القصة الثانية - فتاة الكومبو (جزء أول)

7.2K 243 18
                                    


المقدمة:

أمسكت بقلمي لأدون في مفكرتي الصغيرة بعد أن فــاض بيَّ الكيل:

-لماذا أعبأ بمن حولي، وأنا أملك قرار نفسي؟

لم أعـــر الانتباه يومًا لأحاديثهم عني، فأنا أرقى من تلك التفاهات.

لم أستطع إضافة المزيد، فقد اغرورقت عيناي بالعبرات المريرة، وشطبت ما دونته، لأخطو بدلًا منه:

-بل أنا أكبر حجمًا، أكثر بدانة .. فأنا.. فتاة الكومبو، ابنة الدرفيل! نعم الحب محظور على مثيلاتي، فهو مقدرٌ للجميلات فقط!

؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛

اليوم مثل غيره، يتكرر دون أي جديد يذكر، ولكنه حــار بل شديد الحرارة إن جاز التعبير، وهــا أنا أحاول المرور بين أجساد النساء في عربة المترو للخروج من تلك البوابة الإلكترونية وكأني في سباق مع الزمن.

-يا الله لماذا لا يمهلون المرء ثوانٍ أكثر للعبور؟ هل نحن في سبق؟ ألا يراعون فارق الأحجام بين أجسام البشر؟!

-دومًا أشتكي!

هكذا تقول أمي، أني دائمة الشكوى من توافه الأمور، ولكن على عكس ما تقول، فإن أبسط الأشياء من وجهة نظر غيري ربما تعد من أصعبها بالنسبة لي.

أنا عبلة وحيد الدرفيل، شابة بسيطة، غير متكلفة، محجبة، ملتزمة قليلًا، لا أملك شعرًا حريريًا، ولا جسدًا ممشوقًا، ولا حتى أعين ملونة. فأنا كغيري من مئات الألوف من الفتيات المصريات الطبيعيات الغير ملفتات للنظر، ولكني مثقفة.

أقرأ كثيرًا، وأحب متابعة البرامج الثقافية والحوارية.

ولكن هناك ميزة أخــرى في، أو ربما عيبًا من وجهة نظر من حولي، أني ممتلئة الجسد، إن أردتم التعبير الدقيق أنا "بدينة".

تعاملت مع وزني الزائد بعدم اكتراث، فلم يكن بيدي أي حيلة، فقد تبدل حالي خلال فترة المراهقة، وصــار وزني أضعافًا مضاعفة دون سابق إنذار.

وحينما ذهبت للأطباء المختصين أخبروني أن هناك خللًا في هرموناتي الأنثوية، وسيعالج الأمر بزواجي، فأعود إلى طبيعتي.

ولكنها مجرد أراء بل أحلام وردية ظننت أنها ستتحقق بعد أن انتهي من دراستي الجامعية.

تخطيت حاجز السابعة والعشرين بقليل، وباتت فرصي في الحصول على عريس مناسب قليلة، إن لم تكن شبه معدومة، فمن سيرتضي بالزواج من فتاة في مثل حجمي؟

لا أخفيكم سرًا أني قد تعرضت لمواقف كثيرة محرجة حينما يتم ترشيحي لأحد العرســان المرتقبين.

قصص قصيرة منوعةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن