6 / ليست امرأتك

8.5K 117 4
                                    


ليتها لم تذهب إلى لندن !.
هذه هى الفكرة التى لم تبرح ذهن مرسيدس وعذبتها حتى عندما عادت إلى حفل الاستقبال وأجبرت نفسها على الابتسام وتبادل الأحاديث والرقص مجدداً.
لو بقيت فى المنزل ولم تطأ قدمها العاصمة الانكليزية لاستمرت حياتها على حالها طبيعية هادئة وسعيدة , لتمكنت من التحضير لزفاف رامون من دون تردد أو أفكار مشوشة . ولتمكنت من الاستمتاع بيومها من دون الخوف اللعين الذى هاجمها ما إن دخلت إلى الكنيسة ورأت جايك تافرنر جالساً بين الحضور.
ماذا كانت لتشعر لو أنها المرة الأولى التى تلتقيه فيها ؟ لو أنها سارت فى الممر ورأته جالساً هناك من دون أن تكون قد التقته من قبل؟
هل كانت لتختبر ذاك الأحساس المذهل الأشبه بانفجار فى قلبها انفجار حصل لمجرد رؤيته؟
انتفض قلبها فى صدرها فى رد فعل على السؤال الذى طرحته على نفسها فى سرها جعلها تدرك أن الجواب الوحيد هو الايجاب.
ــ آه !
صرخة الاعتراض الحادة اخترقت أفكارها ما جعلها تتردد وتتوقف لتحمر جخلاً حين أدركت أنها لم تكن ترقص بأناقة ورشاقة كما اعتادت بعد أن فقدت تركيزها وشردت أفكارها فى عالم آخر . كانت تائهة فى عالم من الذكريات غير المرغوب فيها ففقدت تركيزها على خطواتها ما جعل أحد كعبيها العاليين و الرفيعين يحط على إصبع شريكها حتى كاد يثقب حذاءه الجلدى اللماع.
ــ ميغيل أنا آسفة! لم أكن أركز!
رد رفيقها وقد ارتسم تعبير ساخر على وجهه: "هذا ما لاحظته . ما الأمر يا عزيزتى ؟ ألا ترغبين فى الرقص؟"
أقرت مرسيدس:"أنا....حسناً , لا, لا أرغب فى ذلك فى الواقع"
سأرعت لتحتمى بـ ميغيل ما إن عادت إلى القاعة . فإذا ما رآهما معاً سيظن جايك تافرنر أنهما شريكان لأكثر من مجرد رقصة و سيبقى على مسافة منها .
ــ أظن أننى تعبت بعض الشئ
ــ حسناً هذه هى مشكلة الأفراح....والاحتفالات إنما قد يفيدك بعض الهواء النقى . يمكننا أن نخرج إلى الحديقة.
ــ المكان حار جداً هنا.
علمت أن ميغيل لديه دافع خفى وراء رغبته فى الخروج إلى الحديقة....معها. لكنها لا تأبة لذلك بصراحة . فى الواقع لعل هذا الخيار هو الأفضل. إنها طريقة لكى تلهى نفسها عن حضور جايك تافرنر المتوحش , وعن الطريقة التى ترافبها به عيناه الزرقاوان مع كل حركة تقوم بها و مع كل تصرف تأتى به.
وربما إذا ما حالفها الحظ سيكون عناق ميغيل لها ما تحتاجه بالضبط . فقد يجعلها تدرك أن ما حصل فى لندن ليس سوى اضطراب عقلى وأن تأثير جايك فيها ليس سوى حلم. قد تدرك أن عناقه ليس مدمراً بقدر ما تتذكر وأن المسألة لم تتعد كونها مزيجاً من نشاط هورمونى وإثارة و جودها فى إنكلترا و الجو المحيط بها .
ــ إذن رافقينى .
أحاطت ذراع ميغيل بكتفيها وأدنتها منه كثيراً . إلا أن مرسيدس قررت ألا تقلق بهذا الشأن كما لم تحاول أن تبتعد . وبدلاً من ذلك دنت منه اكثر وأراحت رأسها على كتفه ثم رفعت رأسها لتبتسم له بشكل متعمد .
ليفسر جايك تصرفاتها هذه كما يشاء! إذا ما ظن أنها ليست وحيدة وان رجلاً آخر مهتم بها....لا بل أكثر من مهتم.....لتخلى بالتأكيد عن محاولته بحث لقائهما فى لندن ونسى المسألة تاركاً إياها فى سلام.
لذا ركزت اهتمامها كله على ميغيل وراحت تنظر فى عينيه كالعاشق الولهان وهو يقودها من قاعة الرقص إلى الحديقة عبر الأبواب الزجاجية الضخمة . لم تلتفت , لم تخاطر بإلقاء نظرة باتجاه جايك لترى ردة فعله, رغم أن كل عصب من أعصابها كان مشدوداً حذراً متيقظاً . لم يكن بإمكانها أن تراه لكنها أدركت أنه فى مكان ما فى ناحية ما من القاعة يراقبها ويستخلص استنتاجاته الخاصة.

الإنتقام الأخير - روايات احلامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن