صدمة

50 8 2
                                    

السابع من ديسمبر، ٢٠١٦... 

بدأت يومى بخبر موت أمى بالمستشفى. قال الأطباء أنهم قد حاولوا كل المستطاع لأجلها لكن شيئًا لم ينفع. لم أصدق ذلك.. لم أصدق كيف سأقول ذلك لإخوتى الصغار فيبى و دايزى، و بعدها دوريس و إرنست عندما يكبرا ،الذين قد أنجبتهم أمى منذ شهورحيث كانا صغيرين و ضعيفين. 

أخبرنى لوى بهذا الخبر بعد أن أكمل ساعاتٍ من البكاء الشديد المتواصل، غير مستوعب كليا ما الذى قد حدث للتو.

لقد كان لوى أقرب الناس لأمى، و العكس. كان لا يُترك يوم بدون أن يتصلا ببعضهما الآخر كل فترة، حاكِيَن ما يحدث، حدث، و سيحدث معهما أو أحد آخر. كان يأخذ بنصيحتها بكل شئ، كل شئ حرفيا. كان فى بعض الأحيان يتصل لكى يحكى لها مخططاته فى المستقبل أو يقول أى شئ يخطر على باله! لقد كان إبنها المدلل، كان "حبيب قلب الأم".

فيبى و دايزى كانتا بالمدرسة ولم يوجد أحد بالبيت معى، لذلك استغللت الوقت بالبكاء والصراخ على أمى المسكينة، عالمةً بأنى لن أحظى بوقت مثل ذلك مجددا. 
لقد كانت أمى محبوبة، كان كل من يتعرف عليها يقع فى حبها. لقد كانت الوردة وسط الأرض الجرداء ذات الحزن. لقد كانت منبع الحنان و العطف.. عانت فى حياتها كثيرا لكى ترسم لي و إخوتى الحياة الصالحة المثالية التى كانت تحلم بها لنفسها. كانت تشجعنا و تقف بجانبنا مهما حدث و كانت تحترم طرقنا فى الحياة. أمى لم تكن أى أم، بل كانت أم الدنيا.

توفت... كم كانت تلك الكلمة ثقيلة علي، ولكنها كانت اهون من ماتت. لقد اختارها ربى بجانبه، وبجانب من تحب. كنت بداخلى اتقطع من الألم و الحزن الذى مَررت به و خصوصا لأجل لوى لأنه أكثر شخص قد عانى.

 كنت أكره حياتى، كنت أريد أن انهيها، حاولت الإنتحار لكى أذهب لأمى و حاولت أن أدعى الله أن يحيها مرة أخرى لكنه لم يستجب.. لذا ابتعدت عن الله، لم أصبح اؤمن بوجوده.....

أعترف لقد كان أسوء قرار فى حياتى، لقد تدمرت حياتى حرفيا، من غير وجود من يتولى أصعب امورى و من يساندنى بكل شئ، ضعت. لقد ضعت فى الدنيا، لم أعلم من أكون.

عندها قويت علاقتى مع الله مرة أخرى و إكتشفت أن الحياة تستمر مهما حدث و علينا الإستمرار أيضا. الحياة قصيرة و علينا عيشها. أدركت أنه ابتلاء لكى يرى ربى قدرة تحملى و كيف سأتصرف. "الحمدلله على كل شئ" أقنعت نفسى. بعد ما حدث بأيام أدركت أنه لا سبب لكل هذا الحزن، فأمى الآن فى مكان أجمل بكثير، و من يعرف.. قد تكون فى هناء و راحة بسبب دعواتنا، و فى أية حال من الأحوال سوف نراها مجددا لكن عند قدوم الساعة...

: أصبحت أرفع و أرفع من ذى قبل.. لا أعلم ما العمل. لقد تغيرت لهذا الحال، لا أستطيع الرجوع لطبيعتى. لم أعد البنت ذات الخدين الممتلئين الحمراوين، بل أنا الآن مثل *العصى الفرنساوية*. تخلصت من كل ملابسى و أخذت ملابس إخوتى القديمة الصغيرة، فهى تناسبنى و تناسب حالتى. أعلم أنى طويلة لذلك معظم ملابسى قصيرة... أصبحت أفضل الملابس فضفاضة لكى أسترجع نفسى القديمة.. التى لا أستطيع الوصول إليها مجددا

فى تفكيرى..... الموتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن