الفصل الثاني

3.9K 113 2
                                    


الفصل الثاني..

لعنة حب.....

  .. دارت الغرفة بزياد، وتلاشت الارض اسفل قدميه ليسقط مغشياً عليه ويعود الي غيبوبته، فتنتفض مريم مسرعة نحوه قبل ان يسقط لتلف يده حول عنقها وتتوجه به الي الفراش لتضعه به، تستعدل الوسادة اسفل رأسه وتدثره بالغطاء، قبل ان تعود واقفة امامه تزيح خصلات شعرها الاسود من امام اعينها، تنظر نحوه بتمعن لتبتسم ابتسامة شيطانية قبل ان تقول

- حسناً، حسناً، حسناً، يبدو أن القدر يسخر لي كل شئ لكي تخدم هدفي.

... انحنت مريم بحركة خاطفة نحو زياد ليصبح وجهها لا يفصل بينه وبين وجه زياد سوي ما يسمح بمرور خلصة شعر واحدة، لتنظر نحوه بنظرة هوس وهي تقول

- ارتاح قليلاً الآن أيها المجهول، فأنت أمامك عملاً كثير أيها المسكين.

... مرت ثلاث سنوات منذ تلك الليلة التي تبدلت معاها الكثير من خطط الجميع، لتعبر سيارة بسرعة جنونية الطرقات قاطعة كل سكون الظلام، لتتوقف بمكان مهجور تماما، يهبط شاباً بالثلاثنيات من عمره وهو يحمل المعني الخالص للغضب، ليتجه نحو باب السيارة الخلفي ويسحب من داخلها فتاة مكبلة بالحبال من بين يدها وارجلها مكممت الفم شكل كحل عينيها المختلط بدموعها وصرخاتها المكتومة لوحة تشيكيلية صارخة الجمال، القي الشاب بالفتاة ارضا بجوار السيارة قبل ان يستل مسدسه البراق صارخا بها

- لماذا؟!!، لماذاااا؟!!، لما خونتينني؟، ما الذي لم اعطه لكِ، تركت كل شئ، وتحديت الجميع وتزوجتك، فلماذا؟، لماذاااا؟

... حاولت الفتاة ان تصرخ ولكن ذلك اللاصق حول فمها يمنعها عن ذلك فاخذت تبكي وتهز رأسها نافية ما يقول في جنون قبل ان يكمل هو

- الان سوف اصلح كل أخطائي.

... ثم اطلق رصاصة لتصيب قلبها، لتموت من فورها، ولكنه ابئ ان ينتهي منها سريعا هكذا فافرغ كل ما معه من رصاصات بخزانة مسدسه بجسدها قبل ان يستقل سيارته وينطلق بيها سريعا بعيدا عن تلك الفتاة التي سقطت غارقة بدمائها، ليهداء المكان تماما يخلو من كل الاصوات عدا صوت الرياح، تمر لحظات قبل أن يقترب شاباً و فتاة كالاشباح في الظلام نحو تلك القتيلة حتي وقفا امامها تماماً، لتضح ملامحهم، انها هي مريم ومعها شخصاً آخر يشبه زياد الي حدا كبير، ولكنه ذو ملامح جامدة باردة، كما لو كان قد جرد من روحه، يقفون الان فوق جثة تلك الفتاة في صمت ينظرون اليها قبل ان ترتسم ابتسامة مريم الهادئة وهي تقول

- مسكينة، الم اعطيكي كل الاسباب لتبتعدي عنه؟، ولكنك اصررتي علي حبك له، لما لم تفهمي؟، الم اقل لكي انه ليس هناك من قصة حب سوف تكون سعيدة طالما أنا حية.

... ثم استدارت مريم نحو ذلك الشخص لتمسك برأسه بين رحاتي يديها وعينها تلمع بينما يقف زياد ثابتا مطئطئ رأسه امامها وعينه ثابتة نحو تلك الفتاة الغارقة بدمائها، فتكمل مريم حديثها قائلة

- لم لا يريدون ان يستوعبوا جميعا ذلك؟، ما خطبهم؟، الم يتعلموا من كل ما اريته لهم طوال ذلك الوقت؟.

... ابتسمت مريم مع جملتها الاخيرة نحو ذلك الصامت وهي تقول

- أحسنت يا دهّار، لقد انهيت الامر ببراعة تلك المرة، حين سممت احلام ذلك الزوج المسكين وتلاعبت بها حتي اصبح لا يري سوي خيانة تلك البريئة من اتهامته له، أرى أن مجهودي في تحويلك من زياد إلى دهّار !!!! يأتي ثماره جيداً، احسنت حقاً.

... ثم ابتسمت لتنحني نحو وجه الفتاة تفتح فمها ليتصاعد خيطا من دخاناً ازرق من فم الفتاة نحو فم مريم لتمتصه في نشوة عجيبة، ثم تنهض واقفة لتسير مبتعدة عن تلك الجثة، يتبعها زياد او دهّار كما اسمته هي في صمت وخضوع مطلقين، حتي عادوا الي منزل مريم الذي اتضح انه قصرا بمكان نائي بعيدا عن كل مظاهر الحضارة او البشر ولكنه كان كئيب المظهر داكن اللون يشبه في معماره عمارة القرون الوسطي تملؤه المنحوتات الغريبة الشكل ولوحات تحمل رسومات لامكن وأشخاص ولغات لم يرها احدا من قبل، توجهت مريم يتبعها زياد حتي وصلوا الي غرفة تشبه زنزانة المعتقلات ولكنها تملؤها تلك الاحرف الغير معلومة وبعض رسومات الهرطقة تغطي ارضيتها وسقفها، ليدلف زياد الي داخلها وينغلق الباب خلفه كسجينا لمريم.

- زياد صديق العمر يا حنين، وانا لن اكف عن البحث عنه مهما حدث، ولن ارتاح حتي اجده.

... كانت تلك الكلمات تخرج من شريف صديق العمر لزياد بغضب وحنق وهو يتحدث الي حنين عبر هاتفه قبل ان يساكمل قائلاً

- زياد كما كان خاطبك يا حنين، كان أيضاً صديقي، وقد وعدتك أنني لن أتخلى عنكم مهما حدث.

= لكننا نبحث عنه منذ أعوام كثيرة يا شريف، ولم نصل الي اي شئ، وقد ارهقتك كثيرا معي في بحثي عنه، والان وقد فقدت الامل في ان اجده فانا احررك من وعدك.

... تنهد شريف قليلا قبل ان يقول بنبرة اصرار

- أقسم لكي انني سوف أجده مهما كلفني الامر، سوف اجده.   

ادهم الجيزاوي...

لعنة_حب... بقلم أدهم الجيزاوي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن