الرهينة

الفصل الاول

فقط على بعد ثالث دقائق من مسرح دومينون
وبعد أن تخطت السيارة السوداء متاجر
أكسفورد دون أن تُفكر صاحبتها بالمرور
عليها كما العادة, ترجلت منها وبخطوات
محسوبة ورفيعة الساقين نحو أحد أهم
عيادات الاطباء بمدينة لندن
عيادة نفسية!!
......................
لم تتصور "ميرندا واطسون" أن بداية يومها
سيكون بطلة شقراء  تحمل عطراً فواحاً بنكهة
الصندل وبتالت الزهور.. مائة وسبعون
سنتيمتراً من الفتنة وقوام بدا ممتنعاً عن
لفافة البيغل المحشوة في يدها والقهوة
الكريمية مزدوجة النكهة..
كانت ميرندا هي المساعدة الاولى والاهم
للطبيب "ريتشارد غرين" وهو الخمسيني
الاشهر في العاصمة في مجال العلاج النفسي
وخاصة من رجال السياسة وصاحبي الازمات
الغير منتهية..
لم تكن نجمات السينما من المحببات لدى
غرين فهو لا يحتمل هذا النحيب الناتج عن
هروب منتج وفشل الوصول إلى الاوسكار!
هو ليس رجل الوصفات السحرية والمهدئات
الكاذبة, هو ببساطة يعالج..
شعرت ميرندا أن تقييمها قد زاد لتلك الواقفة
أمامها بثبات منشغل بأزرار هاتفها الجوال
ورسائل نصية بدت ُمتعجلة للغاية.. تنهدت
أخيراً لتنطق بإنجليزية راقية جداً ربما تحمل قرباً
وثيقاً من العائلة المالكة:
- صباح الخير.. لدي موعد مع دكتور غرين.
ابتسمت ميرندا بترحيب فاتر وكأنها لا تصدق
أن تلك المرأة التي ربما تكون نجمة مغمورة
وجميلة جداً أو أنها عشيقة حالية لسياسي
معروف, قد حصلت على موعد بالفعل من
جدول رئيسها المزدحم والمتزمت جداً جداً..
بنبرة عملية وخالية من أي تأثر سألتها:
- ألاسم لوسمحتِ؟...
مادلين.. مادلين دون بيكر.
"دون بيكر"!
الاسم هو الارقى بل والاشهر صاحب محلات
عطور في المملكة.. "بيكر المونتيري" هو
العجوز الذي قدم إلى لندن شاباً لا يمتلك من
الاموال سوى حفنة لاتكفي لشراء قميص
وأصبح بعدها بخمسة وعشرين عاماً أحد
أباطرة السوق في تحفظ واضح على تاريخه من
ِقبل العائلة المالكة والحكومات المتتالية على
حين..
لم يكن دون بيكر متزوجاً من امرأة صغيرة
السن على حد علمها فمن أحد أسباب نجاح
هذا الرجل أنه دون عالقات نسائية رخيصة,
فقط زوجة سمينة واحدة اكتفى بها ولم
تنجب له سوى فتاتين وابن مدلل..
لمعت عينا ميرندا مع الومضة التي تذكرت
فيها أحد أشهر حفلات الزفاف في الاعوام
السابقة على صحف المجلات والفضائح.. العابث
أنطوان يتزوج بأحد مرشحات مسابقة جمال
"مس لندن"..
الفاتنة تصدرت صورها الصحف وهاجمتها
صحف أخرى معتبرة أن ما حدث دعايا, واعتزلت
الملكة قبل أن تترشح لفوز وسلمت كل مقاليد
فتنتها ألنطوان المدلل.
رأس مثالي القياس وعينان زيتونيتان ورموش
ثقيلة بالفطرة دون الحاجة لرموش اصطناعية,
أمالت رأسها نحو ميراندا لتكرر بهمس ساخر:
- هل انتهيتِ من تأملي أم أُحضر لكِ دفتر رسم
وألوان مس ميرندا؟!
مس ميراندا!
يبدو أن تلك المرأة لم تحدد موعد مع الطبيب
فقط بل تحفظ اسم مساعدته!..
ابتلعت ميراندا أفكارها مع ريقها بغضب
وحبست لسانها على غير العادة لتضغط زراً
بارزاً فوق مكتبها وترمق الزائرة بنظرة جادة
وازت نبرة متحفظة للغاية:
- الدكتور غرين بانتظارك مدام دون بيكر.
وشددت على "دون بيكر" وكأنها تسخر..
فهذه هي العروس المحظوظة تهرع بعد ثالث
سنوات نحو عيادة نفسية