اعين الياقوت

ليلث

الصمت و الحزن ، هذا هو حال عرفان و كوخه الكئيب ، عندما فتح عرفان باب كوخه فاحت من الداخل روائح الخشب المحترق ، دخل عرفان و طلب مني أن اغلق الباب ورائي ، دخلت كوخه و أغلقت الباب و صرت أتأمل في هذا الكوخ البالي ، رفوف ركيكة تكاد تسقط من القدم ، و سرير اكل عليه الدهر و تغير لونه ليصبح بنيا ، و على الجهة اليسرى رفوف من الكتب ، كتب كثيرة جدا ، و في الجهة اليمنى ، لوحة ، لوحة لمرأة بيضاء ذات ملامح حزينة ، هذه اللوحة هي الشيء الوحيد النظيف في هذا الكوخ البالي ، طبطب عرفان على كتفي 

عرفان: رمكان ، اترى هذا السرير ، لو حدث أي شيء أو شعرت بأي خطر ، اختبأ تحت هذا السرير و لن يمسك أي مكروه

قال رمكان و هو يضحك :استهزأ بي يا جدي

صمت عرفان و لم يجبه ، حاول رمكان أن يتحدث مع عرفان ، لكن عرفان كان يبدوا و كأنه يبحث عن شيء
رمكان: باب!!

لمس عرفان احد الرفوف و فجأة فتحت الأرضية التي تحت اللوحة، كوخ حجري فيه مخبأ سري، عظيم حقا

عرفان: رمكان اسمع ل...
فُتح باب الكوخ و اذا بفتاة تدخل بكل ثقة، نظرة الفتاة نحو رمكان بنظرة احتقار

الفتاة: جدي ، من هذا المقرف ، ايعقل انه السادس !

أومأ عرفان بهدوء بالإجابة ، لم تزل الفتاة تحتقر رمكان بنظراتها ، اقتربت منه و أصبحت تنظر بوجهه
الفتاة: انه ضعيف حقا ، جدي انه لا يستحق أن ...

عرفان: ليلث ، كوني فتاة مطيعة ، أنتِ لا تعرفين من هو هذا الفتى

مد رمكان يده ليصافحها و هو يبتسم
رمكان: أنا رمكان ، تشرفت بمعرفتك يا ليليث
تقدمت ليلث و مرت من جانب رمكان دون أن تصافحه ، حاولت استفزازه بأي طريقة ممكنة ، عبس رمكان قليلا ثم ابتسم مرة أخرى بطريقة مستفزة و بدأ يحدق بليلث دون أن تشعر

دخلت ليليث من الباب السري الذي كان يؤدي إلى اسفل ، اقترب عرفان من رمكان

عرفان: اسف على ما بدى منها ، الأهم من هاذا كله تعال هيا

نزل عرفان هو الآخر للأسفل

رمكان: م-م- ، تبا ، كيف -بصرخة تعجب-
المكان كان مبنيا بصخور مرعبة ، لكن كانت متقنة جدا ، و مزخرفة برسومات غريبة ، نجوم و شموس ، سيوف ، قرون ، شياطين ، و بين كل تلك الزخرفات ، زخرفة لثعبان طويل يمتد إلى آخر الغرفة ، و في الجدار الآخر رسمات أخرى لكن نفس الثعبان يمتد إلى أخر الطريق ، ليتلاقيا فوق باب خشبي و يلتفا حول بعضهما ، و يحملان ياقوتتا حمراء ، و منقوش داخل تلك الجوهرة ، قرص شمسي

عرفان: أترى هذه النقوش ، خلفها معاني خفية ، معاني لن يفهمها غير النخبة ، نخبة النخبة ، و أنت ، يجب أن تعرفها بأي ثمن ، و اعلم أن تفسيرك لن يشبه تفسيري أبدا ، لكن ، كلنا على صواب ، في النهاية الجوهر واحد ، و المعنى يختلف ، كل شيء متصل في السماء هو نفسه ما في الأرض ، كذلك المعاني ، متصلة بالأفكار و مختلفة ، لكن جوهرها واحد و صحيح ، كلامي كومة من التفاهات ، أو ، كلامي قد يكون كنزا للمعرفة ، فكر بمبدأ العرفان يا بني ، كل كلمة تخفي معنى خفي باطني ، فكر بطريقة باطنية ، فكر بكلامي يا فتى ، فأنت من يحدد اهو صحيح أم خاطئ