الفصل الخامس

1.4K 64 1
                                    


الفصل الخامس...

لعنة حب...


... همسات انثوية شيطانية تعصف بعقل روساك بتلك اللحظة، تحثه علي البحث وحده عن جوهرته والعودة دون رفقائه، فجن جنون روساك من تلك الوسوسة التي تصيبه بالفزع فاخذ يلوح بسكينه الحجري بكل مكان حوله بغير هدي وهو يصرخ

- من هناك؟، من انتي؟، اظهري نفسك وواجهيني.

... علت ضحكات ذلك الصوت الملعون بصورة رهيبة تشبه الصراخ مما جعل الفزع يتملك من روساك الذي اخذ يعدو بين الاشجار محاولا الابتعاد عن تلك الاصوات التي تلاحقه، ووسط كل ذلك الظلام تعثر روساك ليسقط عن تابة عالية مصطدماً بالاشجار والصخور حتي استقر اسفل التابة يتألم وهو مغمض العينين قبل ان ينهض، ضوء خافت يتسلل بين الشجيرات امامه التي تحجب عنه رؤية ما ورائها، فيبداء روساك السير باتجاه ذلك الضوء عابرا تلك الشجيرات، ليجد روساك ان الضوء ينبعث من جوهرة بالارض، فنحني نحوها يلتقطها وينظر إليها بتركيز ليعرف مصدر ذلك الضوء قبل ان ينتبه لما هو أمامه، ابعد روساك نظره عن الجوهرة التي قد ثبتها بين طيات ردائه لينظر نحو ذلك المشهد المهيب امامه، ارضا كبيرة تملؤها انبعثات الضوء بمختلف الوانه من الارض المغطى نسبيا بعدد كبير من روفات جثث لرجال، دب الفزع بقلب روساك لذلك المشهد، وخفق قلبه خوفا على رفقائه.

- مازلت تقلق بشأنهم، حتي بعد ما فعلوا بك وبذلك المسكين؟

... تعثر روساك اثناء تراجعه للخلف بفزع عندما سمع تلك الجملة تاتي من جواره، فحاول جاهدا ان يتمسك بما تبقي لديه من شجاعة وهو يحاول ان يري من تحدثه، لتقترب منه سيدة صارخة الجمال والأنوثة في أبهى صورها مبتسمة في مكر قائلة

- لا تخف يا روساك، أنا لن اؤذيك

= ولكن،.... ولكن من أنتي

- أنا سيدة تلك الجزيرة روساك،.... أنا أنامثيا

= ولكن الربان لم يخبرنا عنك،.... من أنتي؟ وما كل تلك الرفات؟

- لقد أخبرتك، أنا أنامثيا سيدة تلك الجزيرة، وربانك لايستطيع ان يخبركم بشئ فهذا هو الاتفاق.

= أتفاق ؟!!!!، أي أتفاق؟

- منذ زمناً بعيد، جاء ألي هنا ملككم خوسيار ليعقد معي صفقة، علي أن اعطيه القوة والشباب الدائم مقابل ما أريد.

= وما الذي كنتي تريدينه؟

- أن يبعث لي كل عام بعضاً من رجال جزيرتكم الاشداء لكي اصطفي منهم واحداً ابقيه معي حتي العام الذي يليه، واترك الباقية ليعودوا، ومن هنا قرر ملككم اختبار أنامثيا عليكم كل عام حتي تبقي الصفقة قائمة.

= ولكن في كل عام لا يعود اكثر من نصف من غادرو، فأين التزامك بجانبك من الصفقة أيتها الساحرة.

- الرجال عزيزي روساك يسهل التلاعب بعقولهم وتقليبهم ضد بعضهم البعض، وجزيرتي بارعة في التلاعب بعقول الرجالة وأثارت اطماعهم حتي ينقلبوا ضد بعضهم البعض، وبكل مرة يكون هناك من هو مثلك وهو من اتخذه لنفسي، اما الباقية فهم احرار بما يفعلونه ببعضهم، فينجو منهم من ينجو ويذبح الباقية احدهم الاخر في سبيل الطمع بالجواهر.

= ماذا تعني بانك تختارين من هم مثلي؟!!... اوه لا لا لا لا، انا لن اكون رفيقك ابداً، سوف اغادر تلك الجزيرة الملعونة لكي اعود الي حبيتي، وانتي لن تحصلي علي المزيد من الرجال مرة أخرى، سوف تبقين وحيدة، منبوذة وملعونة حتي تتعفنين.

... قالها روساك في ثقة كبيرة بينما تحركت عينه طرفة خلف أنامثيا، مما بدل ملامحها الهادئة نحو الغضب قبل ان يصرخ روساك

- الآن يا هيستوس، الآن.

... التفتت أنامثيا في سرعة خاطفة نحو هيستوس الممسك بوتداً خشبي كبير باغتها به بطعنة قوية بقلبها، ما جعل أنامثيا تطلق صرخة مدوية وهي تتلاشي بالهواء كأوراق الشجر تهز أرجاء الجزيرة، ليلتف الضباب حول الجزيرة في قوة يصحبه اصوات الرعد المختلطة بضوء البرق اللمع وهياج الأمواج المختلط بصوت الرياح الغاشمة بصورة مرعبة، اقترب هيستوس من روساك يضمه طويلاً قائلاً

- هل انت بخير؟

= نعم، أنا بخير لرؤية صديقي قد عاد الي رشده، ولكن اين الباقية؟

... تبدلت ملامح هيستوس الي الخزي وهو ينظر نحو الارض قائلاً في أسى

- عندما تركناك خلفنا وذهباً نبحث عن الجواهر الاخري وجدنا ما نصبو اليه ولكن تلك الشيطانة كانت تتلاعب بعقولنا فاخذنا نتقاتل فيما بيننا و..... لقد فقدنا سبعة رجال يا روساك بسبب تلاعب تلك الساقطة بعقولنا قبل ان اصطدم برأسي في احد الأشجار واعود الي صوابي.

= واين الباقية الآن؟

- قد ارسلت الباقية الي القارب وعدت ابحث عنك حتي رأيتك تتحدث معاها وفهمت الأمر.

= حسناً، هيا بنا لنسرع بالعودة قبل ان تعود.

... استوقف هيستوس روساك قائلاً

- روساك سامحني لم أعلم ماذا دهاني، سوف تلاحقني لعنات الالهة حتي في قبري لما اقترفته.

... امسك روساك بمعصمي هيستوس قائلاً

- انه ليس بذنبك، انها تلك الشيطانة هي من فعلت ذلك، هي بنا الآن يا صديقي فانا احتاجك.

... انطلق روساك وهيستوس مهرولين نحو القارب حيث ينتظرهم رفقائهم في رعباً بالغ، يخرج روساك وهيستوس من بين الأشجار الي الشاطئ ليصلوا الي القارب فيقفز هيستوس الي القارب ثم يستدير ليمسك بيد صديقه روساك حين اتسعت عيناه في ذهول عندما رأي أغصان الأشجارمندفعة نحو روساك لتمسك به، فلم يتردد في أن يلقي بنفسه عن القارب خلف روساك لتلفه هو الأغصان تسحبه الي داخل الغابة مرة أخرى وسط صرخات روساك الذي حاول ان يتبعه لولا امساك الآخرين له ومنعه عن ذلك، ليجدفوا بعيداً عائدين الي السفينة.


ادهم الجيزاوي.....



لعنة_حب... بقلم أدهم الجيزاوي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن