القصة القصيرة .. جسر من ورق

3.7K 204 8
                                    


انتهى عصر الأحلام والآمال وبقيت فقط الآهات والأوجاع، لم يعد بمقدوري تحمل المزيد من سخافات ظننت يومًا أنها أكبر طموحاتي، فحينما ارتضيتُ آنذاك بالأقل ظنوا أنهم ملكوا بذلك زمام أمري، لكنهم مخطئون، فأنا صاحبة القرار والرأي الأخير، أجبروني على تحمل ما لا أطيق كي لا أحظى بذلك اللقب الملعون مقابل كل المغريات المادية التي ستذلل أي صعاب، ونسوا أنه حقي كأنثى إن استحالت الحياة مع بعض أنماط البشر، سرتُ مرفوعة الرأس وأنا أحمل بين يدي صك حريتي، ها قد نلتها أخيرًا، لكنه بدا كوصمة عار بالنسبة لهم، فضيحة تُسيء إلي أكثر مما كنت أعانيه وأنا في أحضان زوج خائن يمارس الفحش علنًا ومدعيًا أني أنثى ناقصة، فهو له كل الأعذار، مباحٌ له ارتكاب المعاصي وفعل الأخطاء، إنه رجل شرقي فليفعل ما يشاء، هل إن وقعت مثله في المحظور كانوا سيجدون لي المبرر ويمنحوني السماح؟ لا أظن ذلك، فالقصاص هنا واجب النفاذ.

غفلت عن الكثير من إساءاته السابقة وتطاولاته المنفرة آملة أن ينصلح حاله ذات يوم، اختلقت الأعذار وأقنعت نفسي بالأوهام لأوافق على العودة إليه من جديد بعد ذلك الكم الهائل من الضغوطات الأسرية، لكن عن أي إصلاح أتحدث؟ فالفاسد بطبعه لن يتغير طالما لا يريد ذلك، بل على العكس هو ينشر عدواه للأقرب إليه، نعم كل ما فعلته معه ضاع هباءً فبدوت كما لو كنت أسير على جسر من ورق سيتهاوى بين لحظة وأخرى إن زاد الحمل عليه أو أخطأت في خطواتي الحذرة وأنا أجاهد للعبور من عليه، أويتُ إلى فراشي في منزل عائلتي لأقضي به أخر ليلة قبل أن أزف إليه في الغد، كم سأشتاق لتلك السكينة التي عادت إلى روحي بعد شقاء مستمر مع شخص لم ولن يقدر ما أفعله من أجله، ألحت علي والدتي بمنحه المزيد من الفرص ليفهم طبيعتي مؤمنة بالقول الشائع بقدرة النساء على ترويض الرجال، وكذلك بالتلميح لقلة الفرص لمن هم مثلي ممن يحملن لقب "مطلقة"، بالنسبة لها أعد محظوظة لكون زوجي السابق مازال راغبًا بي رغم مضي بعض الوقت على انفصالنا، استمالت رأسي بعشرات المبررات حتى لان عنادي وارتضيت بالعودة إلى سابق عهدي دافنة ما أشعرني به من مشاعر نفور ونبذ قد تدفع إحداهن للجنون.

ما أوصلني لحافة الهاوية ليست بذاءة لسانه فحسب ولا لرفضه لي على الدوام، بل خيانته القاتلة على فراش الزوجية، ففي ذلك اليوم المشؤوم عدت من عملي كالعادة مرهقة، الإعياء متملك من كل عضلة في جسدي، فقد ألزمت نفسي بالحفاظ على مظهرنا الاجتماعي كزوجين ملائمين لبعضهما البعض، متناسية ما يحدث خلف الأبواب المغلقة من تجاهل وازدراء، لم يأتِ ببالي مطلقًا وأنا أجلس على طرف الفراش الغير مرتب أن على شراشفه ارتكبت أبشع الجرائم، انتهبت لزوجي وهو يلج للغرفة ملتفًا بالمنشفة، فتساءلت بفضولٍ:

-أعدتُ مبكرًا من عملك؟

أجابني بفتور وهو يجفف جسده:

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jul 26, 2018 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

قصص قصيرة منوعةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن