الفصل السادس

2.4K 84 4
                                    

الفصل السادس

أكملت هدير دوامها في العمل...  وانتهت وسارعت لبيتها
غافله كالعادة عن عيون ترصدتها الي ان وصلت لبيتها... 
انتهي يومهم وكلٌ غارق بحاله... 
منهم من يصر أن تكون فاتنته له وليس بغافل عن ما حدث اليوم...  وليس بغافل عن هذا المصطفي الذي وكأنه خرج له من لعبة اليناصيب.. وليصبره الله علي قربه من حبيبته
...
ومنهم من جلست تستدعي ما حدث.. وكيف كانت نظراته
عندما دخل لها...  وكيف هتف لها من أيام " بحبك "
كيف زلزل كيانها في أيام... كيف سمحت له.. 
ولكنها أمور القلب يا سادة...  ليس لأحد سلطان عليه
....

في اليوم التالي وعلي موعدهم...  
ذهب أحمد الي مقر عملها...  وطلب من أمل الدخول
ودخلت امل لهدير تسألها اذنها لدخول المهندس أحمد
فسمحت لها أن تدخله وفي هذه اللحظه لم تكن هدير بمفردها... كان معها المهندس مصطفي يتابع معها اخر خطوات انجازها في المشروع قبل معاينة الأرض.. 
دخل أحمد مبتسماً ليس لشيء وانما لفكرة أنها ستكون معه اليوم... فهو قد قرر استغلال اليوم لتوضيح نقاط
معينة علها تصفح عنه.. ويبدأ معها من جديد.. 
لا يريد تضيع وقت أكثر وهي بعيد عنه.....
ولكن هذه البسمه اختفت مجرد دخوله ورأي هذا القابع
أمام حبيبته... حبيبته هو .. والأدهي من هذا... انها مبتسمه وهو يبادلها الابتسام...  سيجعل يومها زفت علي رأسها ورأس السمج بجوارها...  وبعدها سيراضيها
فهي حبيبته ولا يقوي علي أذيتها مره أخري.. ولكن هذا لا يمنع
بوجود حساب بينهم وكم سيسعده تخليص هذا الحساب علي طريقته الخاصة... 
استعاد هدوء روحه ... ودخل بإبتسامه مزيفه يداري
غضبه... 
" صباح الخير "
" صباح الخير " هتف كل من هدير ومصطفي برد تحيته
وكل منهم مازال محتفظ بإبتسامته... ولكن.. كل منهم
تختلف معني ابتسمامته... 
طلبت هدير من أحمد أن يجلس... وبالفعل جلس أمامها
حتي لا تغفل عينه عنها ..
وبدأوا حديثهم كالمعتاد عن العمل... والخطوات التي تم انجازها... وباقي الخطوات التي من المفترض انجازها اليوم... وبعض التعديلات الخاصة بالمساحة ... وطوال الجلسة أحمد يرمق مصطفي بنظرات ناريه ومصطفي يتغهمه جيدا ...وأحمد أيضا مع الوقت سيتفهم مصطفي جيدا .... . 
انتهت جلستهم وهتف أحمد يسأل هدير.. 
" نتحرك دلوقتي... ولا لسه هنتكلم في حاجه تاني "
ردت هدير ودقات قلبها تخونها فرحاً  لوجودها معه اليوم
هي خائفه بالفعل ولولا موقف مصطفي وتصريحه بإعجابه
بها لطلبت او أجبرته حتي علي مرافقتها... ولكنها لا تريد
أن تورط مصطفى معها أكثر من هذا.. 
" لا خلاص يا بشمهندس.. احنا كدا اتفقنا علي كل
الخطوات الباقية...  وبكدا نقدر نتحرك حالاً "
اكملت كلامها وهي ترفع سماعة هاتف مكتبها الداخلي
محدثة أمل.. 
" ايوا يا أمل...  من فضلك أطلبي لي تاكسي... يكون هنا بعد 10 دقايق بالكتير "
وأغلقت الهاتف منهية كلامها مع أمل..  وهمت بتوضيب
حقيبتها... ولكن أوقفها صوت احمد بنبرة تملكيه.. 
" انتي هتيجي معايا...  انا معايا عربية "
همت بالحديث معترضه ولكن أوقفها صوت مصطفي
" هدير....  انا ممكن أوصلك وارجع الشركة تاني "
هناك زوجين من العيون ظلوا يحدقون ببعض احدهم بغضب مستعر والاخر بنوع من التفهم وعرضه كان من باب الواحب
.. لولا سماعهم لصوتها أرجعهم لرشدهم واخمد غضب احمد من ناحية مصطفي ...  تكلمت منهية النقاش.. 
" انا طلبت تاكسي وهروح بيه... متشكره ليكوا "
وتحركت من وراء كرسيها ممسكه بحقيبتها وادواتها ونظارتها الشمسيه  متحركه باتجاه باب مكتبها...  وتحرك ورائها أحمد وقبل ان يخرج من الباب..  لم ينسي أن يرمي
مصطفي بنظره...  لو تخيلنا ان النظرات تقتل لوقع مصطفي صريعا لنظرة احمد له...  ولكن مصطفي ابتسم علي حال المغفل الذي خرج ورائها ..
خرج من الباب ورائها وهو يكاد يشتعل غيرة من هذا المتطفل...  اللزج.. 
وصلت هدير لباب المصعد .... ضغطت علي زر الاستدعاء
وهي علي وشك الانهيار... فستكون بقربه بالمصعد.. 
وخلال دقائق ستكون معه بمكان اخر بمفردها  ... وبالفعل
وكأن كل مخاوفها تجسدت امامها لتهزأ منها... 
هي كانت سبقته ببضع خطوات... وها هو يلحقها...  ضربات قلبها.. تكاد تخترق صدرها لتعلن له عن ملكيته... ولكنها
تحاول تهدئة نفسها.... فهي تعتبر نفسها المسيطره الي
الان ... مشغوله هي بصراعها مع نفسها... غافله عن من بجوارها الذي يكاد غضبه يشعل المبني بمن فيه.. 
بعد لحظات وصل المصعد اليهم...  فتحه احمد .. وأشار لها بالدخول.. وبالفعل دخلت ودخل هو ورائها ..  ووقفت بجانب بعيد عنه ..تكاد تلتصق بجانب المصعد... 
أما هو ... فقد نوي علي وضع نهايه لما هو فيه واليوم.. 
إن لم يكن الآن...  وبالفعل وكأن صدي الكلمه بعقله
قد أشعلته أكثر...  إستدار لها بعنف واضح... 
انتفضت هدير من حركته تلك...  مما جعلها تتراجع خطوه صغيره جداً تكاد لا تذكر... ولكنه أدركها.. أحس بإضطرابها...  يدرك رعشة عينيها تهرب منه ..
اقترب منها حتي حاصرها بينه وبين الحائط ورائها..  نظرت له برعب وكأنه شخص أخر... كانت تتمني ان لا تخاف منه.. ولكن منظره يوحي بمن يقدم علي فعل جرم مشهود..  قالت محاولة استشفاف ماذا ينوي.. 
" أنت بتعمل إيه؟!!!!  "
نظر لها ولم يرد... وبسرعه خاطفه... استدار برأسه.. نصف استداره..  ورفع يده تجاه لوحة الازرار الخاصة
بالمصعد وضغط علي زر الايقاف اليدوي..  وبالفعل سكن
المصعد بهم... مما زاد الرعب داخلها...  رجع برأسه لها.. 
كانت تقرأ الغضب بين جفونه.. 
أقترب منها أكثر... ورفع ذراعيه يستند بكفيه علي الحائط ورائها مما جعل ذراعيه بجوار رأسها..  مال ليواجهها بغضبه الذي لم يقدر علي مداراته..  وتلكم من بين اسنانه.. 
" عايز منك ايه سي زفت؟!!  "
اتسعت عين هدير في صدمه... ماذا يقصد؟!!  .. ومن يقصد؟!!  ... وايضا..  كيف يتكلم معي بهذه الطريقة؟!! 
ادعت البرود قائله وهي تهرب بعينها من سطوة عينيه.. 
" انا معرفش حد إسمه زفت..  وياريت تتكلم باسلوب
كويس... "
انهت جملتها وهي تتحرك غير مباليه باقترابه...  وبالفعل تحركت لتضغط رز الايقاف لكي يعاود المصعد التحرك بهم
الا ان هناك ما اعاق وصولها لرز الايقاف..  وما كانت سوي قبضته علي مرفقها...  نظرت ليده علي مرفقها
ونظرت له... ولكن ما اثار دهشتها انها وجدت لمحة حزن
... وجدته يتحدث بنبره مختلفة عن سابقتها.. 
" مصطفي عايز منك ايه يا هدير... وبأي حق يعرض
يوصلك "
لم ترد... نظرت له نظره مطوله وجذبت مرفقها من بين يديه .. .. وبعدها تحركت للوحة الازرار وضغطت زر
الايقاف ليعاود المصعد النزول بهما ...
ازداد غضبه منها ومن اللزج الاخر ... وبداخله يتوعد له ولها
بعد لحظات... وصل المصعد للدور الارضي ارتدت نظارتها الشمسيه تداري انفعالها وترقبها وتوترها... وخرجت متوجهه للتاكسي الواقف قبالة باب الشركة..  الا انها لم تستطع ان تفتح الباب الخلفي.. وذلك بسبب قبضة أحدهم عليه...وما كان سوي أحمد بالطبع...  وجدته ينزل برأسه ليواجهه السائق وبيده إحدي الاوراق الماليه ويعطيها للسائق وشكره لسعة صدره وانتظاره واخبره ان المشوار تم تأجيله ...  كل هذا وهي واقفه مصدومه غير مستوعبه لما يحدث... أفاقت من صدمتها علي صوت التاكسي وهو يغادر... ووجدته يمسكها من مرفقها.. جاذبا اياها لسيارته..  وصل بها لسيارته وفتح الباب المجاور لكرسي السائق وأمرها قائلًا... 
" بدون ولا كلمه...  ادخلي "
ردت بعناد مستفز.. 
" ولو مدخلتش "
نظر لها نظره تحمل كل غضبه منها...  ولم يتحدث.. 
كان مازال ممسك بمرفقها.. فدفعها دفعة خفيفه لداخل
السياره...  ومن اصراره تبين لها ان العناد في هذه اللحظه غير محبب اطلاقاً..  وخاصة لوجودهم امام مبني
عملها..  فآثرت السلامه..  ودخلت للسياره..
ابتسم بداخله...  واغلق الباب ثم توجه لكرسيه بجوارها.. وجلس وبدأ بتشغيل السياره يكاد ينهب الارض نهبا لكي يصل بها لمكان لن يكون فيه غيرهما وهناك سيضع جميع النقاط علي الحروف...
فرحته تكاد تظهر علي ملامحه... نظر لها بجانب عينه وجدها جالسه تكاد تلتصق بالباب.. تخفي عينيها عنه بهذه النظاره البغيضه... لو عليه لأمسك بهذه النظاره وكسرها لمئات القطع لتجرؤها علي إخفاء عينين حبيبته عنه.. نظر لها مره اخري وجد
ملامحها متحفزه للانفجار...  فقرر السكوت لحين الوصول... 
وبعد دقائق قليله وصلوا لأرض المشروع .. نزلت بسرعة فائقه بمجرد إيقاف السياره..  تلعن نفسها الف مره لمجيئها معه...  ياليتها تحججت بأي شيء...  ياليتها
رفضت تحديه لها من البداية...  ولكن هذا الجزء الغبي بداخلها... الفرح بعودته...  هو ما جعلها تقبل تحديه .. 

لم يفت عليه هروبها من السياره فور توقفه...  نزل هو
الآخر تبعها لمكان وقوفها... 
اقترب منها...  يحاول التمتع بلحظات تمناها كثيرا حتي في غيابها عنه... كان يتخيل كيف اصبحت...  واين هي
هل مازالت تسلب القلب قبل العين...  هل ارتبطت بأحدهم
كان لديه احساس قوي انها له مهما بعدت المسافه بينهم
وجدها تخرج إحدي أوراقها... وأدوات بسيطه يستخدموها
لتحديد الابعاد...
بدأت تشغل نفسها بعملها الذي جاءت من أجله... هي كاذبه ان قالت انها تعي ما تفعل... فعقلها خرج من رأسها بقربه... وقلبها... وآه من قلبها الخائن الذي ذهب اليه ولم يعد...  أحست به قربها...  تكاد تشتعل من قربه.. 
تستشعر ذبذبات قويه بينهم ولا تقوي علي الانفصال او البعد عن هذه الذبذبات التي أطاحت بها.. 
أقترب وهي غارقه بأوراقها..  وقف علي بعد مليمترات منها... 
" هدير "
ارتبكت من قربه عندما استشعرته... وارتبكت اكثر عندما سمعت اسمها من بين شفتيه... 
حاولت التركيز... صدقاً حاولت... ولكن أصبحت حتي لا
تعرف ماذا تدون في الورق بين يديها... 
لم ترد علي ندائه... بل ابتعدت قليلاً... وهي مازالت
تدون اشياء تكاد تقسم انها ليس لها علاقه باي كلام عملي
اقترب منها مقدار ما بعدته هي... 
اقترب والتف يواجهها....  وقف امامها...  هي مطأطأه رأسها بأوراقها.... 
احست به امامها...  لالالا... ليس امامها بل يلتصق بها.. 
استشعرت دفءه... قربه المهلك لها ولأعصابها.. 
اقترب...  اقترب وكل ما تمني ان يأخذها بأحضانه..  يخطفها من نفسها ومن العالم... يخطفها له... 
هل مسموح له ما يتمني؟؟  ومن يلومه اذا كان حبها سكن قلبه منذ ان دق لها من سنين .. سكن كيانه..سكن روحه
...
مدرك هو لإرتباكها وتخبطها الواضح علي ملامحها.. يدرك
أمنيتها بالهروب من امامها... وان لم يجدي الهروب فبالتأكيد تتمني الأختفاء... ولكن الاختفاء الذي سيسمح لها به... هو اختفائها من العالم واللجوء لأحضانه..
لم تتجاوب مع نداؤه...  رفع كف يده وفردها علي أوراقها
الممسكه بها وتتحجج بالكتابه بها...
رفعت عينيها اليه فجأه بعد حركته تلك... ويا ليتها ما رفعت..  وجدت لون عينيه تحولت للون قاتم ولكن لماذا.. 
هل غضب منها... ام لقربها منه..  ام لعاطفته تجاهها.. 
ام كل هذا... ؟!!
استجمعت شجاعتها وهي ترد علي ندائه بصبر وهدوء
كاذب.. 
" نعم "
رد قائلاً بصوت متوسل...
" كنت بنادي عليكي ومرديتيش عليا "
جذبت أوراقها من تحت كفه واسندتها لصدرها وكأنها تستمد قوتها منها..  والتفتت لتعطيه ظهرها... وهو لم يتحرك... ليعطيها المجال لتتماسك ... سمعها تقول.. 
" معلش مخدتش بالي..  اصل عايزه أخلص بسرعه وأمشي " ..
هنا تحرك ليقابلها... وهتف بتقرير أمر واقع ..
وكأنه لا مجال للمناقشة.. 
" مش هنمشي من هنا غير لما نتكلم يا هدير "
انها علي وشك الانهيار وهو يريد التحدث..  ولكن عن ماذا سيتحدث بالله...  نظرت له بعد ما قرر أمره.. وجدت التصميم في نظرة عينيه... ادركت حينها انها المواجهه
ولكن هل هي علي استعداد لها أم لا؟!!  ... حسنًا فلتحاول ان تتمالك نفسها وتواجهه وتتحمل وتصمد للنهايه
فهذه المواجهه مؤكد ستحدث عاجلًا أم آجلا..
رفعت رأسها تواجهه بإيباء وكأن ما سيحدث لا يهمها.. 
" اتفضل ... قول اللي عايزه... عن نفسي انا معنديش
كلام أقوله "
وجدته يغمض عينيه.. عاقد حاجبيه... ملامحه تدل علي
الالم..
هل من العقل أن تشفق عليه؟؟!!!  ... ولكنها لن تظهر تعاطفاً معه ابدا...  وجدته يفتح  عينيه ... عينيه بها نظرة ضعف... نظرة الم... نظرة انكسار... 
وكأنه يستعيد لحظات مؤلمة له ... اقترب منها خطوه اخري ... رفع يده ببطء مهلك لها وهي تري يديه ترتفع لوجهها ..ووبطء آخر مد يده لنظارتها السوداء البغيضه ...وسحبها من علي عينيها لتطالعه عينيها الرائعه الجميله .ابتسامه جانبيه ظهرت علي شفتيه... وهو يخبرها قائلا.... 
" متخبيش عينيكِ عني تاني "  

تحدي قلب...  بقلمي راندا عادل (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن