القصة السادسة - حتى مطلع الفجر

3.7K 229 15
                                    


تجاوزت دقـــــات الساعة الواحدة بقليل حينما فتح ذلك العريس – ذو الطلة الشرقية – باب السيارة لعروسه الجميل ليركب إلى جوارها بعد أن تأكد من استقرارها في مقعدها، نظر لها باشتياق متحمس قبل أن يدير عجلة القيادة لينطلق بالسيارة نحو منزلهما المتواضع، فهناك تنتظرهما ليلة مليئة بالكثير، ورغم غرابة توقيت زيجتهما إلا أنها انقضت على خير، لم يتوقع "ياسر" أن تصبح ليلة عرسه هي الليلة المتممة لشهر شعبان، وأن الغد هو أول أيام الشهر الفضيل، وبالتالي لم يتبقَ أمامه إلا ساعات معدودة ليكون في أحضان زوجته قبل أن يمتنع عنها احترامًا لأحكام الصيام وفرائضه، بذل قصارى جهده في البحث عن قاعة مناسبة لإقامة حفل زفافه بعد أن ضاق ذرعًا من كثرة متطلبات الزواج، وخاصة حماته المتسلطة، انتهى الأمر بحجزه لتلك القاعة المناسبة ماديًا له، لكن ما لم يضعه في حسبانه هو موافقة يوم زفافه ليوم استطلاع رؤية الهلال.

قرر ياسر المخاطرة وإتمام الزفاف في موعده بدلاً من تأجيله، فلا توجد أي موانع شرعية لذلك، توهم أن يكون لديه ليلتين قبل بدء شهر رمضان لكن أتت الرياح معه بما لا تشتهي السفن، توقع أن تكون ليلته مميزة بحق، وقد كان ما يصبو إليه، لم تعترض عليه زوجته "سارة" ودعمته في مسعاه، ورغم تعجب الجميع من ميعاد الزفاف بل واعتقاد أغلبهم أنها مزحة منهما إلا أنهما فاجئوا الأقرباء والمعارف بصحة الأمر، استمتع المدعون للحفل بالأجواء الرمضانية الممزوجة بأجواء الأعراس الحماسية، وبالطبع انعكس ذلك على طبيعة الموسيقى خلال الحفل، عمد ياسر إلى إنهائه مبكرًا ليتمكن من قضاء ليلته مع عروسه، هتف قائلاً بجدية بعد أن توقفا عند باب منزلهما:

-برجلك اليمين يا حبيبتي

أطرقت سارة رأسها خجلاً، ثم جذبت ثوبها للأعلى قليلاً لتتمكن من السير هامسة بحياء:

-حاضر

وبالفعل وطأت بقدمها اليمنى أولاً أرضية المنزل لتتبعها بالأخرى متأملة ما أضفته من لمسات أخيرة على منزلها الذي ازداد إشراقًا وجمالاً، بدت معجبة بمملكتها الصغيرة التي ستفعل ما يحلو لها بها وفق قوانينها الخاصة، ارتسمت ابتسامة حماسية على ثغر زوجها وهو يطالعها بنظراته الشغوفة، دنا منها بخطوات بطيئة واضعًا يده على كتفيها، انتفضت من لمسته المفاجأة لكنها لم تبتعد عنه، مال على أذنها يهمس لها بتنهيدة حارة:

-نورتي بيتك يا عروسة، ربنا يقدرني وأسعدك!

اقشعر بدنها من أنفاسه الساخنة، ردت هامسة بخجل شديد:

-يا رب يا حبيبي

وضع ياسر قبضتيه على ذراعيها ليديرها نحوه برفق، طالعها بأعين تتوق لتذوق طعم الحب معها، تابع متصنعًا الخشونة:

قصص قصيرة منوعةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن