أكملت طريقها للمكان الذي إعتادت الذهاب إليه حتى تريح رأسها من الأفكار التي تملؤه..
مكانٍ يملوه كيان السكون، حيث يُعزف لحن حفيف الشجر، و تحليق العصافير متنقلةً من غصنٍ إلى آخر..
كنتُ أسير نحو الشجرة التي إعتدتُ الجلوس أسفل ظلها، أرخيتُ جسدي متكأةً على لحائها، أغمضتُ عيناي سامحة للسكون في السيطرة عليّ، تنهدتُ مخرجةً كل همٍ صعد كاهليّ.
.
مستمتعة بأنغام الطبيعة الهادئة، أريح رأسي من التفكير.
في الأعماق لم أكن في عالمي الذي أعتدتُ على زيارته، كان المكان مظلم للغاية لا نور ولا أضواء، صمتُ مُريب، ليس بذلك الهدوء الذي إعتدتُ عليه، كنتُ أتحرك في كل مكان، لا يوجد شيء لأصطدم به.
- أين أنا!؟..
تسائلتُ في نفسي لأسمع صدى صوتي يرتد وكأني في غرفة مغلقة فارغة..
- أنتِ في عالمكِ الذي صنعته.
أجاب بصوتِه العميق.
كنتُ ألتفتُ من حولي لأرى من يتحدث ولكن لون الظلام غطى عيني.
- عما تبحثين!؟
سألها بصوتٍ أقرب قليلاً منها مراقباً ما تفعله.
- أين أنت!؟.. ولمَ الظلام يغطي كل شيء!؟..
سألتُه بينما أفرك عيناي عل الضوء يعود إليهما..
- أنا أقف هنا.. في كل مكان أحيطُ بكِ..
أجابها لترتسم إبتسامة على محياه..
بدأ التوتر يسيطر عليّ، شعرتُ بأن ذلك الشخص يقف بالقرب مني لدرجة أنني أستطيع أن ألمسه، ولكن كلما حركتُ يداي في الهواء باحثةً عن هيئته لم أجد شيئاً، كل ما أسمعه هو صوته الذي يرتد صداه في الظلام.
.
يسير ببطء متجهاً نحوها، مد يديه نحو رأسها، تلمس بأنامله خصلات شعرها وأبعده عن أذنها، قرب وجهه نحوها لترتطم أنفاسه الساخنة على عنقها هامساً لها :
- أصبحتِ لي.
.إقشعر جسدي من كلماته، أقف جامدة بجانبه، تسارعت نبضات قلبي، تنملت قدماي معلنةً سقوطيّ في أية لحظة، حاولتُ الإلتفات لأرى وجهه ولكنه أمسك بي بقوة، بدأت دموعي بالإنهمار كغيمة محملة بغيث عامٍ كامل.
.
أعتقدتُ بأن الظلام سيؤويني، ليتني بقيتُ أسفل النور مؤذيٍ، أعتقدتُ بأن نعيم الصمت جميل، أفتقد الآن ضجيج العالم حولي.
.
- ألا تبحثين عمن يحتضك، ألا تريدين البكاء بين يدي الظلام، ألم يعجبكِ دُجى ليلي!؟..
صرخ بأعلى صوته عندما شعر بدموعها المتساقطة..
صوت شهقاتي المكبوتة تعالت، بدأ خوفي بالإزدياد.
- كيف أتيتُ إلى هنا!؟..
خرجت الكلمات بعجلٍ من حنجرتي.
أمسك بجسدها بقوة وكأنه أحاطها بسلسلة من ظلال، لم تستطع الحراك أو إصدار أي صوت.
أنت تقرأ
The Red Night | الليلة الحمراء | { مُكتَمِلة } ✔
Korkuتغرب شمس يومٍ آخر ليأتي الظلام ويلعب دوره... عندما أكون في سريري ودائماً أتقلب فيه ولكنني لا أنظر إلى السقف بملل، بل العكس أجد أن تلك الزاوية المظلمة تجذب عيني أكثر... همسات صوته الثقيلة جعلت من جسدي يقشعر... لا أراه ولكنه يراني... دائماً ما أسم...