«٤»

2.4K 239 87
                                    

صلوا على الرسول صلى الله عليه وسلم.

*********

«لوك، ما خطبك؟ تبدو شاردًا اليوم». سأل آش الذي كان يحضر طعام العشاء، أما أنا فكنت أجلس كالصنم لا أفعل شيئًا، في الحقيقة، لا زلت أفكر بكلام تلك الشقراء؛ يبدو مرعبًا على نحو ما، فمنذ سماعي إياه وأنا لم أنطق بكلمة، أما هي فمتأكد بأنني لمحتها تبتسم عندما تركتني أقف كالخشبة خلفها. هل علي إخبار آش يا ترى؟ تساءلت في عقلي وأجبت بنفي أكيد؛ فهو سيفتح فمه بكمية توبيخ لستُ في مزاج يسمح بسماعها.

«حوّل: من الأرض إلى الفضاء، هل تسمعني؟» هتف آش بمزاح تزامنًا مع فرقعته بأصابعه أمامي، وهنا استفقت من شرودي ووجدتُ نفسي أبتسم بخفة لأجاريه.

«حسنا، أنا متعب من الدراسة فقط» قلت بهدوء فرمقني بنظرة شك لأنني لم أفتح أي كتاب حتى الآن. قررت مقاطعة تحديقه المستمر بقولي «عمت مساءً» ثم استقمت واتجهت إلى غرفتي الصغيرة التي تقبع بركن المنزل.

*****

كنتُ أجلس بجانب آش لأننا وأخيرًا نتشارك الصف ذاته، أنظر لأستاذ الفيزياء بتململ في حين أن عقلي شارد بما علي فعله مع تلك المخيفة، فضولي يكاد يأكلني حيًّا، أنا واثق بأنها تخفي شيئًا ولكن ليس بسوء ما يقوله الجميع هنا.

«الطالب الجديد، ماذا كنت أقول؟» سأل الأستاذ بصرامة فوقفت وحاولت اختلاس النظر نحو آش؛ لربما يساعدني وأنا أحاول كسب الوقت بقول كلمات متقطعة، ولكن الأستاذ قاطعني بصياحه: «تفضل بالخروج وإكمال شرودك هناك». كان يقف بثبات وهو يشير بيده نحو الباب. ألقيت نظرة خاطفة على آش الذي بدا حزينًا من أجلي، في حين أنني لم ألقي بالًا، بل تأففت أثناء توضيب حقيبتي وخرجت بخطوات ثابتة دون تعليق، منعت نفسي بصعوبة من صفع الباب بقوة خلفي.

سئمت من سماع حماقته حقًّا.

كنت أسير في الممرات ووجدت قدميّّ تقودانني نحو ذلك الممر الذي يقبع بنهاية الطابق الثالث، دخلت الغرفة لأتسلق السلم، ولكنني عندما صعدت إلى هناك لمحت الشقراء تجلس بالزاوية متكورة حول نفسها وهي تدفن رأسها بين قدميها. هل تبكي؟ قد تكون حزينة! وقفت قليلا أراقبها بصمت، كان صوت الهدوء هو السائد ولا يوجد أي شهقات تدل على البكاء.

حمحمت بخفوت لأجلب انتباهها ولكنها -كالعادة- لم تجب، اقتربت بخطوات رزينة ﻷجلس بجانبها وعدت قائلَا بهمس: «أنا لست خائفاً منكِ كي أحذر الاقتراب» وفور إنهائي جملتي -التي لا أعلم كيف استطعت إخراجها أساسًا- قامت برفع رأسها ناظرة إليّ.

كانت تتفحص ملامحي بصمت، ثم نطقت أخيرًا بفظاظة: «تبًا! أيقظتني من نومي».

My own world || عَالَمِي الخَاصحيث تعيش القصص. اكتشف الآن