مع ارتداء ملابسها أصبحت تتذكر كل شيء
بوضوح, مادلين دون بيكر والموعد الصباحي..
غداءها المبكر وعصير الليمون..
انتفضت وهي تسترجع مشهد جسد غرين على
الارض ونظرة مادلين الذاهلة نحوها ثم
الصوت.
كان هو يقف قبالة ماكينة قهوة وقد وضع
فوق كتفيه قميصاً بالياً لم يكترث بإغلاق
أزراره, وعلى المائدة صحن مسطح به بعض
البيض وشريحة من اللحم المقدد..
المنزل ليس كبيراً فكما يبدو أنها كانت بغرفة
النوم الثانية, وهناك واحدة آخرى توازيها
تماماً, وتلك غرفة المعيشة وعلى اليسار توجد
أريكة جلدية واسعة يقابلها مدخل دورة
المياه, وفي الجانب الاخر باب جانبي جرار وخلفه
حديقة صغيرة ومغطاة بسقيفة حديدية
متشابكة وتبدو كصالة تدريب وسط بقايا
أزهار.
- من أنت؟
نطقتها بجرأة وتركت الغرفة لتقترب منه أكثر
وهو ما زال يوليها ظهره:
من أنتم؟.. ولَم قتلتم ريتشارد؟
والسؤال الثاني غادرته الجرأة لتوازيه بحة,
ستبكي حتماً ولكنها استدركت نفسها ليكون
سؤالها الثالث قراراً:
- سأخرج من هنا!..
ومع خطواتها المتسارعة نحو لاشيء.. فهي
لا ترى أي مخرج لهذا السجن جاءها صوته
بنبرة مخيفة:
- توقفي مكانك.
ليستدير وبملامح جامدة يبدو وكأنها اختبرت
الكثير:
- على اليمين طعامك.. لو كنتِ تودين العيش
تناوليه, ولو كنتِ تودين الموت فقط حاولي
الخروج من هنا.
نبرته الاخيرة كانت ساخرة أجبرتها على المرور
ببصرها بدقة أكثر في المكان..
لا شيء..
لامخرج..مجرد حديقة بسياج علوي لا يكفي لمرور
قطة!..
حتى السؤال الاهم بدا دون جواب..
كيف دخلت لتخرج؟!
ثنت شفتيها في يأس وحينها ترقرقت عيناها
ببكاء:
- أرجوك.. دعني أرحل.. لن أخبر أحدا بما حدث.
لو حدثت معجزة وأصاب الجماد لعنة الشعور
فربما ستتجاهل هذا الرجل.. لاشيء.. لا تعبير
ولارجفة عين!
ترك قهوته وتحرك نحوها بخطوات واثقة..
خطوات وازت نظرة ودت لو تستطيع أن تركض
مسرعة للخلف وتغلق باب سجنه عليها كأفضل
حل للهروب..
ولكنها ببساطة تجمدت مكانها..
أمر أول وازى خطوة:
- قاعدة رقم واحد.. أنا لاأحب الاسئلة, لهذا
ابتلعي لسانك.
ثانيا لخطوة تالية:قاعدة رقم اثنان.. لا جدال, فقط تنفذين
الاوامر.
وثالث أمر مع آخر خطوة وكان صوته مهاجماً
الرتعاشتها الضعيفة:
- قاعدة رقم ثالثة.. لن تخرجي من هنا سوى
بإرداتي أنا, وكلمة أخرى سأدفنك حية.
ثم تركها من بين غيظه وجز أسنانه ليخرج
نحو حديقته ويقاتل كيس قطني أفرغ فيه
غضبه, وانفجر معه ذعرها أكثر حتى أنها
تركت الطعام لتجلس القرفصاء تراقب ظله
المتعارك وتبكي مجدداً دون أمل حتى غفت
تلك المرة ولكن ليس بفعل ضربة..
غفت من الضعف.
*********
من جديد استفاقت بخيلات مشوشة
ومزدوجة.. مرة بمقر عملها ومرة أخرى بمنزل
مجهول ورجل يختطفها..
والكوابيس لا تتكرر.. هي حقيقية..ابتلعت ريقها وشعرت بالغثيان مع رائحة
البيض المخترقة لانفها وهو يهذر بغضب
واضح:
- لستِ هنا لداللك يا آنسة.. تناولي طعامك
فكما أخبرتك لا أنوي موتك اليوم.
لم تستطع أن تمنع نفسها مع قوة الرائحة
فوجدت نفسها تدفعه بضعف في محاولة
يائسة للوصول لدورة المياه كي تفرغ ما في
جعبتها, ولكن قدميها خانتها فسقطت أرضاً
وقيئها كان لا شيء.. فقط معاناة غير
محتملة لمعدتها, وحينها لم تشعر سوى
بذراعيه تمتدان تحت وركيها ليرفعها بسالسة
معيداً إياها من جديد للفراش ويأخذ الصحن
ويرحل ليعود من جديد من شطيرة جبن وكوب
من العصير أخذته منه لترتشفه بضعف
مع آخر قطرة جذب منها الكوب ليقرب وجهه
نحوها مجتاحاً مالمحها بنظرة آمرة ولا تحتمل
صبراً تلك المرة:
- قاعدة رقم أربعة.. كوني يقظة ربما
تستطيعين الدفاع عن نفسك!
وتركها بملامح مذعورة وبوجه أصفر كعصير
الليمون الذي ندمت على اببمرصاد
هي "ميرندا واطسون"
بأكثر الوظائف مللا على وجه األرض
ولا تتمنى الان سوى العودة إليها!.
********
الخطة كانت جيدة.. بل ممتازة, كل تفصيلة
محسوبة.. كل خطوة وكلمة وقرار
حتى ظهرت حمقاء في غير موعدها!
كان صباحاً عادياً, تأنقت ووعدته بموعد حار
في عيادته النفسية..
الطبيب الذي فقد وقاره أمام فتنتها ولم
يستغرق منها الامر سوى شهر إليقاعه, وفي
اللحظة المناسبة اختارت وقت التنفيذ.
وشاية متقنة في أذن أنطوان ستضمن بها
جنونه ووصوله في ساعة محددة رتبتها
بدقة..
سيناريو وجودها شبه عارية بين ذراعي
طبيبها الوسيم, ولحظة فارقة كانت تحفظ
فيها رد فعل أنطوان كما أنفاسها..
صدمة وطلقة وحينما يفكر في االستدارة
نحوها كان هو بالمرصاد
أنت تقرأ
الرهينة
Romansaالرهينة رواية غربي بقلم مروة جمال تدقيق لغوي نهى طلبة https://www.facebook.com/groups/shakhabeit.wardia/