الفصلُ الأول: تَضارُب!

131 9 150
                                    

- قبل أسبوعين -

موسمٌ دراسيٌ جديد، إنتفاضة البدايات تسري في التلامذة، في عيونهم إذ ترتجف، في ضحكاتهم إذ تضطرب، في أساريرهم إذ تقشعر، غير أنني ما كنت أشعر بأيٍ من هذا أو ذاك.

ما عادت البدايات تعني لي شيئًا لا ولا النهايات، فمامن بشرٍ أشاركه خلجاتِ خلدي، ولا من حلمٍ أقلق عليه.

فتح ليَّ السائق الباب، نزلتُ بزرانة.
لم يكن أصدقائي يستقبلونني كما يفعلُ الآخرين، لأنهم لم يكونوا موجودين في الأصل.

توجهت إلى لائحة القاعات الدراسية، بحثت عن قاعتي ثم توجهت إليها، لم يكن البحث شيئًا يذكر فأنا في ذات القاعة منذ العامين الماضيين " أ - ٣ "

جلست على المقعد الذي يلي النافذة، كان هناك إتفاقٌ لا مذكورٌ ولا مكتوب، عدا أننا جمعيًا كنا متفقين عليه.

حضر المشرف الصفي، كان اسمهُ جورج، وكان هو ذاته أستاذ الرياضيات - وهي مادتي المفضلة بالمناسبة -
وضع قبضتيه فوق سطح الطاولة، أبتسم وأردف قائلًا: إذًا، كيف كانت إجازة الصيف؟
تزاحمت الأصوات في الفراغ، تداخلت وتكسرت، لم يكن باستطاعةِ الوسط إستقبال كل هذه الإجابات، وهكذا كان عقلي غيرَ أنني أجزم بأنها كانت تشدو بشعاراتٍ ك" لقد استمتعت كثيرًا، ذهبت للتخييم وقد كان ممتعًا بشكلٍ لا يتصور! زرت إيطاليا وطعامهم كان شهيًا"
الأشخاص يتكررون في حياتي، وكذا إجاباتهم.

- هذا حسنٌ جدًا، على أية حال لقد انضم طالبٌ جديدٌ لصفكم! تفضل بالدخول.

خطا وكأنه يخطو فوق فؤادي، كان إحساسًا ثقيلًا.
شعرتُ بمغصٍ شديد، ورغبةٍ عويصةٍ بالتقيؤ، كما احسُ حدقتاي ترتعشان.
أهذا هو إحساسُ البدايات؟
-

دخل الصف وابتسامةُ ملاكٍ تعتلي وجهه الطهور، له عينانِ زرقاوان مشهبتان، وبشرةٌ حليبيةٌ باردة تحليها بقعٌ من الكرزِ على امتداد الوجنتين والشفتين.
شرذمةٌ من الشمس انسلت من زجاج النافذة لتجعل شعره يبرق بريق الذهبِ ولتنعكس من على أطار نظاراته الرفيع.

" أنا " صمت قليلًا كما لو أن عقلهُ رحل بعيدًا وترك جسده وحيدًا، غير أنه استطردَ بصوتٍ متحشرج : أنا ادوار ستار، أطبق عينيه واحنى رأسه بصورةٍ بسيطة.
-
لم تكن المرةَ التي أراه فيها، ومع ذلك فهو لم يكن الأمرء الذي عرفت قط، الحيرة تتجلى في عينيه، والضياع اتخذ من حنجرتهِ مسكنًا.
-
- في الزمنِ الحاضر-

رغم أن الممرضة قالت بأنه مازال حيًا، مازلت أظنهُ جثمانًا جميلًا لا أكثر فليس من بودار حياةٍ تسكنه غير نفسٍ بطيءٍ يجوب صدرهُ كيفما شاء، حينًا يرفعه وحينًا أخر يهبط به.

- شكرًا لك على المساعدة يا إيف، يمكنك الذهاب لصفكِ الأن

- على الرحب والسعى.
قلت هذا ودلفت.
-
القرمزي يلون السماء، ولم تكن السماء وحدها من تلونت بهِ بل الأجواء أيضًا!

فجأة وقبيل نهاية اليوم الدراسي، جميع أنوار المدرسة بلا استنثاءٍ انقطعت!

فُتحت سماعات المدرسة وتسلل منها صوتًا لم تستيقظ ذكراه في دماءِ أيٍ من الحاضرين: إذا كنتم تودون الحفاظ على حياتكم يا سادة، انزلوا إلى الساحة وامتنعوا عن إثارة المتاعبِ والشغب!

دوى بعدها صوتُ عيارٍ ناري، تحطم الزجاج وخدشت الرصاصة وجتني، لا تضايقني فكرةُ الموتِ كثيرًا ولكن رائحة البارود التي علقت في أنفي تجعلني أموتُ من الضيق!

-
انزلنا مجموعةٌ من المسلحين إلى ساحةِ المدرسة، كان هناك شخصٌ واحدٌ لم أعثر عليه في أيٍ من المجموعات، لعله - إذا لم يعثروا عليه على أية حال- يكون أملنا في الخروج من قبضةِ هؤلاء الحمقى.
-

فتحت عيناي بثقلٍ كبير، رائحة المنظفات شديدةُ العنف في هذا المكان، أنها تطعن خلايا أنفي بلا رحمة.

جلتُ ببصري في المكان، أين أنا؟

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: May 10, 2019 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

أبعاد متشابكةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن