هذه القصة صورة من صور المجتمع الغربي المنفتح .
**
ترتفع أصوات الموسيقى الصاخبة المتدفقة من السماعات العملاقة في القاعة ، تسلط الاضواء الملونة على الحاضرين . الجميع ملتف حول العروسين . كان لهذا الزفاف حديث تتحدث عنه الصحف فكان الزفاف يضم مجموعة من رجال الاعمال ، مصمموا و عارضات الأزياء و جميع الوسط الفني . كانت ميراندا تقف بجوار زوجها جورج . كان جورج رجل اعمال معروف و كان ذو بشرة برونزية ، عينان خضراوان ، عرض يناسب طوله . كان جورج ٤٥ عاماً .من ضن الملتفين حول العروسان : "ميراندا" مصممة الاحذية المعروفة . بعد ان أنهت حديثها مع إحدى المذيعات المدعوات حول أحدث صيحة في عالم الموضة و تحمل معها شعارها الذي تؤمن به "حذاء المرأة يعكس شخصيتها" . حينها همّ جورج بالجلوس على طاولة المخملية المخصصة لرجال الاعمال حيث قادوا الحديث حول المشروعات المستقبلية . من ضن الذين يحفهم الضجيج ، وقف ديفيد في الزحام حول العروسين . كان ديفيد رجل أشقر وسيم ، طويل القامة ، ذو عينان زرقاوات ، يرتدي بدلة باهظة الثمن يعطرها بأفخم العطور، بإختصار رجل يُقبِح أي أمرأة تقف بجواره .
وقفت ميراندا تصفق و إبتسامتها لا تفارقها . مطألقة كالعادة بفساتينها القطيفة أحياناً و الحريرية أحياناً ، فتحة الصدر التي تكاد تلامس عنقها و شعرها البني الداكن المصفف للأعلى . اصولها الشرقية التي امتزجت مع الغربية أعطتها ملامح الحسناء النادرة . لمحت ميراندا أحداً ميزته من نظرة واحدة و معها تلاشت الابتسام سرعان ما تعرفت على هوية ذلك الشخص . تنهدت و الدموع تكاد تتساقط على خديّها القمحاوين .
- ديفيد !
تابعت تحدث نفسها
- يا إلهي أيعقل أن يكون هو !
ظلت تحدق في عيناه الزرقاوان التي لم تراها و لم تتغير منذ ١٥ عاماً !
ما الذي حل بكِ الان يا ميراندا لما دموعك تتساقط واحدة تلو الاخرى ؟ انتبه ديفيد الى الأنثى التي لاحظ وجودها منذ بداية الحفل تحدق به لاكن لم تسمح له الفرصة بإلقاء نظرة عليها لاكنه لم يهتم كثيراً فإنها ليست المرة الاولى التي تحدق به حسناء مثل ميراندا فمنذ ان ترك حبه الاول بسبب غباؤه لم يعجب بأي أثني من جنس حواء اللواتي يلتفون حوله مثل إلتفاء المنافقين حول الاثرياء . حدق فيها في عدم تصديق لمن رأته عينه ، أغمض عينه بقوة ليفتحها مرة اخرى . ظن انه يتخيل ولاكنه لم يكن ! كانت تلك الحسناء مختلفة عن جميع الحسناوات اللواتي رأهم في حياته . احس حينها بإضطراب في مشاعره و كأنه طفل وجد امه . ظلت ميراندا تحدق فيه بنظرة متعالية و دموعها تتساقط حتى بعد ان انتبه لها و حدق بها اكثر مما حدقت به . وصل عند مربعها و التوتر واللهفة يسيطران عليه .
- ميراندا ؟!
لم تنطق بحرف واحد فقط اكتفت بحبس شلال من الدموع كان على وشك الانفجار من مقلتيّها .
أنت تقرأ
بعد طول الغياب
Romanceالحب اعمى و فاقد لجميع الحواس . قد يوقع في الخطايا و القلب يجهل خطورته و قد يكون ثمنه حياتك . لعن الله كأس الخمر هذا الذي يبطل العقول