الفصل السادس

1.8K 49 1
                                    

كان ممدداً على الفراش يراقب سنوات مرت..
رجل غاب عنه, وأده وأغلق فوق جسمانه مائة
صندوق
وبشكل ما.. تلك الخائفة بالخارج تعيده!
زم شفتيه مع ذكريات دمرت عالمه, حماس..
ثقة.. وطيش شاب كان الافضل.
ليخرج هو المذنب الاوحد دون أن يملك دليل
دفاع, حتى النقود المطارد بسببها ببساطة لم
يرها يوماً
كانت لعبة فساد كبيرة.. أكبر منه ومن إريك
الذي صدق خيانته على الفور!!
لم يكن أمامه سبيل سوى الهرب..
التبخر
وهذا ليس بصعب على ضابط شرطة ومحقق
مخضرم.
والخطوة الثانية, أن يكون ما وصموه به.. ألم
ُيحكم عليه بالسجن وانتهى الامر!
عمليات صغيرة كتلك التي رتبها لمادلين
وخزينته بها معاش تقاعد لايحلم به مديره
نفسه.
هه حسناً..
فكر بها ساخراً
"الطيبون.. يخسرون!!"
وتلك القاعدة رقم خمسة.. مير.
********
هناك نساء لا يكفيها العالم!
دانتي يقول أنها خطيئة الطمع..
ثالث الخطايا المميتة كما أفردها في ملحمته
الشعرية
"الكوميديا الالهية"
كانت تمشط خصلاتها بشرود أمام المرآة..
تحاول أن تتصور الحياة لو تزوجت برجل مثل
ريتشارد أم ربما جوش
كان الامر سيكون ممل فعلى الاقل أنطوان
أهداها ذريعة خيانته.
كانت متأنقة.. ترتدي ثوباً بلون فيروزي المع
وظهر عاري بسخاء..
رفعت خصلاتها في تصفيفة راقية ووضعت
حمرة شفاه بنكهة الكرز, المحامي لديه خطة..
أم ربما فكرة..
كان رجلاً قاسي الملامح, في مجاله تعلم أنه
الافضل على الاطلاق ولهذا استئجرته وتعرف
أنه دون ضمير ولهذا اختارته..
لم تكن هي الوحيدة المتأنقة على العشاء
فقد تأنق بدوره..
حلة رمادية المعة وربطة عنق سوداء بخيوط
فضية رفيعة..
زجاجة نبيذ معتق وطاولة هادئة في سهرة
صرفت بها الخدم
- هذا اللحم رائع.. مطبوخ بعناية.
قالها وهو يمضغ طعامه ببطء مستلذ
فابتسمت لتجيب بثقة وهي ترفع مشروبها بتأنِ:

- فريدريك هو أفضل شيف قد يحصل أحد
عليه.. وهذا الطبق استغرق اعداده ثمان
ساعات!
رفع عينيه نحوها ليبتسم بداهية
ربما لان ضيفك مميز للغاية.
وابتسمت هي بمكر أكثر:
- وربما لان لديه فكرة مميزة للغاية.
وكانت محقة, فهي احترفت قراءة الرجال..
ومحاميها المخلص بدا سيفعل أي شيء من
أجل إنقاذ رقبتها فهو نفسه لديه أطماعه
الخاصة بتلك الرقبة!
ارتشف مشروبه ببطء ثم سألها بنبرة واثقة:
- أين ميرندا؟
رفعت حاجبها الايسر دون جواب فجذب قطعة
حمراء من الكرز كانت تزين طبقه ليلتهمها
بمتعة:
- ربما اختطفها أحد!
بدأ يجذب انتباهها فحركت عينيها في
اهتمام ليتابع:
- دون بيكر على سبيل المثال!
ورقة البوكر.. الاس الرابح.. جنون الفكرة
وسبيل تنفيذها, كانت تعلم أنها نالت الرجل
الافضل والان اكتشفت أنه داهية
داهية تستحق جائزة..
بداية لينفذ فكرته بكل تفصيلة ممكنة
ستهديها أجنحة الثورة, وكامرأة تعرف جيداً
متى وكيف تستغل مفاتنها.. اقتربت..
فعلتها من قبل وتفعلها الان..
وهي صاحبة الشهد.. والشهد أنواع والتذوق
ما هو إلا مجرد بداية
تشويق!
ابتعدت عنه بعد قبلة طويلة تخللتها تفاصيل
ملهمة لتهمس بحرارة راضية جداً:
- فكرة رائعة.. يبقى التنفيذ.
********
الحياة تتطلب مننا بعض الاختبارات
نخفق أو ننجو..
وتظل المثابرة متعة!
وفي تلك الجدران التي اختارها لنفسه كانت
دوماً خياراته معدودة..
الفكرة اللكثر متعة هي تلك المتعلقة بحلم
أزرق اللون يمثل هبة الابتعاد
الهروب من كل شيء.. قارب طويل بأشرعة
بيضاء عملاقة ومحيط نحو المجهول.. المعضلة
أن تذكرة خروجه ستتطلب ثمناً لا بأس به
ومادلين أتاحت توفيره وبسخاء..
مقطوعة مميزة لتيرسين أهدته شروداً ممتعاً
حتى أنه تصور رائحة البحر والغريب أنه رأى في
حلمه القصير امرأة..
منمشة بخصلات ذهبية قصيرة وثوب كريمي
فضفاض وتغمض عينيها خوفاً من موج البحر
ولها رائحة أنفاس مميزة تشبه الحليب
والعشب والليمون
قريبة جداً وتكاد تكون حقيقة!
لينتفض مع همسة وصوت واندهاشة وصدمة
عينين تسللتا في الظالم نحو مجلسه وحاسوبه
المفتوح فوق قدميه.. وخبر ميرندا يتصدر
موقع خبري شهير..
لتبكي وترمقه بنظرة لوم لم يختبر مثلها من
قبل:
- مكيدة من أجل الثروة.
واستدار وفي عينيه شرارة غضب من نفسه
قبل أن تكون منها ليجذبها نحوه بذراع
واحدة في قسوة تلوم وتؤذي وتحذر وتخيف
إن لزم الامر وهي لم تكن ترى سوى تشويشاً
اختلط بدمعها وذكرى دماء غرين على سجادته
الانيقة وهمس أخير قبل أن تهرب نحو
غرفتها:
- أنت حقير.
********
وانتهى الحلم.. وتلك عادة الاحلام.
كان كيسه القطني قد اهتريء من قوة
قبضاته..
لكمة تلو أخرى نحو كل قرار
وكل خديعة..
وكل خذلان..
وكل حرف رسم فوق أوراق ظالمة لينهي
عالمه, والقتل هي سلعة مباعة أتت بالتدريب
حتى أصبحت أمر اعتيادي  لايبال بهوية الضحية...

غرين.. أو غيره.. هي مجرد أسماء في طابور
الحياة وهو ارتطم بفضل حظه في طابور
خامس
خطواتها المترددة عادت مجدداً ليهمس
بقسوة رافضة:
- عودي لغرفتك.
خرجت نبرتها متحشرجة:
- لماذا ساعدتها؟
حرك شفتيه بتهكم:
- هل كنتِ تظنين أن خاطفك قديس.. مير؟!
أغمضت عينيها تلعن حماقة أفكارها.. في
أيام مضت نحت كل أفكارها جانباً مكتفية
بمرور اللحظة ودوماً هي مميزة بكل
تفاصيلها..
تحمل عبق مشاعر غامضة لم تنتبها من قبل
وصوت رجل ينتقي كلماته ليبعدها أكثر فتجد
نفسها تقترب..
خطوة مجددة..
تلو أخرى..
وأخرى..
ليستدير بعنف.. يوقفها بنظرة عين تجبر كل
غزال أحمق أن يهرب من قرب الليث

لا الغزال سيرضى بنفسه كوليمة ولل الليث
سيخلع أنيابه!
رفعت عينيها باكية:
- أنا أكرهك.
حمقاء.. غبية.. فالحب هو أصل الكراهية..
أسوء انجذاب على مر التاريخ..
تأملها بعينين جامدتين ليتخطاها وفجأة قبض
فوق يديها ليسحبها خلفه دون إرادة.. في
البداية ذعرت ولكنها لم تقوى حتى على
مقاومته وتوقفت أنفاسها حينما توجه نحو
دورة المياه ليخلع ملابسه العلوية ويجلس
مستقيماً فوق حافة حوض الاستحمام ثم يشير
خلفها بنبرة آمرة:
- هيا!
حركت شفتيها لاتفهم:
- ماذا؟
حرك رقبته بنصف دوران بطيء ثم أشار لموس
حالقة يستقر فوق قاعدة المرآة:
- ساعديني..

وضيق عينيه مشيراً إلى ذقنه وكأنه مزاح من
نوع ما!
متجمدة هي دون حراك وما زالت عبراتها
جاهزة على هفوة, رفع إصبعه مجدداً نحو
سلاحه الحاد وتلك المرة بسخرية الذعة:
- أنا أسوء مما تتصورين, مير.. والان بصفتك
رهينتي أريد بعض المتعة.. حلاقة ذقن هادئة
وربما مساج فاخر..
تحركت خطوتين للخلف وقد تنمرت ملامحها
تلك المرة فأوقفها بنبرة صارمة:
- ليس لديك خيار الرفض, مير.
ثم أكمل بهمس قاٍس:
- ولا القوة.
تحركت أناملها الرفيعة لتجذب هذا السلاح
الطولي العجيب المسمى بشفرة حلاقة..
قديمة جداً وكأنهم توقفوا عن صنعها منذ
بداية السبعينات وكلاسيكية بشكل لا يلائمه..
اقتربت مضطرة.. مرتكزة فوق ركبتيها وتمرر
الرغوة البيضاء فوق وجهه وتمسك بالشفرة
بتأنِ كي لا تجرحه!
تكرهه..
ولن تجرحه!!..
أما هو فلم يحد نظره عن عينيها.. عن كل
ملامحها وكأنه قصد الان أن يختبر هذا
القرب..
التحدي..
ربما لكليهما..
الحياة تتطلب مننا بعض الاختبارات
نخفق أو ننجو
وتظل المثابرة متعة!
وانتهت بعض أطول جلسة حلاقة ذقن اختبرها
في حياته..
عصفت به عن دون قصد..
وانتهت بكل براءة..
وكان بيدها سلاح حاد فوق رقبته لم تفكر
قط في استخدامه!
ربما لانها غبية لاقصى حد.. أو ذكية لاقصى
حتبكي
مررت الفرصة وانتهزها هو..
وبعد أن تخلت عن الشفرة ,ومع أول استدارة
كان هو.. وكانت قبلة.. وكان اختباراً لنفسه
قبلها وفشل فيه بجدارة..
هو يريدها!!
الامر يتعدى حد الاشتهاء.. إنه انفجار, وكأنه
قد وجد نفسه معها شهقت بألم لتنجح أخيراً
في التملص منه..
هربت وكان يجب أن تهرب وبأقصى سرعة
وكان يجب أن يتركها..
بل يجب أن ترحل تلك الفتاة..
تختفي فوراً..
فهي تولد لديه مشاعر غامضة استطاع بجدارة
أن يتخطاها فيما سبق, "الطيبون يخسرون
مير"
هل تسمعينني؟
وكان يصرخ حتى أنه أخافها أكثر فلم تملك
سوى أن تكتم شهقاتها وتجلس على الارض
خلف باب غرفتها تبكي
ليس خوفاً منه ولكن خوفاً من تلك الهوة
الغامضة التي تنسحب نحوها معه..

الرهينةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن