الفصل الاول

48.8K 794 11
                                    

تنويه

صفحه الكاتبه نشوه ابو الوفا على الواتباد بأسم

user01167464

++++++++++++


وقفت أمام الدولاب ، لتخرج ملابس لعمران ،لتجد يدها تمتد تلقائيا لتمسك بصورة الناصر و تزحف تلك الذكريات المختلطة بالمرارة و الفقد الي مخيلتها يوم فقدت الناصر
ساعة دخلوا عليها بجثمانه الغارق في دمائه مصابا بطلقات غدر خائنة في ظهره
يحمله أربعه أشداء من العبابسة
مددوه علي ارضيه الدار لتعزف يداها علي خدها ابشع نغمات الوجع و الآه
"ناصري ،ناصري ،يا وجع الجلب بعديك يا ضي العين ،
جوم جوم يا حبه القلب يا ولد الزين ،
ناصري و العبابسة من بعدك يتامى،
فايتني لمين يا سبعي ،
فايتني آني و بتك لمين يا حب العمر كلاته،
يا بوي ، يا خوي ، يا حبيبي ، يا كل ما ليا ،
جوم ، جوم ، حددتني ، فايتني لوحدي يا ناصري ،
يا مرك يا جازيه ، يا كسرة جلبك يا جازيه ،
يا جطمة ظهرك يا جازيه "
تذكرت عباءه ضرغام و هو يلقيها علي ظهرها المنحني الموجوع المنهمك في رثاء فقيدها
و يصيح بعلو صوته غير عابئ بالدماء التي تلطخها و تدثر اخيه
"الجازية من ريحة الناصر و اني هاخدها من حجي هي و بتها"
كانت العباءة كجمر النار يكوي جسدها كلدغات عقارب سامة تسلمها للموت ، كحيات عاصرة تطوقها و تكسر عظامها ،وودت ساعتها ان القتها في وجهه و افرغت طلقات البندقية في صدره الذي يحمل بين جنباته حجرا لا قلب
لكن الحرب خدعه و اخذ الحق حرفه
وقفت بشموخ لا يليق الا بأنثى العبابسة و رفعت العباءة علي راسها
"جبلنا الحج يا ضرغام ،بس تار الناصري الليلة و الا بيني و بينك قطيعه لآخر العمر"
ابتسم ذلك الوغد ابتسامة مقيته
"الليلة يا جازيه اللي جتل ناصري هيكون ممد تحت رجليك جتيل"
نفضت عن رأسها تلك الذكريات التي كانت بالنسبة لها و كأنها حدثت البارحة و أخذت الجلباب لعمران ابن عمها و خرجت
"نورتنا يا ولد العم ، غايب عنينا بجالك كتير "
عمران عبد الكريم العبابسي ذلك الوتد الراسخ على الأرض أقوى أولاد عمها عبد الكريم يقف أمامها بطوله و ووسامته التي لم ينل منها الزمن شيئا سوى بضعة شعيرات تغزو ذقنه و شاربه و شعره
خلع عمته و جلس على الأريكة مبتسما
" إنتي خابره يا جازيه إن رجالة ضرغام مراجبني كيه ظلي، آني باعمل كيه الحراميه عشان اتخفى و اهرب منيهم "
لتدخل رابحه من باب الشقة و تسمع كلمته فترد
" نورت يا عمي "
و قالت باستهزاء " و احنا هنفضل في لعبة القط و الفار دي كتير إن شاء الله ، كل مره تيجي متخفي ، و تخرج متخفي ، و كأننا بنسرق "
نظر لها نظرة غاضبه " يا بت الناصري ، آني ما خايفش علي نفسي ، أنا ما عيقدرش عليا حد ،و لا حد دراعه يجدر يغلب دراعي ، و أمك خابره و عارفه ده زين ،آني عمران العبابسي ، بس الخوف عليكي و علي أمك ، لو ضرغام خبر مكانكم ، عمران لساه بيعس عليكم لدلجيت ، و مش ساكت ، مش ناسي الكف اللي امك ادتهوله على جفاه بهربها منيه ليلة عجده عليها "
لتتدخل جازيه في الحديث " يا الله يا رابحه على جاعتك ، غيري خلجاتك ، عشان عمك عمران زمانته جعان ، عشان ناكلوا سوا "
ابتسمت و هرعت على عمران احتضنته و قبلت راسه
"ما تزعلش مني يا عمي ، بس أنت عارف أنا باحبك قد ايه ، و نفسي تفضل معانا على طول ، مش تيجي تخاطيف كده "
دخلت غرفتها و بدلت ثيابها لثياب مريحه أكثر و خرجت لتساعد والدتها في رص أطباق الطعام الذي يفضله عمران من طاجن الارز المعمر و البط للرقاق باللحم المفروم
بعد تناول الطعام قامت رابحه برفع الاطباق و أعدت جازيه لعمران فنجانه من القهوة السادة و بينما تحمل الصينية اذ أحست بألم شديد يداهمها كانت قد اعتادت على تلك الألآم التي تنتابها من حين لآخر لكن الألم هذه المرة شديد حقا لم تقو علي التحمل و صرخت ممسكه بصدرها لتسقط الصينية و يهب كل من عمران و راجيه لها
" مالك يا بت عمي بيكي ايه ، ايه اللي واجعك "
"مالك يا ماما "
لترد و هي تكز على اسنانها من شدة الألم
"ما جدراش يا واد عمي مجدراش ، سكاكين بتقطع في صدري "
ليحملها عمران بين يديه كما الطفلة الصغيرة
"لافيني طرحه أمك يا رابحه "
فتلف رابحه رأس أمها بالطرحة و يهرع عمران بها مستقلا سيارته ، تصحبه رابحه متوجهين للمستشفى
و في الطريق بينما السيارة متوقفة في إشارة المرور ،إذ بسيارة أخري مجاوره يستقلها فهد ضرغام العباسي ابن ضرغام و ذراعه اليمنى و يلفت نظره تلك السمراء الجالسة بالخلف تحتضن سيدة و يبدو عليها القلق و الخوف و تتصارع خصلات شعرها الغجري للهروب من ذلك الحجاب الذي يحتضنها بإهمال و يصطدم بصره بالراكب في مقعد السائق ليجده ابن عم والده عمران فتنتابه الدهشة و قبل أن يحاول مناداته ينطلق عمران بسيارته فور فتح الاشارة
فيسرع فهد بمهاتفة والده
"سلام عليكم يا بوي"
"و عليكم السلام يا ولدي "
"إلا يا بوي مش ولد عمك عمران المفروض إنه مدلي سكندريه ، عشان شغلانه هناك "
" إيوه يا ولد ، و خلص شغلانة المينا و جال هيجعد في شوجته حدي البحر يامين "
" بس آني لسه ناظره من هبابه ، هي عربيته يا بوي و راكب معاه جوز حريم ، و شكلهم مستعجلين جوي "

‎العبابسه  للكاتبه نشوه أبوالوفا (باللهجة الصعيديه)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن