٧

23.6K 493 10
                                    

أرى في عينيك وجع .. ألم يمزقني و يطعنني
لا يستطيع قلبي تحمله
وجع مني .. يؤلمني بأكثر ما يؤلمك و هذا ذنب
وجب علي ان أحمله
كذئب يوسف حملتك ذنب لم تقترفيه .. ذنب سأحمله
حتى يصل بي العمر أرذله
لست بجبان بل ..انتِ ذنب وجب علي أن أحيا طوال عمري .. أستغفره
نزل أحمد من غرفة ابنته و دموعه تتسارع على وجنتيه .. كيف طاوعه قلبه على أن يحقنها بذلك السم .. كيف استطاع أن يفعل ذلك ؟! ..إنه ذلك الوغد سيقتله .. كيف سولت له نفسه أن يؤذي ابنته بهذا الشكل ؟! .. ريناد ... تلك الملاك التي لا تعرف شيئا .. تلك
الفتاة الحالمة التي أبعدها عن عالمه السيء بكل ما فيه .. لتصير على ما هي عليه .. تلك الفتاة .. البريئة النقية .. حلم بأن تصبح كأمها .. و بالفعل صارت .. و أتى ذلك ال عبدالله ليحطم كل آماله
كل حُلم حَلمِ به من أجلها .. كل هذا بسببه هو .. لقد عاقبه الله على كل أخطاؤه فيها .. انقبض قلبه و هو يراه يتفرس فيما حوله ..
وقف عبدالله أمام البيانو الموجود في أحد الأركان يتفحص صورة ضوئية لريناد مع أنثى أخرى تشبهها إلى حد كبير .. رجح أنها أمها .. فلهما نفس لون العينين و الجمال الطبيعي .. و كانت
الثلوج تغطي المكان حولهم و خلفهم " التلفريك " تلك الوسيلة اللبنانية الشهيرة للتنقل و التنعم بنزهة في جبال الأرز .. ابتسم للسعادة التي تبدو عليها كلتاهما .. و التي ظهرت بوضوح في ملامحها البريئة .
شعر به عبدالله خلفه فالتفت و غمغم في ازدراء : واضح إن بنتك ورثت براءة أمها .. بس يا ترى البراءه دي .. في الشكل و الملامح و بس .. و جواها زيك .
أحمد : انت انسان حقير .. لأ انت مش بني آدم أساسا ..حرام عليك .. هى بنتى عملتلك ايه علشان تعذبها كده .. وانا عملتلك ايه علشان تعمل معايا كده .. انا هسجنك .. هوديك فى داهيه... انا مش هسيب حق بنتى .
عبدالله : دلوقتى بتدور على حق بنتك .. طب فين حقوق الناس اللى انت ظلمتها.. مين هيجيب لهم حقهم .. مين هيسجن اللي ظلمهم .. انا قررت آخد حقي وحق كل واحد انت ظلمته .. منك ومن
بنتك .
أحمد : بنتى مالهاش ذنب .. لما تحب تظلم .. اظلم اللي ظلمك .. انتقم منه هو .. لكن بنتي .. لييه .. عملتلك إيه .
عبدالله في ثورة : وانا ماليش ذنب .. وناس كتير غيري انت أذيتها مكنش ليها ذنب .. انت أذيت ناس أكتر مما تتصور .. والجزاء من جنس العمل
فى ناس كتير انت أذيتها فى شغلها وخسرت بسببك كل فلوسها .. وانا عملت كده معاك .. أما بنتك بقى فحسابى معاها علشان أخلص منك اللى عملته فى أعز حد عندى .
وقف عبدالله و واجه أحمد وسأله : يا ترى لسه فاكر ليلى .. ولا اعتبرتها كلبه وراحت .
فتح أحمد عينيه فى ذهول ... وقال : ليلى ؟!!
تابع عبدالله في انفعال : ايوه ليلى .. ولا تكون نسيتها .. يا ترى كام ليلى عدو ف حياتك .
فى ذهول قال أحمد : ليلى .. ليلى عبدالعزيز .
عبدالله في كره شديد : أختي .. اختي اللى كانت سكرتيرة عندك ..استغليت قد ايه هى صغيره و معندهاش خبره .. وضحكت عليها .
هرب أحمد من مواجهة عينيه اللتان تطلقان سهام الإتهام عليه .. فينزف هو بكل ألم تسبب به لتلك الفتاة .
تلعثم قائل : دي .. دى كانت بتحبنى .
ضحك في سخرية :- ههههههه ... وانت عملت ايه علشان الحب ده ... اتجوزتها عرفي .. استغليت ان مفيش حد جنبها.. ابونا مش موجود .. متوفي.. وأمي ست مقعده .... وانا كنت بشتغل فى الخليج .
اضطرب و تلعثم : أنا .. أنا ...
عبدالله في اتهام : انت مجرم .. استغليت براءتها .. وضحكت عليها .. و.. لما حملت منك ..
بهدلتها و أهنتها .. وطلبت منها تنزل الجنين
أحمد : مراتي كانت مريضة بقالها سنين .. وانا كمان ضعفت قدامها .. بنت صغيرة وجميلة وبتحبني .. أنا آسف .
عبدالله في انفعال : آسف؟! .. آسف على ايه ولا ايه .. انت دوست على أختي برجليك .. أختي ماتت بسببك .
صرخ أحمد من الصدمة : ماتت ؟!!
ضحك عبدالله فى سخريه : ما تحاولش تعمل قدامي دور البرئ .... وانت عارف كويس انها ماتت .
أقسم : - والله ما عرفت .. انا طلبت منها تنزل الجنين .. وبعدها مشوفتهاش تانى .
أشار عبدالله بأصبعه : انت قلتلها .. مش عايز أشوفك تاني غير بعد ما تنزليه .. ومالكيش شغل عندي .. غير لما تنفذي اللى طلبته .. وهى دفعت حياتها تمن لغلطتك انت.. وعشان ترضيك
علشان بتحبك .. وعشان خايفه منك .. ماتت وهى بتجهض الطفل ..وماتت أمى من زعلها عليها .. أنا دفنت أمي و أختي الوحيدة في أسبوع واحد .. عرفت انت حسابك تقيل اد ايه... عرفت ان
الحساب ده ما ينفعش تدفعه لوحدك .. لازم بنتك تشيل معاك .
خبأ أحمد وجهه بيديه غير قادر على التفوه ؛ ألجمته المفاجأه .. أخرسته و انقبض قلبه ألماً لما يسمعه لقد أحبها بطريقته الخاصة ؛ و عندما علم بأنها تحمل مولودا .. فزوجته المريضة
لن تحتمل لو علمت بخيانته لها.
أخرجه عبدالله من ذكرياته ..
عبدالله : ده ما يختص بأختى .. اما اللى يخص شعلك .. فده تار تانى لحد تانى .. خليه لوقته .
أحمد : انا مستعد أكفر عن ذنبى بالطريقة اللى تختارها
عبدالله : انا عندى ليك صفقه .. هبطل أحاربك فى شغلك.. وهسيبك تقف تانى على رجليك ... بس بشرط .. وهو ده شرطى الوحيد .
أحمد : ايه هو الشرط ده .. وانا هنفذه فورا .
عبدالله في سخرية : يااااااه .. اد كده صعبان عليك الفلوس .
أحمد : أبداا .. انا عايزك تبعد عن بنتى .. وبس .
ضحك عبدالله في سخرية : بس أنا مش هبعد عنها بالعكس .. انا لسه حسابى معاكوا مخلصش .. انا شرطي علشان أبعد عنك و أبطل أحاربك .. هو اني .. اني أتجوز بنتك .
انتفض أحمد من مكانه : مستحييييييل .. لااا بنتى .. اعمل معايا اللى انت عايزه بس ابعد عن بنتى
..لا يمكن أوافق .
عبداهلل : انت عارف ايه ممكن يكون حصلها غير الأدمان .. ما تعرفش .. ولا هى تعرف .. انا قررت أتجوزها ... و هتجوزها .
أحمد في انفعال : لا يمكن اوافق .. مستحيل .. أرجوك ابعد عن بنتى .. أنا مستعد أنفذ أي حاجه تطلبها إلا بنتي .
وقف عبدالله وقال : ده شرطى الوحيد .. اذا قبلت بيه .. هبعد عنك .. إذا ما قبلتش هفضحك فى كل مكان و أسوأ صورتك قدام كل الناس و أولهم بنتك .. ده غير اللي هيحصل لبنتك و اللي لا يمكن كنت تتصوره حتى فى أسوأ كوابيسك .
أحمد : لل .. لا ... لا ... مش ممكن بنتى ؛ مقدرش أغصبها على حاجه زي دي .
نزلت ريناد البضع درجات الأخيرة من السلم الداخلي للفيلا ؛ بوجه خالٍ من الدماء تقريبا و عيون دامعه ؛ تحمل له اتهاما ؛ عرفته من صوته و عرفت انه تقرب منها لينتقم من والدها فيها ... و تساءلت هل كانت حادثة السيارة صدفة أم أنها من تدبيره أيضا كانتقامه من والدها و الذي نفذه ببراعه
غمغمت ريناد في تصميم : أنا موافقه يا بابى .. أنا موافقه أتجوزه .
نظر لها أبيها في ذهول ثم نكس رأسه في ألم : ريناد .. أنا .. أنا ..
قاطعته : متقولش حاجة .. أنا سمعت كل حاجة .
و نظرت لعبدالله في اتهام : الأستاذ اللي بيحاسبك ده .. مذنب زيك بالظبط .
أحمد : انتي موافقه تتجوزي المجرم ده .. أنا مش مصدق .
ابتسم عبدالله بسخريه فنظرت له في حده : هو مش مذنب لوحده يا بابي .. أنا سمعت كل حاجه و مستعدة أتحمل الجزء الخاص بيا من الإنتقام .
ووجهت كلمها لعبدالله : أنا مستعده أتجوزك فى الوقت اللى انت تحدده .. أهم حاجه عندي ..
انك تبعد عن بابى... كمل حسابك معايا أنا .. مش انت شرطك علشان تسيبه فى حاله انك تتجوزنى خلاص انا موافقه .
أحمد : وانا مش موافق .. أرجوكى يا ريناد .. ما تتحسسنيش بالذنب أكتر ما انا حاسس بيه .. كفايه انى بشوفك وانتي بتتعذبى وانا مش قادر أعملك حاجه .. وكله بسببى ..أرجوكى يا ريناد متعذبنيش أكتر من كده
بدأ أبيها بالبكاء في ألم ..
اقتربت منه ريناد و احتضنته في مواساة : بابى .. انا بحبك جدا .. وانت عمرك ما قصرت معايا .. انت أغلى حاجه عندى فى الدنيا. . وانا متأكده ان انا كمان أغلى حاجه عندك .. أرجوك .. سيبه ينفذ اللى هو عايزه .. هيجرالى ايه أكتر من اللى جرالى .
تحدث عبدالله لأول مرة منذ تكلمت ريناد : بعد أسبوع .. جهزى نفسك .
ريناد : أوكى .. انا موافقه .
اقترب منها عبدالله : وعايزك عروسه زى القمر .. وهنعمل فرح في أفخم فنادق البلد .
ريناد في استسلم : زى ما تحب .
..........
و فى المساء ...
جلست ريناد مع صديقتها الوحيدة .. سلمى
سلمى : ريناد .. انتى ازاى توافقى على المهزله دى.... ده مجرم يا ريناد .. ازاى توافقى تتجوزى مجرم ... انا مش فاهماكى .. وبعد كل اللى عمله معاكى .
ريناد : سلمى .. اللى عمله معايا و مع بابى .. كان ليه مبرر .
سلمى : انتى اكيد اتجننتى .. انتى ازاى بتديه مبرر للى عمله .. حتى لو باباكى غلط .. هو كل واحد حد غلط فى حقه .. يدى لنفسه دور الجلاد زى ما هو عمل .. ريناد .. ده أذاكي قوي .. وكمان خسر باباكى كتير قوى
صمتت ريناد قليل : سلمى .. تعرفي .. انا قلبي حاسس انه انسان ثم قالت
كويس .. وان كل اللى عمله ده .. عمله من حرقه قلبه على أخته وأمه .. بس تعرفي حتى في انتقامه كان عنده رحمة .
نظرت لها سلمى في ذهول : انتِ أكيد مجنونه .. رحمة ؟!..بعد اللى عمله فيكى .. و بتقولى رحمة .. فين الرحمة في اللى هو عمله .
ريناد : أنا كنت متقيده وانا عنده و مغميين عينيه ......بس كنت بشوف .... شفت الندم ف عنيه
أكتر من مره.. ولا مره ادانى هو الحقنه .. و مره حاول واحد منهم يقرب منى... و أنقذنى هو منه و ضربه ..و بعدها على طول ... وقبل ما أى حد يطمع فيا رجعنى .... هو ميعرفش انى أعرف كل ده ... هو حابب يظهر بمظهر القاسى اللى معندوش رحمة ...بس أنا احساسى بيقوول انه مش كده ... حتى فى انتقامه من بابى..... وقفه قبل ما بابى يخسر كل حاجه و ساومه عليا ... عايز يثبت لنفسه انه لسه بينتقم مش أكتر .
سلمى : حتى ده ما يديلوش الحق فى اللى عمله معاكى ... طب و بعدين يا ريناد .. افرضى ان احساسك طلع غلط.. يبقى ايه الحل .. هتكونى ارتبطى بمجرم .
تنهدت ريناد : هبقى ريحته فى الإنتقام اللى كان نفسه فيه.. و بعدته عن بابى .. بابى قلبه تعبان و مبقاش حمل توتر و انفعال .. و بعدين زي ما قلت لبابي .. هيحصلي ايه أكتر من اللي حصل .
سلمى : رينو .. الفرح بعد اسبوع .. يا ترى لسه عايز ايه منك وليه مصمم يتجوزك .. انا خايفه عليكى قوى .
ريناد : صدقينى يا سلمى .. انا أقوى مما تتصورى وبكره تشوفى

خطف قلبى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن