-2-

391 50 25
                                    

في ذاك الصباح المهيب و في سكون تلك الحديقة الخالية من كل أحد إلا هما ..

كان مازال يحدق بصدمة بذاك الرجل بل العجوز إن صح القول ... بشعره الذي غزاه الشيب حتى ما عاد يعرف لونه الأصلي و عينيه الزرقاوتين خاليتا البريق و و الصعوبة الواضحة في تنفسه ... هو كان حرفياً يوشك على الهلاك ...

اقترب منه بسرعة و توتر ما إن استوعب الوضع، جثى على ركبتيه بالقرب منه و هو يقول بخوف :

"ه.. هل تستطيع الصمود قليلاً؟ سأطلب الإسعاف "

انتظر رداً منه لكنه لم يلقَ غير تلك النظرات الفاحصة و الثاقبة مما زاد من توتره ...

فسارع بالنهوض للبحث عن هاتف عمومي ليتصل بالإسعاف ...

لكن يد العجوز التي أمسكت بذراعه جعلت القشعريرة تسري في عروقه ...

فاستدار نحوه لتلتقي نظراته المتوترة بعيني العجوز الحادة و المتفحصة.. فحاول تجاهل تلك النظرات و عاد للاقتراب منه ليقول :
" هل تحتاج إلى شيء؟ لا تقلق سأعود بعد طلب الإسعاف "

لكن المعني لم يجب و لم يترك ذراع الفتى بل قطب حاجبيه قليلاً لتزداد نظراته حدة..

فابتلع كريس رمقه و قال بشيء من الخوف :
" هل تستطيع قول أي شيء؟ "

" ما اسمك يا فتى ؟ "
بعد فترة من الصمت نطق العجوز بما لم يتوقعه كريس..
كان سؤاله مفاجئاً... فتردد بإجابته لكنه نطق أخيراً :
"ك.. كريس.. كريس سياوران "

لكن العجوز استمر بالقاء ذات النظرات، بصمت أخاف كريس بعض الشيء ... و كذلك يد الرجل التي تشد على ذراعه زادت من خوفه..

فأغمض عينيه بقوة و قال بسرعة :
" اسمي كريس جين سياوران "

ثم فتح عينيه ببطء و أردف :
" هل أطلب الإسعاف الآن ؟ فـ.. "

توقف عن الاكمال عندما وقعت عينيه على ملامح وجه العجوز المصدومة ... هو رغب بسحب ذراعه و الابتعاد لكن العجوز فاجآه بجره إليه و ضمه بقوة ...

ظل كريس متجمداً متسع العينين بصدمة... هو شعر بحركة صدر العجوز المضطربة و بدمائه اللزجة التي لوثت سترته المدرسية ...

حاول الابتعاد لكن تلك الذراعين المقيدتين له كانتا قويتين رغم ارتجافهما..

أبعده العجوز بعد مدة لينظر إليه بابتسامة واسعة و مازال ممسكاً به من كتفيه..
مما أثار ريبة كريس فقال محاولاً التهرب منه :
" أنت لست بخير.. سأحضر المساعدة و أطلب الإسعا.. "

Winter Ashesحيث تعيش القصص. اكتشف الآن