الفصل الثامن

1.6K 47 0
                                    

كانت ميرندا تجلس في قلق واضح في انتظار
نتيجة المقابلة بين جوش وإيريك, بداخلها
تساؤلات..
هل سيسلمه إيريك؟
هل سيذهب جوش للسجن لانه قرر حمايتها؟
ولم تكن تدرك أن تساؤلاتها جميعاً تدور
بشأنه, أجفلتها لوسي حينما قررت التسلل
لشرودها قائلة بصوت قوي:
- لا تقلقي.. جوش سيتدبر أمره.
ابتسمت لها ميرندا في اضطراب وحينها
أكملت المرأة حديثها:
- إيريك رجل أحمق لا أحد يحفظه مثلي أنا
زوجته ولكنه لن يؤذي جوش.. لن يفعلها.
لم تكد تتم جملتها حتى سمعتا سوياً صوت
ضربة قوية كانت يد إيريك على المائدة وهو
يزعق بجوش تلك المرة وكأنه ابن عاق:
- هل جننت أيها الاحمق؟!.. ماذا فعلت
بنفسك؟.. بماذا تورطت أيضاً في السابقة؟
تحاشى جوش ردة فعله لينطق بحدة بما يهتم
به بحق:
- هذا ليس موضوعنا الان  إيريك.
فتح إيريك فمه غير مصدق:
- وما المهم بنظرك أيها المتحذلق؟
تنهد وهو يلمح خروجها من الغرفة مرتعبة
من صوت عراكهما لينطق بكل هدوء يمتلكه:
- مير.
*********
لوسي امرأة طيبة وحكيمة أيضاً, تدخلت بحدة
بين الرجلين لتنهي النقاش ويلتف جميعهم
حول طاولة العشاء..
بدا إيريك رجلا قوياً ولكنه يختار الصمت إذا ما
تحدثت امرأته..
رغم كل الاحداث السيئة المحيطة بها وجدت
نفسها تضحك..
تتذكر قلة حيلة جوش بدوره أمام أوامر لوسي
التي جعلته ينهي طبق اللحم خاصته عن آخره
وكأنها أم موبخة
كم كان يبدو رقيقاً وهو يغمز لها بشقاوة
كي تنهي طبقها بدورها قبل أن تقتلها
لوسي, شعرت به مختلف جوارهم.. بسيط
وهاديء في انفعالاته وكأنه كان يشتاق
لعائلة!
عائلة تقودها امرأة خبيثة جداً فهي لم توفر
لهما فقط غرفة واحدة ليبيتا فيها سوياً بل
أعطتها فستان قطني للنوم يخص ابنتها!..
- ألم تجد أقصر من هذا!
همستها لنفسها في سخط وقد احمرت
وجنتاها بالفعل حينما انتهت من ارتداءه..
ثوب أزرق فاتح بطول يتعدى فخدها بالشيء
تقريباً.
شهقت وهي تحاول أن تجد لنفسها بديلا أو
تعيد ارتداء ما جاءت به ولكنه وجوده على باب
الغرفة توقف مع الزمن..
تقدم خطوتين ليغلق الباب خلفه دون أن
يحيد نظره عنها ليهمس بضياع:
- ماذا تفعلين بي؟!.. هل تدركين خطورة ما
تفعلينه بي مير!
عادت إلى الوراء خطوتين وقد غابت عنها
الكلمات.. تراقب تقدمه نحوها حتى التصقت
بالحائط والتصق هو بها غير مبالي, شهقت:
- إنها لوسي.. يجب أن أستبدل الثوب.. إنه
غير مناسب..
كانت تتلعثم بالكلمات وقد فقدت قدرتها على
التركيز تماماً, ربما لانه قريب للغاية.. أقرب
مما تحتمل..
مال بشفتيه قرب شفتيها ليهمس ببطء:
- أنا أراه رائعاً..
تقابلا حاجبيها لتنظر نحوه في محاولة للتحدث,
كانت مجرد محاولة:
- حقاً!.. الايجدر بي..
وتلك المرة المقاطعة اكتملت كما يشتهي..
كان اجتياحاً كامل.
********
- جوش؟..
- حبيبتي..
- لن أذهب.. لن أشهد جوش..
كانت مستلقية بين ذراعيه, توليه ظهرها
ويحيطها هو بكل آمان ممكن.. يحتويها بنية
رجل لا ينوي هجران.
زفر ببطء رسم به أنفاسه فوق نمش ظهرها
العاري لينطق بتنهيدة قوية:
- ستذهبين مير..
استدارت نحوه وحينها لمح بعينيها الدموع,
حركت وجهها ترفض:
- لا.. حينها ستلاحقك الشرطة..
ابتسم ساخراً:
- الشرطة تلاحقني من قبل أن اصطدم بك يا
جميلة.
وملس فوق خصالهها برقة, أمسكت يده
لتضعها فوق وجنتها مغمضة عينيها بحالمية:
- أنا أود أن أكون معك.
حالميتها منعتها من مشاهدة تلك النظرة
الغامضة التي اجتاحت عينيه.. آمانها ليس
بجواره, آمانها بشهادة الحق لتنتهي من تلك
القضية وتعود لعالمها الهاديء..
يجب أن تعود لعالمها الهاديء..
نامت بين ذراعيه مطمئنة واستيقظت وحيدة..
وحيدة على رسالة خطية منه كتبها ورحل..
" اشهدي بما حدث مير.. فلا فائدة من إنقاذ
رجل هارب"
*********
هل هي حماقة رجل وجد الحب فقرر الهروب,
أم هي تضحية مبالغة فيها لانه أراد الحماية؟!
موسيقى تيريس, خصلاتها الذهبية.. ثوبها
وقارب البحر, هناك شيئاً غير ملائم..
فتلك نهاية مثالية فوق العادة!
الرجال مثله لاينتهون مع فتيات مثل مير..
هي تستحق الافضل.
وربما الاقل صخباً..
تنهد وقد أحرق سيجارة, هولايقترب من
التبغ ولكن في تلك اللحظة يشعر بالاحتراق..
يود العودة إليها واعتصارها بين ذراعيه
والهروب بها ومعها لايبالي..
ولكن.. هي لا تستحق هذا الطوفان..
دخان تبغ آخر وهاتفه ينير من جديد, إيريك
بالطبع يبحث عنه..
ربما يظن صديقه العجوز أنه سيعود إلثبات
براءة غير موجودة..
أجاب أخيراً بعد يأس وهو يدعو الاتكون هي
على الهاتف, فحينها سيفقد كل مقاومة..
وكان أسوء ما يظن أنه سيسمعه
- النجدة جوش.. لقد اختطفوا ميرندا.
********
قطار محلي سريع.. رجل بجسد ضخم وآخر
ببدلة أنيقة أما المرأة فتخلت عن تنورتها
ٍجلدي
الكالسيكية الضيقة واستبدلتها بسروال
رفيع فوق قميص أبيض دون أكمام.
اقتربت من الفتاة الغائبة عن الوعي لتحرك
رأسها يميناً ويساراً ثم استدارت نحوه
بابتسامة شيطانية:
- رائع فيكتور.. بل أكثر من رائع.
نظر نحوها المحامي بغرور ليهمس بتشدق
وهو يراقب مزارع الريف الانجليزي من النافذة:
صديقك هرع بها على الفور نحو منزل
إيريك.. كان حدسك على حق.
لمعت عيناها وهي تراقب ملامح ميرندا الملقاة
على أرضية العربة لتستقيم بعدها لتجاوره
وهي تراقب انعكاس وجهها في المرآة بثقة:
- لا يوجد حماقة توازي خوف رجل عاشق.
مسح ظهر ساعته الثمينة بيده ثم سألها
بجدية:
- كم تبقى على وصولنا؟
ابتسمت بتملك امرأة لا يكفيها العالم:
- ساعة.. ساعة واحدة.
ثم استدارت نحو الفتاة التي كانت بدأت تتأوه
في إشارة الستعادة وعيها.. تستعيده أم لا..
ليس هناك فرق..
فقريباً جداً ستجدها الشرطة مقتولة في أحد
المزارع المتطرفة لحماها العزيز
"دون بيكر"
وإن كان للقطار سرعات متعددة فالبرق له
سرعة واحدة
التهمت دراجته النارية الاسفلت دون رحمة..
يفكر يفكر ويسب ويشتم ويلعن ويود العودة
بالزمن نحو سجنه..
غبي..
كررها لنفسه على مدار الطريق.. فلولا غبائه
وعاطفته المفرطة كانت ستكون بأمان في
جدرانه.
- كيف حدث هذا إيريك؟..
صرخ بها وهو يرد اللكمة لصديقه..
مرة.. واثنان.. وثالثة..
ثم صرخ:
- كيف فقدتها؟
أمسك إيريك بقبضته الرابعة:
- اهدأ جوش.. اللعنة.. اهدأ..
توقف وأنفاسه تتلاحق بيأس.. كانت بين
ذراعيه.. كانت معه في تلك الغرفة وهو من
تركها بكل حماقة.
اقترب منه إيريك يحتوي غضبه:
- سنجدها.. اهدأ جوش.. سنجدها..
حرك جوش رأسه في غضب مكتوم وقد ضم
قبضته بانفعال:
- اللعينة مادلين.. سأقتلها..
وخبط بقوة فوق المائدة حتى كاد أن يشطرها
نصفين..
أغلق إيريك الباب ليحجز لوسي والاولاد بعيداً
عنهم خاصة بعد الذعر الذي تعرضوا لها مع
هجوم الرجلين المسلحين على المنزل واختطاف
ميرندا..
اقترب من صديقه يواسيه وبذات الوقت يتحدث
بحكمة محقق مر على أمثاله الكثيرات مثل
مادلين:
- مادلين لن تؤذها جوش.. مادلين
ستستغلها وهذا يعني أنه ما زال لدينا وقت.

الرهينةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن