وراء الغمام||Beyond The Clouds

بِلُغَةِ الزُهُور ((مَشْهَد))

انتهت تلك المحاضرة التى بدأت بالثامنة صباحا أخيرا، ورغم رغبتها المُلحّة بمغادرة المدرج بأسرع وقت كانت دائما آخر من يخرج؛ كونها تنزعج من الضجة والإختلاط، وتبغض التصادم والتزاحم

تثائبت عدة مرات بينما تلملم أغراضها بحقيبتها لقد غفت بالمحاضرة لليوم على غير العادة، اعتادت أن تكون طالبة مجدة!

استخرجت سماعاتها وأوصلتها بالهاتف، موسيقى صاخبة خير من ضجة البشر والتشويش، فللأسف مجتمعها لا علم له بثقافة الحفاظ على البيئة من التلوث السمعي...

اجتذبت حقيبتها لتعلقها على ظهرها بهدوء بينما تطالع الباب، ما زال مزدحما بعض الشيء، أطلقت تنهيدة وحملت المرجع الضخم بيدها ضامة إياه لصدرها

تقدمت بضع خطوات لتكون على مقربة من الباب دون الإمتزاج بهذا الحشد، وفقط أغمضت أعينها لبضع ثوان تُنصت للموسيقى المنتظمة المنبعثة من السماعات..

أخيرا استطاعت الخروج من المدرج فتنفست الصعداء، وتوجهت لأكثر الأماكن المحببة لقلبها بالكلية، المكتبة طبعا، حيث الهدوء والكتب..

وضعت المرجع الضخم بهدوء واجتذبت إحدى الكراسي لتجلس بينما تنزع حقيبتها وتضعها جانبا، عدلت جلستها بشكل مناسب ومريح، ثم فتحت المرجع بمساعدة العلامة التى تركتها بين الأوراق، لكنها تفاجئت بمطوية غريبة، تلك التى جعلتها تفتح صفحة أخرى غير مرادها

عقدت حاجبيها وهي تلتقط الورقة، ناظرة لصفحتي المرجع محاولة التذكر إن كانت هي من ترك هذه المطوية بهذه الصفحة لسبب ما، لكنها لا تذكر شيء كهذا، ففتحت المطوية..

مطوية تحمل رسمة بقلم فحمي..

كانت زهرة بديعة، بتفاصيل دقيقة للغاية، وإمضاء أسفلها، إمضاء لا يحمل اسما هو فقط رمز لذا شعرت بالحيرة، وقلبت الورقة بين كفيها متفحصة عساها أن تجد كتابة ما لتفهم ما الخطب..

لكن لا شيء..
فقط هذه الرسمة الجميلة والإمضاء المجهول..

لم تعرف ما المقصود وكيف وصلت هذه الرسمة لكتابها، بالتأكيد هي ليست صدفة ما..
لكنها لم تبنى الكثير من التكهنات أو التوقعات ، وطوت الورقة مجددا ثم دستها بين أوراق الكتاب بعشوائية، وفتحت الموضع الذي أرادته من البداية لتبدأ دراستها

.
.

باليوم التالي كانت محاضرة أخرى تنتبه لكلام محاضرها وتكتب بعض الملاحظات بمذكرة صغيرة تمسكها بيدها، حاولت المحافظة على تركيزها لليوم ألا يتمكن منها النعاس كاليوم السابق..