١٢

4.8K 196 3
                                    

الفصل الثاني عشر

همست برقة
-علي ...
سحب علي أقرب مقعد وجلس عليه وهو يقول
-عاملة أيه ..؟
قلبت الكارت داخل كفيها وهي تقول بخجل
-الحمد لله ....
نظر لملامحها المزينة بالخجل الجميل
-طيب أنا المفروض اطلبك من مين ..؟
رفعت عينيها وهي تعض جانب شفتيها هامسة
-اونكل..ممم
ليدخل ياسين كالعاصفة وهو يكمل جملتها بعد أن تعلقت بالهواء نتيجة دخوله المقتحم
-أونكل ياسين طبعا.
حملق فيه علي غير مستوعب دخوله المفاجىء ،بينما ضحكت يمنى بسعادة ...
-ايه جابك هنا ..؟...وعرفت مكانا ازاي ..؟
جلس ياسين واضعاً ساق فوق الآخرى وهو يقول
-خبرتي الطويلة فالتجسس ..والمخابرات ..
تأفف علي بضيق ،ليقترب منه ياسين ويهز حاجبيه بغيظ
-قولت الحقك وكده أنا عارف الشيطان ...
ضرب علي صدر ياسين قائلا بإمتعاض
-متخفش عليا يا أخويا ....خاف على نفسك أنت بس ..
مط ياسين شفتيه قائلا وهو يتصنع البكاء
-الا بالحق مش هتعصمني من الرزيلة وتجوزني بلاص العسل ...
وضع علي كفه على وجه ياسين قائلا بنفور دافعاً له
-امشي يا ياسين ...
ليتوعدة ياسين بحركة تمرير ابهامه وسبابته على ذقنه
-مفيش جواز ...معندناش بنات ...
هدده علي بصبر نافذ
-امشي يا ياسين من هنا ...
لوح ياسين بحركة لا مبالاة قائلا
-كده كده طالع ...شوفت الدادة معاها أكل رايح اخده علشان صحتها ..
ضحكت يمنى وهي تراقب مشاكسة الاثنان ...بسعادة حقيقية ...ثم تسألت
-عرفت ياسين ازاي ...؟
علي وهو ينفض عن قميصة الغبار بعفوية
-كان بييجي كلية الزراعة يشتري فراخ ولبن وجبنة قريش ..
توسعت عينا يمنى وهي تردد
-نعم ..
ليهز علي يرأسة وهو يراقب ملامحها
-ايوة وكان بييجي يزن علشان اخفضلة ...وشوية كان هيشحت ...
ضحكت يمنى كما لم تضحك من قبل ،ليراقبها علي بفرحة ويطوف علي ملامحها بعشق ...
ثم نهض علي قائلا بإصرار ونبرة عميقة
-مش عايز اشوفك تاني غير وأنتي مراتي يا آمنه .
همي بإرتباك وعلى شفتيها المرتعشة تعلق الرفض
-بس كده كتير ...يا
ابتسم علي بمكر وهو يقول بغمزة
-متهيألك ...بالعكس دا أسرع مما تتصوري
---------
صدع صوت الزغاريد عالياً حين اعلن المأذون انتهائه من كتب الكتاب ليختطف ياسين المحرمة ويدسها بجيبة ثم يرفع رأسه للسماء داعيًا
-عقبالي يارب ...
ارتبكت يمنى وعانقت أنظارها السجادة المفروشة بقوة ...كما لو كانت مغيبة وكل ما يحدث هو حلم ليس الا ...أصر علي أن يتم كتب الكتاب بسرعة كبيرة ...حتى أنه انجز كل شىء بسرعة ...وفى بوعدة ليكن زفافهم أسرع مما توقعت ..
اقترب ياسين من سمر يدندن ليغيظها
-جلست والحزن بعينيها تتأمل فنجاني المقلوب قالت يا ولدي لا تحزن لا تحزن ...خدت بونبة بونبة
هتف سمر بحدة وقد امتقع وجهها
-ياسين
مصمص قائلا بتعجب
-جايه عزا ..متفرديه ليكرمش ..هو مش ناقص على فكره
نهرته بغضب شديد
-انت مين علشان تكلمني كده ..
وصل صوتها لعلي الذي نهض يفض الأشتباك
-في أيه ..؟
ياسين ببراءة مفتعلة
-مش عارف ياعم معملتلهاش حاجه
لتتصنع سمر البكاء وهي تتمتم
-مش معقول قلة الذوق دي ...
فرت من أمامهم ليهمس علي بإذن ياسين
-متتجوزها وتخلصنا منها ومنك
نظر ياسين ليمنى ثم لعلي قائلا
-ليه أقل منك ياسي علي ...أنت تاخد المهلبية وأنا الطعمية
ضحك علي قائلا بمواساة
-وماله دي أكلة الشعب ..
امتعض ياسين وتطلع لعلي بإزدراء قائلا
-خليها لخالك ...وبعدين اخاف على نفسي منها دي سودة ياعم ممكن لو زعلتها اصحى الاقي نفسي متقطع...
ضربة علي قائلا بعتاب
-شغلتوني عن مراتي ...
اقترب علي من يمنى بعد أن ترك ياسين يثرثر دون توقف ...مد كفه لها فاعطته كفها ونهضت ..قرب علي رأسها وطبع قبلة حفها بشوق وشت به أنفاسة الحارة المتلاحقة هامسًا
-مبروك
تنهيدة راحة اخرجتها يمنى من بين شفتيها المضمومتين بخجل ...وهي تبادله الهمس برقة
-الله يبارك فيك ....
أقترب مراد بملامح جادة غامضة وابتسامة مهتزة
-مبروك يا ولاد ...
ضم علي يمنى لصدره بعد أن لف ذراعه حولها وقربها منه يفرض حمايته ويعلن ملكيتة ليمناه ..
نظر لهم مراد نظره طويلة ممتلئة بالتوجس ..لتشتبك نظراته بنظرات الدادة المطفئة ..ثم غادر ...
لم ينتبه علي الذي انشغل بالحديث الجانبي بينما يمنى لاحظت ذلك مما جعل الرعب يدب في قلبها ويهز سعادتها ..،لا تدري لما تشعر بالقلق المصحوب بنفضة قلب تعلن أن هناك شئ سيء ...
*******
جلس بجانبها على نهاية الفراش ..هي تفرك كفيها بتوتر ..وهو يراقب حركتها بمتعة ..حمحم قائلا
-هنقضي الليلة في صمت ..؟
همست بإرتباك يزينها
-ها ....
ثم نهضت مثقلة بالخجل وسارت ناحية الشرفة ..وقفت تتنفس الهواء الطلق بقوة ...خطا لها بخطوات هادئة رزينة ...وقف خلفها ورأسه ترتفع للأعلى ينظر للقمر قائلا
-القمر بدر ...
ابتعدت عنه قائلة بخجل
-اه ..فعلا ...
تبسم على حركاتها المشبعة بطفوليتها واستند بمرفقية على سور الشرفة قائلا
-تعرفي يا قاهرية ...
نظرت لها بلوم قائلة
-ما خلاص بقا يا علي ...ملوش لزمة اللقب ده ..
عقد حابيه قائلا بإنتباه عينية تعكس نظرة هيام لايستطيع مداراتها
-لا طبعا ...
اطلقت زمجرة اعتراض وهي تكور شفتيها مردده
-لا يا ويكا ...
اقرب أكثر منها يغمرها بحنانه ..بنبرة خافتة همس وهو يزيح خصلاتها عن وجهها
-هو مش المعز بنى القاهرة ...؟
قشعريرة ارسلتها لمساته لجسدها ...هزت رأسها كالمغيبة وهو تستشعر دفء لمساته وحنانه
ابتسم متابعاً وهو ينظر لها بحب
-خلاص يا قاهرية ...هتفضلي قاهرة علي ...
هوالمعز ده احسن مني علشان يكونله قاهرة بأسمة وأنا لا ...فأنتي بقا قاهرية علي ...
يمنى قاهرة علي الراوي ...
ابتسمت بسعادة على تعبيراته وتشبيهاته الغريبة لكنها بسيطة وجميلة مثله ...
اقترب أكثر حتى كاد يلتصق بها رفع وجهها الذي اخفضته خجلا . بأنامله مستشعرا تلك النعومة وهو يهمس
-بقول أيه ...أنا جبت توكتوك بالريموت ما تيجي نتسابق انا توكتوك وانتي بالعربية ...ولو أنا فوزت اتجوز رسمي ولو انتي فوزتي اتجوز بردو رسمي ...
ابتسمت بخجل وحركت نظراتها بعشوائية والخجل يتملك منها وشعور غريب يدفعها للهرب أو ربما الاختباء بأحضانه والهرب لذراعيه ..ليمسك كفها ويجذبها قائلا
-بيقولو السكوت علامة الرضا...
********
استيقظ باكراً اغتسل واقترب من الفراش ملس جبهتها بحنان وهو يهمس
-يمنى ...
فتحت عينيها ...ببطء وتركيز استغرق وقتا ليتلبس نظراتها المثقلة بباقي نعاس ..
نهضت بسرعة وهي تشيح خجلا حينما تذكرت ما حدث منذ ساعات واستسلامها له وغرقها في لجة عشقة ...وختمها باسمه لأخر نفس من انفاسها ...تعامل معها بصبر وحنان حتى طمأنها ولم يقترب منها إلا عندما تأكد من استعدادها لدخول تلك الحياة الجديدة
ابعد خصلاتها عن جانب وجهها مزيلا بحنانه بعضا من توترها وخجلها ثم جذب رأسها وطبع قبلة على جبينها هامساً بخفوت اذابها ...
-قومي يلا علشان نصلي الفجر ..
اومأت بصمت ..ونهضت بحماس ...لكنها وقفت واستدارت تعض جانب شفتيها المزينة بإبتسامة
-صباحك سكر يا ويكا ...
توسعت ابتسامتة وأضاءت عيناه بالحب وهو يبادلها همسها
-صباحك سكر يا قاهرية ..
وقف أماما يصلي بها فيما هي خلفه تتبعه بخشوع ...
انتهى من صلاته ورفع سجادته ثم اتجه للفراش وتمدد عليه ..خلعت اسدال صلاتها واتجهت لذراعه المفتوحة بإشارة منه لأن تحتمي بها ...
تمددت بجانبه اقتربت فضمها لصدرة ثم امسك كُتيب صغير هامسًا
-نقرأ الورد اليومي سوا ...
هل اطلت عليها السعادة برأسها المنيرة ،..هل مرت سنواتها العجاف وآن الآوان لتأخذ حياتها مجرى أخر تتدفق فيه الفرحة ..
حنان علي اشبعها حد التخمة عوضها عن تلك السنوات الجافة ...لم تظن يوما انها تمتلك الواناً من المشاعر
حب ..رحمة ..عطف ..حنان ..ظنت أن تلك المشاعر ماهي الا حروف ... لا تمتلكها بقلبها ليأتي علي ذلك الفلاح ويغير وبدأ مفاهيمها يستكشفها معها من جديد ..احيا ما أماته والدها فيها بتربيته القاسية وغرس آخرى فقط هو من يملك بذورها
نامت قريرة العين ..على صدره ولم تشعر إلا حينما هدهدها كطفلة وعدل وضع جسدها بلطف ثم دثرها ...
******
بعد مرور يومان
بداخل مكان آخر كانت هي تهتف بتنهيد متألمة
-خايفة بعد ما يعرف علي كل ده يتهد
ليأتيها الصوت قائلا بنفس نبرة الخوف المتمكنه منه
-خايف من رد فعل علي...لو عرف ...
رد فعله وجمودة وعناده فالأول خوفني أكتر لذلك محاولتش اصلح الخلاف بينهم ..قولت يمكن بعدهم رحمة قبل ما يرتبطو ببعض أكتر ولما تنكشف الحقيقة كل شىء ينهار ويتوجعو ...
همست الدادة بنبرة مستسلمة بعض الشىء
-خلاص النصيب قال كلمته ...وربنا أحن عليهم مننا يارب بس لما يعرفو يفهمو انهم مالهمش غير بعض ..
هوبشئ من الحيرة
-ردور علي دايما غيرمتوقعة ...ودماغه الناشفة ..بتخوفني من القادم بس ارجع واقول مهما خبينا أكيد كله هينكشف ..اكيد السؤال القادم ...عمي كان فين كل ده ..والاجابه صعبة وهتكلف كتير
الدادة بنبرة فقدت حماسها
-ربنا يستر ...و يهديهم ويرشدهم للطريق الصح

المشمهندس فلاح(كاملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن