الجزء الثالث

20.4K 346 1
                                    

كان المكان يلمع...لقد تنظفت الغرفة كليا بما فيها من أدوات للتجريح..و معدات طبيية..الخ..وقف ياز و هو يصفق: لم يخطر ببالي انك ستتقن عمل التنظيف..خصوصا لما أرى منظرك.. اتسدي لي خدمة ايمكنك على الاقل تنظيف وجهك..لا يمكن حتى أن أرى ملامحه بوضوح...
جان: ما خطبك دكتور..ما علاقة مظهري طلبت مني التنظيف و قد نظفت..اين اجرتي؟
ياز: سنعطيك أجرة شهرية
جان: لا انا أحتاج مبلغا يوميا..لاشبع بطني..ا هذا واضح..
ياز: آسف أيها البطل لكن هذه هي قوانين الشغل..لكن يمكن أن أساعدك ...لم يكمل جملته قاطعه جان بغضب
جان: لا أحتاج صدقتك..انا اكسب قوتي بنفسي..ثم هرع للحروج ...امسك به ياز من ذراعه ز دفعه إلى الوراء..
ياز: كنت اود ان اقترح عليك عملا أخر.. و بما أنك لا تريد فحسنا ساجد شخصا غيرك...
جان: لا أرجوك اقبل اي عمل آخر ساقبل به شرط ان تكون اجرته يومية.
ياز: حسنا لما إنك متأكد..فاجلس هنا وانتظرني لاحضار امتعتي ثم
نذهب سويا إلى مكان عملك الثاني..
وصل ياز الى شقته..فتح الباب و طلب كن جان الدخول..ترددت هزان قليلا..وهي تقول مع نفسها: لماذا يأخذني إلى شقته..انه يعلم ..حتما يعلم انني فتاة..
ياز: هيا يا بطل..ماذا تنتظر..
دخلت هزان و اغلق ياز الباب بعدها مباشرة..كان قلبها يخفق بشدة...دخل ياز المطبخ وعاد بسرعة و هو يحمل مكنسة و دلو..
ياز: يمكنك أن تقول أنني شخص مهووس بالنظافة..لذا اريدك ان تنظف شقتي كل يوم..قبل او بعد دوامك في المستشفى لا يهمني..انت اختر..
جان: حسنا شرط ان اكون وحدي..لا اريد ان التقي بأي شخص..خصوصا انت دكتور..
ياز بنبرة ساخرة: حسنا اتفقنا لكن بشرط فانا ايضا لديا شروطي..الحمام هناك و هو يشير بيده..وانت ستتحمم كل يوم بعد اتمام عملك..لا اريد ان أرى كل هذه الاوساخ ز الحمام على وجهك..
جان: حسنا و الأجرة:..كم ستدفع؟
ياز: اعطيك ربع اجرتك الشهرية بالمستشفى..يوميا!!
جان: حقا...باجرة مثل هذه ساحضر لك العشاء أيضا..ثم ابتسم ابتسامة عريضة اظهر فيها اسنانه التي انعكست بيوضتها على وجهه المسود بالحموم...
ياز وقد انتبه لابتسامته: يجب أن تبتسم اكثر ايها الفتى المتمرد..فهذا يليق بك كثيرا
مر شهر على استلام ياز مهامه في المستشفى..شهر لم يتسنى له حتى أن يتجول في المدينة..يقضي معضم ساعات يومه في غرفة الجراحة..عدد المصابين في تزايد يومي..حتى المسكين جان..لا يترك دلوه و منشفته..من كثرة العمل..كل الأطباء مبسوطين بعمله..اصبح المكان يشع نظافة بفضله..نفس الملاحظة في شقة ياز حيث النظافة تعم...لكنه يحرس على تطبيق شروط الفتى كي لا يلتقيان في الشقة..غير أن ذالك اليوم عاد باكرا..لم يرسل لهم مصابين جدد..فقرر أن يأخذ قسطا من الراحة....
اما هزان كعادتها بعد تنظيف الشقة جيدا..ملأت حوض الحمام بالماء الدافئ...نزعت ثياب جان الكريهة و غطست كليا في المياه..كانت هذه لحضات يومها المفصلة..تنسى فيها كل همومها.. كان الحوض مليأ برغوة الصابون..رائحته تشعرها بالسعادة..تذكرها بانوتثها...
لم تنتبه هزان حتى سمعت ياز يطرق باب الحمام: هل انت هنا يا جان؟ لم تكمل عملك بعد؟..انا متعب اريد ان استحم ايضا..فاترك لي بعض المياه الدافئة من فضلك..هيا..اسرع ..ان لم تحرج خلال خمس دقائق سأقتحم الحمام..هيا اريد على الأقل رأية و وجهك وهو نضيف..بالله لا تضع تلك القبعة أيضا..
تجمد الدم في عروقي هزان..ماذا ستفعل..ماذا لو دخل الحمام الآن..سيراها ويعرف انها فتاة..بجب ان تلهيه بشيء يجب أن يذهب من هنا ..لكن كيف..؟؟ اصبحت تفكر بسرعة
هزان: دكتور لا تفتح الباب..من فضلك فأنا لست متاحا..علاوة على ذلك الم نتفق ان لا التقي بأحد في وقت دوامي؟ فلما جئت؟
ياز: هووووو سيد جان أسف عن ازعاجك..لا يهمني أن كنت متاحا او لا ...اقول لك أنني متعب ثم فتح الباب و دخل
غطست هزان كليا في الحوض..لم تتوقع أن يدخل أما ياز فاصابته نوبة ضحك....
ياز: لتعلم أنني جراح..فمعتاد ان أرى اجساد عارية..ممزقة..في حالات لا يمكن لك حتى أن تتخيلها.. لذا انا لا يهمني أن كنت متاحا او لا
انتظر قليلا ثم تابع فهمت أنت خجول..وحتى أنك تفضل الغرق على ان أرى وجهك نظيفا
بقيت قرابة دقيقة ثم اخرجت رأسها و هي تتنفس بعمق...وتتخبط في الماء
.. ياز: حسنا انظر انا اطبق ما اتفقنا عليه...كان مديرا ظهره لهزان و للحوض يقابل الحائط..ان ارضت ساغمض عينايا ايضا
جان: يكفي ان تبقى كما انت..ناولني البطنية...اخدتها هزان ولفت بها جسمها من رأسها إلى رجليها.. ثم انحنت و رفعت ملابسها الارض و خرجت تجري من الشقة...توقفت في زاوية غير مكشوفة..و ارتدت تنكرها الذكري ثم سارعت للعودة إلى منزل خالها.
مرت عدة أيام الآن..لم يأتي فيها جان إلى المشفى..المكان أصبح قدر..غابت النظافة التي كان يامنها كل يوم و بدأ الأطباء بالتدمر من الوضع...ياز و هو يتحدث مع رئيس الاطباء: إنه لا يأتي لتنظيف شقتي أيضا..بدأت أقلق عليه..خاصة انه عدواني و متمرد..ربما تشاجر مع احد الأشقياء..وهو في مشكلة...لا أعرف عنوانه حتى..
فريد: ولكن انا اعرف..
ياز:حقا؟
فريد: نعم..ذالك النهار أوصلت إحدى حبيباتي إلى منزلها بعد ان قضينا أوقات ممتعة..انت تفهم ماذا اقصد...و رأيته يخرج من منزلها..و لما سألتها قالت انه يكون قريبها...
ياز: اذا ناولني العنوان و سأذهب للسؤال عليه...
وصل ياز الى العنوان الذي اعطاه اياه فريد..امر العسكري الذي كان يقود السيارة ان ينتظره...ثم فتح بوابة الحديقة الصغيرة أمام المنزل و تقدم في الممر المؤدي إلى المدخل و طرق الباب ...
تركان التي سمعت قدوم سيارة كانت قد أسرعت الى نافذة غرفتها...ورأت ياز و هو يدخل من البوابة..
تركان مع نفسها: من هذا الوسيم ؟ هل جاء لدعوتي..؟ ثم ركدت إلى الأسفل..وقامت بفتح الباب بنفسها تاركتا السيدة نازان في حيرة لانها لا تفعل هذا أبدا..
ياز و هو يخلع قبعته العسكرية : مرحبا انستي
تركان: مرحبا ايها...؟
ياز بابتسامة ساحرة: العفو منك.. الملازم ياز ايقيمان.. و انا طبيب جراح في المستشفى المركزي للمدينة..
تركان و هي تنظر إليه بإثارة: أنت حتما انتقلت مجددا..لانه لم يسبق لي أن رايتك هناك؟..
ياز: صحييح..قرابة شهرين..و انا أيضا لم أرى آنسة جميلة مثلك هناك و إلا ما كنت نسيت هذا الوجه أبدا
تركان و هي تضحك بصوت خفيف: اممم...انت تعرف كي تخاطب النساء..انا تركان شامكران..و هذا منزل والدي كيف أستطيع مساعدتك؟
ياز: انا أبحث عن قريبك الفتى الذي يسكن هنا؟
تركان: انت مخطئ..لا يوجد هنا فتيان...ابي هو الوحيد..قاطعتها السيدة نزان: احم احم..انه يبحث عن جان...ابن عمتك..!! هل نسيته يا تركان..؟؟ ثم نظرت إلى ياز و تابعت: لقد خرج منذ الصباح الباكر..و لن يعود حتى وقت العشاء..
ياز: الا تعلمين اين يمكن ان يكون عليا ان اتحدث اليه عاجلا
نزان: لا أعلم سيدي..ولكن ما الأمر العاجل الذي يمكن أن يجعل الجيش يرسل ضابطا للبحث عن فتا مسكين مثله
ياز: انا جراح و اعمل في المستشفى الذي يعمل فيه جان و بما أنه لم يعد لعمله منذ بضعة أيام قررت ان استفسر عن الأمر..انه فتا عدواني..و خشيت أن يكون قد اصابه مكروه..
نزان: حسنا هو بخير..و انا لم يكن لديا علم انه ترك العمل في المشفى..ربما رجع يتردد على الميناء لمسح احدية المسافرين..
قاطعتهم تركان و هي تضع يدها على ذراع ياز: اه لدي فكرة..لما لا تنتظره في الداخل...و سأقدم لك القهوى..
نزان: ليس لدينا قهوة..يا آنسة تركان و جان سيعود في وقت متأخر
تركان: فاذا...الملازم ياز سيبقى للعشاء معنا..ثم سحبت ياز الى الداخل و هي تجره إلى الصالون..
ياز: آسف لا أريد إزعاجكم..يمكن أن انتظره في السيارة..
تركان و هي تدبل عينيها بدلال: أرجوك من اجلي...هيا!!
ياز بابتسامة : حسنا اذا أقبل دعوتك اللطيفة.. بالعشاء..و ستتسنى لى الفرصة ان أتحدث مع قريبك ايضا

كانت السيدة نزان متوترة جدا..تنظر إلى الساعة كل بضعة دقائق...سوف تعود هزان في اي لحظة..يجب أن تحدرها من وجود الملازم في المنزل ..سمعت صوت اقداما فجأ...لكنه السيد حكمت عائد من السوق....ما أن دخل المنزل حتى أسرعت إليه ابنته
تركان و هي تجره من يده: ابي...تعالى أسرع...ثم دخلت الصالون أين كان ياز يحتسي قهوته...اقدم لك الملازم ياز ايقيمان..انه يعمل كطبيب جراح في المستشفى المركزي
مد ياز يده للمصافحة: تشرفت بمعرفتك
صافحه حكمت: و انا أكون والدة هذه الآنسة..
تركان: ابي ..لقد دعوة الملازم...قاطعها ياز :لو سمحتي يمكنك مناداتي ياز فقط
تركان و هي تبتسم: لقد دعوة ياز للبقاء للعشاء برفقتنا..
حكمت: على الرحب يابنتي..لكني أخشى أن لا تكون الوجبة لائقة بمقامه ..انا راجع من السوق..لم استطع شراء شيء..حتى زجاجة حليب..الطرق مقطوعة بسب المعاركة فلا يو جد بضاعة في المتاجر..و أن كانت متوفرة فاسعارها باهضة جدا...المدينة تعيش اوقاتا عسيرة..سيموت المدنيين من جوعهم...
ياز: متأسف لسماع هذا..نعم صحيح..المستشفى يعج بأمهات مع أطفالهن..يطلبن لقمة لاشباع بطونهم..نحن كاطباء نحاول المساعدة قدر الإمكان طبعا..و لكن يبقى هذا غير كاف..
تركان: اوووه...لقد قلبتما النهار السعيد إلى درما مأساوية...ثم خرجت تنادي على السيدة هزان: هل كل شيء جاهز؟
وجدت نزان تخرج مسرعة إلى الحديقة لملاقات هزان...
نزان: صغيرتي الحمد لله ....
هزان: مذا يجري..؟ هل حصل مكروه؟ من... خالي..؟
نزان: لا الجميع بخير..لكن ذلك الطبيب..الذي شغلك في المشفى جاء للبحث عنك...و تركان طلبت منه البقاء للعشاء...
هزان: اللعنة...كيف عرف عنواني..كمل هو متطفل ..يحب أن بحسر انفه في كل شيء..كنت اود الاستحمام و الاستلقاء قليلا..انا متعبة جدا..اضن انني أخذت بردا
وضعت السيدة نزان يدها على جبين هزان: انك تحترقين من الحمى..اه يا بنتي..
هزان: تمام..سأفهم ماذا يريد..و اصعد إلى غرفتي ..لست جائعة ذاتا..ثم أعادت وضع قبعتها على راسها بإحكام ساترة جبهتها و حاجبيها..فهو إلى الآن يضنها الفتى جان..لكنه ليس غبي..وان حقق في وجهها مطولا سيكتشف الخدعة...ويعرف هويتها الحقيقية...دخلت هزان..واتجهت نحو الصالون ..لكن تركان قاطعة طريقها و دفعتها إلى الغرفة المجاورة و اغلقت الباب
تركان: أيتها الماكرة...لما لم تخبرين عن هذا الضابط الوسيم.. تعرفين جيدا انني..ارافق الضباط و هدفي ان اتزوج أحدهم ليخرجني من الفقر الذي أعيشه...حتى كنت قد قبلت بذلك العجوز القبيح..الدكتور فريد..من اجل هذا..لكن طموحي تغير اليوم وذلك الجراح الوسيم أصبح هدفي الجديد...و لن اكن حتى يصبح ملكي...ساتزوجه...ثم خرجت..وتركت هزان في حيرة من أمرها..اذا وضعته تركان بين عينيها سيصبح يأتي للمنزل باستمرار و لن يعود باستطاعتي خلع تنكري...اه كم اكره حياتي......! ولكن لم يكن هذا السبب الوحيد..الذي يجعلها تتوتر من وجوده بقربها..عقلها لا يستوعب بعد و لكن قلبها..بدا يشق طريقه إلى عالم آخر..سيغير كيانها

رماد في مهب الريححيث تعيش القصص. اكتشف الآن