الفصل الحادى عشر

25.9K 517 21
                                    

الفصل الحادي عشر

بعد وقت طويل,كان قد إنتهى من سرده حياة مريم وكل شيء يخصها..سرده عليهم مداريا لمحات كثيرة كانت تغلب فيها مشاعره حين يتكلم عن ذكرى تستدعي ابتسامة,حزن...ووجع وما أكثرها..وبالطبع تجنب ما عاشته مؤخرا وعانته على يد ممدوح من تحرش مهين لها سوف يكون إنتقامه الخاص وحده ولن يعلم به مخلوق مهما حدث.
وجه الكلام الى السيدة منى متجنبا النظر في وجه ياسر الذي بدى على قسماته الألم مما سمع:
"هذه قصتها كاملة منذ نشأتها وما حدث لها على قدر جهدي حاولت حمايتها ولكن لم أستطع صد الجميع عنها ومنع كل الأذى"
نظرت له مني ببعض التفحص قالت بعدها:
"هل مريم تعلم حقيقتها أم تظن أنها إبنة عمك"
هز رأسه بنفي قائلا:
"مريم تعلم جيدا أن لا أب لها لقد أخبرها ممدوح إبن عمي في إحدى مشاجراتهم وهي في الثانية عشر أنها ليست أخت له وأنها مثل من ترى في أمريكا ولقبها في مجتمعنا إبنة حرام أتت تسألني لا تعلم معنى الكلمة لم تخبرني أن ممدوح نعتها بهذا الوصف بل سألت عن معناه يومها لم أنتبه لبكائها وأثار الدموع في عينيها وأخبرتها محاولا أن أبسط الكلمة لها وذكرتها كيف أخبرتها أن تحافظ على نفسها وأن إبن الحرام ناتج عن علاقة غير شرعية وأن هذا يغضب الله منا وان الله ينهانا عن ذلك ويحب الالتزام بكلامه سبحانه حتى لا نغضبه وأن طفل الحرام مكروه ولن يحبه أحد...ولم أعلم أن محاولتي اتخاذ أسلوب النهي والترهيب أني سأسيء الى مشاعر الطفلة الصغيرة بداخلها وأجرحها جرحا أكبر...بل أشيد بما قاله ذلك الحقير..إنهارت يومها وعلت شهقاتها وتمتمت من بين شهقاتها *اذا لهذا تكرهونني*.ارتبكت متفاجئا بما تقول وحاولت أن أستفسر منها لما قالت هذا؟ فأخبرتني أنها علمت سبب كرهنا لها لأنها ليست أخت ممدوح وإسراء وأنها ليست أخت لي..حاولت أن أنهاها وأُفهمها ولكن مع ذكائها وإنفتاح المجتمع من حولنا وإضطهادهم لها كانت أدركت حتى مع سنها الصغير هذه الحقيقة ودخلت في حالة نفسية سيئة جدا لم تتبادل الحديث مع أحد وتوقفت عن الإلحاح على فريال بإستعطافها ومحاولة جعلها تحبها حاولت أن أخرجها من هذا وكنت مجبرا أن أخبرها الحقيقة مبسطا إياها ما إستطعت لكي يستوعبها عقلها الصغير أن هناك ما يسمى الزواج العرفي وأنه سيء أيضاً لأنه يحدث بالسر لكنه يبقى زواج ولكنها أدركت أنه لا فرق إن كان زواج عرفي أو مجرد علاقة كلاهما يُغضب الله وفِي خضم أنانية الجميع نسوا وجود طفلة منبوذة علمت بحقيقتها وتنزف بصمت"
قاطعه صوت السيدة منى هاتفة به فاقدة السيطرة على هدوئها مما تسمع:
"يا الله كيف إستطعتم ذلك,أي عائلة مريضة تعيش بها المسكينة ما كل هذا الألم ما الجريمة التي إرتكبتها"
نظرت لزوجها الذي يتألم بصمت مما يسمع غير قادرعلى التفوه بكلمة يشعر أن قلبه يطعن مع كل كلمة يسمعها كيف كان أعمى لما لم يتأكد من جزء منه لم يختفي مع أكبر خطأ إرتكبه في حياته..قالت زوجته بحدة موجهة اللوم له:
"أتسمع ياسر كم ضحية تركت كم إنسان حطمت وآذيت!! ما ذنبها هي في أنانيتك؟؟"
وجهت الكلام بعدها لإيهاب بعزيمة وكأنها إتخذت قرار لا رجع فيه:
"أنا أريدها"
رد إيهاب بإستفهام:
"عفوا لا أفهم من ؟"
ردت عليه بصبر:
"أنت أتيت لتطالب بحق مريم صحيح،أنا أريدها هنا معي"
"لماذا تريدينها أنا لا أفهم أنا أتيت في طلب محدد سيدتي وهو إثبات حقها لتستطيع بعدها أن تأخذ حقها من الجميع"
"اسمعني بني رغم أنها إبنة من كانت في فترة سببا في إنهيار أسرتي وكادت أن تجعلني أخسر أولادي أيضاً المنطق قال أن أتشبث في حقي برفض ما تطلبه ولكن أنا هنا كما أخبرتك لا أرى إلا ضحية أخرى انسان مسلوب حقه أريدهذه الفتاة ليعود حقها ربما بعد أن تجلس معنا نستطيع بثها قليلا من الإطمئنان عجزتم أنتم أن تمنحوه لها أعدك أني لن أفرقها عن بناتي أبدا,والقرار في يد ياسر وحده في منحها إسمه وأنا أخبره أمامك أني لا أمانع أبدا فالضرر وقع بالفعل فلن يضر منحها إسمه في شيء"
قال ياسر أخيرا قاطع صمته وحيرته مما سمع عن إبنته,يخاطب زوجته بعينه بإمتنان لم تخذله يوما رغم كل الألم الذي سببه لها معدن أصيل لم تتخلى عنه يوما والان مستعدة لتقبل إبنته متناسية أنها إبنة إمرأة أخرى.
رد بقرار قاطع,مخبرا إياه:
"رتب كل ما يلزم إيهاب ووعدت به أنا سوف أمنح مريم إسمي ونسبها الحقيقي كما تريد"
لم يستطيع إيهاب في هذه اللحظة تحديد مشاعره الفرح الانتصار لقد رد لها جزء صغير ومهم من حقها وسوف يرده كاملا بعد إثباته زواجه منها وإعلانها زواجه له وأم لطفله الذي حلم به طويلا.
أكمل ياسر قائلا:
"لكن كما أخبرتك زوجتي أنا أريدها إيهاب هنا معنا ان نعوضها جزء صغير من حقها"
رد عليه إيهاب بإعلان واضح حتى يحدد لهم كل خططه وما يريد:
"لكن أنا أخبرتك أنها زوجتي وأول أسباب سعي لإثبات زواجي منها وأنا لن أتخلى عنها مهما حدث او كان الثمن لا أستطيع تركها بعيدا حتى ولو أيام"
رد ياسر بتأكيد:
"ولكن هذا شرطي إيهاب على ما تريد"
"لا تساومني سيد ياسر"
فرك وجهه بيده بحيرة,هل يخبره بأخر أمر لديه سوف يخبره وليكن ما يكن .
"سيد ياسر حاول أن تفهم..الوضع حقا معقد بما فيه الكفاية سبب سعي وتسرعي في طلبي وأيضا أن تزوجها لي بنفسك وبأقصى سرعة"
أضاف بتردد يراقب الوجهين الذين يستمعا بترقب:
"زواجي من مريم زواج كامل وهي تحمل طفلي"
صاح به ياسر بصوت جهوري:
"ماذا تقول هل هذه لعبة حتى لا تبعدها عنك"
رد إيهاب بتأكيد وقوة:
"لا يوجد أي لعبة..لدي ما يثبت الزواج وأستطيع ان أجعلك تراه وأيضا هي زوجتي أي ما يحدث طبيعي لما تستنكر الأمر أو تظنه مجرد محاولة مني لإبقائها لدي"
"ولكن أنت أخبرتني هناك أنك تعتبرها إبنتك..أنت يا إلهي أنت ضعف عمرها تقريبا"
قطعت زوجته الحديث الذي يبدو انه سوف يشتعل مرةأخرى:
"إهدأ ياسر على ماذا تلومه هي زوجته كما يخبرك هل تعترض على ما يحلله الله"
وأضافت بعدها بتشدق:
"على الأقل هو زواج شرعي لا عرفي ياسر لا نعلم ظروفهم الكاملة حتى نستطيع الحكم عليه ولا تستطيع محاسبته بل شكره لأنه سعى أن يعيد اليك إبنتك ويحاول ان يثبت حقها وحق طفلها"
صمت ياسر مفكر في كلام زوجته وكلامها المبطن لا يستطيع حتى الرد فهي لديها الحق في كل كلمه تحدثت بها .
أعادت حديثها لإيهاب:
"بالطبع لن يستطيع أحد أن يأخذ زوجتك منك ولكن طلبي منك أنا أريد أن أراها أعرفها وان تتعرف علينا هدفي مصلحتها هي بني وهذا سيساعدها على تقبل كل الحقائق مما شرحته لي..أستطيع ان أتخيل ما تعاني منه ربما أنت تجهله لكن أخبرتك لدي من مثلها وأستطيع بقلبي أن أشعر بكل ما شعرت به من قهر مارأيك؟"
حدث نفسه *لا يعلم ما تمر به* هل يمازحونه ؟!!هو أدرى الناس بمأساتها وبما تعاني منه وبكل ألم شعرت به.
وافق المرأة بهدوء:
"أنا لا يوجد لدي أي مانع ولكن أولا ننهي كل الإجراءات اللازمة لأستطيع أن أخبرها الأمر بهدوء وتروي حتى لا يؤثر هذا عليها بالسلب ومع حالتها الصحية الراهنة يجب أن أتوخى الحذر في كل شيء معها"
وافقه ياسر وزوجته بصمت ويعقدون إتفاقهم أخيرا على سفر إيهاب الى أمريكا ليأتي بكل ما هو مطلوب لإنهاء الأمر في أقرب وقت مع الحفاظ على السرية التامة ليودعهم بعدها على الاتفاق بالتواصل وأخبارهم بكل ما هو جديد.وجه شكره وإمتنانه لتلك المرأة التي تمثل الآن منقذته فلولا هي ما كان استطاع ان يصل لشيء.
***************
بعد يومين,مما حدث في بيت ياسر الراوي وإتفاقهم على تسجيلها بإسمه أخيرا,لم يستطع تحديد مشاعره من فرح غامر ربما إنتصار لها فمازال لا يصدق أن الأمر تم من جهة ياسر ولن يكون مجبرا بعد الآن على خوض حرب طويلة معه شعر بالإنتصار من أجلها هي لأنه رد جزء ولو بسيط من حقوقها من مجتمع ظالم وتمنى فقط أن يتم الأمر بهدوء وسرعة,كما خطط له..قاوم نفسه بضراوة أن لا يخبرها فهو يريد أن يتم الأمر كامل حتى يستطيع مواجهتها بكل شيء..يعلم جيدا أنها ستغضب منه عندما تعلم بالحقيقة كاملة ولعلمه بوجود والدها الحقيقي الذي رأته وتحدثت معه بلقائهما في السفارة هناك وبكل أنانية وخوفا أن يفقدها قرر الصمت وألا يخبرها..لن تفهم خوفه عليها وقتها من مجهول ومن أب لم يحدد ما يريده بحزم للأسف يعترف لنفسه أخيرا أن جاسر لديه كل الحق في إتهامه له بأنانيته فيها ومشاركة عمه وأمها في خططهم وأفعالهم وقتها ولكن هو حاول أن ينقذها وقتها ظن في نفسه القوة أن يستطيع حمايتها حتى من نفسه وها هو يقف الآن أمام باب غرفتها يريد أن يدخل اليها بعد ان كان في الماضي القريب فقط لا يوجد بينهم أي عائق او حدود متردد أن يواجهها لا يستطيع النظر في عينيها القاتلة له بنظراتها المختلطة بالألم والسخرية من إهتمامه وحرصه على طعامها او أدويتها ولكن يجب أن يطمئنها قليلا أن يودعها ويخبرها بسفره المقرر اليوم ليأخذ قراره ببعض الحزم والقوة فتح بابها بدون إستاذان كالعادة يقتحم حصنها وكم يتمنى أن يقتحم أفكارها ليعلم فقط فيما تفكر وأين وصل بها عقلها.
فتح الباب لتقع عينيه عليها جالسةعلى أريكة بجانب نافذة غرفتها شاردة حتى لم تنتبه لوجوده بعد إقترب منها بخطوات هادئة متمهلة ليصل إليها وهي على شرودها حتى لم تلقي نظرة اليه تفهمه أنها شعرت بوجوده حولها..جلس جانبها بصمت يتأمل وجهها الذي يسكنه الحزن آه صغيرتي لو أستطع فقط أن أخبرك بكل شيء أن أبثك الإطمئنان ولكن هناك الكثير يمنعني ويقيدني وعد نفسه *فقط إيهاب بضعة أيام أخرى وسوف تستطيع أخبارها بكل شيء.*
قرب يده ليلتقط يدها المستريحة بجانبها فجفلت وإلتفت له كأنها لم تتوقعه او فوجئت بوجوده نظرت له للحظات بعد ان أدركت انه هو عينيه في عينيها بنظرات تحكي الكثير ولكن نظراتها غامضة شعر أنه يخوض في بئر عميق متسع ملئ بالحزن لا عيون حبيبته وطفلته المليئة بالشقاوة رغم كل ما رأته إلتفت مشيحة وجهها عنه مرة أخرى تنظر من نافذتها تحاول أن تسحب يدها بهدوء من بين يديه فترك يدها وحاول إدعاء البرود أخبرها بصوت عادي غير مكترث في نبراته ولكن داخله يتحرق شوقا اليها:
"أنا أتيت لإخبارك فقط بسفري لأمريكا لبعض الوقت..لدي عمل هام هناك ولن أستطيع تأجيله"
غمغمت لنفسها تردد كلمته:
"تسافر لعمل!"
أغمضت عينيها بيأس,ماذا كانت تنتظر أن يأتي يخبرها بندمه او إعتذار لها على صمته ويعلن وجود طفله الذي يحاول أن يوهمها بأهميته لديه فلتت دمعة واحدة مقهورة عندما وصلت أفكارها الى نقطة محددة إيهاب لا يريدها ولا يريد الطفل هل يهرب منها ويتركها هنا وحيدة في منزل يعرف جيدا ما تعانيه فيه,ان إكتشفوا أمرها لن يرحموها أبدا يعلم ذلك ويعلم قلوبهم المتحجرة ورغم علمه سوف يتركها ويغادر غير مكترث فعمله أهم من فتاة الظلام لقد أصبحت ثقل يجب البعد عنه،لتؤكد لنفسها للمرة التي لم تعد تعي عددها منذ ما حدث أنها مصيبة في قرارها يجب أن تنفذ ما قد عزمت عليه وبدون أي تأخير او مزيد من الإنتظار وماذا تنتظر؟ لقد وضح كل شيء سوف يذهب ويتركها..يهرب كعادته مع أي أمر يخصها..إقترب منها عند رؤيته لنظرات الألم والدمعة الفارة من عينيها غلبه قلبه وحنينه اليها كيف يستطيع السفر بدون لأن يضمها إليّ صدره يشبع أنفاسه من رائحتها..يطمئن قلبه بأنها هنا في انتظاره واللقاء قريبا بعد ان يحقق ما ينصرها ويرفع شئنها أمام الجميع.
إقترب منها وحاوطها وضمها الي صدره بشدة فقاومته للحظات فقط وبعدها تركت نفسها بين يديه تدفن رأسها في صدره وتطلق لدموعها العنان مبررة لنفسها وجيب قلبها العالي فقط إحتضان أخير منه حضن وداع حتى تسجل في قلبها كل دقة منه تحفظ في ذاكرتها كيف يكون دفء صدره..تذكر نفسها بالحنان الوحيد الذي حصلت عليه من انسان ولكنه حنان زائف على قدر ما أعطي أخذ..حدثها بصوت هادئ بعد أن تغيرت نبرته الباردة وحاول بثها إطمئنان واهي:
"لا تبكي أرجوكِ أعدك بالعودة سريعا..أعدك عند عودتي بأخذ حقك مني وحل هذا الوضع"
تحركت يديها تحيط خصره بشدة تضم نفسها إليه تحدث نفسها:
*حضن وداع يا مريم أخر ضمه لصدره ذكري نفسك جيدا وعود واهية أخرى وعد كاذب مثل كل وعوده زائفة وخاوية لو أراد حل الأمر من كان سيمنعه او يقف في طريقه.*
ظلا على احتضانهم بعض الوقت بدون تبادل أي كلمات وكأن ما عاد أي كلام يقال بينهم لا تعلم هل دام عناقهم لحظات دقائق لم تشعر بشيء تركها ببطء مميت لهما بعدها تفحص وجهها نظر الي عينيها طويلا.
قطع الصمت محدثها بكلمات قليلة:
"حافظي على نفسك جيدا وتجنبي الجميع سوف أحدثك يوميا حاولي الرد لأطمئن عليك"
لم ترد فقط نظرت اليه كأنها تحفظ ملامحه وتسجل صورته في ذاكرتها..تحرك من جانبها ناحية باب غرفتها إلتفت اليها قبل ان يغادر:
"رحلتي بعد بضعة ساعات من الآن ثقي بي مريم لولا الأمر الهام وما أسعى اليه ما كنت تركتك أبدا"
إلتفت بعدها يهم بفتح الباب ليوقفه صوتها:
"إيهاب"
إلتفت اليها لتهب واقفه مسرعة اليه فتح أحضانه اليها لترتمي بين يديه تضمه بشدة قالت الكلمات برجاء أخير يائس بصوت خافت:
"لا تتركني لا تغادر إبقى إيهاب"
ضمها إليه بشدة يملأ رئتيه من عبير روحها قال بعد برهة الكلمات الطاعنة لها من دون أن يشعر:
"ليت بإستطاعتي حبيبتي ولكن الأمر هام يجب أن أغادر"
أكمل بصوت يرجوها بحرارة:
"حافظي على الطفل مريم هذه أمانتك طفلي وأنتِ تركت أمانتي لديك حافظي عليهما من أجلي"
،إنسحبت من أحضانه ببطء ويأس تهز رأسها بموافقة واهية على طلبه ورجائه الكاذب بالنسبة لها..قالت ببطء وقنوط:
"إرحل إيهاب,غادر"
تراجعت للوراء خطوات قليلة إلتفت بعيدا عنه تعلن لنفسها وضعف روحها وقلبها تجاهه مؤكدة,لقد إنتهى كل شيء وصدر القرار من كليهما.
***************
بعد أسبوع،,
مر أسبوع على تركه لها لقد استطاع في وقت قياسي أن يحصل على ما يريد وما ساعده كثيرا انه كان بالفعل قد أخبر محاميه هنا منذ وقت طويل البحث والتقصي عن الأمر وجلب كل الأوراق اللازمة,شعر بالانتصار فكل الأوراق لديه الآن وتم رفع القضية بتغير إسمها هنا فعل جيدا بالتوكيل الذي جعلها في الماضي تعطيه له ساعده كثيرا هنا سوف يتمم باقي الإجراءات بالسفارة الأمريكية في البلاد لن يستطيع ان يغيب عنها أكثر من تلك المدة.
لكن قبل كل شيء يجب أن يواجه عمه وفريال..لم يعلم أحد بوجوده حتى الآن أتي في سرية ليستطيع التحرك بدون أي إزعاج او تعطيل منهم..إن مواجهتهم الآن قد تكون مدمرة وحرب ضارية يعلم الله وحده ما هي عواقب دمارها. ولكن كما إتخذ قراره سابقا,سيخوض كل حروبه مرة واحدة ويحدث ما يحدث..الآن هو مطمئن لقد تم رفع القضية هنا كما أنه تم إرسال جميع الأوراق لمحامي ياسر وأيضا محاميه هو ولم ينسى أن يطبع نسخة إضافية تحسبا لأي حدث وإرسلها لجاسر. فتح هاتفه ليرسل رسالته اليومية للسؤال عنها يريد أي خبر يطمئنه عليها فقدإتصل بها يوميا عشرات المرات ولكن لا رد منها أبدا..أرسل الرسائل لها ولكن لا مجيب فتقصى أخبارها من جاسر وزوجته المقيمة معها تقريبا بناء على طلبه حتى يطمئن قلبه قليلا عليها من الوحوش التي تعيش معهم..للأسف يعلم جيدا كيف هي أمه وإسراء وما هو ممكن أن يفعلوه بها في غيابه. ضغط على أزرار هاتفه يبعث رسالته اليومية لها سألها عن أحوالها متأملا أن تجيبه ولو بكلمة واحدة تطمئنه عليها..نفض أفكاره قليلا عنها وسلح نفسه بجميع أسلحته في أهم مواجهة له لوضع كل شخص عند حده,أجرى اتصاله بعمه فأجابه:
"مرحبا كيف حالك إيهاب هل تذكرت الآن أن تجيبني"
أجابه باقتضاب:
"مرحبا عمي أنا هنا عمي وأريد أن أراك أنت وزوجتك في أمر هام للغاية قبل عودتي للبلاد"
دمدم عمه بإستفهام:
"ماذا تعني بأنك هنا هل أتيت لأمريكا؟؟"
"نعم"
"ومريم هل أتت معك ؟؟"
أجابه بصوت قاطع و مذكرا إياه بمحادثتهم الحادة:
"أخبرتك يا عمي مريم لن تترك البلاد ولن تأتي إلى هنا وأنا قد أتيت وأريد رؤيتك لأسمعك وتستمع لي ونتحاسب على كل شيء"
أجابه عمه ببعض الإرتباك من نبرة صوته الحادة القاطعة,سأل نفسه ما الذي يقصده بالحساب ؟!لقد ظن بما علمه أنه الأقوى وسوف يستطيع كسره أخيرا ربما غضب قليلا بما علم وخاف أن يخسر فريال إن علمت بما جرى لإبنتها ولكنه في داخل نفسه شعر بالراحة لأنه أخيرا استطاع إيجاد ما يضغط به عليه..زلة صغيرة يأخذهاعليه ويعيد زمام الأمور في يده هو لا يد ابن أخوه.
قال بعد لحظات:
"حسنا إيهاب أنتظرك في المنزل الآن..سوف أخبر فريال ولكن هل أستطيع أن أعلم طبيعة المقابلة"
رد عليه بصوت ساخر متشدق:
"ما بك عمي؟! عن أي طبيعة تتحدث هل نسيت أن البيت بيتي أنا وعندما أريد أن أتي لا أحتاج الإذن من أحد أنا أخبرك فقط لتكون متواجد أنت وزوجتك"
"لم أقصد إيهاب..هل تعايرني الآن أنه منزلك"
"بالطبع لا عمي ولكن أذكرك بالأمر فقط ربما تكون نسيت مثل ما نسيت عدة أشياء فمثلا جميع ما تملك حولته لأموال ووضعتها في حساب زوجتكً وربما لولا وقوفي لك لكنت أضعت جميع شركتنا أيضا"
لينهاه عمه بحدة:
"إيهاب ما بك..أصبحت فاقد السيطرة غير مراعي لأحد"
ظفر إيهاب بضيق قائلا:
"فقط إنتظرني..الكلام في الهاتف لن يجدي لكلينا"
****************
بعد وقت ليس بالقليل،،
وصل إلى المنزل الذي شهد مراهقته وشبابه حتى زواجه السابق تم هنا بناء على وصية والده الذي حمله إياها أن لا يفترقوا ويبقى الجميع يدا بيد ولكن والده كان يعرف جيدا بينه وبين نفسه أنهم لن يكونوا يوما العائلة الطبيعة المترابطة ولكنه حاول وضحى وغطى على جميع أفعالهم ولكن لا فائدة منهم..اذاً فليبحث عن نفسه وعن حق من تقدره حقا ويهمه أمرها لا شيء يستحق أن يضحي بطفل تمناه وكاد يفقد الأمل في أن يحصل عليه يوما لعل ضميره يرتاح وهي تسامحه بعد رجوع حقها.
طرق باب المنزل وقد عقد العزم على أن يواجههم ومتسلح بكل قوته لن يتراجع مهما كانت النتائج..يعلم أن المواجهة ربما كانت من الأفضل بعد أن يتم الأمر لكن يحب أن يغلق جميع حساباته المفتوحة كما أنهما بالتأكيد سوف يقومان بإرسال خطاب لعمه يعلموه فيه أن إبنته قامت بطلب لتغير إسمها..إذاً فليسبقهم هو حتى يضع النقط على الحروف له ويعلم أنه سيقف له بكل قوته والخاسر الوحيد سيكون هو إن إنجر وراء خطط فريال.
فتحت له الخادمة الباب وبعد ترحيب معتاد منها دلف بهدوء إلى المنزل,متحدثا إليها بلغته الإنجليزية:
"أخبري عمي أني وصلت وأنتظره في حجرة الإستقبال"
أجابته:
"تحت أمرك لحظات فقط"
إنصرفت بهدوء تلبي طلبه..توجه إلى الغرفة مباشرة ينتظرهم هناك سوف يخبرهم بالأمر ويغادر فورا عائدا إلى الوطن إليها هي تحديدا..بعد دقائق,دخلت فريال أولا كالعادة دائما هي أولا وبعدها يأتي كل شيء بملامحها القاسية وعلامات البرود التي لا تفارق وجهها..يعلم أنه برود يحتل قلبها وروحها أيضا هذا إن كان لديها قلب أو روح مثل سائر البشر. دلف بعدها عمه وعلى وجهه علامات قلق وتوجس وهذا نقطة في صالحه,حدث نفسه خوف عمه في صالحه وان كان خوف عمه كالعادة دائما خوف من فريال..جلست أولا فريال تواجهه بجلستها المتغطرسة تعقد ساق فوق أخرى وجلس عمه من الجانب الأخر لتتحدث فريال أولا,بصوت بارد:
"مرحبا إيهاب مر وقت طويل على رؤيتك"
أجابها ببرود مماثل لبرودها:
"مرحبا زوجة عمي أنا بخير بالتأكيد"
أضاف بتهكم:
"جيد أنك تذكرتي أن وقت طويل مر على مغادرتي"
قاطعهم عمه بصوت مشحون بأفكاره وانفعالاته من ملامح إبن أخيه فحاول مهادنته ربما لا يتسبب في كارثة:
"جيد أنك بخير سعداء برؤيتك"
"وأنا سعيد برؤيتك عمي بالتأكيد ولكن لا يوجد لدي وقت لكل هذا الترحيب لندخل فيما أتيت من أجله مباشرة"
ردت فريال بتغطرسها المعتاد:
"وما الذي أتيت له على وجه الخصوص ووقتك ضيق هكذا؟ ولما تصر على وجودي أنا بالذات؟!"
أجابها:
"ربما لأنه يخصك ويهمك أو ربما أنا أعتقد ذلك,أولا لنوضح الخطوط العريضة لكليكما منذ أكثر من عام تم زواجي من إبنتك زواج بموافقة كليكما"
أضاف بسخرية:
"هل تتذكرينها فريال تلك الصغيرة التي كانت هنا تدعى مريمربما قمت بنسيان اسمها"
قاطعته فريال متأففة بضجر:
"هل أتيت كل هذه المسافة لتخبرنا بأمر نعلمه بالفعل ما الذي تريده؟؟ أيضاً يجب أن أقوم بتذكيرك مثل ما ذكرتنا,زواج قمت بالإلحاح عليه ولكنه ليس بزواج حقيقي ما مقصدك إذاً بالتذكير؟"
رد يواجهها بثقة وألقي كلماته بغير اكتراث لهما:
"لا فريال هانم إنه زواج فعلي وشرعي أمام الله,وما أردته من تذكيري لكم أن تعلمون أن الزواج أصبح كامل بالفعل"
ردت فريال ببعض التوجس بعد إن اسشعرت الحزم في كلماته التي لم تفهم معناها :
"ماذا تعني أنه أصبح زواج كامل أو فعلي أي ما كان تقوله؟!"
"أعني يا زوجة عمي أنه زواج مكتمل الأركان ..أصبحت زوجتي بالفعل ما هو الغير مفهوم في كلامي بالضبط"
إلتفت لعمه يشير له وهو يكمل:
"ألم يخبركِ لقد علم منذ فترة وإتصل بي يدعي غضبه"
ظهرت علامات الشر الخالص على فريال وهي تصرخ بنبرات علت قليلا:
"ماذا قلت؟! أنت أخذت إبنتي سرا!! إستخدمت زواج تعلم أنه غير حقيقي وبررت لنفسك به كيف إستطعت..."
إلتفتت لزوجها:
"وأنت علمت ولم تخبرني ما الذي يحدث هنا؟ هل هذه خطة بينكما أنتما الاثنين؟!أخبراني"
رد عليها إيهاب بقوة:
"أي إبنة فريال التي تدعين الغضب من أجلها أنت حتى لم تسأليني عن أحوالها,حاولتي الاطمئنان عليها ولو مرة..عام كامل وبضع أشهر الآن ولم ترهقي نفسك كذبا إدعاء الإهتمام وإجراء مكالمة واحدة لها تشعرينها أنها تعني لك شيئا"
صرخت فريال متجنبة الرد عليه وجهت غضبها لزوجها بجنون:
"حسين هل تسمع ما قاله إبن أخيك؟ هل كنت تعلم أنه أتم زواجه منها بالفعل؟"
رد حسين بإرتباك وبعض الخوف من إغضابها لا يريد خسارتها:
"إهدئي حبيبتي أنا لم أعلم إلاما قاله ممدوح فقد إتصل بي منذ فترة وقال كلام غير واضح وعندما إتصلت بإيهاب نفى الأمر بالطبع,هل تصدقين هذا ؟ربما إيهاب لم يقصد هذا ولا يعنيه"
نظر له إيهاب بذهول يا الله هل وصل جبن عمه وضعفه للكذب وأمامه !!نظر له عمه نظرات ضعيفة بها رجاء صامت ألا يكذبه ولكن إيهاب قرر وإنتهى الأمر ولن يتراجع مرة أخرى:
"لا يا عمي لم يحدث هذا,لم أنفي شيء"
توجه لفريال وعلامات الشر الخالص تكسي وجهها:
"إبنتك زوجتي فريال وإنتهى الأمر ما الذي تعترضي عليه الآن وغاضبة منه تحديدا؟ هل إهتممت بها يوما لتغضبي هكذا أذكر قديما أخبرتيني وأنت تعيدين كلماتي أني قلت أنها مسئولة مني وأنت أكدت بإعطائي موافقتك (كلها لك أفعل ما تريد) وأنا قبلت الصفقة فريال ..مريم ربيبتي وحدي وأصبحت زوجتي ولا تملكين حتى حق الاعتراض"
هتفت فريال بتهديد:
"سوف أبلغ الشرطة والسلطات عنك بإرتكاب جريمة يحرمها القانون"
سخر إيهاب بكلماتها:
"أي قانون تحديدا..امّم نعم هل تقصدين قانون منع زواج الأقارب؟"
عقد حاجبيه يتصنع التفكير لحظة وتشدق بعدها بكلماته مستمعا برؤية جنونها وعمه بخوفهم مما قد يحدث:
"أحب أن أخبرك أفعلي ما تريدين فريال فمريم ليست إبنة عمي وقريبا لن يراها القانون أختي أنا في طريقي لإعادة الحق لصاحبته وتساعدني من هي أفضل منك من تستحق لقب أُم حقا حتى وهي تشفق على طفلة لم تراها إلى الآن ومستعدة لإحتضانها وهي إبنة عدوتها"
عادت فريال لتواجه معاني كلماته وقالت بصوتها الغاضب:
"ماذا تعني بما تقول؟!كف عن ألغازك وأخبرني مباشرة"
"حسنا سيدة فريال سوف أخبرك لقد ذهبت لياسر الرواي بنفسي وأخبرته ما أراد أن يسمعه عندما علم بوجود مريم أنها إبنته من صلبه وأخبرته أني أريد أن تحصل على إسمه وساعدتني إمرأة بقلب طاهر يحوي كل مشاعر الإنسانية والرحمة على جعل ياسر يوافق وأعلنت عن تقبلها لها تحت سقف بيتها لأنها أم وتحمل الفطرة الرحيمة في قلبها هل تعلمين من هي منى القاضي زوجة ياسر ؟كما أني حضرت منذ زمن وأنهيت جميع أوراق مريم مجرد وقت قصير وسيتم إرجاع حقها إليها"
هدر عمه به قاطع الصمت مدافع عن فريال يعلم جيدا كم ترفض الأمر زخوفه عليها مما قد يحدث لها أو مما ستفعل فيه:
"هل تمزح إيهاب؟ هل فقدت عقلك؟ بالتأكيد كاذب هذا مستحيل..هل ضحيت بأسمائنا وبعائلتك هكذا؟"
إقترب من فريال يحاول أن يهدئها ويطمئنها متصنع الحزم مع إيهاب و قال:
"تجرأ وأفعلها إيهاب وسترى ما سأفعله بك ..سوف أتقدم ببلاغ أمنعك من تغير إسمها وأرفع قضية عليك وعلي ياسر"
صرخت فريال وهي تنفض يده بعيد عنها:
"إخرس...إخرس حسين أنت السبب..أنت من جعلتني أعطيها له أنت من منحته الفرصة للتبجح الآن أمامي أخبرتك أن الحل كان زواجها من إبن صديقتي هو من كان سيجعلها تحت أيدينا"
صرخت بجنون غير قادرة على السيطرة على نفسها تتهم زوجها:
"وأنت أقنعتني أن هذا الحقير هو المناسب لها وهو في صفنا ..كنت أعلم أنه سوف يضيعها مني ويجعل ياسر والغبية زوجته ينتصرون عليّ سوف أحرقكم جميعا لن أسمح لك سوف أبلغ الشرطة وأقيم الدنيا وأفضح ياسر في كل الصحف من قال أنها إبنته من أخبركم أنها له سوف أنكر الأمر وأريني ما ستفعله"
هدر إيهاب ردا على كلامها:
"إلتزمي حدودك فريال معي ..أنا لست حسين ولا ممدوح ولا أحد من الخاضعين لكِ سواهما,كنت أحتملك فقط إحتراما له"
مشيرا إلى عمه.
"وأصبر عليكِ إكراما لمريم فقط حتى لا تحرميني منها ولكن الآن لم أعد أهتمً او أبالي أفعلي ما تريدين فريال وما يحلو لكي خرج الأمر عن سيطرتك كل الإثباتات معي وهناك أيضا ما يدعى بتحليل إثبات النسب ولو أُجبرت سأقوم به لها لا أستطيع شكرك أنتِ وعمي أنكم لم تسجلوها في بلادنا فلن تستطيعا الإعتراض أو فعل شيء هناك والقانون هنا في صفها هي..كما أحب أن أخبرك أني سأحاربكم بقوتي كما سوف تفعلون وأيضا أذكرك يا عمي أن كل الأعمال أنا الذي أملك نصيب الأسهم الأكثر بها وأستطيع لو أردت أن أسيطر على كل شيء بسهولة وأبلغ عن جميع تجاوزتكم التي تعدت حدود العقل,أتعلمي فريال لو أردت وقتها لنسفت صديقتك وإبنها الفاشل المدمن الذي كنتِ تريدين القضاء على حياتها بتزويجها منه,ثم من أخبرك وقتها أني كنت سأوافق ؟كنت سأقف وأعارض بكل قوتي لقد صبرت وأقنعتكم بصبر رغبة مني ألا أفتعل مشاكل معكم وأن لا أفقدها هي وأجعلها تتمرد لكن إن وصل الأمر لهذا الحد,كنت أبلغت الشرطة بنفسي لتعديكم على حريتها..أنا أردت أن أنقذها هي فقط من تداعيات الأمر وما سيحدث على أثره"
صرخت فريال بجنون والشر الذي تحتويه نفسها تلقي عليه كلمات طالما سمعها منها أكتر من غيرها وهي تلقيها بكلمات مبطنة سابقا:
"أنا لن أسكت تهددني يا عقيم ..لن أسكت سترى ما سوف أفعله بك وبالحقير الأخر ياسر اتفقتم علي أقسم أن أنتزعها منك,أنت تستغل ابنتي أنا وتبليها بك وبعقمك..ماذا ألم تكتف بمن خانتك وهي تحمل لقبك مع صديقك وتركتك وفرت هاربة إليه"
ربما الكلمات سابقا كانت تذبحه وهي تشعره بعجزه ونقصه ..رجل خانته زوجته مع أقرب الناس اليه وأيضا محاولتها بالتلميح أن رجولة ناقصة غير مثمرة كأرض بور لكن الآن لسخرية القدر لا يريد إلا أن يضحك فإبنة المتبجحة أمامه الآن من دون كل البشر هي من أثبتت كذب اتهاماتهم وتحمل طفله بين أحشائها هي من منحته بين ذراعيها كل شعور بالكمال وروت أرضه العطشى من روح أنوثتها ليعود جزء ناقص منه كان يبحث عنه طويلا متمثلا فيها هي صغيرته.
وقف للحظات ينقل نظراته بين فريال وعمه لا يعلم شعوره انتصار أو ربما شماتة بتخبطهم إنتقام بسيط بجنونهم ورؤية فريال وكل الأمور تفلت منها وأكبر مخاوفها أن ينتصر ياسر عليها تحققت..غادر بهدوء بدون أن يعطيها حتى كلمة رد واحدة شيطانه يسيطر عليه أن يخبرها بحمل إبنتها من العقيم ولكن لن يفعل ليس لشيء ولكن ليحفظ سرها إلى أن يعلنها للعالم أجمع وهي زوجته القانونية كما أنه يخاف عليها من أي خطط قد تفعلها حقيرة مثل فريال وهو بعيد عنها كل هذه المسافة ليصبر فقط بضعة أيام أخرى فقط..لقد إقترب الأمر كثيرا"
**************
"هل أنت مستعدة"
قالتها مَي بتردد للواقفة أمامها وكلها إصرار وعزيمة على ما تنويه..ردت عليها مريم بصوت قاطع:
"نعم مَي مستعدة ولن يجعلني شيء مهما كان أن أتراجع"
ردت مَي بصوتها المتردد تحاول أن تنهيها عما تنوي..شعرت ببعض الخوف عليها لديها أمل أن تُحل الأمور بدون أن تلجأ مريم لخطتها فقالت لها:
"ربما لو صبرتِ قليلا مريم وإنتظرنا سيحل الأمر..قرارك صعب وخطر"
ردت مريم:
"ماذا مَي هل تنخلين عني الآن؟ أنا لن أتراجع في قراري وإن كنت تريدين أن تخلفي بوعدك لا مشكلة لدي صدقيني لن تكوني الأولى التي تعدني وتخذلني"
اقتربت منها مَي سريعا تمسك يديها وقد عزمت أمرها وأنهت ترددها:
"لا تقولي ذلك أخبرتك أنني معك مهما كان ما تنوي فعله لن أتركك مهما حدث ولن أخذلك أبدا يجب أن تثقي بذلك أنا أحاول مناقشتك الآن لخوفي عليكِ حبيبتي لا أريدك أن تندمي يوما على قرارك هذا..كنّت أريد إعطائك أنت كل الفرص والوقت الممكن"
ردت مريم بصوت قوي حازم وعازم على قراره:
"لا فرص أخرى مَي لا لي ولا له فإيهاب أخذ كل الفرص و أثبت ككل مرة أنه لا يستحق,وأنا لا فرص لي مع نفسي أنا من إرتضيت لنفسي هذا الذل أستحق ما أنا فيه وأيا كان مصيري...."
صمتت لحظات لتكمل:
"المهم لدي أنكِ معي مَي ولن تتركيني"
"لن أتركك أبدا مريم"
وأضافت بصوت تحاول تصنع المرح:
"هيا بنا الآن لقد تأكدت خلو البيت من المعزة إسراء وزوجة عمك (الشمطاء ) سيدة إلهام"
"كيف إستطعتِ أن تعيشي معهم كل هذا؟! لو كنت مكانك لفجرتهم ودفنتهم في الحديقة الخلفية منذ زمن"
إبتسمت مريم بألم وهي تقول:
"لا أتمنى لك أن تكوني يوما مكاني لا أنت ولا أي أنثى أخرى"
ربتت مي على كتفيها بحنو:
"أسفة مريم من أجلكً ..حبيبتي سامحيني لم أقصد تذكيرك بشيء"
"لا تأسفي لم يحدث شيء أعلم أنك تمزحين والآن هي بنا لا أريد أن يضيع الوقت في الكلمات"
خرجت من الغرفة بهدوء هي وصديقتها حتى لا يلفتن نظر أحدا متوجهة للخارج وفِي قرارها لن تعود لهذا البيت مهما حدث طوال عمرها هذا ان كان في عمرها بقية تذكر..وصلا إلى سيارة مَي ركبا بدون كلام متوجهتان إلى المكان المقصود,كلا منهما غارقة في تفكيرها..كل تفكير مَي في الخوف على من جانبها من قراراتها ومستقبلها,وأيضا من شيء تخبئه على زواجها جاسر,تذكرت بالأمس حاولت أن تبسط له الأمر حتى لا يتهمها أنها تفعل شيء من ورآه فهي جربت أن تُخفي عنه شيء سابقا ولولا حبه لها وتفهمه لغبائها هذه الفترة كانت دمرت حياتها وحرمت إبنتها من أن تنشأ بينهم. إتخذت قرارها بالأمس أن تخبره أنها ستخبّئ عنه شيء لا تريده ان يعرفه فكان رده:
"هل هو شيء لا تستطيعين البوح به لي ..لن أخبر أحد تعرفين ذلك حبيبتي"
ردت وقتها محاولة أن تفهمه صعوبة أن تبوح له بالأمر:
"هو لا يخصني كما أخبرتك جاسر كل ما أريدك أن تعلمه أني سأفعل شيء لا أريدك أن تعلمه أن تثق بي وأن تتفهمني لو إكتشفت الأمر"
صمت بملامح غامضة ليسألها بعدها:
"هل أنت مجبرة على المساعدة وعلى عدم إخباري"
تنهدت بضيق وهي تخبره بشكل قاطع:
"هي صديقه لي جاسر ولن أستطيع التخلي عنها يجب أن أساعدها وعدتها بهذا حاول أن تتفهم"
صمت بعدها محاولا إدَّعاء أنه تفهمها,ليجعلها تعده أن لا تتهور وأن تحرص ان مهما كان الأمر لا تساعد في أذية من تساعدها ولا أذية نفسها..نظرت لصديقتها الغارقة في أفكارها تضغط على شيء ما في يدها بقوة.
قالت بعدها:
"أوقفي السيارة مَي قليلا أريد إجراء مكالمة هامة"
أجابتها مَي وهي تحاول أن تأخذ جانب الطريق:
"لحظة واحدة حبيبتي لنوقف السيارة في مكان أمن وخالي نسبيا"
وضعت مريم ما بيدها بحرص شديد في حقيبتها وأخرجت هاتفها,عاقدة العزم بداخلها,إيهاب يجب أن يتعذب مثلها يجب أن تذيقه مما أذاقها هذا إن كان لديه ذرة إهتمام واحدة بها ولكن يجب أن يعلم بقرارها حتى لا يبحث عنها أبدا يجب أن تخبره للمرة الأخيرة بما يعتمل بصدرها..خرجت من السيارة تبتعد قليلا عن مسامع مَي,تطلب رقمه لأول مرة من يوم مغادرته لم تجيبه على أي إتصال أو رساله إنتظرت لحظات على الهاتف ليأتيها صوته يرد بلهفة مناديا إسمها بعدم تصديق...روحه تطالب بالتأكد أنها هي فعلا من تتصل به..أجابته هي ببرد وجفاء وقسوة مما تنوي أن تخبره به فهو معلمها الأول وهي أصبحت تلميذة نجيبة لأستاذها:
"مرحبا إيهاب."
رد عليها بلهفة غير مبالي ببرود نبراتها:
"مرحبا حبيبتي لقد إشتقت اليك,لا أصدق أنكِ خرجتي من صمتك وحدثتني !!"
ردف بصوت منتصر:
"أنا سآتي قريبا جدا مريم,ولدي خبر سيسعدك حبيبتي."
قاطعته بنبرات حادة باردة وكأنها ليست مريم التي يعرفها:
"لا أهتم إيهاب حقا لم أعد أهتم,أردت فقط أن أعلمك بشيء هام وأشكرك على اهتمامك بي طوال حياتي....لكن إيهاب على قدر ما أعطيت أخذت..إذاً أنا لم أعد مدينة لك بشيء"
قاطعها ببعض التشوش من نبراتها ومعاني كلمتها:
"مريم ما هذا الذي تقولينه أنا أخبرك أن....."
قاطعته هاتفة بحدة:
"توقف قليلا إيهاب وإسمعني,لقد إكتفيت منك ومن صمتك ومن حبك الزائف,من سريتك المهينة"
تغيرت نبرات صوتها للألم والمرارة التي لا تفارقها:
"لقد إكتفيت منك إيهاب أنا سوف أرحل وأخلصك من العار الذي حملتني إياه"
صمتت لبرهة واحدة ثم أضافت بإصرار قاتل لكليهما:
"سأقوم بإجهاض الطفل,سوف أقتل إبني بسببك وكم أتمنى من الله إن يأخذ روحي معه"
غلقت الهاتف بعدها غير عابئة بصراخه المجنون بها وفقدان سيطرته وعجزه ..صرخ بقهر وعجز من وضعه وبعده عنها:
"مريم إنتظري إسمعيني مريم أجبيني"
نظر لهاتفه يطلبها بيأس مرار وتكررا ولكن لا مجيب أبدا..وعندها صعدت إلى السيارة مرة أخرى دموعها تجري كالأنهار على خديها وقهر من كلماتها السامة التي ذبحتها هي وربما لا تعني له شيء ربما غضبه أن الأمور خرجت عن يديها ربما أراد أن يسيطر على الجسد الذي يستمتع به في الخفاء كما أخبرها سابقا..نظرت لها مَي بألم وعجز حاولت أن تتأكد منها للمرة الأخيرة:
"هل نذهب مريم؟ هل أنتٍ واثقة لن تندمي حبيبتي ؟؟"
نظرت لها مريم بالألم تخبرها من بين دموعها:
"لا يا مَي أخبرتك لقد إكتفيت حقا ولم يعد أي حل أخر أمامي أنا واثقه مما أريد تحركي الآن"
حركت مَي السيارة تمضي في طريقها وقد أُتخذ القرار المحتوم على الجميع.
0000000000000000000
الفصل الثاني عشر

دقات محرمةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن