فدلها السائق الى مكتب عقاري, ولحسن الحظ وجدت شقة صغيرة قبل غروب الشمس.
انها شقة مؤلفة من غرفتين في الطابق العلوي من مبنى مؤلف من ثلاثة طوابق . كان صاحب الشقة آل مونتيه يملك متجراً لبيع الفضيات في نفس الشارع , ويبدو لطيفاً. وكذلك امرأته كانت لطيفة ودعت لورا لتناول العشاء معهما , واخبرتها انه مضى على زواجهما ثلاثون عاماً ولم يرزقا بولد.منتديات ليلاس
" اتمنى ان تجدي عملاً يا ابنتي , وسأساعدك في ذلك, فلدي العديد من الاصدقاء في هذه المدينة ""شكراً لك سيدة مونتيه , انت لطيفة جداً"
دفعت الملبغ المحدد لمدة شهر واحد وشكرت ربها لأنها اخذت معها المال الذي قدمه لها ستيف, لولا هذا المال لكانت الآن تنام في الشارع او عند عمتها .منتديات ليلاس
دخلت لورا الى شقتها الجديدة وهذه اول مرة يكون فيها لها بيت خاص, لكنها لم تكن سعيدة لتتمتع بهذه الملكية الشخصية . انها تعيسة محطمة الفؤاد تشعر بوحدة وخيبة مريرتين .
ضاع الأمل , وضاعت الأحلام , لقد كانت على وشك الزواج والسعادة, او لربما كانت على وشك التعاسة, من يدري؟ فإذا افلس ستيف وخسر مصانعه وشركاته فهذا ما سيقضي على حبه لها وسيجعله يحملها مسؤولية ما اصابه.
هذا هو الحل الأفضل, قالت لنفسها وهي تمسح الدموع التي انهمرت على خديها. سينساني ويعود الى حياته المعتادة , اما انا فسأحاول نسيانه وسأبحث عن عمل يساعدني على ذلك.
تجولت في الشقة الصغيرة فوجدتها مختلفة جداً عن منزل ستيف , فغرفة النوم هنا تضم سريراً صغيراً وخزانة فقط بينما الصالون يستخدم غرفة للجلوس وللطعام , هناك طاولة وكرسي واحد في احدى زواياه, اما المطبخ فعبارة عن ممر فيه مغسلة وثلاجة صغيرة وباب يؤدي الى الحمام الذي لا تتعدى مساحته متراً مربعاً واحداً.
عادت لورا الى غرفة النوم ورتبت ملابسها في الخزانة وهي تفكر بالبحث عن عمل منذ الغد, فالعمل وسيلتها الوحيدة لنسيان ستيف اولاً والوسيلة الوحيدة لدفع ايجار المنزل في الشهر القادم وشراء حاجياتها.ريحانة
ثم استحمت وبدلت ملابسها واتصلت بعمتها لتخبرها بالغاء حفل الزفاف.
" ماذا تقولين ؟" سألتها عمتها بدهشة .
" ادركت ان زوجته السابقة لن تتركنا بسلام " وخنقتها الدموع فصمتت.
" لورا "
"ففضلت الرحيل قبل ان تنفذ تهديدها وتنتقم من ستيف , لا اريد ان اكون السبب في دماره "
" اين انت الآن "
"استأجرت شقة , لكنني آسفة لن اعطيك العنوان كي لا تفعلي كما فعلت في المرة الماضية وتخبري ستيف بمكاني "
" لماذا لا تأتين..."
" انا آسفة , ياعمتي , افضل ان ابني حياتي بمفردي"
" ولكن لا تتوقفي عن الاتصال بي لتطمئنيني عنك"
" اعدك بذلك , الى اللقاء"
اقفلت لورا الخط قبل ان تضعف وتعطي عنوانها لعمتها. هكذا تكون قد وضعت فاصلاً بينها وبين الماضي لتبدأ من جديدلم تنم لورا جيداً هذه الليلة وتقلبت طويلاً في فراشها تتساءل ماذا يخبئ لها القدر, ايخبئ لها مزيداً من الشقاء ؟ يجب ان تنسى وتكافح لتعيش , لقد حرمها القدر من والديها ومن حبيبها الذي عاشت معه اجمل ايام حياتها , ستيف , كم احبك , تمتمت وهي تمسح دموعها.
في صباح اليوم التالي , استيقظت على رنين جرس الباب. فنهضت وهي تشعر بالصداع وفتحت الباب. انها السيدة مونتيه تحمل لها الفطور.منتديات ليلاس
" شكراً لك سيدة مونتيه . لا ضرورة لأن تحضري لي الطعام , سأذهب الى السوبر ماركت لأشتري بعض الحاجات"
" لكنك الآن بحاجة لهذا الفطور, يا بنتي" اجابتها السيدة مبتسمة ووضعت الفطور على الطاولة في الصالون " لقد تحدثت مساء امس مع زوجي بشأنك , وقال بأنه سيبحث لك عن عمل. ولكن يجب ان ترتاحي اليوم لأنني ألاحظ انك شاحبة "
"للحقيقة , لم انم جيداً"
" اشعر بانك تمرين بظروف صعبة, لا ضرورة للكلام عنها الآن, ولكن اعلمي ان الحياة لا تخلو من المصاعب, ولا احد يعلم متى يصادفه الحظ , اذا شعرت يوماً بالرغبة بالكلام والافصاح عما يقلقك , لا تترددي , واعتبريني كوالدة لك, هيا ابتسمي الآن"
ابتسمت لورا رغماً عنها وتناولت فطورها كي لا ترد بشكل سيء على مبادرة هذه السيدة اللطيفة.ريحانة
فتحت النوافذ ورتبت الشقة ثم نزلت وقررت ان تقوم بجولة في الجوار قبل ان تمر على السوبر ماركت.
عند عودتها , كانت هناك مفاجأة تنتظرها. لقد وجد السيد مونتيه لها عملاً في مكتب للمحاماة ولا يبعد كثيراً عن المنزل.
" المحامي الاستاذ جاك لاموند صديق قديم , وقد ابدى استعداده لاستقبالك صباح غد , ما رأيك؟"
" شكراً , شكراً جزيلاً لك سيد مونتيه , بالطبع موافقة ,لم اكن اتصور انني سأجد عملاً بهذه السرعة , سأقابله غداً واتمنى ان احصل على هذه الوظيفة "
" اتمنى ذلك يا ابنتي . سأرافقك لأعرفك عليه"
احست لورا بالدوار واتكأت على الكنبة فأسرع السيد مونتيه لمساعدتها بالجلوس " بماذا تشعرين لورا ؟"
" لا شيء, لا شيء, هذا لأنني تجولت كثيراً اليوم. سأصعد لأرتاح"
ساعدها السيد مونتيه في حمل الاكياس التي كانت قد اشترتها من السوبر ماركت , فشكرته ووضعت الاكياس في المطبخ واعدت لنفسها كوباً من الشاي.
في اليوم التالي , رافقت السيد مونتيه الى مكتب المحامي وبعد ان قدمها له , استأذن وذهب ليفتح متجره.منتديات ليلاس
" آنسة بافي, العمل هنا لن يكون صعباً , مهمتك ترتيب الملفات واستقبال الزبائن وطبع بعض الاوراق وهي لا تكون كثيرة كل يوم , وستساعدين زميلتك نيكول في عملها عندما نطلب منك ذلك "
" والدوام؟"
" من التاسعة صباحاً وحتى الثالثة بعد الظهر , المكتب لا يفتح ايام السبت والاحد , والراتب سيكون جيداً وقد يزداد اذا كنت نشيطة ومتقيدة بدوام ونظام العمل"
كان السيد لاموند استاذاً لامعاً في المحاماة, ولطيف في نفس الوقت , انه في الخامسة والخمسين من عمره وأب لثلاثة اولاد .
" متى يمكنني البدء بالعمل ؟"
" من صباح الغد اذا اردت , واذا كنت متحمسة بإمكانك ان تداومي قبل الظهر لتتعرفي على طبيعة العمل"
" يسعدني ذلك "
نادى الاستاذ لاموند على سكرتيرته نيكول وطلب منها ان تشرح للورا طبيعة عملها.
مر الوقت بسرعة ولم تشعر لوران بالتعب , وبقيت حتى الساعة الثالثة . وعندما وصلت الى المنزل , لاحظت تبدل مزاجها , عملها الجديد لم يسمح لها بالتفكير بستيف , ولكن ما ان اغلقت باب شقتها خلفها حتى عادت صورة ستيف لملاحقتها.
مرت ثلاثة اسابيع ولورا تعمل في مكتب المحاماة بنشاط وحماس لفتا نظر الاستاذ لاموند, فشجعها وطلب منها الا ترهق نفسها.
في طريق عودتها الى المنزل, اشترت لورا شرشفاً للطاولة مطرزاً باليد وقدمته هدية للسيدة مونتيه.ريحانة
" انه شرشف جميل جداً , شكراً لك"
" بل انا اشكرك على لطفك انت والسيد مونتيه, بفضلكما وجدت عملاًجيداً , اشعر بينكما انني اعيش مع اهلي"
" لورا , لقد نحفت منذ وصولك الى هنا , الا تأكلين جيداً؟"
" للحقيقة لا اشعر بالشهية "
" هل عاودك الدوار مرة اخرى"
" مرتين او ثلاث"
" لورا , يجب ان تزوري الطبيب , حالتك بدأت تقلقني "
" انت تبالغين سيدة مونتيه, انا بخير" اجابتها لورا بدون تفكير ثم اعتذرت وصعدت الى شقتها .
رمت نفسها على السرير وهي تفكر بكلمات السيدة مونتيه , يا الهي , لم امارس الحب مع ستيف سوى مرة واحدة, أيمكن ان اكون حاملاً؟ تساءلت وهي تدس وجهها في الوسادة.منتديات ليلاس
وفي اليوم التالي استأذنت من السيد لاموند وزارت الطبيب فطلب منها اجراء بعض الفحوصات واخبرها بأنه هناك احتمال كبير في ان تكون حاملاً.
" ولكن النتيجة المؤكدة ستظهر غداً"
قضت لورا الاربع والعشرين ساعة التالية بقلق كبير, ماذا سنفعل اذا جاءت نتيجة الفحوصات ايجابية ؟ اتقوم بالاجهاض , أم تحتفظ بالجنين؟ لم تشأ ان تخبر السيدة مونتيه بشيء قبل التأكد منه.منتديات ليلاس
لكن شك الطبيب كان في محله, فقد جاءت الفحوصات لتؤكد تشخيصه.
" مبروك , انت حامل في الشهر الاول"
خرجت لورا من العيادة واتجهت فوراً الى عملها , لكنها لم تستطع التركيز جيداً, ولحسن الحظ لم يكن لديها اليوم الكثير من العمل.
وعندما عادت الى المنزل , صعدت فوراً الى شقتها . لكن السيدة مونتيه احست بعودتها فصعدت لزيارتها .
" انا حامل" قالت لها لورا ورمت نفسها بين ذراعيها واجهشت بالبكاء.
" ولماذا البكاء يا عزيزتي ؟ اجلسي لنفكر معاً بحل لهذه المشكلة "نهاية الفصل
أنت تقرأ
أنت قدري - فلورا كيد - روايات غادة المكتوبة
Roman d'amourبعد عام تقريبا على رحيلها عنه, فكرت لورا بافي بالاتصال بستيف لامب لتخبره بأنها انجبت طفله الذي لطالما كان ينتظره , لكنها كانت تخشى تدخل زوجته السابقة التي استطاعت بتهديداتها ان تمنع زواجهما قبل ايام قليلة من موعده. وعندما علم ستيف بأنه اصبح والداً...