(صغيرتي)
الحلقة _ 7 _
_ غيرتهُ _
-------------------------ومع تأملهُ لملامحها البريئة المُحببة إليه كاد يتعمق أكثر في قُربه المُهلك هذا، إلا أنها أفسدت عليه كُل شيء بقفزها من الفراش إلى الأرض، ثم صياحها بتدليلها الطفُولي:
_يوووسف، تعرف كان نفسي في إيه ولسه محققتهوش معاك؟
عض شفته السفلى في غيظ، بينما يرمش بعينيه وهو يسألها:
_ إيه يا قلبي؟
افتر ثغرها بابتسامة ناعمة وهي تخبره بعفوية:
_ هوت شوكلت.
صُدمت ملامحه وهو ينهض واقفًا قائلًا بحدة نوعا ما:
_ نعم ياختي!؟
فضحكت بتسلية وهي تستطرد:
_ أقصد نفسي أشرب هوت شوكلت معاك في البلكونة، خصوصا إن الجو برد والقمر ساطع كدا وحاجة واو جدًا..
مسح على رأسه بتنهيدة عميقة وهو يخبرها غامزًا:
_ إذا كان كدا ماشي..
ابتسمت برقة، ثم قالت بامتنان:
_ ثانكيو يا حبيبي..فُتح الباب فجأةً وولج همام بملامحه الصارمة، وعيناه كانتا متوهجتين بشرر غاضب، ليهتف بصوتهُ الأجش:
_ إيه اللي بيحصل هناااا؟ وإيه اللي جابك هنا أنت؟
وجّه حديثهُ ليوسف الذي أجابهُ ضاحكًا ببساطة:
_ أنا جيت هنا عشان أصالح مريم، أصل كان فيه بينا تاتش صغير وخلاص متقلقش المياه رجعت لمجاريها..
اقترب منه، بينما يرمقهُ بنظراتٍ مغتاظة ثاقبة:
_ مياه إيه ومجاري إيه يا جزمة أنت، أنت هتستهبل، ماتخلنيش أندم إني نفذت رغبتك، مش عشان كتبت يقبى ليك الحق تيجي هنا كل شوية وبعدين الباب دا ميتقفلش نهائي طول ما أنت موجود فاهم ولا أفهمك؟!
يوسف وقد واصل في ضحكاته:
_ مش عاوزك تفهمني صح، وبعدين أنت متعصب ليه كدا يا حاج همام، ريلاكس من فضلك مجراش حاجة، دي كل الحكاية انها عاوزة تشرب هوت شوكلت بس صدقني!
انتقل همام بنظراته إلى مريم، ليقول بغضب بان على ملامحه:
_ وأنتِ يا هانم، لحد دلوقتي أنا مش عاوز أزعلك ومتضطرنيش لكدا لأنك أمانة في رقبتي، لازم يكون فيه حدود بينك وبين الزفت دا..
اختتم جملته وهو يشير له بسبابته، فتنهد يوسف بنفاد صبر وهو يرد عليه:
_ باباااااا، متزعقش لمريم كدا أرجوووك..
رفع همام حاجب مع قوله الحازم:
_ اتفضل إخرج من الأوضة واسبقني على المكتب عاوزك في شغل مهم.. يلااااا
يوسف وقد حرك رأسه نفيًا قائلًا بجدية تامة:
_ مش هينفع دلوقتي، شغل إيه دا السعادي حضرتك، وليلة كتب كتابي اللي اتضربت دي؟!..
كز همام على أسنانه قائلًا:
_ أنا مش هعيد كلامي مرتين، قدامي على المكتب!
زفر يوسف بعنف واصطحب صغيرتهُ معه خارجًا من الغُرفة، بينما يستطرد همام بحنق:
_ أنت يابني!.. بقول عاوزك في شغل!!
يوسف بلا مبالاة :
_ تمام يا بابا في إي؟
أغمض همام عينيه بصبر وهو يشتم بخفوت، في حين انفجر يوسف ضاحكاً متابعا من بين ضحكاتـه:
_ سامعك على فكرة!بعد عدة دقائق بالمكتب الخاص ب همام..
انتفض يوسف في جلسته وهو يقول بضيق شديد :
_ أسافر إزاي وأسيب مريم؟
أردف والده بهدوء استفزه:
_ زي الناس دا شغل يا أستاذ، مريم هتكون معايا مينفعش تخاف عليها وهي معايا..
رفض يوسف قائلًا بجدية:
_ لا.. مستحيل أسيب مريم لوحدها.
وأكدت مريم على ذلك حيث قالت بحزن حقيقي:
_ لا يا عمو بلاش عشان خاطري، مش هقدر أعيش من غير يوسف.!
زفر همام بحدة وهو يرمقها بنظرة جامدة مع قوله:
_ بطلي دلع يا مريم، إيه مش هنشتغل بقى ونقعد في البيت عشان حضرتك مش قادرة تعيشي من غير سي يوسف بتاعك؟!!
تشنجت واختنق صوتها وهي تقول:
_ أيوة، مش بقدر أعيش من غيره، مافيش حد بيحبني غير يوسف في الدنيا دي، أعيش من غيره إزاي؟.. ياريت حضرتك تسافر أنت..
لقد نفد صبر همام الذي قال بصرامة شديدة:
_ طب أنا هشوف كلامي هيمشي ولا لا يا يوسف أفندي، عاوز كلامي ميتنفذش، فاهم؟!!!!!
نهضت مريم وبرحت الغرفة راكضة إلى غرفتها وهي تبكي....
أما عن يوسف فقد نهض هو الآخر قائلًا بجدية:
_ براحة شوية عليها يا بابا، قلتلك مابحبش حد يزعلها حتى لو كان أنت، هي عملت إيه يعني؟.. هي بتقول اللي حاسة بيه وبعدين أنت من إمتى بتزعقلها كدا، مش دي اللي دايمًا بتوصيني عليها؟..
استند همام بظهره على ظهر كُرسيه، ثم واصل في هدوء صارم:
_ أنا مش بزعقلها يا أستاذ، هي لازم تفهم إن الدنيا مش زي ما هي عاوزة وإن الشغل ليه حق عليك زي ما هي ليها حق عليك، وأنت لازم بنفسك تفهمها كدا
يوسف بتفهم:
_ أنا بفهمها بس أنت مش مديني فرصة!.. وبعدين لو ماما كانت بتعاملها كويس من زمان مكنش دا بقى حالها ولا كانت إتعلقت بيا كدا، أنت في شغلك على طول وهي مش لاقية غيري شيء طبيعي يعني هتعيش مع مين؟.. فمتلومش عليها! وعلى العموم يا بابا أنا هسافر وهعملك اللي أنت عاوزه بس مريم هسيبها أمانة معاك وأنا مطمن لأن هي أصلا أمانة في رقبتك من زمان..
ما إن أنهى حديثه برح غرفة المكتب في هدوء، وراح يصعد الدرج فتقابل مع " نهال".. ليتجاهلها ويصعد قاصدًا.
وتزداد نظراتها حدة وشراسة محملة بالتوعد..