الفصل الثاني

4.9K 148 6
                                    


"أرجوك يا أمي انا جائعة ....لم أتناول الطعام منذ ثلاثة أيام....."تحدثت مطر وهي تشعر أن بطنها سيتقطع من شدة الجوع   لم يدخل بطنها شيئ سوى كسرة خبز يابسة قبل ثلاثة أيام.........
ولم تتوقع أن كلماتها البسيطة ستجعل المرأة أمامها كشيطان تهيأ بجسد إمرأة.....

عاجلتها والدتها بصفعة أسقطتها  على أرض الغرفة البالية وهي ترفسها بعنف مهددة بقسوة......

"لاتناديني بأمي أيتها الحيوانة ...ولاتتحدثي معي مرة آخرى ....أتمنى أن أقتلك وأتخلص منك ومن والدك الذي رماكي علي  ورفض حتى رؤيتك....."

كانت دموعها تسقط بغزارة فسنوات عمرها الخمس وجسدها الضعيف لن يحتمل كل هذا العنف ...بدأت تستجديها لعملها ترحمها وترحم ضعفها وصغر سنها....."توقفي يا أمي أنت تؤلمينني....أرجوك ....أرجوك..."

زادت جميلة من قوة رفساتها وهي تسمعها تناديها أمي ....فصرخت بعنف وصوت عالي....."لاتناديني أمي .....قلت لكي لاتناديني أمي......"

كانت تنهج بقوة وهي تضرب بكل قوتها ناسية أن من تضربها ليست سوى طفلة بريئة ظلمها القدر  .....
لم تتوقف عن ضربها إلا وهي ترى مطر غابت عن الوعي  ....إبتعدت عنها بتعب وهي تبصق على وجهها شاتمة إياها بأبشع الكلمات موجهة خارج ذلك المنزل المهترئ ذاهبة لتمارس فسقها وفجورها ......غير مبالية بما أقدمت عليه منذ قليل.....

إسَتيْقظتُ وقتها وأنا أشعر بأني سأموت من شدة التعب .... لقد بكيت وأنا أنادي بألم...."ماما ...مما أنا أسفة ......"
حاولت النهوض ولكني كنت أسقط من شدة الألم ودموعي كانت تسقط بغزارة .....

نظرت إلى نفسي وقتها في المرآة الموضوعة في زاوية الغرفة ....رأيت فتاة صغيرة ظلمتها الحياة بأبشع الصور
جسدي كان مليئا بالكدمات التي تحولت الآن الأزرق البنفسجي وجهي  تشوهت معالمه من شدة الضرب فلم يتبين منه سوى عينين زرقاوتين شفافتين مليئتين. بدموع الألم ولسان حالي وقتها يسأل..."لماذا ....ماذا فعلت...."
تحاملت على نفسي وأناأمشي بخطوات بطيئة خارج المنزل لعلي أجد ماأسد به جوعي ....
كان الحي الذي نسكن به فقيرا ومعالم الفقر فيه واضحة ....
لم أجد غير مكب النفايات لأبحث فيه عن شيئ يؤكل ......
جلست وسط النفايات وأنا أبحث وسطها كما يفعل القطط والكلاب بجواري ....
وجدتُ حبة تفاح نصفها فاسد حملتها وبسمة ألم تشق وجهي المجروح .....
إبتعدت عن مكب النفايات وأنا أتوجه نحو البيت أغسل حبة التفاح بالماء لعل الرائحة الكريهة تذهب منها .....حاولت أن أزيل الجزء الفاسد منها...

كنت أقضم من حبة التفاح ودموعي تسقط بعنف ...الجوع والوحدة. .....البرد والخوف كنت أشعر بهم جميعا .......

حتى في المدرسة كنت وحيدة .....الجميع يتجنبني  بسبب ملابسي الممزقة ومظهري غير اللائق....ورغم سنوات عمري الصغيرة كنت هادئة باردة لا أحاول التقرب من الآخرين......كنت أظن أن الأمور لن تصبح أسوء مما عليه فما أشد الألم والفقر والجوع .....واليتم بوجود والدين حيين ....

ربيع قلب مطر/الكاتبة غسق السوسنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن