بعد وفاة جدتى بأسبوع
بدأت أمي تحاول إقناع أبي بفتح الغرفة لنستفيد منها. خاصة أن البيت يتكون من ثلاث غرف. واحدة لوالديّ والثانية كنت أبقي فيها مع جدتي-رحمها الله-و أخي الأكبر.و الثالثة هي الغرفة المحرمة.لطالما تشاجرت أمي و جدتي بشأن تلك الغرفة؛ فقد كانت أمي تعترض علي بقائي أنا و حازم في غرفة واحدة.خاصة و أننا كبرنا.
فأرادت أن يقيم حازم في الغرفة المغلقة، بينما أبقي أنا مع جدتي في غرفتنا.و لكن جدتي كانت تأبي فتح تلك الغرفة.بعد محاولات عديدة اقتنع أبي برأي أمى.و اشتري أثاث للغرفة يتكون من سرير، أريكة، مكتب و مرآة متوسطة الطول.عرض عليّ أبى أخذ الغرفة بأثاثها الجديد -فأنا كنت مدللة أبي-.
لكني رفضت لأنني لا أريد الإخلال بوصية جدتي. خاصة و أنها أوصتني شخصياً بعدم فتح الغرفة قبل وفاتها.قامت أسرتي بفرش الأثاث باستثنائي. لأني رفضت المشاركة احتراماً للمرحومة.كان حازم في قمة السعادة بغرفته الخاصة. و في أول ليلة له في الغرفة، سألته إن كان خائفاً من الغرفة
فأجابني ساخراً:"يا لكِ من طفلة! هل تصدقين كلام جدتنا حقاً؟"سألته عما يقصد، فأجابني بابتسامة ساخرة:"إن جدتنا كانت عجوز خرفة، لذا لا تهتمي بما تقول"شعرت بالأستياء الشديد مما قال، فقد كنت أحب جدتي كثيراً، لا بل كنت أعشقها!. ذهبت لغرفتي، و نمت نوماً متقطعا.فقد اعتدت علي احتضان جدتي لي.و منذ رحيلها لم أعد أهنأ بالنوم.
في تمام الساعة (العاشرة) مساءً، أيقظتني أمي لأتناول العشاء معهم، غسلت وجهي، ثم اتجهت للمائدة برفقة والديّ، لكن كان هناك شيئاً غريباً، فحازم لم يستيقظ بعد، علي الرغم من أنه هو من يوقظني دائماً.طلبت أمي أن أوقظه، فذهبت لغرفته، تأملت الباب برهة، و أنا مترددة كثيراً في فتحه.
أشعر أنه ما إن أمسك المقبض، حتي تأتي جدتي صارخة في وجهي.أدرت المقبض بأنامل مرتعشة و دخلت، الغرفة مظلمة و باردة ، و كأننا في منتصف ليلة شتوية عاصفة.ذلك الكسول لا يفتح النافذة حتي،يا له من مهمل، فتحت الأنوار.حتى يفتح عينيه ثم قمت بضربه، صفعه و صيحة باسمه، و لا يستيقظ.
ما الذي جري له بحق خالق الكون؟!!.في العادة يكون نوم حازم خفيفاً، و لكن يبدو الأن كمن سد أذنيه بأطنان من القطن!. انتابني القلق، فذهبت أنادي والدي الذي أتي مذعوراً من صراخي، دخل والديّ، ليريا ماذا بحازم.أخذ أبي يهزه ببطء، لكن دون استجابة.ضرب وجهه بخفة لعله يزيح جفونه من أمام محجريه، و ﻻ فائدة أيضاً.
بدي والدي كمن فقد خيط الأمل، فوضع أذنه اليمني علي صدره يستشعر النبض.مرت عدة ثوانٍ و والدي جاثمٌ برأسه علي صدر حازم، رفع رأسه ببطء لتبرز عيناه الجاحظتان قبل أن يهمس بحزن شديد:
لقد مات حازم!
شعرت حينها و كأن الدنيا توقفت عند تلك اللحظة التي لفظ فيها أبي حروف"مات". يا لها من حروف بغيضة اجتمعت معاً لتكون أبشع كلمة قد مرت علي مسمعي يوماً.من السبب؟!.أهو ذلك الوحش المسمي بالموت.أم أنها تلك الغرفة التي مُنعنا من أن نخطوا فوق عتبتها؟.أتلك الغرفة وراء موت أخي؟ أهي لعنة حاولت جدتي حمايتنا منها؟
قلت بصوت خافت ناظرةً إلي الأرض:"الغرفة هى السبب."، و كأني أحدث ذاتي.بالطبع لم يُسمع صوتي بسبب بكاء أبي، و نحيب أمي.
"الغرفة هي السبب، كل هذا لأننا عصينا جدتي"
عدت لأهتف بصوت صاخب، حتي انتبه عليّ والدي، و طلب مني أن أصمت.لم أكترث و استرسلت و الدموع تناسب علي وجنتيّ:
"لن أصمت أبداً، سنموت جميعاً لأننا عصينا أوامر جدتي، سنموت بسببكم.."
"لن أصمت أبداً، سنموت جميعاً لأننا عصينا أوامر جدتي، سنموت بسببكم."ما أسكتني كان صفعة من كف والدي.صفعةألصقتني بحائط الغرفة. كدت أفقد توازني إثر ذلك الأصطدام.نظرت لعينيّ والدي لأرها تتلألأ بالعبرات التي حاول ابتلاعها دون جدوي. تحدث بألم قائلا:"أنه قضاء الله، لا تربطي بين الغرفة و موت حازم، ألستِ مؤمنة؟!"
جملته تلك أخرجتني من غفلتي، يبدو أن موت حازم أثر عليّ، و جعلني أفكر بطريقة فوضوية ومجنونة.عدت لغرفتي، و ارتميت علي فراشي، و سبحت في تفكير مؤلم.كانت دموعي تجري علي الوسادة، و كأن أحد منابع نهر النيل قد استأجر مقلتيّ لتكونا مقره الذي يرسل منه ذلك السائل الملحي الشفاف، ليغمر خديّ.
أخذت أبكي إلي أن رحت في رحلة لنوم عميق. كم هو خبيث ذلك الكائن الغامض المسمي بالنوم، يهاجمك علي حين غُرة، و يسحبك إلي منطقته المظلمة، لكني أشعر أني أظلمه هكذا، فلا تنسي أنه ينتزعك من همومك، و يمنحك بعض الوقت لتهدأ، و تفكر،و لكنه هذه المرة انقلب ضدي.
2:30 هذا ما وقعت عليه عينى عندما فتحتهما تلك الليلة.بدأت انظر فى أركان الغرفة.الغرفة تسبح في ظلام دامس. أنا لست معتادةعلي النوم في مثل هذه الظلمة.لم أكن لأنهض لولا شعوري المُلح بالعطش، أنزلت رجليّ لتستشعرا برودة الأرضية، سرت بحذر، و يديّ تلوحان أمامي كي ﻻ اصطدم بأي شيء.
شعرت للحظة أن يدي لمست جسماً بارداً، لكنه اختفي، تجمدت قليلاً في مكانى، و أقنعت نفسي أنني أهلوس بسبب موت أخي.فتحت باب غرفتي، و إذ بأركان الشقة مظلمة كذلك، ناديت علي والديّ، لكن لم يجبني أحدهما.تذكرت حينها هاتفي، و الذي كان في الصالة،كان علي أنّ أسير بجانب غرفة حازم للوصل إليه.
.....
· · • • • ✤ • • • · ·
هذا جزء ثاني ارجو انه اعجبكم😐
أنت تقرأ
قصص رعب
Horrorأوهايو مينا -سان هذا الكتاب لقصص رعب قد تكون من تألفي وقد تكون منقولة ارجوا ان تستمتعوا 🙂
