الخطوة الأولى : التسليم القلبي :
وهو ما عبرت عنه الروايات الشريفة بالإيمان بالغيب ، الغيب الذي فُسر بأنه المهدي(عجل الله تعالى فرجه) ، وهذا يعني أن أول خطوة للمؤمن في طريق الانتظار هو التسليم النفسي بضرورة المهدي(عجل الله تعالى فرجه) وكل ملابسات هذه القضية ، من ظهور دينه على الدين كله ، وما يستلزمه من صعاب لا بد منها ، والتسليم بالغيبة وإن طالت ، والتسليم بالأوامر الصادرة من أهل البيت(عليهم السلام) فيما يتعلق بواجبات زمن الغيبة – على ما ستعرفه إن شاء الله تعالى قريباً –
عن داود ابن كثير الرقي ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) في قول الله عز وجل " هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب " قال : من أقر بقيام القائم(عليه السلام) أنه حق .
وعن يحيى بن أبي القاسم قال : سألت الصادق جعفر بن محمد(عليهما السلام) عن قول اللهعزوجل " ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب " فقال : المتقون شيعة علي(عليه السلام) والغيب فهو الحجة الغائب . وشاهد ذلك قول الله عزو جل : ويقولون لولا انزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين "الخطوة الثانية : الشعور بالمسؤولية :
بمعنى أن المنتظر لا بد أن يعيش حالة من الشعور بأنه قد ألقي عليه مهمة التمهيد لظهور المهدي(عجل الله تعالى فرجه) ، وهذا يستلزم العمل وفق مبادئ الإسلام التي من أهمها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ...
إن تنامي هذا الشعور في الوسط المؤمن يخلق أرضية مناسبة لظهور المهدي(عجل الله تعالى فرجه) ، وعلى هذا يكون الإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه) هو من ينتظر الناس ، أي ينتظر أن يقوم عدد كاف من المنتظرين بمهمة التمهيد لظهوره ....
وهذا ما تعبر عنه بعض الأفكار المستفادة من الروايات ، بأن المهدي(عجل الله تعالى فرجه) يظهر حين يظهر والإيمان على أشده كما أن الكفر على أشده.الخطوة الثالثة : الاستعداد للتضحية من أجل الدين :
فإن الدين في زمن الغيبة سيكون في خطر من جوانب عديدة : فالابتعاد عن زمن النص ، وغياب حجة الله تعالى على الأرض ، وتكالب الأعداء وتعاونهم ضده ، والتشكيك بقضية المهدي(عجل الله تعالى فرجه) ، واضطهاد المؤمنين ، بالإضافة إلى نوازع الشر والشهوات الكامنة في أعماق النفوس ، كلها مصادر خطر على الدين ، والمطلوب من الفرد المنتظر أن يفق في مواجهة جميع هذه التحديات .
عن يمان التمار قال : كنا عند أبي عبد الله(عليه السلام) جلوسا فقال لنا : إن لصاحب هذا الأمر غيبة ، المتمسك فيها بدينه كالخارط للقتاد - ثم قال هكذا بيده - فأيكم يمسك شوك القتاد بيده ؟ ثم أطرق مليا ، ثم قال : إن لصاحب هذا الأمر غيبة فليتق الله عبد وليتمسك بدينه .الخطوة الرابعة : الاستعداد العملي ليوم الظهور :
صحيح أن الغيبة كانت أطول مما هو المتوقع ، ولكن يوم الظهور آتٍ لا محالة ، ومعه ، فلا بد من الاستعداد العملي لمساندة الإمام المنتظر(عجل الله تعالى فرجه) ، فعن أبي بصير قال :
قال أبو عبد الله(عليه السلام) : ليعدنّ أحدكم لخروج القائم ولو سهما فان الله إذا علم ذلك من نيته رجوت لان ينسئ في عمره حتى يدركه ، ويكون من أعوانه وأنصاره .الخطوة الخامسة : المتابعة الميدانية للظروف الموضوعية :
فإن الروايات الشريفة قد بينت علامات وشرائط لظهور المهدي(عجل الله تعالى فرجه) ، والتي يمكن معرفة بعضها من خلال تتبع جريان الأحداث في العالم ، الأمر الذي عبرت عنه الروايات الشريفة بضرورة معرفة الزمان ، يقول أمير المؤمنين(عليه السلام) : أعرف الناس بالزمان ، من لم يتعجب من أحداثه ... ويقول الإمام الصادق(عليه السلام) : العالم بزمانه ، لا تهجم عليه اللوابس .
((... وكلما كان الإنسان عارفا بزمانه استطاع أن يتنبأ بالحوادث القادمة أفضل ، ولا يندهش لأي حادثة لأنه تنبأ بها من قبل . قال الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) : "أعرف الناس بالزمان من لم يتعجب من أحداثه" ، من هنا فإن القائد العارف بزمانه الواعي لمتطلبات عصره يفهم واجبه في الهداية والإمامة عندما تطرأ الشبهات السياسية وغير السياسية ، ولا تهجم عليه اللوابس ، كما قال الإمام الصادق(عليه السلام) :العالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس))
وخلاصة ما يجب ملاحظته في هذا الجانب :
1 – معرفة جريان الأحداث السياسية في العالم ، خصوصاً تلك المتعلقة بما يسمى بالدول العظمى... ويدخل ضمن هذا قراءة أسباب سقوط دول عظمى ، وإن كان هناك أسباباً خفية فلا بد أن تعرف أن يداً غيبية تدخلت في ذلك...
2 – متابعة الظروف الخاصة التي ينشأ في أحضانها مدّعوا المهدوية على طول خط التاريخ ، ومحاولة تلمس الأدوات التي يعتمدونها ، والخطط التي يتبعونها في نشر دعاواهم أو في إقناع المخاطب بقضيتهم ... حتى لا يقع المؤمن لقمة سائغة في أفواههم ... ولأن هذا الموضوع مهم جداً ، وهو محل ابتلاء بين الفينة والأخرى ، فسنشير إليه في الملحق الثاني من ملحقات هذا القسم الثالث ، قسم واجبات الأنام في زمن غيبة الإمام (عجل الله فرجه) ، فانتظر.
3 – متابعة نمو المذهب الحق ، ورصد تحركات العدو ضده ، فلا شك أن لهذه المعرفة - إذا ترجمت إلى عمل جاد - أثراً مهماً في خلق القاعدة المناسبة وتهيئة الظروف الملائمة ليوم الظهور المقدس.الخطوة السادسة : زيادة الرصيد المعرفي بدولة الحق :
لا شك أن من أهم ما يجعل المنتظر لدولة الحق متلهفاً لها ولنصرتها هو معرفته بها معرفة إن لم تكن تامة فواسعة ، إذ المعرفة بها وبما توفره للبشر من مبادئ للسعادة الدنيوية والأخروية يمثل أكبر دافع وأقوى حافز للعمل على التمهيد لها ، والتمهيد لها هو خلاصة ما يجب فعله في زمن الغيبة الكبرى ...
ويدخل في هذا السياق متابعة الحركة العملية المتعلقة بالإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه) ، من دراسات حديثة وكتب جديدة ومجلات متخصصة في الشأن المهدوي ، إذ لا شك في قدرتها عموماً على زيادة المعرفة بالإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه) وبدولته العظيمة وملابساتها المختلفة.
إن زيادة المعرفة بدولة الحق هو ما يجعلها بارزة واضحة لا لبس فيها ، وهو ما عبر عنه الإمام الصادق(عليه السلام) فيما ورد عن محمد بن عصام ، قال : حدثني المفضل بن عمر ، قال : كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) في مجلسه ومعي غيري ، فقال لنا : إياكم والتنويه - يعني باسم القائم (عليه السلام) - وكنت أراه يريد غيري ، فقال لي : يا أبا عبد الله ، إياكم والتنويه ، والله ليغيبن سبتا من الدهر ، وليخملن حتى يقال : مات أو هلك بأي واد سلك ؟ ولتفيضن عليه أعين المؤمنين ، وليكفأن كتكفئ السفينة في أمواج البحر حتى لا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه ، وكتب الإيمان في قلبه ، وأيده بروح منه ، ولترفعن اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يعرف أي من أي . قال المفضل : فبكيت ، فقال لي : ما يبكيك ؟ قلت : جعلت فداك ، كيف لا أبكي وأنت تقول : ترفع اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يعرف أي من أي ؟ قال : فنظر إلى كوة في البيت التي تطلع فيها الشمس في مجلسه ، فقال : أهذه الشمس مضيئة ؟ قلت : نعم . فقال : والله لأمرنا أضوء منها "
أنت تقرأ
تأملات مهداوية
Spiritüelنبدة وتامل وكلام عن الامام الثاني عشر من ائمة الهدى الموعود المنتظر وخصوصاً اننا نعيش في عصر ما قبل ظهورة عجل الله فرجه الشريف وجعلنا الله واياكم من انصارة واعوانه والشاهدين لدولتة الاسلامية المباركة