4 / رسالة من مجهول

8.8K 114 2
                                    


كانت الرسالة على ممسحة الأرجل عندما وصل جايك إلى المنزل بعد يوم طويل وشاق .
يوم طويل ومزعج للغاية بحيث داس جايك على المغلف وسحق أناقته تحت قدميه قبل ان يلاحظه. لم ينظر إلى الأسفل ويدرك ما هو إلا حين سمع خشخشة الورق.
ـ آه , تباً !
هذا شئ آخر يضاف إلى مزاجه المعكر أصلاً . جل ما أراده هو حمام ساخن وبضع ساعات من النوم . لكنه افترض أن من الأفضل أن يلقى نظرة على هذا المغلف بما أنه رآه .
ـ من.....؟
اختطفالرسالة وقلبها ثم تأمل العنوان والطابع البريدى غير المألوف وأطلق شتيمة أخرى إنما بصوت أعلى هذه المرة
رسالة من اسبانيا هى آخر ما يحتاجه الآن .
رسالة من اسبانيا جعلته يفكر فى مرسيدس ألكولار اللعينة وعائلتها المتكبرة المتعجرفة.
باستثناء رامون طبعاً. ولابد أن أبن خالته هو من أرسل هذه الرسالة .
لكن مزاجه لا يحتمل حتى رسالة من رامون. كان الحمام الساخن يغريه فهو بحاجة لغسل ذكرى هذا اليوم والتخلص منها.
ـ آسف يا صديقى.....ربما فى وقت لاحق
رمى المغلف على الطاولة فى البهو ثم توجه إلى الحمام وهو يفك ربطة عنقه.
هذا الحل لم ينجح.
فبالرغم من أنه وقف طويلاً تحت المياه المتدفقة وتركها تنسكب بقوة على رأسه وكتفيه وتقرع على جمجمته إلا أنها لم تستطيع أن تمحو الإنزعاج الذى عرفه اليوم و الإهانة الأخيرة المذلة التى جعلته يعود إلى البيت والغيظ والغضب يتآكلانه . لا بل ساءت الأمور أكثر إذ تسنت له الفرصة ليقف ويفكر ويتذكر فأطبق أسنانه بإحكام حتى شعر بألم فى حنكه .
أما اهتياجه الصامت فجعل دماءه تغلى لتصبح أشد سخونة من مياه الحمام.
لم يكن اليوم وحده سبب ما هو فيه . لقد بدأ كل هذا منذ اللحظة التى كان فيها من الغباء بحيث ترك مرسيدس ألكولار تشغل ذهنه و تتغلغل فى مسام جلده.
خرج من الحمام و توجه على غرفة نومه حيث عاودته الذكريات على الفور ولفته ما جعله يطبق أسنانه بقوة أكبر.
أوى إلى الفراش لكنه لم يتمكن من النوم.
ـ تباً لها ! تباً وسحقاً لها. ليتنى أستطيع أن أصل إليها.....
ظن أنه سيجن حين عاد إليها بعد ذاك الاتصال السريع المزعج . لم يخطر له أنها لن تنتظره فقد بادلته شوقه بشوق وعناقه بعناق أكثر جرأة .
لم يظن أنه سيطيل الغياب . وقطع المسافة إلى الغرفة لم يتطلب منه سوى ثوان وهو واثق من ذلك . لكن عندما فتح الباب أدرك على الفور أن ثمة خطأ ما .
أول ما أدركه هو الصمت الذى لفه . الصمت والسكون المطبق فى الغرفة....الإحساس بالفراغ.
وقف جامداً عند العتبة غير قادر على تصديق عينيه.
ــ ماذا....؟
خرجت الكلمات من فمه بنبرة مصدومة غير مصدقة.
ــ مرسيدس؟ مرسيدس أين أنت؟
صوت الباب وهو يُصفق قاطع كلماته وأذهله . لكنه فى تلك اللحظة لم يربط بينه وبين اختفائها.
ظن انها لا تزال فى المنزل كالغبى وكأبله أعمى كلياً حتى أنه بحث عنها فى الحمام . فتح الباب على وسعه وحدق إلى الحمام متوقعاً أن يجدها فيه تغسل وجهها أو تفعل أى شئ آخر.
ــ مرسيدس , ما الذى.....؟
لكن الغرفة كانت فارغة أيضاً وعندئذٍ ربط صوت الباب المصفوق فى الأسفل مع الصمت المطبق فى الغرف
ظن أنه من السهل أن يلحق بها و يوقفها ويطالبها بتفسير لكنه لم يجد أثراً لها . لقد اختفت فى الليل كـ سندريللا العصر الحديث من دون حتى أن تترك خلفها أى أثر كفردة حذاء .
لكنها تركت خلفها شيئاً أكثر قيمة هذا ما تذكره جايك وهو يرتدى سروال جينز وعيناه تتأملان الوشاح الحريرى الأزرق الذى لا يزال على خزانة الأدراج الخشبية . هذا الوشاح الصغير الذى لا يفارقها أبداً كما أخبرته لأنه هدية من أمها المتوفاة.

الإنتقام الأخير - روايات احلامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن