفيف شعره المبتل بها، غطت خصله السوداء عينه اليسرى ليحرك المنشفة بشدة مبعدًا إياها.

جلس على حافة السرير وقد بدا أنه يتحدثه مع نفسِه في حوار داخلي.

ثوان، ليسمع صوت ارتطام عنيف بالأرض، صرخة مكتومة، ثم لعنٍ بصوت عالي.

نهايات بطعم القهوة ♫حيث تعيش القصص. اكتشف الآن