الفصل الثاني

2.9K 57 0
                                    


الأرملة الجميلة
مادلين دون بيكر
القضية الاشهر..انهيار.. صحف وفضائح وثوب
أسود رسمي وقصير جداً, ممتع للجميع..
لايستحق مكتب التحقيقات بعض المتعة!
كانت تبكي وتتذكر المآساة, هذا الزوج
المنقوص الرجولة!..
احتملته لسنوات والان يتهمها بالخيانة!
كان "إريك بالدوين" هو أحد أهم رجال
سكوتالند يارد.. والان توكل إليه قضايا زوجية
خائبة.. امرأة فاتنة تشكو من اضطراب زوجها
بعيادة طبيب نفسي شهير وينتهي الامر
بمهاجمة الزوج لكليهما وقتل الطبيب
المسكين..
والاهم..
الثروة!..
الارملة ستحصل على جميع أموال أنطوان
بموجب اتفاق ما قبل الزيجة وعلى تعويض لا
بأس به من الامبراطور بيكر إن أرادت..
شهقت مادلين مجدداً لتعيد سردها المؤلم:
- المسكين ريتشارد.. لقد فوجئت بأنطوان
فوق رأسنا يهذي ويطلق الرصاص, الاحمق
الغبي المريض بداء الشك.. لولا أنني ضربته
على رأسه مدافعة لقتلني أيضاً.
وانهارت في نوبة بكاء جديدة.. واغماءة..
واستفاقه بعطره الرخيص...
الصحف والمجلات لم تتوقف عن محاكاة
الجريمة ودون بيكر امتنع عن التعليق ويسعى
لترتيب أوراق تخص مرض ابنه عله ينقذه من
جدران السجن مدى الحياة... ومادلين تكرر
الحكاية بين شهقات ونحيب وفقدان للوعي,
والطبيب المسكين دفع ثمن هلاوس زوج
ومساعدته اختفت!!
حتى الان لا يستطيع إريك حل تلك الثغرة..
"ميرندا واطسون"..
عشرينية قدمت للعمل لدى غرين منذ ثالث
سنوات, عائلتها تعيش في مقاطعة كنت

وتقطن هي في شقة صغيرة على بعد ثالث
محطات مترو من مقر عملها.
ميرندا التي خرجت لتناول الغداء ولم تعد على
حسب أقوال مادلين.. وغادرت المتجر مبكرة
كما صرح الفتى العامل هناك, ويبقى السؤال
الاهم..
أين ميرندا؟!
- لا تحاول أن تجعلها قضية مهمة إريك.. أم
أنك تعوض خسارتك؟
الصوت نفسه.. مكرر ولزج وسمين بشارب
برتقالي ورأس أصلع ونبرة شامتة على الدوام,
"جورج ماستر" لايجيد التفكير ولا الحديث..
لا يجيد شيء سوى الثرثرة وابتالع الطعام,
بكميات وفيرة!
زفر إريك متجنباً نفس العراك البائد على مدى
آخر عامين.. جورج يتندر بالقضية األشهر التي
قللت من تقييم إريك وقدرته في نظر رؤساءه,
بل عليه أن يحمد اهلا وطيبتهم وسجله
المشرف الذي حال دون طرده شر طردة بعد أن
كبد مكتب التحقيقات خسائر فادحة تُقدر
بمبلغ أربعة ماليين استرليني في خدعة هي
الاسوأ على مدى تاريخ سكوتالند يارد
والمذنب الحقيقي..
هارب!
والادهى..
لقد كان شريكه..
جذب كوب قهوته النصف الفارغ ليبتسم
لزميله وشريحة البيتزا بين يديه ابتسامة
صفراء وعاد ألوراقه..
الشقراء والطبيب الخمسيني..
لا توجد عالقة ممكنة!.. "ريتشارد غرين" الرجل
المثالي على حد قول الجميع.. متحفظ للغاية
في علاقاته ولم يسبق له الزواج والنساء
بعالمه بضع علاقات فاترة لا ترقى لشيء جدي,
وفتاة صغيرة يتخذها كمساعدة وكلب بولدوج
عجوز أضحى وحيداً دونه.
كل شيء مثالي للغاية.. مثير للغضب ومدمر
لسمعة دون بيكر وابنه المدلل..
والفاتنة الشقراء ضحية..
وهو يؤمن بشيء واحد.. الجميلات مثلها لسن
ضحايا!
وعلى شكل دوائر بدأ يخط حروفهم الاولى في
أوراقه.. كل اكتمال تنقصه حلقة
هناك فراغ يجب أن يمتليء
الحلقة المفقودة
ميرندا
********
أريكة جلدية أصابتها بتعرق.. غرفة صلدة
تبدو كسجن فدرالي رغم أنه مجرد منزل على
أطراف لندن, رائحة دماء وريتشارد والشقراء
وثقل هاجم رأسها...
شهقت بفزع مع استقامة مفاجئة أعطت
بصرها تجول أوضح للمكان..
هي بالفعل ممددة ولكن ليست أريكة تلك
المرة..
وكأن الغرفة الاولى هلاوس أو ربما مكان
سايكون
كان الفراش دافيء بنكهة بنية والغرفة لها
لون صندلي قاتم مع مصباح جانبي بضوء خافت
للغاية ورغم هذا تشعر أنها بالنهار
ستائر ثقيلة تحيط بها وتخبيء الشمس..
أنفاسها متسارعة ولكن بحذر وحركت الغطاء
لتكتشف أنها لاترتدي سوى قميصاً رجالياً لا
يخصها وسروالها الداخلي!
شهقتها الثانية كانت أقوى وهي ترمق
ساقيها بذهول واكب ضوء شمس قاس
اقتحم الغرفة وذراعين فولاذيتين حركت
الستائر.
- أخيراً!
وكانت نبرة متهكمة ولكنه نفس الصوت..
الخشونة المتسائلة بغضب عن ظهورها والتي
وازت فقدانها للوعي..
جذبت الغطاء فوق جسدها مجدداً لتصرخ في
الظل الواقف أمامها:
- من أنت؟.. وأين أنا بحق الجحيم؟
كانت خطواته تقترب ولكن وجهه لم يظهر
بعد.. حتى أصبح على بعد خطوات من الفراش
وحينها رأت مالمح مختطفها, وجه يكاد يكون

مربع وعينان قاسيتان وخضرواتان بتأثير قوي,
أنف مستقيم وبشرة برونزية مع خصلات بنية
وقصيرة للغاية..
وكأنه بالجيش أو ما شابه..
صدر عاري على سروال من خامة ثقيلة وقاسية
ومتعرق بما يشبه قتال في حلبة مصارعة..
ابتلعت ريقها بفزع من صرامة ملامحه
وهمست مجدداً بصوت أضعف:
- أين أنا؟
حرك شفتيه ببطء وبنفس الصوت الخشن الذي
حفظته:
- في منزلي.
نظرت لملابسها وللغرفة ثم أردفت بتردد:
- هل خلعت ملابسي؟
حرك كتفيه في ال مباالة:
- كنتِ متعرقة وتهذين بشدة.
استدار وبدا وكأنه سيتركها فصرخت على
الفور:

انتظر.. ماذا حدث؟.. وريت.. شار..د..؟
كانت تنطقها ببطء.. بحذر.. بخوف من
مواجهة الحقيقة التي تتمناها حالياً ككابوس
استدار فجأة لينقض بسرعة فهد حتى كان
أمام وجهها فوق الفراش وارتجفت مع كل
همسة قاسية من شفتيه..
همسة واضحة..
وحروف لا تقبل جدال..
- استفيقي مس واطسون.. ريتشارد ميت..
وأنتِ محتجزة هنا, ولا تفكري في محاولة
الفرار.
انكشمت مبتعدة عنه وقد تجمعت بعينيها كل
عبرة كانت متجمدة بقلبها ربما منذ ولدت..
خوف.. بل فزع, رهبة اجتاحتها كما لم تختبر
من قبل..
ملامحها هادئة وضعيفة للغاية
عادية إلى درجة الشفقة!

رمقها بازدراء ليترك الفراش ويخطو من جديد
خارج الغرفة.. قبل أن تترك لجسدها حتى
رفاهية الارتعاش أوقفها صوته بلهجة آمرة:
- ارتدي ملابسك.. وتناولي شيئاً من الطعام..
ثم أعطاها نصف استدارة ليبتسم بالتواء
شيطاني:
- لا أنوي موتك اليوم!
وتركها وغادر..

الرهينةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن