كم تحمل النفس البشرية من متناقضات
قد تحمل من المشاعر المتناقضة ما يثير فضولها
هي قبل أن يثير حيرة الأخرين .. قد تحمل القوة و الضعف
القسوة و الحنان في نفس الوقت .. قد تحمل البغض لشخص تحبه و تفضله على العالم بأثره
أيتها النفس البشرية .. رفقا بنادلفت ريناد للداخل فوجدت والدها يصرخ فيمن يحدثه على الهاتف انتو أكيد بتهرجو .. ازاى ده يحصل .. أنا هرفدكو كلكو .. دي رابع مناقصه تضيع من ايدينا .. ده تسيب و إهمال .. و
أنا مش هسكت .. أنا ..
استدار فجأة ليراها أمامه .. و الخوف و التوتر واضحان عليها
أغلق الهاتف و رسم ابتسامه باهته على شفتيه لم تستطع أن تغير من ملامح وجهه المرهقة و المتوترة في شيء .
بدا التوتر الذي ارتسم على وجهه و كأنه أضاف لسنوات عمره الخمس و أربعون .. سنوات إضافية .. ذقنه النامية بعض الشيء لم تنل من وسامته المحببة للنفس .. التي جعلت والدتها ملكة جمال لبنان السابقة تغرم به و تترك االأضواء لتعيش في كنفه و دفء قلبه .. قصة حبهما التي راهن الجميع على فشلها ؛ إلا أنهما أثبتا للجميع أن حبهما كان قويا .. بل أقوى بكثير مما اعتقداه هما .
اقترب منها فاتحا ذراعيه لتحتمي بهما فى لهفه .
قبل رأسها فى حب و قال : رينو حبيبة بابي .
نظرت له ريناد في قلق : أنت كويس يا بابى .. مالك ؟!
احتضنها والدها فى حنان و ربت على ظهرها مطمئنا اياها :ابداً يا حبيبتى
مشاكل بسيطة في الشغل .
و تابع : المهم انتى عامله إيه .. هاا احكيلى يومك كان عامل ازاي
ريناد : كله تمام يا بابى .. سلمى و طارق بعتولك السلام معايا.
أحمد : بجد .. الله يسلمهم .
صمت قليل ثم قال : رينو .. ايه رأيك تعزميهم على عيد ميلادك و نعمل حفله صغنونه كده .
ارتسم الألم على ملامح ريناد فهى لم تحتفل بمولدها منذ وفاة والدتها التي كانت تحرص دوما على تنظيم حفلة مولدها و كانت تخرج فى أبهى حلة .
ريناد : لأ .. بابي أنا مش متصورة نعمل حفلة متكونش فيها مامي .
اغرورقت عينا ريناد بالدموع و لم تلبث أن سالت على وجنتيها .
احتضنها والدها و ربت على ظهرها قائل : حبيبتى .. عمرنا ما هننسي مامي أبدا .. انتى عارفة كده كويس .. بس أنتى كمان مودك مش عاجبنى .. يمكن الحفلة تخرجك من الموود ده .. يا حبيبتى
الحياة لازم تمشي .
نظرت له ريناد فى دهشه و غمغمت : انت اللى بتقول كده يا بابى بعد الحب ده كله .
أحمد : علشانك يا حبيبتى .. انتى لسه صغيرة و كفايه حزن كده بقى .
ريناد فى عدم اقتناع : بس أنا مش عايزه .. مش قادره يا بابي .
نظر لها فى رجاء و هتف : و لو قلتلك علشان خاطر بابي .
أخفضت رأسها و تمتمت فى استسلم : خلاص .. اللى تشوفه يا بابي .
قبلها و ربت على شعرها فى حنان
أحمد : خلاص ..سيبيلى أنا تظبيط كل حاجه .. كل اللى مطلوب منك .. تعزمي أصحابك .. و أهلهم .. و تكونى زى القمر .. اوكى .
ابتسمت ريناد و تمتمت : أوكى يا بابى .
تركته ريناد و صعدت لغرفتها .. و هاتفت صديقتها
ريناد : لومي حبيبتى .. بابي عايز يعمل حفلة عشان عيد ميلادى .. ايه رأيك ننزل نعمل شوبنج عشان الحفلة .
هتفت سلمى فى حب : كل سنة و انتى طيبه يا حبيبة قلبي .. شور هاجى معاكي .. أنا كمان عايزه
أشتري فستان .. لازم أكون زي القمر .
مازحتها ريناد : و ليه بقى ان شاء الله .. هو عيد ميلاد مين فينا .
سلمي : أنتى أصلاً قمر يا بنتى .. سيبلنا احنا بقى الغلابه شويه .
ريناد : انتي كمان قمر يا لومي و الله .. كفايه طيبة قلبك اللى عمري ما شفت زيها .
سلمى : يا سلاام .. و أنا هعمل إيه بطيبة القلب .. أنا لازم أعجب...
بترت سلمى عبارتها و احمرت وجنتاها خجلا و ارتبكت أكثر عندما هتفت ريناد : الله .. الله ..
عايزه تعجبى مين إن شاء الله .
ترددت سلمى قليل ثم قالت : رينو .. ممكن أطلب منك طلب .
ريناد فى خبث : اطلبى ياختى .. هاا .. عايزانى أعزملك مين .
سلمى : ممكن تعزمي مروان .
ر يناد : الله .. الله .. هى بقت مروان .. حاف كده
ارتبكت سلمى و هتفت فى سخط : رينو.. وبعدين معاكى ..
ريناد فى مرح : و انا آخر من يعلم .. طوويب يا سلمى .
سلمى : رينوووو .
لم ترد ريناد أن تضغط على صديقتها أكثر بهذا الشأن فهتفت مغيرة الموضوع : احنا لسه ما اتحاسبناش على التدبيسه بتاع النهارده سيبتى طارق يزنقنى كده .. ومبقتش عارفه أقوله ايه .
سلمى : ليه بس يا بنتى .. دا الواد بيموت فيكى .. هو حد لاقى
اليومين دول حد يدلق عليه كده .
ريناد : بس انا مبحبوش يا سلمى .. بحبه يعنى بس مش الحب اللىبحلم بيه .. انا نفسى أحب و أتحب بجد .
سلمى : حب ادوارد و بيل ده مش موجود غير فى الأفلام وبس... المهم تلقى حد يحبك ويخاف عليكى .. وطارق بيحبك .... فكرى كويس يا ريناد .. ومتعانديش نفسك .. طارق ده لقطه .
ريناد : طب ما انتى بتحبى دكتور مروان اهوه .. يعنى الحب موجود .. انا كمان نفسى قلبى يدق يا سلمى .. اينعم مش عارفه ده هيحصلولا لأ .. بس ليه الأستعجل .
سلمى : تفتكرى طارق ممكن يصبر لحد امتى
ريناد : مش عارفه .. لو بيحبنى فعل يستنانى .
....................
وفى نفس الوقت ....
كان أحمد يفكر فى وضعه المالى الذى يتحول من سئ لأسوأ ...
حفلة ابنته كانت حجه .. كان يعلم أن طارق معجب بها وكان يتمنى حدوث ارتباط رسمي بينهم .. يريد أن يستند و يستفيد من سلطة و نفوذ حسين والد
طارق لكى يعبر المحنة التى يمر بها و يعود للوقوف على قدميه من جديد .
و فكر فى الشركة التي يبدو و كأنها ظهرت من العدم .. تلك الشركة التي يبدو من يملكها و كأنه
يتقصده هو بالذات .. و كأنما مهنته في الحياة هي أن يجعله يخسر المشروع تلو الآخر و المناقصة تلو الأخرى ... طلب عمل تحريات عنه و لكن المعلومات التى وصلته كانت ضئيلة جدا .. لم يره أحد .. لم
يقابله أحد شخصيا ... كل ما توصل إليه أنه شاب لا يتعدي الثلاثين كما أنه يتمتع بذكاء و حنكه
شديدين .
فمن يستطيع أن يهز عرشه و ينافسه بتلك القوه لابد و انه شديد المهارة .
تنهد وهو يقول : عبد الله عبد العزيز .... يا ترى عايز منى إيه و بيعمل معايا كده ليه
و في مكان آخر .. بعيد تماما عن ريناد و أبيها
وقف شاب فى الحادي و الثلاثين من عمره .. طويل القامة بشكل ملحوظ .. رياضى البنية .. يحمل بشره خمرية داكنة .. أسود الشعر و العينين .. دامعهما .
تمتم بسورة الفاتحة و بعض قصار السور أمام احدي المقابر .. ابتلع الغصة في حلقه و شد على فكه
في إصرار هاتفا : تاري و تاركو مش هسيبه .. حتى لو هيبقى آخر حاجة أعملها في حياتي .
و في صباح اليوم التالي انطلقت ريناد بسيارتها للجامعة .. و تابعتها عينان تحملن كرها شديدا ..
انطلق هو أيضا بسيارته يتابعها من مسافة ليست بالبعيدة منتظرا اللحظة المناسبة .
مع ازدياد سرعة ريناد كان يقترب منها أكثر فأكثر .
أما ريناد فقد كانت تشعر بالذعر الشديد .. فها هي السيارة تنطلق بسرعة ليست طبيعية و هي تحاول
أن تضغط بقدمها علي فرامل السيارة دون أدنى استجابة من السيارة .
حاولت و ضغطت بقدمها مرات عديدة دون جدوى ؛ انتابها الذعر و شعرت أنها هالكة لا محالة ..
بدأت الدموع تتساقط من عينيها في عجز و هى تحاول السيطرة على المقود .. حتى سمعت هتافاصارخا : العربية فيها مشكلة ؟!.
نظرت لمحدثها بعيون باكية و لكنها حملت لهفة و رجاء : أيوه الفرامل مش شغالة .. مش عارفة في ايه .
هتف : متخافيش .. حاولي تبعدي عن الزحمة .. و الا هتخبطي في حد .
هتفت باكية : مش راضية تقف .. أنا خايفة .
هتف بها في صرامة : متخافيش عشان تعرفي تتصرفي .. و أنا معاكي مش هسيبك
انطلقت السيارة كالسهم تتبعها سيارته متجاوزتان إشارة المرور .. و ريناد تسيل الدموع من عينيها في ذعر و تتابعه في رجاء ؛ و كما وعدها ظل يتابعها و سيارته تلحق بها و تجاورها قدر الإمكان .. حتي وصلا لطريق خالى تقريبا إلا من بضع سيارات .
نظرت له في امتنان و لدهشتها بدأت السيارة في التباطؤ .. شيئا فشيئا حتي توقفت تماما .
نزل من سيارته في سرعة و فتح باب سيارتها معاونا إياها على الترجل من السيارة .
و تساءل في اهتمام : أنتي كويسه ؟
نظرت له بعيون باكيه و ارتجفت شفتاها و حاولت الرد و لكنها لم تستطع و ارتمت فى أحضانه و أجهشت بالبكاء .
شعر بها ترتجف في أحضانه .. فطوقها بذراعيه مهدئا اياها
تملمت ريناد و ابتعدت عنه و قد احمرت وجنتاها خجلا و أخفضت عينيها في حياء .
عاد يتساءل : انتي كويسه ؟!
هزت رأسها بالإيجاب دون أن تنظر إليه شاعرة بالخجل الشديد و تشعر بالتأنيب .. كيف احتضنته بهذا الشكل .. كيف سمحت لنفسها .
قال : تمام يا آنسه ......
نظرت له و هتفت : ريناد .. اسمي ريناد .
ابتسم و هتف : و أنا عبد الله .
خفق قلبها لصوته العميق ..
نظر داخل السيارة و قال لها : أنتي حظك حلو .. البنزين اللي فى العربية خلاص .. عشان كده العربية وقفت .
تابعته بعيناها و لاحظت كم هو وسيم .. بل شديد الوسامة .
تمتمت في امتنان : أنا متشكرة جدا انك فضلت معايا و مسبتنيش .. أنا كان ممكن أموت من الرعب .
نظر إليها و لأول مرة تجذبه عينين أنثويتين كما اجتذبته عينيها الخضر و هتان اللتان تحملن براءة لم يرى مثلها من قبل .
ارتبك و ابتعد بعيناه عنها و غمغم : أنا معملتش حاجه .. الحمد لله انها جت على أد كده .
ابتلع ريقه في ارتباك و هو يشعر بمشاعر متضاربة .. و غمغم : تحبي أوصلك لمكان معين .. كده عربيتك مش هتدور .
ريناد متجنبه النظر فى وجهه حتى لا تأسرها عيناه .. يكفى صوته العميق الذي يجعل نبضات قلبها تتسارع : مش عايزه أتعبك معايا .
عبد الله : ولا تعب ولا حاجه .. اتفضلي معايا أوصلك للمكان اللى انتى عايزاه .
انطلقت بها سيارته و كلهما يحمل مشاعر متضاربة ..
عبد الله يشعر بالتوتر من مشاعر غريبة لم يشعر بها من قبل .. بالإضافة لمشاعر الكره التي يحملها لها
أما ريناد فكانت لا تستطيع السيطره على نبضات قلبها المتسارعة لقربها الشديد منه .. و لا تستطيع
ان تمحو من عقلها ما شعرت به لحظة ما طوقتها ذراعاه .. و لأول مره فى حياتها يخفق قلبها لرجل
تري ماذا يخبئ القدر لكليهما
![](https://img.wattpad.com/cover/151005650-288-k352223.jpg)
أنت تقرأ
خطف قلبى
Romanceالكاتبه مروه ممدوح بدأ الأمر كانتقام .. خطفها ... اذلها جمع كل المتناقضات القسوه و الحنان .. الكره و الحب حوله الانتقام الى شيطان فقابل ملاك ذكره بأنه إنسان . كرهتك كما لم اكره احد من قبل . حملت لك و لكل ما يمت لكة بصله بغضا و حقدا لم اكن اعلم اننى...