كيف تكون منتظراً حقيقياً🕊

237 15 2
                                    

الخطوة الأولى : التسليم القلبي :
وهو ما عبرت عنه الروايات الشريفة بالإيمان بالغيب ، الغيب الذي فُسر بأنه المهدي(عجل الله تعالى فرجه) ، وهذا يعني أن أول خطوة للمؤمن في طريق الانتظار هو التسليم النفسي بضرورة المهدي(عجل الله تعالى فرجه) وكل ملابسات هذه القضية ، من ظهور دينه على الدين كله ، وما يستلزمه من صعاب لا بد منها ، والتسليم بالغيبة وإن طالت ، والتسليم بالأوامر الصادرة من أهل البيت(عليهم السلام) فيما يتعلق بواجبات زمن الغيبة – على ما ستعرفه إن شاء الله تعالى قريباً – 
عن داود ابن كثير الرقي ، عن أبي عبد الله(عليه السلام) في قول الله عز وجل " هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب " قال : من أقر بقيام القائم(عليه السلام) أنه حق . 
وعن يحيى بن أبي القاسم قال : سألت الصادق جعفر بن محمد(عليهما السلام) عن قول اللهعزوجل " ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب " فقال : المتقون شيعة علي(عليه السلام) والغيب فهو الحجة الغائب . وشاهد ذلك قول الله عزو جل : ويقولون لولا انزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين " 

الخطوة الثانية : الشعور بالمسؤولية :
بمعنى أن المنتظر لا بد أن يعيش حالة من الشعور بأنه قد ألقي عليه مهمة التمهيد لظهور المهدي(عجل الله تعالى فرجه) ، وهذا يستلزم العمل وفق مبادئ الإسلام التي من أهمها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ...
إن تنامي هذا الشعور في الوسط المؤمن يخلق أرضية مناسبة لظهور المهدي(عجل الله تعالى فرجه) ، وعلى هذا يكون الإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه) هو من ينتظر الناس ، أي ينتظر أن يقوم عدد كاف من المنتظرين بمهمة التمهيد لظهوره ....
وهذا ما تعبر عنه بعض الأفكار المستفادة من الروايات ، بأن المهدي(عجل الله تعالى فرجه) يظهر حين يظهر والإيمان على أشده كما أن الكفر على أشده.

الخطوة الثالثة : الاستعداد للتضحية من أجل الدين :
فإن الدين في زمن الغيبة سيكون في خطر من جوانب عديدة : فالابتعاد عن زمن النص ، وغياب حجة الله تعالى على الأرض ، وتكالب الأعداء وتعاونهم ضده ، والتشكيك بقضية المهدي(عجل الله تعالى فرجه) ، واضطهاد المؤمنين ، بالإضافة إلى نوازع الشر والشهوات الكامنة في أعماق النفوس ، كلها مصادر خطر على الدين ، والمطلوب من الفرد المنتظر أن يفق في مواجهة جميع هذه التحديات .
عن يمان التمار قال : كنا عند أبي عبد الله(عليه السلام) جلوسا فقال لنا : إن لصاحب هذا الأمر غيبة ، المتمسك فيها بدينه كالخارط للقتاد - ثم قال هكذا بيده - فأيكم يمسك شوك القتاد بيده ؟ ثم أطرق مليا ، ثم قال : إن لصاحب هذا الأمر غيبة فليتق الله عبد وليتمسك بدينه . 

الخطوة الرابعة : الاستعداد العملي ليوم الظهور :
صحيح أن الغيبة كانت أطول مما هو المتوقع ، ولكن يوم الظهور آتٍ لا محالة ، ومعه ، فلا بد من الاستعداد العملي لمساندة الإمام المنتظر(عجل الله تعالى فرجه) ، فعن أبي بصير قال : 
قال أبو عبد الله(عليه السلام) : ليعدنّ أحدكم لخروج القائم ولو سهما فان الله إذا علم ذلك من نيته رجوت لان ينسئ في عمره حتى يدركه ، ويكون من أعوانه وأنصاره . 

الخطوة الخامسة : المتابعة الميدانية للظروف الموضوعية :
فإن الروايات الشريفة قد بينت علامات وشرائط لظهور المهدي(عجل الله تعالى فرجه) ، والتي يمكن معرفة بعضها من خلال تتبع جريان الأحداث في العالم ، الأمر الذي عبرت عنه الروايات الشريفة بضرورة معرفة الزمان ، يقول أمير المؤمنين(عليه السلام) : أعرف الناس بالزمان ، من لم يتعجب من أحداثه ... ويقول الإمام الصادق(عليه السلام) : العالم بزمانه ، لا تهجم عليه اللوابس . 
((... وكلما كان الإنسان عارفا بزمانه استطاع أن يتنبأ بالحوادث القادمة أفضل ، ولا يندهش لأي حادثة لأنه تنبأ بها من قبل . قال الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) : "أعرف الناس بالزمان من لم يتعجب من أحداثه" ، من هنا فإن القائد العارف بزمانه الواعي لمتطلبات عصره يفهم واجبه في الهداية والإمامة عندما تطرأ الشبهات السياسية وغير السياسية ، ولا تهجم عليه اللوابس ، كما قال الإمام الصادق(عليه السلام) :العالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس)) 
وخلاصة ما يجب ملاحظته في هذا الجانب :
1 – معرفة جريان الأحداث السياسية في العالم ، خصوصاً تلك المتعلقة بما يسمى بالدول العظمى... ويدخل ضمن هذا قراءة أسباب سقوط دول عظمى ، وإن كان هناك أسباباً خفية فلا بد أن تعرف أن يداً غيبية تدخلت في ذلك...
2 – متابعة الظروف الخاصة التي ينشأ في أحضانها مدّعوا المهدوية على طول خط التاريخ ، ومحاولة تلمس الأدوات التي يعتمدونها ، والخطط التي يتبعونها في نشر دعاواهم أو في إقناع المخاطب بقضيتهم ... حتى لا يقع المؤمن لقمة سائغة في أفواههم ... ولأن هذا الموضوع مهم جداً ، وهو محل ابتلاء بين الفينة والأخرى ، فسنشير إليه في الملحق الثاني من ملحقات هذا القسم الثالث ، قسم واجبات الأنام في زمن غيبة الإمام (عجل الله فرجه) ، فانتظر. 
3 – متابعة نمو المذهب الحق ، ورصد تحركات العدو ضده ، فلا شك أن لهذه المعرفة - إذا ترجمت إلى عمل جاد - أثراً مهماً في خلق القاعدة المناسبة وتهيئة الظروف الملائمة ليوم الظهور المقدس.

الخطوة السادسة : زيادة الرصيد المعرفي بدولة الحق :
لا شك أن من أهم ما يجعل المنتظر لدولة الحق متلهفاً لها ولنصرتها هو معرفته بها معرفة إن لم تكن تامة فواسعة ، إذ المعرفة بها وبما توفره للبشر من مبادئ للسعادة الدنيوية والأخروية يمثل أكبر دافع وأقوى حافز للعمل على التمهيد لها ، والتمهيد لها هو خلاصة ما يجب فعله في زمن الغيبة الكبرى ...
ويدخل في هذا السياق متابعة الحركة العملية المتعلقة بالإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه) ، من دراسات حديثة وكتب جديدة ومجلات متخصصة في الشأن المهدوي ، إذ لا شك في قدرتها عموماً على زيادة المعرفة بالإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه) وبدولته العظيمة وملابساتها المختلفة.
إن زيادة المعرفة بدولة الحق هو ما يجعلها بارزة واضحة لا لبس فيها ، وهو ما عبر عنه الإمام الصادق(عليه السلام) فيما ورد عن محمد بن عصام ، قال : حدثني المفضل بن عمر ، قال : كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) في مجلسه ومعي غيري ، فقال لنا : إياكم والتنويه - يعني باسم القائم (عليه السلام) - وكنت أراه يريد غيري ، فقال لي : يا أبا عبد الله ، إياكم والتنويه ، والله ليغيبن سبتا من الدهر ، وليخملن حتى يقال : مات أو هلك بأي واد سلك ؟ ولتفيضن عليه أعين المؤمنين ، وليكفأن كتكفئ السفينة في أمواج البحر حتى لا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه ، وكتب الإيمان في قلبه ، وأيده بروح منه ، ولترفعن اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يعرف أي من أي . قال المفضل : فبكيت ، فقال لي : ما يبكيك ؟ قلت : جعلت فداك ، كيف لا أبكي وأنت تقول : ترفع اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يعرف أي من أي ؟ قال : فنظر إلى كوة في البيت التي تطلع فيها الشمس في مجلسه ، فقال : أهذه الشمس مضيئة ؟ قلت : نعم . فقال : والله لأمرنا أضوء منها "

تأملات مهداويةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن