الفصل الثالث عشر

6.6K 151 0
                                    

ظلت لورا تمسك بالسماعة لحظات طويلة بعد ان اقفل ستيف الخط, واحتارت ماذا تفعل . فنهضت واقتربت من ابنها فرأته نائماً كالملاك.
" طفلي الحبيب , قريباً سيصل والدك , لست ادري اذا كنت مصيبة بالاتصال به وقد تكون هذه غلطة كبيرة اقترفها . لكنني فعلت ذلك من اجلك انت لا من اجلي"
ثم وقفت امام المرآة تأنق نفسها, لقد تغيرت كثيراً في هذه الشهور, لم تعد تلك الفتاة الحالمة, لقد اصبحت أماً تفعل المستحيل من اجل سعادة ومستقبل طفلها.
ثم ابتسمت وامسكت الفرشاة تسرح شعرها, لقد عرف ستيف صوتها على الفور, هذا يعني انه لم ينسها هذه المدة.منتديات ليلاس
وقال بأنه بحث عنها طويلاً, وكان يخاف ان يفقدها للأبد, تفهم من ذلك انه كان يفكر بها , ولكن كيف ستكون ردة فعله عندما يعلم انه اصبح والداً؟ هل سيعترف بجاك ابناً له ويحبه وهي , ماذا سيكون موقفه تجاهها؟ كم تشتاق اليه! انه الرجل الوحيد الذي امتلك قلبها وروحها وجسدها , كم تتمنى ان يضمها اليه فور وصوله ! كان صوته حنوناً عبر الهاتف ولكن كيف كانت ملامحه وهي تكلمه.ريحانة
ماذا فعل طوال هذه المدة وكيف هي علاقته بجانيت؟ الا تزال تسيطر عليه وتبتزه ؟ يا إلهي , يبدو ان عقرب الساعة لا يتحرك من مكانه.
جلست على الاريكة في الصالون تعد الدقائق وتتخيل لقائها بستيف الى ان غلبها النوم فنامت مكانها ولاحقها ستيف في الاحلام.
رأت نفسها تغرق في بحر هائج وترفع يديها مستغيثة بينما ستيف على ظهر المركب لا يسمعها , كانت تصرخ لكن صوتها لا يخرج من حنجرتها , تحرك يديها لكنها تستمر بالغرق الى الاسفل.منتديات ليلاس
استيقظت فجأة وهي مرعوبة وجبينها مليئاً بقطرات الندى.
"يا له من كابوس !" قالت وهي تتجه الى غرفة النوم حيث كان جاك يبكي , لابد ان بكاءه هو الذي ايقظها وانقذها من هذا الكابوس . نظرت الى الساعة فإذا هي تقترب من الثالثة صباحاً.
اذا انطلق ستيف منذ ساعة التي كلمته ,فإنه سيصل بين دقيقة واخرى.
غسلت وجهها وحملت جاك لكنه لم يكف عن البكاء , انه جائع وبحاجة لزجاجة الحليب. اعادته
الى سريره ودخلت المطبخ لتعد له الحليب , بعد قليل , سمعت هدير يقطع هدوء الليل . أهو ستيف؟ تساءلت وهي ترتجف , ثم حملت جاك واعطته زجاجة الحليب فسكت على الفور.
بهذه اللحظة بالذات رن جرس الباب, انه ستيف ! واحتارت , أتضع الطفل من يدها وتفتح ام تحمله معها الى الباب؟ وضعته في السرير لكنه عاد للبكاء, فلم تجد حلا آخر غير ان يستقبل والده معا.
فتحت الباب بيد وهي تحمل جاك باليد الاخرى. ما ان رآها ستيف حتى توقف مذهولاً لا يصدق عينيه.
"لورا" 
"ستيف " تمتمت وهي تتأمله بدهشة , لقد تغير كثير اً واصبح نحيفاً.
" أيمكنني الدخول ام ان زوجك في الداخل؟"
" تفضل , تفضل" وابتعدت لتفسح له مجالاً للدخول .ريحانة
كان ستيف يبدو متعباً , هذا طبيعي , فهو لم يذق النوم هذه الليلة.
نظر ستيف حوله , ثم نظر اليها باحتقار " أهذا طفل؟"
" انه .. انه طفلك , ولهذا اتصلت بك"
" طفلي؟ ما هذا الهراء ؟" قال وهو يرمي نفسه على الكنبة.
ستيف , لم اتصل بك لأبتزك او لأضايقك , اردت فقط ان تعلم"
وضع ستيف رأسه بين يديه للحظات وكأنه يقوم بعمليات حسابية , ثم رفع رأسه نحوها وكانت لا تزال واقفة " أهذا ابني حقاً؟ " سألها بنبرة ضعيفة.
" يكفي ان تنظر اليه " وجلست بجانبه وتركته ينظر الى الصغير الذي يرضع الحليب . توقف الصغير عن التهام الحليب ونظر الى هذا الرجل الذي يراه للمرة الأولى.
" أيمكنني ان احمله؟" سألها دون ان يرفع نظره عن الطفل.
"تفضل " وناولته الصغير فلامست يده يدها والتقت نظراتهما للحظات.
" سأعد لك فنجاناً من القهوة"
" انا حقاً بحاجة للقهوة"
ما ان وضعت القهوة على النار حتى خطرات لها فكرة ارعبتها. ماذا لو اختطفه ؟ يا إلهي ! وعادت الى الصالون مسرعة والخوف ظاهر على وجهها .
" ما بك ؟ اتخشين ان اهرب به ؟ لا تخافي , لست ممن يحرم اماً من طفلها"
عادت الى المطبخ وقد شعرت بالراحة والطمانينة , بعد لحظات عادت الى الصالون وهي تحمل صينية عليها فنجانين من القهوة .منتديات ليلاس
" لماذا اخفيت عني امره كل هذه المدة؟" سألها دون ان يرفع نظره عن الصغير.
" للحقيقة ..."
" كل هذه المدة وأنا اجهل انني انتظر طفلاً "
" ستيف ..."
" كيف تمكنت من الصمت كل هذا الوقت؟ وكيف تدبرت امرك؟"
" انا عمل في مكتب للمحاماة "
" هذا كان حلمك على ما اذكر"
التقت نظراتهما , وارتعشت لورا تحت نظراته , انه يذكر كلامها " كنت مضطرة للبحث عن عمل كي اسدد ايجار هذه الشقة واشتري حاجياتنا"
" لم تكوني مضطرة لذلك , على كل حال"وعاد يتأمل الصغير.
" هل هو بصحة جيدة؟"
" نعم , كما ترى"
" أرى انه يشبهني "
" انظر الى غمازتيه " قالت مبتسمة بحنان وهي تنظر الى طفلها.
" لاحظت وجودهما . لا اشك بأنه طفلي , ولكن لماذا رحلت فجأة ؟"
" شرحت لك ذلك في رسالتي "
رسالتك !" قال بسخرية "كنت استحق منك ورقة صغيرة كتلك ؟ ألم تكوني واثقة من حبي لك ؟ لقد افسدت كل شيء بحماقتك, كنت اعتقد انك تحبينني وانك مستعدة للزواج , لكنك سببت لي صدمة قوية لا ازال حتى الآن تحت وطأتها "
" ستيف , لم اكن اريد ان أكون السبب في دمارك , فجانيت..."
" لا تنطقي اسمها, أفهمتي ؟"صرخ بحدة .
" أنا آسفة , ولكن ..."
" بعد رحيلك , بحثت عنك طويلاً, وعندما يئست من ايجادك صببت جام غضبي عليها , كدت اخنقها بيدي لولا تدخل والدها , أما أنت , الفتاة التي احببتها واعتقدت انني سأجد السعادة معها , قد رحلت , تاركة رسالة سخيفة وراءك , كان يجب ان تقولي لي بأنك حامل "
" لم أكن أعلم , صدقني , علمت فيما بعد "
" ومع ذلك لم تتصلي بي"
اخذت لورا طفلها من بين ذراعيه ووضعته على الكنبة المقابلة .ريحانة
" ألن تشرب قهوتك ؟"
" شكراً لك " وتناول فنجانه فتلامست يداهما مرة اخرى فأخفضت نظرها وحاولت ان لا تظهر ارتباكها.
" والآن , لورا , ماذا تريدين ؟"
" لا اريد منك مالاً ولا مساعدة, أنا اعمل , وراتبي يكفينا " وانهمرت دموعها على خديها.
" تقصدين انه يجب علي الآن ان اشرب قهوتي واعود الى منزلي وكأن شيئاً لم يكن!" قال بسخرية.منتديات ليلاس
تجمد الدم في عروقها واحست بالخوف والندم .
" اذا كان امر الصغير يهمك , بإمكانك زيارته بين الوقت والآخر"
" لورا , أتجرئين ؟" قال بحدة وهو يضع الفنجان جانباً.
" بعد كل هذه السنوات التي كنت انتظر فيها ابناً, اذهب الآن لأزوره كالغريب من وقت لآخر"
" ماذا تريد اذاً؟" سألته بنظرات مرتعبة .
نهض ستيف واقترب منها ليضع يديه على كتفيها . ارتعشت لورا واحست بأنها ستقع على الارض ان لم ترمي نفسها بين ذراعيه , لكن خوفها من فقدان طفلها كان الأقوى , فابتعدت عنه.منتديات ليلاس
" لورا , لا تخافي, لا افكرا ابداً بسلبك طفلك, لكنه طفلي الذي طالما انتظرته ايضاً, بالمناسبة , ماذا سميته ؟"
" جاك"
" جاك , انه اسم جميل لطفل جميل"
في هذه اللحظة , عاد الطفل للبكاء, فكان ستيف اول من حمله وما ان ضمه الى صدره حتى امسك جاك بربطة عنقه , فضحك ستيف ونظر الى لورا .
" أيمكنك انت ان تحرميني من طفلي؟"
" لا انوي ذلك, وإلا لما اتصلت بك"
" حسناً, هذه نقطة نتفق عليها, ألديك حل؟"
لم تجبه واخذت تنظر الى الارض.ريحانة
" كيف قضيت اشهر الحمل؟ هل كانت الولادة صعبة؟"
" تعبت كثيراً في الشهرين الاخيرين , وكانت الولادة صعبة, حتى رأى الطبيب ضرورة إجراء عملية قيصرية "
" لقد مررت بظروف صعبة , ألم يكن من الأفضل لو كنت بجانبك؟"
لم تجبه والتزمت الصمت مرة اخرى . فوضع ستيف الصغير جانباً واقترب منها .
" لورا, ألهذه الدرجة لم تكوني ترغبين برؤيتي ؟" ورفع خصلة من شعرها .
احست لورا بالضعف وتذكرت ايام عذابها ووحدتها فرمت نفسها بين ذراعيه.

نهاية الفصل

لا تنسوا التصويت

أنت قدري - فلورا كيد - روايات غادة المكتوبةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن