الفصل الثلاثون (الأخير – الجزء الثاني)
طالعتها بنظراتٍ طويلة وهي تفكر مليًا في اقتراحها، فما قالته ليس بالعرض السخي لتقبله دون نقاش، وحتمًا ليس بالخيار الأخير لترتضي به، تعقدت ملامح "فرح" وهي ترمق "سوسن" بنظراتها الحائرة الممزوجة بالغموض، وقبل أن تحرك شفتيها لتبوح بما قررت فعله، ولجت "مفيدة" إلى داخل الغرفة، تجمدت أعينها المزعوجة على وجهها الصارم، ارتعشت من حضورها الذي كان مصحوبًا بالإهانة، زادت ملامحها تعقيدًا وبدت متحفزة للغاية، بادرت "مفيدة" متسائلة بهدوء مريب لا يتفق مع تعبيراتها الجادة:
-اسمحيلي يا بتي بكلمتين؟
ما طمأن "فرح" قليلاً وأشعرها لحظيًا بالأمان هو رؤيتها لـ "يزيد" يقف بالخلفية، أشعرتها نظراته نحوها معها، خرجت من تحديقها به على صوت زوجة عمه القائل بحرجٍ:
-اعتبريني زي أمك يا بتي، أنا مجوجالك (محقوقالك)
فغرت "فرح" شفتيها مصدومة بدرجة كبيرة من اعتذارها الغريب لها، سلطت عينيها عليها متفرسة نظراتها لها، رسمت الأخيرة بسمة صغيرة على ثغرها وهي تكمل:
-أني معرفكيش، وخدتك بذنب واحدة تانية، حجك (حقك) عليا
ثم اقتربت منها وهي تفتح ذراعيها قاصدة احتضانها لكن تراجعت "فرح" بعيدًا عنها كردة فعل طبيعية متوهمة أنها تريد إيذائها، التفتت سريعًا بنظراتها القلقة نحو زوجها الذي هتف مطمئنًا إياها:
-متخافيش يا "فرح"، محدش هايعملك حاجة، مرات عمي جاية تتأسفلك على اللي حصل
تحركت رأسها عفويًا نحو "مفيدة" التي واصلت تبرير موقفها قائلة:
-يا بتي أنا ست كبيرة، وياما دجت (دقت) على الراس طبول، معلش امسحيها فيا، أنا مقصودش
رأتها "فرح" وهي خفض أنظارها نحو عنقها محملقة في ندوبها، وضعت يدها لا إراديًا عليها لتخفيه عن أعينها متذكرة كلمتها المسيئة عن إصابتها تلك والتي طعنتها في مقتل، تابعت "مفيدة" مضيفة بأسفٍ أكبر:
-إنتي أحسن مننا كلنا، "يزيد" ولدي حكالي على اللي عملتيه
مدت يدها نحو "فرح" لتمسك بكفها الذي يحجب الندوب، أزاحته برفق متابعة بصوتٍ شبه مختنق:
-ده فخر لينا يا بتي
نكست رأسها خزيًا وهي تكمل بندمٍ جلي:
-احنا اللي مسوخ مش إنتي
لم تصدق أذنيها وهي تستمع إلى اعترافها بخطئها في حقها، بل وإلى اعتذارتها المتواصلة علَّها بذلك تصفح عنها وتسامحها، اقتربت منها "مفيدة" لتقبلها أعلى رأسها وهي تطوق كتفيها بذراعها:
![](https://img.wattpad.com/cover/121891298-288-k988316.jpg)
أنت تقرأ
هي والربان ©️ (فراشة أعلى الفرقاطة 2) كاملة ✅
Romanceالجزء الثاني من رواية فراشة أعلى الفرقاطة نشر الجزء الأول في عام 2016 .. يخوض الضابط "يزيد" تحديدًا جديدًا في علاقته مع زوجته "فرح"، كلاهما يحتاجان لفسحة من الوقت لخلق الانسجام بينهما بعد أن حدثت الزيجة في وقت قياسي .. لكن الصراعات تضع علاقتهما على...