6 || الفصل

6.9K 432 759
                                    

●●●

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

●●●


الحياة كالبادية عسيرةٌ إلّا على من تلقن العيش بين ربوعها قنوعا بما أعطت، متكيّفا و التعايش مع ما فرضت، مغمضا جفن الرغبة على ما لم تُبِح

و في جُحر عينيه المشدودتين بفتنة من الحافّتين يسكن محيط أزرق لطالما نضح بالحياة رغم أن شحها في العطاء وازى نهمها في الأخذ

بسذاجة آمن أنه ما دام يسير على أرض لا تجرح قدميه فلن يُفسد فيها ليظفر بنعل يفوق أجرته حتى يقيه الاستضعاف، و أنّه ما لم يؤذِ فلن يتعرّض للأذى غدرا فأقرّ أن ابتسامته ستظل مدللتَه مسلولة على مهدِ ثغره تولد باستمرار ثم تندثِر لتولد مُجددا أكثر بهجة

لكن الحياة جففته بحرارة الخيبات، و حفرت فيه هوة لا متناهية تصله بالفناء، الأرضُ الّتي حرثَها بساعديّ نيّته العارية من المآرب الخفية لم تُؤتي سوى أعشاب ضارة لقمها حينما ضوره الجوع ثم تقيّأها و دماءه

كذا أطفأت شمعدانات أمله و منذ لحظة الانطفاء الأولى امتد الظلام في بهو عُمره المعتبر و لم يُنر بعدها حتّى ماتت الدعوة في صدرِه محرومة و ظل حيا بدون إذنه

احترف صياغة الصمت و بيعه مجانًا لمشتريه إلا لمن أتى بكلفة باهظة تُعادل ثروة مغرية، ذلك لأنه علم أن القول في زمن الظلم لن يساوي وزنه قرشا و أنه لن يأتيه بنفع بل ضرا متمثلا في رأسه

صمت و أحب خلو جواره من الأهل، فالبشر يجلبون العدو و العدو يعني الحرب و في الحرب الخسارة...

قد آثر الفقر و كان فيه مرتاح البال، و صار تقيّا بعتمتِه الّتي تبتلِع وهجَ الإثم حالما يراود روحه كما لو أن فؤاده مصنوع من أنصال تسلّ نسيج النور إلى خيوط أولية لا تلبث أن تنقشِع

-

بعدما غرقت أطرافه في ردائه الديني الأسود ولج الكنيسة بشموخ، يرونه جلمودا متماسكا لا فجوة فيه رغم أنه ليس سوى بالونا مليئا بالفراغ يكفي لقتله إبرة مسنونة لا تجرح جناح طير

تهافتت خطاه على الأرضية المُعبدة بالبلاط الأبيض في تلكؤ إذ لم يمضي وقت طويل مذ تثاءبت السماء مُلبِسة الأرض ثيابَ الغفوة السوداء، لا أحد يرتاد الكنيسة في مِثل هذه السّاعة المتأخرة من الليل

القِسُّ لا يُحبّ || The Priest Doesn't Loveحيث تعيش القصص. اكتشف الآن