بارت 《5》

218 10 0
                                    

في الليل و قبل ان ، انام فكرت مع نفسي في ساعة بغداد ، كيف تقف لوحدها في هذا الظلام من دون ان تخاف ؟ تخيلتها و هي تحني رقبتها هلى كتفها و تغفو ، و لكن على  اي جهة كانت تنام ؟ متى تستيقظ ؟

هل تشعرت بالتعب مثلنا ؟ هل لديها اوقات فراغ ؟

نام اهلي ، و اطفئت الانوار في البيت ، نهضت من سريري ، ارتديت معطفا طويلا من خزانة امي ، مشيث على اطراف اصابعي حتى باب البيت الخارجي ، سبقتني قطة بيضاء ليست عمياء و ليست مبللة نطت من فوق الباب نحو الرصيف ، تجاهلتها و فتحت الباب بهدوء و خرجت الى الشارع

عندما و صلت الى راس الشارع ، سمعت صوت سيارة تقترب مني يسبقها ضوء مصابيحها الامامية ، لصقت جسدي على الفور بجدار الدكان ، تجاوزتني السيارة و هي تنعطف في الطريق المحاذي لمدرستنا ، الطريق نفسه الذي وجدنا فيه انا و نادية القطة العمياء المبللة .

بعدها بلحظات ، ساد صمت عميق في كل الاتجاهات ، تقدمت نحو  جهة الشارع العام من جانب الاخر و مشيت باتجاه بناية الساعة .

في منتصف الطريق ترددت ، قررت ان اعود الى البيت و انام ، لكنني لا ادري لماذا واصلت سيري في هذا الظلام و انا لوحدي .
بعض الأحيان نفكر في شيء ما ونتصرف عكسه تمامًا .

وصلت إلى بناية الساعة ، في الليل تكون اجمل مما هي عليه في النهار ، و عندما حولها نستطيع ان نراها من كل مكان ، لانها في الحقيقة ليست ساعة واحدة ، هي أربع ساعات مربعة الشكل ، كل واحدة منها في جهة ، لا ادري لماذا لا يسمونها 《ساعات بغداد 》ما داموا يضعون امام كل واحدة مصباحا كبيرا على الأرض .

كان العقرب القصير عند الرقم (١) و العقرب الطويل عند الرقم ( ٩) ، في هذا الوقت ، كانت نادية تحلم ، هي في العادة تحلم في هذا الوقت ، كنت اتمنى أن احمل الساعة و ادخلها في حلمها لكن الحلم كان قصيرا  و الساعة طويلة .

مشيت قريبا من البناية ، التي تشكل نجمة بثمانية أضلاع ، و يقف فوقها البرج الطويل الذي نشاهده من بعيد ، تراجعت الى الوراء و جلست على الأرض ، جلست خلف المصابيح الكبيرة التي يصدر عنها الضوء .

_تك ، تك ،  تك ، تك ، تك ، تك .

ما فائدة الوقت ام لم يسمع  احدهم  صوت حركة بندول الثواني ؟
كنت احب ان اتحدث الى هذا العقرب النحيف الذي يتراجع نصف  خطوة للوراء ، ثم يتقدم خطوة نحو الامام و سعيد بذلك   .

قلت مع نفسي ، لماذا يعد الثواني الصغيرة التي لا يستخدمها الناس ؟ ثم سالته :

_من يهتم للثواني في هذا الوقت و الناس ينامون و انت لا تتعب ؟

_ساتعب يوما ما و اتوقف الى الابد .

_متى يكون ذلك ؟

_عندما لن تعود هناك سفينة ترسو في هذا المحيط الواسع من الظلام  .

ساعة بغداد/ Baghdad clock حيث تعيش القصص. اكتشف الآن