10-Parti حفلة

1.1K 35 24
                                    

كانت تنظر بعيون فارغة على المكان من حولها. مازالت لا تصدق ما حدث معها ولا تستوعبه وما زاد شعورها سوءً كان شعورها بالخيانة.
كل مرة تمنت الا تفكر في ذلك الموضوع وحاولت ان تفكر في اشياء اخرى اكثر اهمية من ذاك الامر المروع يسحبها عقلها تلقائياً الى ذلك الامر وياخذها الى عالم لا تشعر فيه الا بالسوء والفظاعة.
كانت من المفترض ان تتحدث مع الرجل تكلمه وتلومه كاي صديقة قد تعرضت للخيانة من صديقها ولكن كان ينتهي بها التفكير في الامر لاختيار الصمت عوضاً عن التكلم، نوعاً ما... كانت تختار ان تكون هي الضحية.
لا تعرف لما فضل عقلها هذا الاختيار ولم يفضل اختيار اللوم والتعنيف على فعل شيء كهذا ولكن ربما كان ذلك بسبب كونها قد تعبت من امر المجادلة في الحفاظ على من حولها من البشر واكتفت بعائلتها وابنتها فقط.
نعم، لا يوجد اي اشخاص او اصدقاء حولها سوى هؤلاء الاشخاص الذين لم يتجاوز عددهم العشرة وهي ليست حزينة البتة لذلك بل ربما قد تكون اكثر راحة من ذي قبل.
تنهدت دفنة وحركت جسدها لتنظر الى درج مكتبها ثم همت يدها اليمنى بفتح ذاك الدرج واخذت منه قصاصة مستطيلة من الورق وراحت تنظر لها بتمعن وتركيز بينما كانت عيونها مليئة بالحزن.
-بما ان الامر سيصبح بهذا الشكل فلابد انني لست بحاجة لهذا ايضاً.
كانت تلك القصاصة هي الشيك الذي اعطاه سنان لدفنة كثمن التصميمات التي اعطتها اياه وقد تركها وفضل ان يؤخذ غيرها الآن.
نظرت دفنة للفراغ وراحت تتذكر ذاك اليوم الذي قررت فيه ان ترسم فيه لباسيونس من اجل الا تفلس وذلك كان بعد ولادتها مباشرةً.
حينها كانت قررت فتاتنا البرتقالية ان تسدد دينها الذي لا ينتهي.
لم يكن ذلك الدين عبارة عن مال ولكنه كان عبارة عن جميل لم تنساه ما حيت وحتى لو رغبت بذلك.
شعرت بالفضل المطلق لباسيونيس بوصولها لهذا المستوى وقررت ان تساعدهم ليس لرغبتها بان يبقوا في حاجتها طالما كانت افضل من يرسم في البلد ولكن شعرت بالرغبة في ان تساعدهم بحق ولا تنكر ابداً ان لعمر يد بذلك.
ولكن اخفت ذلك الشعور بداخل قلبها ولم يعرف عنه احد شيئاً.
والآن بعدما اصرت قديما على مساعدتهم ترى انهم ليسوا بحاجتها الآن لان لديهم من اقوى ومن امهر في الرسم وبالطبع كانت تعرف من هو.
فمن غير عمر يستطيع ان يرسم بتلك الروح الرقيقة وتلك الروعة؟
من غيره قد يتغلب عليها وينجح في هذا؟
من غيره قد يفعل هذا؟
لا يوجد سواه... وهي تعرف ذلك جيداً.
أغلقت دفنة الدرج ووضعت الشيك في حقيبتها وبعدها بدات بلملة حاجياتها للرحيل.
لن تستطيع التركيز في العمل بعد كل ما حدث في هذا اليوم وما ستفعله الآن قبل ان تخسر عزيمتها هو ان تذهب لسنان وتعطيه ماله التي لم تصرف منه قرشاً واحداً الى الآن لتريح نفسها وكرامتها وضميرها.
ولكن فور ما حملت حقيبتها الى ذراعها وبدات في السير ناحية الباب ولكن دخلت ذات الشعر البني الى مكتبها وفور رؤيتها لها توقفت عن السير ونظرت لها.
-هل كنت سترحلين؟ وانا جئت لاخبرك بان تفعلي ذلك... جيد انك لم تنسي مجدداً.
تجمدت البرتقالية لثواني وراحت تنظر للارض ثم رفعت راسها ببطء ناحية سيدا وراحت تحدق بها مطولاً. ماذا نست مجدداً يا ترى؟ ان سألتها ستتعرض للتوبيخ الآن وان لم تسأل ستتعرض للتوبيخ لاحقاً، فما افضل حل لديها في هذه اللحظة؟
هل تركض هاربة يا ترى؟ هل تفر بجلدها كي تنقظ نفسها؟ ليست فكرة سيئة البتة ولكن هل ستتركها سيدا تفعل ذلك؟
ولكن سيدا تعرف صديقتها المقربة وتعرف تلك النظرات جيداً!
فعضت المرأة شفتها السفلية تبتلع غيظها حيث قررت ان تبقى هادئة والا تنفجر في شريكتها مثلما تفعل كل مرة لانها قد تعرضت لما فيه الكفاية في هذا اليوم الغريب.
-الحفلة دفنة، الحفلة!!
-ااه.. لقد نسيت كلياً.
لم تظهر اي تعابير غضب او استغراب على وجه سيدا ونظرت لها بنفس التعابير التي كانت تمتلكها سابقاً وهي تقول:
-لماذا لم استغرب يا ترى؟
-على اي حال، لن آتي.
اتسعت عيون سيدا واندفعت باتجاه دفنة بينما اخفضت دفنة راسها حين عرفت انها قد فجرت بركاناً ما كان عليها ان تفجره وعليها ان تحمي اذانها من خطر ذات الشعر البني.
-ماذا تقصدين انك لن تاتي؟! الا تعرفين اني منشغلة من الصباح لاحضر الفساتين التي سنذهب بها؟
نظرت دفنة لها بعيون بريئة لترى تلك العيون الغاضبة المليئة بالحزن المختلط باللوم ومشاعر اخرى كثيرة وعلمت انها مخطئة في حق صديقتها التي تفكر دائماً بها وهي لا تفعل اي شيء سوى ان تجننها وتفقدها عقلها.
فان نقلت للمشفى قريبا ستكون هي السبب بالتأكيد!
-حسناً، لا تغضبي... سآتي.
اندهشت سيدا من دفنة واختفت كل ملامح الغضب من وجهها فجأة. ماذا قد حدث للفتاة فجأة حتى تتغير بهذا الشكل؟ بالتاكيد كان سحراً او خدعة ما!
-كان هذا سريعاً للغاية، لم يسمع موظفوا الشركة صراخي هذه المرة!
-الا آتي يعني؟
-أمان لم اقصد ذلك. تعالي لاريكي ما سترتديه.
تنهدت دفنة بتعب ووضعت حقيبتها على المكتب مجددا ثم سارت خلف سيدا وهي تعلم ان هذه الليلة قد تكون اطول واكثر ليلة مزعجة في حياتها لانها ستكون بدون رغبة منها ولكن ماذا ستفعل؟ كله من اجل صديقتها!
-هل تعرفين اننا سنخفي اوجهنا؟ انها كحفلة تنكرية ولكن للوجه فقط.
-انظري، لن يلاحظ احد وجودي حتى.
-دفنة!
-حسناً، حسناً... انا امزح معك!
مرت الساعات القليلة بعدها كعمر لا ينتهي حتى اصيبت برتقاليتنا الجميلة بملل انتظار انتهاء اليوم لان ما ارادته كثيرا هو ان تذهب الى البيت وتدفن نفسها في سريرها لتريح اعصابها وعقلها مما حدث هذا اليوم.
ما حدث اليوم منع دفنة من الذهاب ورمي الحمل من على كتفيها. لقد تشوشت كثيراً مما حدث في باسيونيس ونسيت تماما ما كانت ستفعله في هذا اليوم عن اخبار عمر بإيليف فلهذا قررت ان تصبر الى الغد كي تخبر السينيور بابنته طالما كان اليوم غير مناسب لشيء كهذا.
ستنتظر يوماً اخراً فماذا في ذلك يعني؟
انتهت ساعات الانتظار اخيرا وذهبت السيدتان الى الحفل باطلالة غاية في الروعة والجمال طغت على اطلالات العديد من النساء الموجودات ولكن بسبب وجود اقنعة تخفي الاوجه لم يكن احد يعرف من هذه ومن تلك.
ولكن دفنة لديها قدرة خاصة في معرفة البشر. فان لم يكن بوجوههم كانت تعرفهم بتصرفاتهم وحركتهم ورائحتهم.
حتى انها علمت ان من تسبب في حزنها في صباح هذا اليوم موجود في القاعة يتحدث مع العديد من الناس الذين علموا من ذاك الشخص ايضاً فتعالت ضحكاتهم بينما كانت دفنة تشاور نفسها فيما ستفعله بعد لحظات.
قررت دفنة القيام بذلك لانها اذا لم تفعل ذلك الآن لن تفعله ابداً.
سارت الفتاة باتجاه الرجل ووقفت امامه تنظر له بعيون باردة وحين لاحظ الجمع وجودها تفرقوا من المكان فحرك الرجل راسه لينظر لها واذ به يتجمد للحظات يحاول اكتشاف من كانت تلك التي تنظر له بعيون من الجليد.
-سنان بيه...
ادخلت دفنة يدها البيضاء داخل حقيبة يدها الصغيرة لتخرج منها قصاصة الورق ثم مدت ذراعها الى جهته.
استوعب سنان الصوت الذي يناديه فحدق بها لثوان معدودة ثم انزل راسه لينظر الى ما كانت تمسك به ليكتشف انه كان الشيك الذي اعطاه لها مقابل التصميمات التي لم يستخدمها.
رفع الرجل عينيه لينظر للمراة التي اخفت تعابير وجهها جيدا بالقناع الذي ارتدته فحدق بها ينتظر تفسيراً لما تفعله الآن ثم قرر ان يفكر في حجة او كذبة يقولها لها بخصوص ما حدث اليوم.
-هذا المال لك. خذ...
-دفنة... لا تفعلي ذلك!
-ماذا افعل سنان بيه؟
نظرت الى عينيه بكل برود ورغم عدم ظهور اي ملامح من ملامح وجهها شعر سنان بالهالة الباردة التي تحيطه وعلم ان الامر ليس سهلاً البتة. ربما لن تصرخ وتغضب ولكن مما رآه من عينيها هو انها لن تعود كالسابق ابداً ولا يعرف كيف ارتكب خطأً كذلك ليودي بعلاقتهما الى الخطر.
-انا... انا لن اعيد لك مجموعتك دفنة. ساستخدمها... لهذا ابقي المال.
نظرت دفنة لعينيه اللتان كانتا تحاولان الهرب من مقابلة عينيها وحينها علمت ان لا شيء يبقى على حاله في هذه الدنيا. لا تصدقه ولا تريد تصديقه لانها تعلم ما بداخل قلبه.
لقد جشع. نعم هذا ما فعله.
سواء بالمال او بالنجاح او... من اجل مسامحة صديق.
لقد فعل هذا بكل اسف.
اخفضت دفنة راسها لتضع الشيك فوق الطاولة الزجاجية التي امامه ثم تكلمت مجدداً.
-لا احتاجه... رسمي لباسيونيس كانت فترة مؤقتة في الاساس وكلنا كنا نعرف ان تلك الفترة ستنتهي لا محالة.
توقفت دفنة للحظات وهي تنظر الى قصاصة الورق التي وضعتها ثم رفعت راسها لتنظر له ببرودة اكثر من سابقها.
-ولكنها انتهت دون توقع مسبق...
اغلقت دفنة حقيبتها وشرعت في الرحيل من المكان ولكن استوقفها شيء تذكرته فعادت لتنظر الى وجه سنان الذي كان في حالة صدمة لا يستطيع استدراك الامر بشتى الطرق.
-انت فعلت هذا من اجل عمر لهذا... افعل آخر شيء من اجلي.
انتبه الرجل لما قالته ورمى براسه ناحيتها. لا يتذكر سنان بانه قد اخبرها بان السينيور هو من رسم التصاميم الجديدة او لم يخبرها باي شيء اخر حتى ولكنها علمت.
بالطبع ستعلم كيف يكون الرسم الخاص بالعبقري ابليكشي لانها تلميذته في النهاية.
-...لا تخبره بايليف... انا من ساخبره.
اتسعت عيون الرجل وتوقف تنفسه حين سمع ما قالته لانه لم يتخيل البتة انها قد تظن هذا به. ولكنه لا يستطيع لومها على ظنها هذا لانه يعلم انه قد اخطأ بحقها خطأً كبيراً لا يغتفر,
-بالطبع لن افعل شيء كهذا دفنة. لا شان لي من الاساس.
صمت سنان للحظة واخذ ينظر لها بعدم تصديق لما يسمعه ولما يراه. كان يرى عينان قاسيتان لم يعدهما يوماً ولكن مهما حدث ومهما فعلت دفنة لن يلومها ابداً لانه من وضع البنزين على النار وانتظر الاحتراق.
لا يعرف لما لم يفكر ملياً في رد فعل دفنة قبل فعل شيء كهذا ولكن يبدو ان اشتياقه لاخيه ورغبته في ان يصبحا كالماضي اعمت بصيرته حينها.
-هل حقاً تظنين اني قد اخونك واخبره لكي اكسب رضاه؟
-لا اعلم... فقد فعلتها مرة وقد تفعلها مجدداً.
واجهته بعينين مليئتان باللوم والغضب مما حدث ولكنها لم تتفوه باي كلمة حيال ذلك الامر واكتفت برؤيته يتعذب وهو يرى تلك العيون التي ارتدتها لان ذلك كان كافياً لها.
-ان كنت ستفكر في صديقك فكر فيه ولكن كن على يقين اني لن اقوم باي شيء سيضر بابنتي.
اخذت دفنة خطوة للخلف ثم قالت كلمة اخيرة لترحل بعدها.
-لهذا انا ارجوك...
تركت ذات الشعر الاحمر الرجل في عذاب تانيب الضمير ورحلت براحة قلب قد جهدت من اجلها طيلة اليوم.
بالطبع ما حدث الان لم ينهي عذاب قلبها وحزنها ولكنه اراحه ولو كانت تلك الراحة قليلة وغير دائمة ولكن الان ما ستفعله هو ان تستعد جيداً نفسياً وعصبياً لاخبار عمر بالحقيقة كلها ولكن لتنتهي من هذا الاحتفال السخيف في البداية.
وقفت دفنة مكانها وراحت تشاهد الجميع من حولها وهم يتحادثون ويضحكون بينما غرق عقلها في مكان بعيد عن هذا المكان.
لم تمر دقائق اخرى حتى بدا منظم الحفلة بالتحدث وشكر المدعوين على تلبية الدعوة والمجيء الى الحفل.
ولكن شيء ما لفت انتباهها وهي توزيع بعد البطاقات الصغيرة على الجميع فعندما نظرت لتلك البطاقة لاحظت وجود حرف ورقم عليها.
-هذا الحفل هو حفل راقص. عوضاً عن اختيارك لشريك الرقص.. ستترك الاختيار للحظ... عشرة دقائق وستبدأ الموسيقى... من فضلكم ابحثوا عن شريك الرقص بنفس الحرف والرقم الموجود على البطاقة.
-ما هذا؟ مثل الاطفال!
همست دفنة وهي تنظر الى البطاقة التي كانت تمسكها وشعرت بقليل من الغضب لوضعها بالامر الواقع التي لم ترغب به من الاساس.
كيف يفعلون هذا الشيء بدون ان يخبروا الجميع في البداية فربما هي سيئة في الرقص او لا تريده من الاساس.
تنهدت دفنة وجمعت اغراضها من فوق الطاولة وبدات تسير في اتجاه الباب من بين العديد من البشرالذن حاوطوها من كل مكان مما ابطأ حركتها كثيراً.
-عذراً... هل يمكنني ان امر؟ عذراً...
سارت الفتاة رويداً رويداً وهي تعتصر من بين الاجساد الانثوية والذكورية التي ملأت المكان مما اعاق رحيلها وذهابها من هنا.
حاولت الفتاة الهرب من المكان لمدة وصلت الى العشر دقائق ولم تنجح في هذا لانها اختارت الزمن الخاطئ لفعل ذلك وما ان انتهت مدة البحث عن الشريك اغلقت الانوار وبدات اصوات الموسيقى بالارتفاع.
-جيد جداً، الآن الهرب اصبح مستحيلاً... لاجد لنفسي مكاناً للاختباء على الاقل.
بدات الفتاة بالسير عائدة الى مكانها حتى تختبئ عن الانظار ولكن ذراع قوية احاطت خصرها وجذبتها باتجاه جسد ضخم قوي.
في البداية كانت الفتاة في حالة ذهول مما تعرضت له مما اوقف تنفسها للحظة ولكن مع اول شهيق لها استنشقت رائحته فارتخت عضلاتها ورفعت وجهها لتنظر له.
لم ترى منه شيئاً سوى قناع ابيض غطى وجهه فحدقت به مطولاً وتناست تماماً ما كانت ستفعله.
بعد عدة ثواني تركت جسدها له فامسك بيدها برقة واحاط خصرها بذراعه القوية وبدا بتادية الرقصة الشهيرة الخاصة بهم.
لم تكن مستعدة لصدمة كهذه. فهذه الصدمة شلت جميع حركتها وجمدت عقلها واشعلت النار في قلبها!

Aşk acısıحيث تعيش القصص. اكتشف الآن