كان الطريق طويلا مليئا بالألم و الأمل
ألم ضرغام على فقده لمحبوبته، وأمل فهد في أن تصبح رابحه بخير
كانت رابحه تتململ في الطريق و تنطق بكلمات غير مفهومه ، لم يتبين فهد منها سوي
"أمي ، عمي ،الموت ،ما تسيبونيش"و في مكان آخر بالإسكندرية المتباهية دائما بجمالها الذي ينافس جمال أفروديت ، في إحدى العمارات المهيبة المطلة علي القمقم المتوسطي الذي يسلب ألباب العقلاء و يذيب قلوب العشاق وقف مهيب الطلة قوي البنيه طايع نجيب ابو حطب مبتسما ينظر للبحر و أمواجه الهادرة المتلاطمة محدثا سالم صفوان صديقه و ذراعه اليمنى
" جربنا جوي يا سالم ، و هناخدوا حجنا اللي بنستنوه من زمان ، يا ويل العبابسه من ابن ابوحطب يا ويلهم "
ليشاركه سالم ابتسامته الساخرة
" تفتكر ضرغام هيعمل ايه لمن يعرف ان الشركات اللي مضي عجد شراكته معاه بجت ملكنا "
و اشتركا في ضحكة صاخبة إلى أن دخلت السكرتيرة مقاطعه إياهما
" طايع بيه فيه آنسه طالبه تقابل حضرتك بره بتقول انها بنت خالتك و اسمها مليكه "
انتفض طايع " مليكه دخليها بسرعه "
و قبل أن تخرج السكرتيرة دخلت مليكه بجمالها الهادئ للمكتب
ليبادر طايع للقول بلهفه " انتي بخير ، خالتي بخير ، الحج وهدان بخير"
لترد بهدوء " كلنا كويسين ، اطمن "
ليرد بحنق " امال جايه ليه "
ليقاطع سالم الحديث " اصبر يا طايع عليها تاخد نفسها "
و مد يده ليسلم عليها فأمسك طايع يده
" أنت عارف يا سالم انها ما بتسلمش علي رجاله و إلا نسيت "
ليتغير وجه سالم "معلش يا كبيرنا ، جل من لا يسهو ، و انا ما باشوفهاش الا كل فين و فين " مستأذنا بالانصراف
و يقترب طايع من مليكه ممسكا بذراعها بقوه " انطجي ، فيه ايه ، و كيه جيتي لوحدك"
لتتألم مليكه " طب سيب دراعي بتوجعني كده "
ليتركها طايع " سيبته ،انطجي بدل ما اكسر راسك "
لتبتعد عنه قليلا رافعة يديها أمام راسها " و الله ما جيت لوحدي ، خالتك و بابا تحت علي الكافي شوب اللي تحت العماره ، بدل ما يطلعوا و ينزلوا تاني "
ضحك طايع من هيئتها و رفعها ليديها اتقاء لغضبه و هدأت ملامحه " خلاص نزلي يدك دي و اجعدي "
تنفست مليكه الصعداء
" يا سيدي ماما ما صدقت خلصت امتحانات و عاوزه تجرى بقي تيجي تشوف ابن اختها حبيبتها طبعا و عاوزه تتغدي معاك "
و وضعت قدما علي قدم و اسندت راسها علي الكرسي " بس بم اننا لسه واصلين و مش هنلحق نطبخ فهنعزم سيادتك علي الغدا معانا بره ، لغايه ما خالتك تثبت اقدامها في الشقه كده و تشرف علي نظافتها و تبدأ مارثون تعويض ابن اختها حبيبتها عن حرمانه من الوكل (قالتها باللهجة الصعيدية )
ضحك طايع " الوكل "
ردت بثقة " إيوه الوكل فاكر نفسك إنك بس اللي تتحدتت صعيدي آني كومان أعرف اجول كلام صعيدي زين ، مش عارفه انت ليه ما بتتكلمش عادي زيي كده و تريحنا "
ارتسمت الجدية علي محياه " أنا اقدر اتكلم مصرواي يا بنت خالتي ، بس الصعيدي دي لغوتي و أصلي و جدوري اللي ما اطلعش منيها واصل و اللي آن الآوان نرجعوا ليها خلاص "
ارتسمت علامات التعجب على وجهها " مش فاهمه هترجع لايه "
ضحك " إنتي ما عترفيش حاجه واصل عن حكاية عيله أبو حطب"
ردت بغضب " عشان عمر ما حد فيكم قالي حاجه ، كل اللي أعرفه اننا سبنا الصعيد و جينا اسكندريه و بس ، ما حدش فيكم رضي يقولي ليه ، و من ساعة ما بقيت اتكلم زي الناس هنا ، نبهتوا عليا مافيش حد يعرف اننا من الصعيد ، حتي اقرب صحباتي ما تعرفش ده ، و برضه رفضتوا تقولولي السبب "
ابتسم ابتسامة ثقة " خلاص يا مليكه ، الليله عشية هاحكي لك علي كل حاجه "
تبرمت " ماشي هاستني ، ممكن يالله ننزل بقي لماما و بابا "
ضحك "حاضر تحت أمرك"
و خرج معها و في الخارج أعطي أوامره للسكرتيرة بمهاتفة شركة التنظيف و إرسال عمالها إلى الدوبلكس الخاص به لتنظيفه و ابتسم لمليكه " عجبال ما نخلصوا غدانا تكون الشوجه بجت بتبرج "
ضحكت مليكه بصوت عال " تلاقيك قالبها مزبله "
ليضربها على مؤخرة راسها " صوتك يا مجصوفة الرجبه ، مزبله ايه ، الشوجه بتبرق ، ده بس تشيك آب عشان أنا عارف خالتي و نظافتها "
و غمز مستهزأ " مش زي ناس ، مش عارف بنته ازاي و غاويين كركبه "
لتتصنع مليكه عم سماع الجملة الاخيرة " أنا جعانه خلصني يا طايع "
كانا قد وصلا المصعد فابتسم بحب " وحشني اسمي لمن تنطجيه يا مليكتي "
لترتعش أوصالها و يخفق قلبها و تبتعد عنه ملتصقة بجدار المصعد و ترد و صوتها يحمل ارتعاشه الخجل و اضطراب محب " طايع الله يخليك ، ما اقدرش علي كلامك الحلو ، أنا ما باستحملش "
ليضحك " و أنا باتكلم من بعيد أهو ما جربتش ليكي واصل يا مليكتي "
لتغطي عيناها بيدها " يا ربي بعيد ايه ده كفايه كلمة مليكتي دي تدوب الحجر "
انفجر ضاحكا من هيئتها
وكان المصعد توقف
خرجا سويا للكافيه يقف الحاج وهدان محتضنا اياه بقوه
"اتوحشتك يا ولد "
"و أنت أكتر يا حج "
و يحتضن خالته نواره حضنا قويا " يا بوي يا خالتي ، اتوحشتك جوي "
لتضربه على ظهره " ما انت بجالك كتير ما جيتش "
ليبتسم " يا خاله مش كنت سايب فرصه للبرنسيسه تذاكر "
ضربت نواره مليكه علي راسها " مين اللي تذاكر ، دي بتنجح بالزج "
لتبادر مليكه للاحتماء بوالدها " يا دي دماغي اللي عيلة أبو حطب مستقصداها ، و بعدين زق ايه ايه حاجه اشحال ما كنتش مرتبه على الدفعه "
لينهى وهدان هذا الجدال " آني جعان ، يالله بينا "
و ينادي علي النادل ليحاسبه
و يتوجه الجميع لمطعم فيش ماركت لتناول أشهي المأكولات هناك
من جمبري و استاكوزا اللذان يعشقهما طايع و طاجن السبيط الأكلة المفضلة للحاج وهدان و السمك البوري المشور طعام نواره المفضل بينما تعشق مليكه الكابوريا
بعد تناول الطعام رن هاتف طايع
" و عليكم السلام ، خير يا نجوي "
" لا مش جاي النهارده خلاص "
" ما فيهاش بسبسه يا نجوي ، مش جاي إلغى أيتها مواعيد ، و خلصى الشغل اللي جلتلك عليه و روحي "
"مع السلامه "
لتنظر له مليكه بعين نصف مغمضة و يجيب هو عن تساؤلها الذي تنطق به عينيها
" باينه زي عين الشمس ، نجوي بتسأل عشان الشغل "
لتتهكم مليكه ، ضاربه اياه في كتفه " شغل يا ابوشغل ، فاكرني هبله أنا و مش عارفه انها بتكرهني و مش طايقاني و دايبه في دباديبك"
نظر لها غاضبا " ما باحبش اكده ، اللي بيني و بين نجوي شغل و بس ، و هي سكرتيره و مديرة مكتب ممتازه ، و ما فيش في سكندريه واحده زيها ، و انت خابره الشغل شغل ما فيهوش هزار و لا كاني و لا ماني "
زمت شفتيها " كل يا طايع كل "
لتضحك نواره و ويبتسم وهدان " كيه الجط و الفار ما تبطلوش نجار واصل "
بعد تناول الطعام توجهوا للدوبلكس
ما أن دخلوا من الباب حتي نظر طايع لمليكه
" جهوتي يا مليكه ، اتوحشتها من يدك "
ابتسمت و دخلت للمطبخ و هي تحاول اغضابه
" ايوه بقي خلصت مليكه امتحانات ،و نبدا بقي ،قهوه يا مليكه شاي يا مليكه و لا كأن فيه خدامين في البيت ، يقطع مليكه على سنين مليكه "
ليبتسم و يقول بصوت عال " سامعك يا مليكه "
دخلت نواره ووهدان للراحة قليلا
بينما أعدت مليكه القهوة الساده لطايع و أخرجتها له في التراس و بجوارها قطعه شيكولاتة بالبندق من النوع الذي يعشقه طايع
" اتفضل يا سيدي القهوه "
" اجعدي ، مش هتشربي معاي جهوه"
لتشير بيديها " لا يا عم قهوة ايه المرة بتاعتك دي ، أنا اشرب كابتشينو"
ابتسم و هي تحتضن مج الكابتشينو و ترتشفه
" إنتي عاوزه تعرفي المستخبي صوح "
ردت باهتمام " أكيد طبعا ، مش ابقي عايشه معاكم زي الاطرش في الزفه "
![](https://img.wattpad.com/cover/168218826-288-k837542.jpg)
أنت تقرأ
العبابسه للكاتبه نشوه أبوالوفا (باللهجة الصعيديه)
Romanceجميع حقوق الملكية تخص الكاتبه نشوه أبوالوفا الفيس بوك : صفحة نشوه أبوالوفا الصراع الأبدي ما بين الحب و الدم بأرض العبابسه لمن ستكون الغلبة