الفصل الرابع

16.4K 574 4
                                    


ليجيب مقطبا حاجبيه " إيوه زعلان ، و زعل واعر كمان ، غلطانه يا بت الناصري ، كنتي طلعتي اتحددتي من تلفوني ، و إلا كنت آني رحت جبت الحاجه ، تجدري تجوليلي دلجيت لو كان حوصل لك حاجه ، كان ايه العمل "
لتقترب منه و تقبل راسه " آسفه يا بابا "
ليحتضنها " مسكتيني من يدي اللي بتوجعني يا بت جازيه ، عارفه إني بألين لمن تجوليلي بابا بتاعة المصاروه دي "
لتضحك رابحه " أحمد ربنا إن ماما نايمه ، لو سمعتني أنت عارف"
ليبتسم ناظرا لجازيه " عارف ، ما تجبلش أبدا إنك تجوليلي يا بابا ، و عتجول ، عمران كيه أبوكي إنما إنتي بنت الناصري "
و يبتسم بألم " عمرها ما نسيت حبها ليه ، و هيفضل في جلبها لحين ياذن ربنا ليهم باللجا "
نظرت له متعجبه " أنا و الله باستعجب منك ،أنت مش بتتضايق ، إزاي يعني، متجوزها ، و أنا عارفه إنك بتموت في التراب اللي هي بتمشي عليه ، و بقالكم أكثر من عشر سنين مع بعض ، و كل واحد فيكم في أوضه ، و أنا شايفه حبك ليها و عنيك اللي بتعشقها"
ابتسم "آديكي جلتي جبك ليها ، مش حبها ليك ، أمك ما عشجتش غير ناصري ، و جوازنا ده بس عشان كلام الناس ، ما يجولوش غريب داخل علي الحريم ، و ده عهد آني اديته ليها ، إني ما أقرباهاش واصل ، و عشان إكده وافجت علي إننا نتجوز ، عشان انجدها بس من ضرغام ، يا بتي عمك ضرغام واعر ، و ما كانش هيسيبها تعيش معاه ، كيه ما هي معايا كده ، و هي ما تجدرش تكون لراجل غير ناصري "
احتضنته رابحه "أنت جبل"
ثم أردفت " إنتوا دايما بتقولوا علي عمي ضرغام ده إنه صعب ، بس أنا مش فاكراله حاجه وحشه خالص ، بالعكس كل ذكرياتي عنه و عن ابنه فهد حاجات حلوه"
ضحك عمران " عشان هو الحج يتجال كان بيحبك جوي ، و فهد كمان ما كانش يكلم حد من البنته إلا إنتي ، و دايما كان يجول ، رابحه دي ملكي آني و بس"
ضحكت رابحه و لا تدري ل قفزت فجأة صوره ذلك الوسيم الذي انقذها لمخيلتها
هاتف فهد والده ليخبره بما علمه و ظل يتابع مع علي ليعرف نتيجة التحاليل
بينما كانت رابحه تنتظر على احر من الجمر اتصالا هاتفيا من رقم ذلك الوسيم الذي حتى لا تعرف اسمه
انهى ضرغام توقيع الأوراق الهامه و استقل سيارته و في الطريق هاتفه فهد
" يا بوي مش عارف اجولك ايه "
"انطج يا ولد ، أيه ادسوا منيك إياك "
" لا يا بوي ، بس ..."
" بس ايه ، انطج"
"نتيجه تحاليل الخاله جازيه ظهرت و ...."
" يلعن أبو كده انطج يا ولد "
" الخاله راجيه طلع عنديها اللهم عافينا سرطان صدر يا بوي في مرحلة متوخره كتير و ما هينفعش فيها علاج ، و الللي ما يتسماش ده منتشر في جسمها ، و من الآخر كده بتودع "
سقط الهاتف من يد ضرغام
و تساقطت الدموع من عينيه بدون إرادته و هو يحدث نفسه "واه يا بوي، عتفوتيني يا جازيه بعد ما لجيتك ، الموت مش عاوز يسيبك ليا ، بس لو آخر دجيجه في عمرك يا جازيه لازمن تكوني ليا ، مش هاسيبك لعمران ، و لازمن أخليه يندم علي كل دجيجه فاتت علي و إنتي بعيد عني "
و مسح تلك الدموع ليقول بتكبر و صلف مسمعا السائق
" واه حاجه دخلت في عيني يا ولد و إلا إيه "
و في المشفى دخلت رابحه من الباب حاملة كوبي قهوة لتجد الطبيب و الممرضات في الغرفة و عمران يحتضن كف الجازية بين يديه و الدموع تنساب من عينيه كالشلال و لا ينطق
" ايه يا عمو فيه ايه"
لينظر لها و يهز رأسه يمينا و يسارا ، ثم يضع كف جازيه على قلبه و يغمض عيناه
ورابحه تقف تنظر لهما ، في غير فهم ، ظلت متسمره حتى اقترب منها الطبيب
" البقاء لله يا آنسه ، الاتنين تعيشي أنتي"

مرت الساعات طويله علي ضرغام في الطريق و قبيل وصوله للمشفى هاتفه فهد
" يا بوي طولة العمر ليك ، خالة جازيه و عم عمران التنين يعطيك عمرهم ، آني طالع لرابحه "
صعد السلم سريعا ففور أن اخبره علي بالخبر لم يصدق نفسه صعد للغرفة ليجد رابحه تجلس صامته علي الكرسي تنظر لسرير أمها و لنقاله ممد عليها عمران و لا تنطق
و الممرضات حولها يطالبنها بالصراخ أو النطق و هي تحول نظرها من أمها لعمران
أبعدهم عنها
و جثا على ركبتيه أمامها
" انطجي ، صرخي ، ما تسكتيش إكده ، أنا فهد ابن عمك ضرغام و بوي جاي في الطريج ، أحنا معاكي ، ما انتيش لوحدك يا بت عمي " و أخذ يهزها
أما رابحه فكانت في عالم آخر
" ايه اللي بيحصلي ، ده حلم ، لا ده كابوس ، الناس الغريبه دي بتقول ماما ماتت ، و عمي عمران مات ، ايه الكابوس ده يا رب اصحي ، و مين ده ، ده اللي انقذني ، بيقول ايه مش سامعه حاجه ، يا رب اصحي من الكابوس ده يا رب اصحى "
صرخ فهد في وجهها " فوجي يا رابحه، ابكي يا بت عمي "
و ما زال يهزها ليصفعها صفعة قويه
انتفضت رابحه متألمة علي إثر الصفعة و نظرت له
ثم رأت الجسدين الممدين أمامها و ايقنت أنها لم تعد تحلم بكابوس ، إنه واقع مرير فانفجرت في الصراخ ، صرخات تتلوها صرخات ، بكل قوة تصرخ بينما فهد يمسكها بكلتا يديه حتي سقطت بين أحضانه فاقدة للوعي و التمت الممرضات حولها في لحظة دخول ضرغام الذي تسمر على باب الغرفة ، ناظرا للجازية و اقترب من سريرها ، و ترقرق الدمع في عينيه
" غلبني الموت يا بنت العبابسه ، غلبني الموت و خدك مني ، يمكن رحمك من اللي كته اعمله فيكي لو فضلتي علي رفضك ليا "
و نظر لعمران نظرة تفيض كرها و مقتا" و رحمك أنت كمان يا ولد العم "
ثم نظر لتلك المستكينة بين ذراعي فهد " دي رابحه "
" ايوه يا بوي "
"خليك جارها و آني هاخلص الورج و ابلغهم في البلد"
مددها علي سرير في غرفة مجاوره و أحضر الطبيب طالبا منه حقنها بمهدئ لكي لا تفيق في الطريق و تنتابها حالة الهياج
أنهى ضرغام الاوراق و انطلقت عربة الاسعاف معهما تحمل الجسدين في طريقهما لكفر العبابسه
اتصل ضرغام بالرجال في الكفر لإعلان الخبر و تجهيز مقابر  

‎العبابسه  للكاتبه نشوه أبوالوفا (باللهجة الصعيديه)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن