بارت 《7》

175 9 4
                                    

مثلما كنت احب مدرستي في النهار ، كنت اخاف من أشباحها في الليل   .
الاطفال كلهم يخافون من بناية المدرسة في الليل ، و في النهار يخافون من المديرة .

ذات مساء ، كنا نلعب في ضوء مصباح عمود الكهرباء في شارعنا ، كان ذلك  في اواخر شهر حزيران ، كنا على وشك ان نذهب الى بيوتنا عندما قالت بيداء تعالوا نذهب الى المدرسة و نتسلق سياجها ، بدت لنا هذه الفكرة غريبة في اول الامر ، لكن نادية قالت :  تعالووا نذهب الى الاولاد الذين كانوا يلعبون كرة القدم ، و نخبرهم ان نتائج الإمتحانات الوزارية معلقة في لوحة الاعلانات عند باب الإدارة منذ الظهر هذا اليوم ، ثم نراقبهم و هم يتسلقون الجدار ، نتركهم هناك و نهرب .

لم يصدق الاولاد انفسهم حين طلبنا منهم القيام بعمل بطولي ،
تركوا معلبهم الصغير و ركضوا امامنا في الحال و تقافزوا الواحد بعد الاخر فول السياج ، ثم نطوا داخل بناية المدرسة المظلمة ، تركناهم و هربنا و نحن نكاد نموت من الضحك ، غير ان الاولاد الشياطين أفسدوا علينا ضحكتنا ، فقد عادوا بعد قليل ، بعد ان اكتشفوا  مقلبنا و هم يحملون بأيديهم أوراقا لاعلانات قديمة  رفعوها من اللوحة و قالوا لنا :

_هذه نتائج الإمتحانات.

اندهشنا كلنا ، عندما وجدنا كذبتنا ظهرت ک حقيقة و انقلب الامر ضدنا ، و رحنا نتوسل اليهم ان يقولوا لنا ماذا في هذه الأوراق  ؟
انها مجرد اوراق بيض فارغة ! كنا نقول لهم لكنهم اصروا على انها النتائج الوزارية ، قالوا لي على سبيل المثال : انتِ مكملة بدرس اللغة الانكليزية،  و قالوا لنادية انتِ راسبة ، ولبيداء مبروك لقد نحجتِ يا شاطرة  ، ثم قالوا لمروة نتيجتك لم تظهر لحد الان  .

توسلنا اليهم مرة بعد اخرى ، ان نرى باعيننا النتائج لكنهم رفضوا  ذلك بقوة ، ثم هربوا بعيدا منا ، عدنا الى البيت والقلق يمنعنا من النوم في تلك الليلة الطويلة،  يا الهي هل حقا انا مكملة في درس اللغة الانكليزية؟!
حاولت ان استذكر الاسئلة و اجاباتي عنها ، لكن ذاكرتي تشوشت و نسيت كل شيء عن الامتحان حتى انني نسيت ما اذا كنت قد امتحنت في مادة اللغة الانكليزية أم لا ، لكنني اتذكر جيدا ، انني امتحنت في كل المواد و لم اغب يوما في حياتي كلها عن المدرسة .

كنت اقول لنفسي في كل مرة يملا فيها الخوف قلبي :انهم يكذبون ، انا لا انسى ، انا شاطرة في كل الدروس و خصوصا درس اللغة الانكليزية،  فانا احفظ الكتاب  من الغلاف الى الغلاف  ، فكيف اكون قد رسبت في هذه المادة السهلة ؟! ثم كيف تكون نادية راسبة و هي من اشطر الطالبات في المدرسة؟! و لماذا لم تظهر نتيجه مروة و الإمتحانات كانت وزارية ؟!

كنت اريد ان انهض من سريري و اخرج الى الشارع ، لقد اختتفت من هذا الهواء و الجاف الذي يحرمني  من النوم ، كانت الكهرباء قد انقطعت في هذه اللحظة ، في هذه الايام صارت الكهرباء تنقطع كثيرا ، نهضت من سريري و ذهبت الى المطبخ ، فتحت الثلاجة و شربت الكثير من الماء ، و لما عدت إلى السرير نمت في الحال من دون ان أفكر ثانية في النتائج .

ساعة بغداد/ Baghdad clock حيث تعيش القصص. اكتشف الآن