الفصل التاسع

4.7K 130 25
                                    

كانت الرياح تتلاعب بخصلات شعرها السوداء الطويلة وهي مستمتعة بمياه البحر الباردة التي تلامس رجليها البيضاء الصغيرة الحافية من الحذاء...
تنشقت بعمق رائحة البحر المنعشة ناظرة إلى البحر .....
مضت فترة طويلة طويلة جدا منذ أن زارت البحر ربما منذ خمسة سنوات أو أكثر .....لاتنكر انها تحب البحر وتعشق السباحة فيها والغوص في أعماقه المظلمة....
نظرت إلى ثوبها الأبيض الذي يصل إلى ركبتها لم ترتدي ثوبا كهذا من قبل ...
لقد ألحت عليها جوري لترتدي هذا الثوب مثلما ألحت عليها للقدوم في هذ النزهة البحرية....
الجميع يبدوا مسرورا وسعيدا ....
جوري تجلس بجانب راسل الذي يلف ذراعه حولها محتضنا لها غير مهتم بمعارضتها ....
راجح يحمل إبنته شمس وهو يعلمها السباحة بينما أشهب يحمل ولده عاصم على أكتافه يلاعبه بمحبة......
لفت نظرها قيس الذي يسبح بمهارة كان يبدوا وسيما ....
هزت رأسها بسرعة من هذه الفكرة التي راودتها ...تبا لهذا ماذا يحدث لها لم تهتم يوما لرجل أو تتغزل به فمالذي يحدث معها الآن.....
إبتلعت ريقها وهي تبعد نظرها عن قيس ناظرة إلى فاطمة وأسيل وأسماء ومروة الجالسون بجانبها منشغلون في الحديث عن تجهيزات زفاف جوري ....
أبعدت نظرها عنهم تغمض عينيها مستمتعة بتلاعب النسيم بشعرها غارقة في أفكارها .....
شهقت بعنف وهي تفتح عينيها تشعر بالماء الذي بلل وجهها فجأة...
وقفت بسرعة وهي تنظر إلى مجد الذي قذف عليها الماء وهو يضحك بمرح وسرور.....
"أنت تبدين مضحكة ياعمتي....."
غمرت مطر كفها في الماء وهي لاتفهم نوبة المرح التي إنتابتها لأول مرة ...
رشقته بالمياه وهي تهتف بشقاوة جعلتها تبدوا فاتنة ...."مضحكة ....ها إذن عليك تحمل هذا ...."
صرخ مجد بمرح وهو يرشقها بالماء ....
أطلقت مطر صيحة مرح وهي غافلة عن الأعين التي تراقبها بذهول ...
راقب قيس مطر التي تمرح لأول مرة وبسمة مرسومة على شفافهها جعلت من حفقات قلبه تتسارع دون ان يفهم سبب ذلك....
شعرت مطر بأحد يدفعها وبدون تحكم منها سقطت في البحر لتبتل .....
نظرت إلى الخلف لترى بأن زياد هو الذي دفعها في ابحر غامزا لها بشقاوة إظهرت مدى جاءبية عينيه الزرقاء ....
"عمتي هل أنت بخير ...."
إقترب مجد من مطر وهو يسألها بقلق ظهر على ملامحه البريئة ....."هل أنت بخير عمتي ..."
نقلت مطر نظراتها إلى مجد الذي إقترب منها ،رفعت يدها وهي تمسح وجهها المبتل نادرة إلى شعرها الذي إبتل بالكامل ....
"أنا بخير ...ولكن انظر إلى ماذا أوصلتنا شقاوتك لقد إبتللت بالكامل..."
نظر إليها مجد وهو يمد يده الصغيرة مبعدا خصلة من شعرها سقطت على وجهها وهو يهتف ببرائة جعلت زياد وراجح ينفجران ضحكا بينا فتحت مطر فمها ببلاهة من حديثه الشقي...."أنت تشبهين حورية البحر ..."
رمشت مطر عدة مرات من تشبيه الغريب ....
نظرت إلى ثوبها الذي إلتصق بجسدها فأظهر منحيناته مما جعلها تحمر خجلا ...خاصةوأن بعض الموجودين على الشاطئ اصبحت نظراتهم عليها مما جعلها تنزعج ....
"زياد...."
"ماذا...."
"أحضر لي منشفة فأنت تعلم بأنني لن استطيع الخروج من البحر هكذا..."
لأول مرة يرى زياد مطر خجلة ومحمرة هكذا ،بدت وهي مبتلة وبهذا الثوب كفتاة لم تتجاوز التاسعة عشرة من عمرها ...فهم خجلها وإنزعاجها من نظرات الموجودين ....
"حسنا إنتظري قليلا ..."
كان سيهم بإحضار منشفة ولكن قيس أعطاها له ...
"تفضل ...."
أمسكها زياد وهو يناولها لمطر التي لفتها حول نفسها جالسة على الشاطئ حتى تجف ثيابها....
قبض قيس على قبضته بقوة وهو يرى نظرات الشبان التي يوجهونها نحو مطر ..
إنها تجذب نظر كل الموجودين بملامحها الجميلة ،إنتابته رغبة بأن يذهب ويلكمهم فليس من حقهم النظر إليهم هكذا.....
زفر بغضب وهو يتوجه نحو الشاطئ....
جلس زياد بجانب مطر وهو يضع يده على كتفها مما جعل مطر تحدق إليه بإستغراب .....
لكن زياد لم يتحدث بل رمقها بنظرة حنونة وهو يقبل وجنتيها.....
تقبلت مطر قبلته الأخوية وهي تفكر أن هذا اليوم حقا غريب لكنه ممتع وربما لو حظيت بنزهة جميلة كهذه في صغرها لإعتبرتها معجزة وضربا من الخيال ........

ربيع قلب مطر/الكاتبة غسق السوسنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن