8

1.4K 49 0
                                    


بنظرات جانبية تفحص شوقي وجه مصطفي المغلق... عينيه المغمضتين.... يدعي النوم منذ خرجا من العاصمة ... الا انه واثق ان صديقه متيقظ الحواس تماما... متهيبا ما هو مقبل عليه

حين اتاه مصطفي الليلة الماضية يخبره انه قرر السفر لزيارة اهله وانه هو من سيذهب معه... لم يكن منه سوي المساندة المطلقة

أليس هذا ما يفعلونه لبعضهم منذ تعارفوا! المساندة في السراء والضراء... وكم كانت الضراء في حياة مصطفي مهلكة

"مهما تحدثت عن جرح قلبي من نسرين او ما قاساه موسي في البعد عن اثير... فتلك جراح قد تطيب الا جرح مصطفي... ليس جرحا وانما ذبحا من الوريد للوريد"

تنفس بعمق ورغم عنه وبالرغم من وجعه لصديقه وخوفه من القادم... الا ان افكار شوقي قادته للجرح الذي يطيب رغما عن انفه

جرحه هو.... جرحا تمسك به لسنوات رافضا التخلي عنه كحرز ثمين او تميمة ساحرة... لتستوقفه فجأة سندس ابنة الجيران وتطلب منه البحث عن تلك التميمة ... فيكتشف ان تلك اللصة قد انتشلت منه حزنه دون ان يعي

" شوقي..." تذكر كيف نادته بالامس وهو يحاول جاهدا التركيز في عمله بينما هي تهلك اعصابه بوجودها حوله

" نعم.... سندس" كعادتها معه لاتتحدث الا حين تتأكد انها اربكته ... بصمت مدروس.. بتنهيدة انثوية... او حتي بأسمه المجرد ... تربكه

" متي تتوقف عن التدخين وترمي تلك العلبة المشئومة؟؟"

سؤال واضح وصريح. ..لذا اجاب بنفس صراحة السؤال

" التوقف عن التدخين بالنسبة لرجل مخضرم فيه مثلي ليس بالهين... بل يكاد يكون من المستحيلات"

المسكين شوقي لايعرف ان اغلب الاسئلة الواضحة الصريحة عند الانثي تكون تورية لشئ اكثر غموضا وتفخخا

لذا اصيب بالصدمة وهو يري اللون يتلاشي من وجهها وملامحها تنطق قهرا وهي تبتعد... ففهم اخيرا

لم تقصد سندس التدخين في صورته واسبابه الواضحة.... بل قصدت شيئا اعمق

لم يفكر وهو يسارع واقفا وهو يهتف مراضيا

" سأذهب في الغد للصيدلية لاشتري ذلك الدواء الجديد الذي يساعد علي التوقف....دعواتك"

اجابته بنظرة غامضة لاينكر فيها لمحة الرجاء

" دعواتي كلها لك.... لكني احتاج منك ان تأخذ الخطوة الاولي شوقي... ارم العلبة"

وجد نفسه كالمنوم امام تلك الدمعة العالقة في صفاء عينيها... يمد يده لجيبه ويخرج العلبة المعدنية...

لم يسلمها لها او يرميها في سلة المهملات القريبة

امسكها بين اصبعيه يقلبها وهو يقيم بين تلك العلبة التي صاحبته اغلب سنوات حياته.... وبين تلك الدمعة اللامعة في عيني سندس... ويوازن ايهما اكبر قيمة في نظره في تلك اللحظة...

قهر العاشقينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن