الرابع عشر

21.3K 469 13
                                    

الفصل الرابع عشر-
ومر أسبوع أخر ،،

جلست في غرفتها التي منحتها لها عمة صديقتها منذ عشرة أيام,ومازالت حتى الآن. ربما بدأت تشعر ببعض السلام والراحة لا أحد يزعجها أو يحاول أن يقتحم خلوتها,كما أخبرتها مَي تماما؛ عمتها تقدر الخصوصية والصمت لكن لا يخلو هذا من الإهتمام الشديد منها على حالها فتاتي إليها بين الحين والآخر,تحاول أن تجعلها تشاركهم الطعام أو تجعلها تخرج قليلا خارج المنزل,تجلس في الحديقة أو على البحيرة التي تنتهي إليها الحديقة؛ لقد ألفت المكان وصحبته وبدأت تشعر بالثقة والراحة تجاه هناء أيضاً,لم تتعرف جيدا على إبنها الذي أخبرتها مَي عنه ولمحته بضع المرات على مائدة الطعام أو عندما تخرج للحديقة حاول أن يتعرف عليها ويتحدث معها لكنها لم تستطع أن تبادله اهتمامه بالحديث فإحترم صمتها رغم أنها أدركت شخصيته المرحة..لا تستطيع أن تفكر في أي شيء منذ عشرة أيام إلا وضعها الجديد واكتشافها حملها بالتوأم وكأن حياتها ينقصها تعقيد,ألا يكفي ما هي فيه حتى الآن عقلها متوقف ولا تعرف مخرج لكل ما يحدث ربما اقتنعت برأي الطبيبة أو ربما هناك شيء تحرك بداخلها بقوة بعد رؤيتها وسماعها لطفليها؛ ضمت بطنها التي بدأت في الظهور قليلا بكلتا يديها وهي تحدث نفسها بصوت تسمعه هي فقط:
"لن أستطيع أذيتكما أبدا,كيف أستطيع ؟ !,من أنا لأفعلها !,لكن ما الحل والبديل الأخر أخبراني إن احتفظت بكما ما مصيركما كيف سأواجه المجتمع بكما وأنا لا يوجد لدي ما أثبت حقكما به؟!"
نزلت دمعتين منها لم تشعر بذرفهما,وهي تكمل حديثها الهامس لطفليها:
"أم أعود لبلدي وأرتضي لكما مثل الجميع أن تسجلا بإسمي أو أي إسم عشوائي ؟أخبرهم به مثلكم مثل أي أطفال أتوا من (علاقة محرمة )"
ابتسمت بألم ودموعها مازالت في جريانها، فضفضت وقالت:"أو ربما كتب عليكما مصير أمكما,أن تحملا إسم رجل أخر غير والدكما الحقيقي,هل مكتوب عليكما نفس المصير الذي رأيته أنا,هل أستطيع الهروب بكما بدون أن أتعرض للتساؤلات والاتهامات؟!"
هزت رأسها بحيرة من أفكارها المتضاربة ورؤية مستقبل قاسي عليها وطفليها,فتكمل دمدمتها بذات الصوت الهامس يفيض حزنا:
"أخبراني ما البديل؟ أنا لا أريد قتلكما ولكن كلي خوف من ما سوف يحدث"
شهقت بصوت عال قليلا,وربتت على بطنها وكأنها تراضي طفليها أو تحاول أن تعطيهما إعتذار واهي منها وهي تكمل تحدثهما بصوتها الباكي الشاهق وكأنهما شخص ملموس أمامها:
"أنا آسفة,حقا آسفة,سامحاني عندما فكرت في قتلكما لم أفكر في نفسي أقسم لكما,كان كل تفكيري لنجدة كليكما من المستقبل المظلم المملوء بالألم والخذلان".
آه حارقة خرجت منها عند تذكرها خذلانها بحبيب روحها .
*لم فعلت ذلك إيهاب,لم تخليت عني,لما لم تحبّني,ألم تشعر يوما بحبي لك؟ألم تتساءل لما إخترتك من بين الجميع؟كنت مهربي,حصني وأماني,لماذا لم تأخذني بين ذراعيك عندما علمت بخبر حملي؟لماذا لم تطمئني بغدِ أفضل لنا سويا,لما أصبحت مثل الجميعقاسي وجامد المشاعر!*
رفعت يدها تضعها على فمها بقوة تكتم صوت شهقاتها تحاول كتمها وأفكارها تذبحها...
*لمَ جعلتني أشعر بالرخص هكذا,هل أنا عديمة القيمة لديك,هل رخصت نفسي لهذه الدرجة لديك بسعي إليك أولا ثم صمتي وتقبل كل عاطفتك في الخفاء؟ !تركتني وهربت إيهاب كعادتك,وأنا لن أشعر بالحنين إليك أبدا,أنت تستحق ما أخبرتك به يومها,ولكن هل أستطيع أن أتعشم ولو قليلا أن ما أخبرتني به مَي من جنونك في البحث عني,قلقلا حقا عليّ لا لمجرد إثبات مثاليتك وحمايتك الزائفة أمام الناس..يا إلهي بل أنا كلي شوق إليك ولكن لن أضعف أبدا وأعود خطوة للوراء. *
قاطع استرسالها في أفكارها طرق على الباب ببعض التعجل,أجابت بصوت مخنوق من أثر بكائها تتساءل عن هوية الطارق.
أجابها صوت هناء المغلف بالقلق:
"أنا مريم,حبيبتي هل تسمحين لي بالدخول,أريد أن أجلس معك قليلا"
نهضت مريم من نومتها المتكورة حول نفسها,تتحرك ناحية الباب ببطء,تحاول بوهن مداراة دموعها فتحت الباب المغلق بالمفتاح لهناء..فوقعت عيني هناء عليها بوجهها المحمر من البكاء وعينيها المماثلة له,وجهها الهزيل المتعب,من يوم أن رأتها ولكنه يزداد شحوبا كل يوم..فكرت ماذا ستفعل معها,تشفق عليها بشدة بل قلبها يتمزق على مظهرها وقصتها الغريبة التي أخبرتها إبنة أخوها,تكاد ترفض تصديق القصة ولكن لم العجب العالم مليء بالأسرار الغريبة. لتبادرها بالقول القلق وهي تقترب منها تمسك بيدها شعرت بترنحها في وقفتها:
"ألن تتوقفي عن البكاء,ألا يكفيك كل هذه الدموع التي لا تنضب؟ يكفي يا مريم من أجل طفليك لا نفسك حبيبتي أنت لا تهتمين بصحتك جيدا,ما ذنب طفليك"
ردت مريم عليها بالقول وهي تتحرك معها باتجاه سريرها تجلس بتعب على طرفه وهناء بجانبها:
"ذنبهما إنهما سيأتيان إلى هذا العالم عن طريقي أنا وطريقه هو والدهما,ذنبهما أني لا أعرف ماذا أفعل وكيف أعطيهما حقهما,ذنبهما.."
وأضافت بتردد وكأن الكلمة بها عار خرج صوتها باكي منهار:
"ذنبهما أني أحبهما هناء,أشعر بهما قطعة من قلبي,أنا من الممكن أن أقتل نفسي قبل أن أمسهما بأذى,إني أتعذب ولا أعلم ما البديل لوجودهما,أنا أريد أن أخلصهما من مجتمع ظالم ولا أريد في نفس الوقت التفريط بهما مهما حدث أبدا".
رفعت عينيها بقهر وهي تكمل:
"ذنبهما إنهما قطعة منه شعرت بروحه في كل نبضة سمعتها من طفلاي ولم أملك إلا أن أحبهما أكثر وأتمسك بكليهما أكثر بل وفِي بعض أفكاري المتطرفة وسط ما يحدث لي من حياة غير سوية (أن أرى طفلاي بين يدي يشبهانه هو وجزء منه ),أنا أظل أخاطبهما وأحكي لهما عن صفاته الجيدة,أنا أشعر بالشوق إليه,هل تدركين أي إمرأة سيئة أنا هناء".
مدت هناء يدها تمسك وجهها ترفعه إليها,تنهدت بألم من أجل تلك المسكينة وما شعرت به لكن ربما من الجيد أنها بدأت تتحدث معها وتخرج همومها لعلها تخفف عنها قليلا ما تشعر به وتحاول بثها قليلا من الأمان والأمل حدثتها قائلة:
"أنت لست سيئة,بل أنت أم جيدة تخاف على طفليها تحاول حمايتهما أما عن شوقك وحنينك إليه.."
حاولت تصنع المرح وهي تردف:
"كنت متأكدة من هذا ولكن هل إشتقت له سريعا هكذا ؟"
ردت مريم قائلة:
"نعم هناء ألم أخبرك,أني سيئة أشتاق إليه من قبل أن يغادر ويتركني حتى رغم أنه لم يلتفت إلي,لم يهتم تركني وذهب بعيدا لأعماله المهمة,ولما سيهتم بعلاقة محرمة كتلك,جسد يتمتع به في الخفاء وعندما نتج عنه.."
أشارت لخصرها بقهر:
"هذا..فقد الجسد قيمته وكان عبئا يجب الهروب منه ,أنا وطفلاي النتيجة بدون أن يكون أحد بجانبنا ليحمينا"
ردت هناء بحزم,تحاول أن تنهيها:
"توقفي عن هذا الحديث,ووصف علاقة حللها الله بالحرام,كيف تستطيعين قول ذلك,إن لم يكن من أجل صورتك أنت أمام نفسك وأمام من تخبرينه,فليكن من أجل تجميل صورة طفليك,أم هل كذبتما عليّ وليس هناك زواج من الأساس أخبريني"
نكست مريم رأسها في الأرض,تهزها بيأس وهي تقول مع شعورها بالخزي الذي أصبح لا يفارقها:
"لا هناء أقسم لك,أنا لم أكذب في أي شيء أخبرتك به,هناك عقد زواج,مجرد ورقة إعترفوا له بها,فريال وزوجها وكم فرد أخر بأني زوجته ولكن زواج مشروط أن لا يكتمل كما أكد هو ووعدهم"
لتستفهم هناء بصبر تحاول احتوائها:
"إذاً لم تحاولين دائما أن تقنعي نفسك والناس بأنها علاقة غير شرعية,حبيبتي لم إتهامك لنفسك دائما هكذا إن كان تم الزواج بشكل شرعي وبإذن والدتك وزوجها"
ردت مريم عليها بقنوط:
"أنت لا تفهمينني هناء,أنا لا أتهم نفسي هذه هي الحقيقة الوحيدة,هذا ما أشعرني به إيهاب"
رفعت عينيها المقهورة بقوة تستفسر منها:
"أخبريني أنت هناء ما الفرق بين ما حدث بيننا في الخفاء وما يحدث بين أي شخصين من علاقة محرمة,كلاهما في الخفاء,كلاهما يتم مداراته جيدا حتى لا يعلم أحد بما يحدث؛ مصير أي طفل ينتج من كلا العلاقتين,كلاهما ينكره الأب ويتهرب مثل ما يحدث مع أولادي الآن,لا يستطيع المواجهة بخطئه لا يستطيع و إن كان هناك وصف أفضل,إيهاب لا يريدهم ولا يريد الاعتراف للبقية أنا مثل ما أنا في السر مهانة,أحاول مداراة جريمتي وحدي حتى لا يلاحظها أحد أعيش في رعب جلي و أنا أداري أعراض حملي جيدا,حتى لا يكتشفونها,أنت لا تعلمين كم من المرات كتمت صوت تقيئي الصباحي بعذاب وسيطرة على النفس حتى لا يسمعه أحد,كم من مرة أجبرت تمثيل أكل الطعام الذي أمامي وأنا أمنع نفسي بقوة من الهرب والغثيان مجددا من أثر الوحم,كيف أحاول مداراة بطني الذي بدأ في الظهور قليلا في أخر أسابيع عبر الملابس الفضفاضة أو حتى نومي بعدم راحة حتى لا يراني أحد ويكتشفني كل هذا هناء ربما يكون أمر يراه البعض عادي ولكن هل أخبرتك عن مدّى شعوري بالقهر والاشمئزاز من نفسي,هل أخبرتك كم مرة طعنني عندما علم بحملي,كيف شك به أولا,ليأتي بعدها يأمرني بكتمان الأمر جيدا حتى يجد الحل. أعلم ما ستقولينه لي مثل ما أخبرتني مَي لما لم تنتظري وتري الحل,سوف أجاوبك هناء على سؤالك الغير منطوق ويلمع في عينيك,صبرت وانتظرت أسابيع ليأتي ويطمئنني بكلمة,يأخذني في أحضانه يخبرني بغد أفضل ولكن لم يفعل شيء غير زيادة جفائه معي وبعدها تركني ليسافر لأعماله وكأنه يخبرني أنا لا أهتم,أنت أصبحت عبئ يجب التخلص منه وها أنا أبتعد وأتركك لهم كان يجب ان أتركه هناك وأترك منزله وأحاول تصحيح أخطائي بعيدا وحدي لم يكن لي أحد يوماً غيره هو وها هو أيضا تركني وتخلى عني"
رفعت هناء يدها بتردد خوفا أن تقاومها مريم تحيط كتفيها وهي تخبرها:
"هل يمكنني ضمك مريم إلى صدري أشعر بأني أريد ذلك"
سألت مريم التي لم تبدي أي ردة فعل على إحاطة هناء الحانية لها:
"لما هناء؟! هل شعرتين بالشفقة على بعد كلامي؟!أعلم أني أثير الاشمئزاز المرافق للشفقة أحيانا...ألا شعرتين بالشفقة على .."
قربتها هناء منها تريح رأسها على صدرها غير منتظرة لردها,تضمها في حضن أمومي وهي تحدثها بهدوء:
"لا..لا أشعر بأي اشمئزاز,لا أعلم لما تجلدين نفسك هكذا هل لديك نزعه مازوشية أم ماذا؟ من يوم أن رأيتك وكل كلامك اتهام وتعذيب لذاتك وجلدها هكذا"
صمتت لبرهة وهي تربت عليها تحاول بثها بعض الاطمئنان ربما تحتاج لوقفة مع نفسها تحتاج أن تواجهها هناء بخطئها الحقيقي,لا ما تدعيه على نفسها ربما يكون قاسيا قليلا ولكنه في كل الأحوال أفضل بكثير من ما تتهم به نفسها هي فهمًت ما جري بينها وبين زوجها,كما أخبرتها مَي وفِي بعض الأحيان كانت تخبرها مريم بتحفظ بعض الشيء ولكن إن كانت بدأت بأن تخبرها بما يثقل صدرها فيجب استغلال تلك الفرصة ومحاولة أن تجعلها تواجه نفسها بالخطأ الحقيقي الوحيد الذي حدث لا ما تدعيه,حدثتها قائلة:
"أتعلمين يا مريم رغم كل ما تقولينه أنا لا أراكي مخطئة,أنت لم ترتكبي إثما ومحاولاتك بإلصاق العار بطفليك غير صحيحة"
قاطعتها مريم بتعب:
"أنا لا أحاول إلصاق شيء بطفلاي ولكن ما الفرق بينهما الآن وبين أطفال آخرين يتم مداراة وجودهم أو قتلهم حتى",
أجابتها هناء وهي تمسد على شعرها تحاول التواصل معها:
"الفرق كبير وواضح يا مريم أنتما زوجين حبيبتي أمام الله,زواج حلال شرعي,خطئك الوحيد حبيبتي أنك إرتضيتِ بهذا الوضع,موافقتك على السرية تلك و إتمام زواجك في الظل,مما فهمته أن زوجك لديه سلطة على العائلة,لما لم يخبرهم أي قانون هذا من يمنع زوجا أن يأخذ زوجته في العلن هكذا ؟؟أتعلمين ما هي قداسة الزواج الشروط التي وضعها الله (عز وجل ) الإشهار حبيبتي,موافقة ولي أمرك,تكريمك وهو يأخذك منه أمام المجتمع أجمع ويعلن لهم هذه زوجتي,أتعلمين القضية لم تكن يوما في ثوب زفاف أو حفل أسطوري ولكن تلك الشروط للزواج لحماية المرأة قبل كل شيء إعلان حقك حبيبتي وإعلان حق كل طفل ينتج عن هذا الزواج,أن يكون معلوم النسب وأن تظهري للعالم فرحتك بحملك بكل فخر لا أن تنتظري أن يقر هو بإتمامه زواجه منك؛ آسفة يا ابنتي أعلم أن كلامي قاسي قليلا وربما يثبت تلك الأفكار السيئة التي في رأسك ولكن هناك الكثيرات مثلك من يقعن في هذا الخطأ,ثقة في الحبيب الذي تحول لزوج,أعلم أن ظروفك مختلفة ولكن حبيبتي الرجل الذي يحب امرأته حقا ويحترمها لا يفعل بها مثل هذه الأفعال في الخفاء كرامة امرأته من كرامته,إذا كيف يرتضي لها ولنفسه بهذا الوضع أتعلمين يا مريم لوفرضنا أن هذا الزوج جيد ولن يتنكر بفعلته تلك,من أين سوف تضمنين أن لا يحدث له حادثة ويفقد حياته,القدر أحيانا له رأي أخر كيف ستواجه المجتمع وماذا ستخبرِ أهلها عن خيانة الثقة التي فعلتها تحت قناع الحب وأنه زوجها هل تنتظر أخر يداري على فعلتها تلك ربما يقوم بفضيحتها وتضع رأس أهلها في العار طوال عمرها"
قاطعتها مريم بصوت خافت:
"أنا لا أهل لي هناء,هو أهلي أنا لست مثلهم ربما لو وجدت من يهتم لأمري ويحتويني ما كنت فعلت ذلك ولجأت إليه"
أجابتها هناء بصبر وهي مستمرة فيما تفعل:
"أعلم هذا مريم ولكن أردت أن أوضح لك خطئك الوحيد وخطئك يقع فيه العديد من الفتيات مثلك تحت مسمى الحب والزوج الذي تثق به لو كان أهلا لتلك الثقة ما كان ارتضى لكِ بذلك وأقنعك به وربما الإجبار في بعض الأحيان منه"
ضحكت مريم بألم وهي تقول:
"في الواقع يا هناء أنا من أجبرته وأقنعته في بادئ الأمر,بل كنت أقوم بحركات خرقاء لإغرائه وهو كان يقاوم لكن يبدو أنه لم يصمد في النهاية,ألم أخبرك أنا أختلف"
توقفت هناء عن حركاتها الرتيبة فوق رأس مريم تحدث نفسها,لم تتوقع أبدا شيء كهذا من تصرفاتها وحزنها البادي وإحساسها بالذنب لقد اعتقدت انه ربما أجبرها في بادئ الأمر أو أقنعها بالكلام المعسول مثل العديد من الشباب الذين يعتقدون أن مجرد عقد قران يعطيه الحق لاستباحة عرض بيت وثق فيه بدون إذن من أهل البيت حاولت التأكد وهي تسألها:
"هل تحاولين الدفاع عنه,لم تفعلين ذلك حبيبتي؟؟"
أجابتها مريم قائلة:
"لا أنا لا أدافع عنه تلك هي الحقيقة,لم سأدعي شيئا مثل هذا على نفسي,أنا أخبرك الحقيقة ولكن هناء عندما بدأت في الأمر أردته و كنت أحتاجه وهو اصبح زوجي ..هذا من حقي فيه و كنت أحبه بجنون وأردت أن يبادلني عاطفتي ويخرجنا من إطار المهتم المعتني بي فقط,أردته أن يرى الأنثى في حتى أراها أنا كيف تكون في عينيه واستمد منه كعادتي ثقتي بنفسي وانثوتي ولكن بغبائي وحبي الشديد له وثقت به لم أفكر أنه عندما يستجيب لي ويأخذني زوجة أن يستمر الأمر في الخفاء هكذا بعد إتمامه الزواج مني,اعتقدته سيعلن الأمر لكن فوجئت بأنه سيداري الأمر جيدا ولن يبوح به ومع حبي له اهتممت فقط انه رآني أخيرا كما سعيت حبيبة وزوجة وصدقت حججه الواهية وصبرت هناء وصمدت وأنا أخبر نفسي غداً سيعلن الأمر بعد شهر ربما يريد بعض الوقت إلى أن اكتشفت حملي,فبدأت أثور لنفسي حتى يفهمني ولكن صدمت بكلامه القاسي لي وأني جسد في السر لمتعته فقط العديد من المرات أسمعها لي وعندما حاول ان يعتذر لي بكلام غير منطوق تقبلت أنا لحاجتي إليه كنت أتعرض لضغوط أكبر مني بجانب حملي وهو كان ملاذي إلى أن حدث ما حدث واكتشف حملي فقهرني وحطمني تماما ولم يعد له في قلبي ذره صبر أو مغفرة واحدة"
صمتت بعدها وكأنها لم تعد تحتمل الحديث أو ما عاد لديها المزيد قالته.
حدثتها رفيقتها بصوت هادئ:
"حتى إن كان ما قلت صحيح مريم وأنت من سعيت إليه,كلاكما أخطأ؛ كما أخبرتك سابقاً لا استطيع استيعاب كلامك عنه أجدني أحيانا أضعه في خانة رجل جيد وأحيانا رجل قاسي مستغل استغل حبك له واستسلامك ..وأعود لنقطة الرجل الجيد الذي اهتم بك والذي يبحث عنك كالمجنون كما أخبرتك مَي لأصل لنقطة واحدة يا مريم يجب أن تضعيها في عقلك,إيهاب بشر مثل الجميع له أخطائه وله حسناته لا أحد مثالي لا يخطئ ربما أخطأ معك ربما شعرتي بالمهانة ولكن هل نظرتي للأمر من جهته هو,هل حاولتِ أن تري ورطته هو لا أعتقد أنه لم يحبك كما تقولين وتحاولين إيهام نفسك هو أحبك لكنه حب رجولي أناني فضل أن يجعلك زوجة في السر خوفا من أن تهتز صورته ربما لا أريد ظلمه إلى أن اسمع الأمر من جهته هو كي استطيع الحكم".
إلتفتت إليها مريم بذعر وهي تهتف بها:
"لا أي أمر الذي تريدين سماعه منه هل تنوين أن تقابليه أو تبليغه مكاني"
وأضافت برجاء:
"لا أرجوك..أنا..أنا سوف أغادر غدا لو فعلتي وأيضا..."
قاطعتها هناء تحاول أن تهدئها:
"هششش اهدئي,ما بك ظننتك تثقين بي أي مقابلة وإخباره هذا وأنا لا أعرفه حتى,أنا وعدتك أنت تحت حمايتي وطالما أنت لا تريدين أن يعلم أحد أمرك هذا لن يحدث وأنت أيضا لن تغادري لأي مكان يا حمقاء بحالتك تلك أنت مسؤولة مني الآن ولكن أنا كنت أفكر معك فقط بصوت عال"
تراجعت مريم عن ذعرها قليلا ترد بصوت خافت:
"أنا أثق بك أرجوكِ,أنا لا أؤيد العودة له ولا لتلك العائلة".
ربتت هناء عليها تجذبها إليها مرة أخرى تضع رأسها على حجرها:
"لا تقلقي يا ابنتي نحن عائلة تناصر المرأة وحقوقها"
إبتسمت مريم من محاولاتها للمزاح معها وهي تستلم لاحتضانها..عم الصمت قليلا مع حركات هناء الرتيبة في التمسيد على رأسها..قاطعت مريم الصمت,تحاول أن تقاوم النوم الذي يحاول أن يتسلل إليها من الدفء الذي شعرت به في حديثها معها وحضنها الأموميأ
"لما تفعلين هذا معي ربما تساعدين مَي لحبك لها ولكن لما اهتمامك هذا بي بتلك الطريقة,أنا لم أعتد هذا الدفء من أحد"
ردت عليها هناء بصوتها الرتيب:
"ربما لأني أحببتك وأصبحت أهتم بك حبيبتي أصبحتى مثل مَي لدي أنا لم يرزقني الله بالبنات فاعتبرت مَي ابنتي وها قد آتيتي أنت أيضا ليصبح لدي اثنتان هل تقبليني أما لك"
أجابتها مريم ألم:
"أتمنى ذلك,أتعلمين فريال لم تأخذني في أحضانها مرة واحدة,أو تتحدث معي هكذا كل حديثها معي أمر آو تسبني ونظراتها لي كنت اشعربها نظرات كارهة أحيد السبب في أنا بالتأكيد استحق هذا الكره منها ومن الجميع"
فكرت هناء تحدث نفسها *ربما أسبابك يا مريم تبدأ في الوضوح واحدة وراء الأخرى لم وصلتي له الآن. هل من المعقول هناك أم هكذا لما كل هذا ؟*.
حاولت معها مرة أخرى تبرر تبريرا واهي لأمها لعلها ترفع عن مريم الألم قليلا وشعور النبذ:
"لا حبيبتي السبب أبدا ليس أنتِ ومن أخبرك أنها تكرهك حبيبتي هل أخبرتك بنفسها هناك بعض الأمهات لا تستطيع أن تظهر مشاعرها"
هزت مريم رأسها بيأس:
"لا هناء أنت لا تفهمين ربما لو رأيتها بعينك ستفهمينني ولا تبرري لها"
صمتت لبرهة ثم أضافت:
"أتعلمين أنا لم يحتضنني أي أحد من قبل غيره هو,لم يحاول أحد أن يبثني الاهتمام والأمان غيره ربما كان من الأفضل أن تبقى علاقتنا أخوة فقط مثلما أخبرني حتى لا أفقده"
سألتها هناء مباغتة:
"هل تفتقدينه هكذا,إذا أنت لم تكرهيه كما تدعين"
لتدفن رأسها في حجرها تهزها بنفي:
"أنا لم أخبرك أني أكرهه,أبدا لن أستطيع,ما أحمله له في قلبي أكبر بكثير من أستطيع اقتلاعه يوما,أنا كرهت ما فعله معي,كرهت نظرته لي بأني لا أستحق أكثر من زوجة في الظلام,ولم أجد حلا غير الابتعاد ربما الحل لكلينا وربما يشعر قليلا بقهري لو حقا يهتم بأمري كما يدعي"
:"إنه يبحث عنك كما أخبرتني مَي إذا هو يهتم.."
أجابتها مريم بقنوط:
"لا أنت لا تعلمي إيهاب لا يحب أن تخرج الأمور من يده أو أن تقول الناس عنه لم يستطع أن يحمي أحدا من أسرته انه يبحث عني بالتأكيد لهذه الأسباب"
تمتمت هناء باستفهام:
"إذا أنت لا تنوين العودة له"
أجابتها مريم بصوت قاطع:
"لا أبدا لن أفعلها مهما حدث هو أخذ كل فرصه معي ولم يعد له نقاط لدي"
حدثتها هناء:
"وأطفالك ماذا ستفعلين بشأنهم"
أجابتها مريم بمداراة لما تنتويه:
"لا أعلم هناء لم أفكر حتى الآن في الأمر"
حاولت ان تنهي الحديث بعدها غير راغبة في قول المزيد لقد أفصحت بالكثير بالفعل ولكن خطوتها القادمة مثل ما وعدت نفسها وطفليها لن يعلمها أحد فقالت:
"هناء أنا متعبة الأيام الماضية لم أنم جيدا..هل استطيع النوم وأنت تضمينني هكذا؟"
ردت هناء بصوتها الهادئ المحبب بنبراته الامومية التي اعتادته منها في الفترة القصيرة التي عرفتها بها:
"بالطبع حبيبتي هذا من دواعي سروري ولكن لي شرط واحد"
أجابتها مريم بصوت أخد يخفت من استلامها للنعاس:
"ما هو ؟؟"
"ناديني عمتي مثل مَي"
ضحكت مريم وقالت:
"بالطبع هناء كما تحبين,أقصد عمتي"
****************
صباح اليوم التالي ،،
زفرت بضيق وهي تأتي وتذهب في غرفتها التي عادت إليها منذ يوم ما حدث بينها وبين جاسر لا تعلم على ماذا يعاقبها بالضبط؟! يحدثها بكلمات قليلة وهو مازال غاضب منها وعندما حاولت أن تذهب لغرفتهما قام بتجاهلها,فشعرت بالغضب منه ولم تحاول مصالحته على..ماذا تعتذر بالضبط هي لم تخطئ بشيء ولم تضر أحدا؟؟
وعاد عدم ثقته بها بعد كل ما عاشوه ووعدها له الذي أوفت به ووعده لها ببداية جديدة وما يزيد من تأنيب ضميرها وهو يحدثهم عن المجنون الاخر الذي يكاد يفقد عقله في البحث عن مريم يومياً وما ذنبها هي في أنانية صديقه الذي جعل زوجته وربيبته على حد قوله تهرب منه وتقرر الابتعاد لما الأنثى مجبرة دائما على التقبل ولا يوجد لها حق في الدفاع عن نفسها والثورة من أجلها..هل يعقل أن يكون مجنونها يعلم أنها هي من ساعدت مريم وتعلم مكانها؟؟ إنتفضت رأسها برفض,تبرر لنفسها لو كان يعلم لما سيهدر وقته ومجهوده في البحث عنها وأيضا مؤكد كان سيخبر صديقه فجميعهم رجال يساندون بعضهم ولا يهتمون بوجع الأنثى أو ظلمها منهم؛ لم ترى مريم في الأيام السابقة إلا مرة واحدة بسبب الحصار الذي فرضه جاسر عليها لكنها كانت مطمئنة على وجودها بين يدي هناء متأكدة أن هناء هي الوحيدة التي تستطيع تفهم مريم وأن تخرجها مما هي فيه بصبر..فبعد وفاة أمها لم يهتم أو يعتني بها أحد إلا هناء وفِي الفترة التي ابتعدت فيها هناء عنها بسبب ظروفها الخاصة وقعت هي في هذا الرهان الغبي الذي حدد كل حياتها الحاليّة.
عادت تؤكد لنفسها ربما الرهان لم يكن غبي للغاية فهي في النهاية حصلت على زوجها وإبنتها ولكن زوجها عاد لغضبه منها بل ويزيد في الأمر أن يأخذ إبنتها منها ليلا ويرفض أن يجعلها تنام في غرفتها أو معها..غبي يا جاسر وسوف انتقم منك يبدو أنه نسي مقالبها القديمة فيه ولكن المشكلة أنها اشتاقت لمداعبته التي تثير جنونها في الظاهر لكن في داخلها تحبها وأشعرتها بحبه الذي لا يقل لها أبدا...رفعت سماعة هاتفها تريد أن تحدث مريم حديثها اليومي كما اعتادت وتطمئن عليها وتعتذر لها أنها لن تستطيع زيارتها اليوم أيضاً كما وعدتها بسبب زوجها المتحكم الذي رفض قبل أن يترك طابقهم ويصحب الصغيرة معه من أجل أن يتركها لوالدته كما يفعل يومياً هل يعاقبها المجنون أم ماذا؟؟ ألا يعلم أنها ستلحقها بعد قليل أحمق.
أتاها صوت مريم أجابت بنعاس:
"مرحباً مَي هل وصلتي أم ماذا أنا مازلت في غرفتي"
"مرحبا حبيبتي كيف حالك اليوم أفضل"
أجابتها مريم بصوت هادئ شعرت بالراحة في نبراته:
"الحمد لله لقد نمت جيدا اليوم بعد طول معاناه..أعتقد أن اثر الوحم قد زال أنا لا أعلم لكنه خف كثيرا والليلة السابقة ربما وجود هناء بجانبي هو السبب ولكن أنت لم تجيبيني هل وصلتي أم أنك لازلت على الطريق"
تنهدت مَي بضيق وهي تحاول أن تعتذر منها بهدوء:
"أولا الحمد لله لقد اطمأننت عليكِ,ولكن لن أستطيع أن أتي سامحيني أعلم أني خلفت بوعدي أن أزورك يوميا لكن المجنون يرفض أن يجعلني أغادر المنزل"
أجابتها مريم بخيبة:
"لقد اشتقت للحديث معك وكنت سعيدة انك ستزوريني,لكن لا عليك عندما يتيح وقتك او يوافق زوجك لا تهتمي"
همت مَي بالرد عليها ولكن توقفت وعينيها تتوسع بذعر عندما لمحت جاسر يقف على باب الغرفة يضع يديه في جيبي بنطلونه ويرفع حاجبا شرير واحد تعرفه جيدا وملامح وجهه مبهمة..حاولت أن تُنهي الحديث بتعجل متخبط وهي تبتهل داخلها أن لا يكون إكتشف هوية من تحدثها:
"حبيبتي سوف أحدثك بوقت أخر أخبرتك لن أتي إلى الجامعة إبعثي لي أنت المحاضرات مع السلامة"
أغلقت الخط بعدها وقفت بإضطراب في مواجهته وهو يتأملها بنفس هيئته حاولت هي الحديث أولا:
"هل عدت ألم تخبرني أنك ستغادر لعملك أين منار إذا"
أجابها ببرود ونبرات غاضبة:
"ماذا يا حمقاء هل هذا سؤال؟ هل عُدت! أنت ماذا ترين أنا أم خيالي أم ربما عفريت وقع نتيجة جمالك الخلاب فتُلبس هيئتي"
إبتلعت ريقها بتوتر وهي تجيبه:
"إنه مجرد سؤال لا داعي لذلك الكلام والهجوم..ما بك هل أنت هنا منذ وقت طويل؟"
إقترب منها خطوتين وهو يسألها بغضب:
"مع من كنت تتحدثين وتعتذرين أن المجنون لم يسمح لك بالخروج وأنت كلك أسف هكذا متلاعبتي"
أغمضت عينيها بيأس,يا إلهي هو هنا منذ وقت لقد سمعها ولكن هو يسأل عن هوية المتصل ربما لم يعلم من هي .
أجابته بتلعثم:
"إحدى صديقاتي في الجامعة"
إقترب منها يمسك ذراعها بقوة:
"عدتي للكذب على مرة أخرى يا مَي وهل صديقتك تلك من الجامعة تعدينها بزيارة يومية لها"
حاولت مَي ان تجيبه ولكن توقفت لحظة وخبط عقلها الإدراك وما يلمح له,لتثور ملامحها وتتوسع عينيها هتفت بثورة وهي تزيح يده بحدة من إمساكه إياها:
"لقد فهمًت,فهمًت ما تلمح له وسبب هجرك لي هكذا أنت عدت للشك بي"
هتفت بجنون وهي تضربه بيديها بحدة على صدره ورأسها تتحرك يمين ويسار بنفي وشعرها المشعث ينشر فوضويته على وجه جاسر الذي لا يفهم ثورتها ومقصدها هي:
"أنت تقصد أني أكلم أحدا أخر بعد كل ما عشناه سويا بعد أن أثبت لك إخلاصي وحبي لك بأكثر الطرق المجنونة التي لن تتطرق إليها إمرأة..بعد التفاني في عشقي لك واحتمال جنونك وثورتك تعود للشك بي هل تظن أني أحدث رجل غيرك جاسر"
أمسك يديها التي تضرب صدره لتكون الصدمة من جنون حمقائه من نصيبه هو,هل فهمًت الغبية هذا من غضبه منها ولم تدرك فعلتها الحقيقية بعد ومقصده من كذبها عليه وعدم ثقتها انه سيحافظ على سرها حتى لو على حساب أعز أصدقائه
هدر بها بعنف:
"توقفي واخرسي هل عاد جنونك مرة أخرى يا غبية,حمقاء لن تنتهي حمقاتك أبدا,وهل تظنين يا غبية إن شككت بك سأكتفي بتجنبك والله يا مَي ان إنتابتني لحظة شك واحدة,لن يوقفني شيء على قتلك أو طلاقك إن أضعفني حبي لك يا غبية"
وصرخ بها:
"يا غبية أخبرتك الماضي دفن ولا تعيدي فتحه مرة أخرى ما الذي تفعلينه بنفسك وبي"
هطلت دموعها على خديها تبكي بصوت عالي:
"إذا لم تفعل ذلك وما معنى كل ما تفعله معي لما تتجنبني وكأني أصبحت مرضا معديا تأخذ ابنتك ليلا بعيدا عني وأبقى أنا هنا وحدي"
زفر بضيق:
"لأنك تكذبين على تعرفين هذا جيدا مَي عدتي تخبئين عني أشياء وأيضا عدتي لعدم ثقتك بي"
أجابته وهي تنكس رأسها:
"أنا لا أستطيع أن أخبرك بشيء لا يخصني,أجبتك عن أسئلتك بصدق على قدر ما أستطيع البوح به,وأيضا جاسر أليس لي الحق أن يكون لي أسراري الخاصة أن أساعد صديقة بدون أن أكون مجبرة على أن أخبرك..لما تحاول أن تلغي شخصيتي واستقلاليتي هكذا"
ردد ورآها باستفهام:
"ألغيكِ يا حمقاء,إهتمامي خوفُ عليك وعلى من تساعدينها,أنا أخاف أن تقعي في خطأ يصعب غفرانه بسبب تهورك الذي أعرفه,الأسرار بين الزوجين شيء سيء للغاية أنا أعطيك حريتك صحيح في حدود ألا تضري نفسك أو أحد أخر,أحاول بناء شخصيتك معك بصبر وتأتين الآن لتقولي أني ألغيها"
"هذه هي المشكلة جاسر أنك تعتبرني طفلة صغيرة لا تعلم الصح من الخطأ لولا وعدي لكنت أخبرتك ماذا فعلت المتهورة تلك لا يعني جنوني الدائم معك أني لا أملك عقلا لأفكر ببعض الحكمة أنا لا أحب التصنع فقط أحب أن أساير جنونك,وأحب أن أكون على طبيعتي"
قربها منه وهو يتنهد بيأس,يعلم رأسها المتحجر لن تفهم مقصده يوما الغبية شجار بسيط وغضب منها أرجعت انه يفكر بشيء مات وإنتهى بالنسبة له،حاول أن يغير مجرى الحديث وسيكون مجبرا على مسامحتها أو ليس مجبرا فهو سرب فناره لأمه خصيصا ليعود لها وحاول أن يثير جنونها لتصالحه,ما ذنبه هو أن يعيش توابع غباء إيهاب بما أنه يوافق مَي ومريم على فعلتها لمَ يحرم نفسه من قربها الذي وعد نفسه به منذ افتراقهم وعودتها زوجة محبة له.
"أتعلمين يا مَي هذا الشيء الجيد الوحيد فيك انك تتصرفين بطبيعية أحب هذا فيك هذا ما لفت نظري إليك منذ البداية رغم كل صفحاتك السيئة لكنك لا تتصنعين"
"يا مجنون هل هذا صلح أم تعدد صفاتي السيئة"
حاولت أن تفلت منه بغضب,فضمها إليه وهو يضحك بصوت صاخب:
"حبيبتي الحمقاء..أخبرتك مرات عديدة نحن نختلف عن باقي الأزواج كل منا أخبر الأخر بالحقيقة هل تريدين مني الكذب أنت كلك عيوب كيان جالب للمشاكل والحماقة لكنني أحبك وهذا يكفي,والآن ألم تشتاقي لي"
وأضاف ببعض الخبث:
"كنت تخبريني منذ قليل أنك فعلتي ما لن تجرؤ إمرأة على فعله هل من الممكن ان تذكريني به؟؟"
تشبثت بقميصه وهي تضحك ودموعها مازالت في الهطول:
"لا لم أشتاق إليك بالطبع ولا أريد رؤية وجهك حتى ولا أطيق سماع صوتك لكن لا مانع لدي أن أذكرك لقد اختطفتك وإغتصبتك حبيبي"
تصنع العبث:
"لا إختطفتني فقط,أم نسيت يا حمقاء أنت لم تعلمي الطريقة فتوليت أنا الأمر"
مسح دموعها وهو يكمل:
"أتعلمين ما يثير حيرتي كيف تضحكين وتبكين في وقت واحد مثل الأطفال"
مالت ووضعت رأسها على صدره الذي حرمها منه لأيام وهي تسأله:
" لم لا تناديني طفلتي إذاً"
حاول تحريكها وهو يقوم بإرجاعها للخلف على فراشهم وهو من يتولى التلاعب بها هذه المرة,تصنع الاستغراب وهو يقوم بإلقائهما سويا على الفراش
وقال غير عابئ بالسبب الذي رفع من حدته في إلقائهم:
"أناديكِ طفلتي وأنت زوجتي,لماذا هل أنا غبي أم أنت صغيرة؟ أنا لا أراكِ إلا امرأتي كيف تكونين طفلتي وأنا أفعل بك ما أنتويه الآن"
هتفت به بشراستها المعتادة:
"جلف ومجنون غير مراعي لمشاعري الأنثوية"
عقد حاجبيه وهو يمثل الصدمة ويديه تعبث بملابسها:
"أنثوية هنا في بيتي أنا ,كيف هذا ومتى حدث هذا !"
صرخت به:
"جامد المشاعر دائما تحبطني هكذا غير مراعي"
أضاف بعبثه:
"أنا رجل أفعال لا أقوال حبيبتي"
تنهدت بيأس:
"لا فائدة منك إذاً يا رجل الأفعال أنا أريدهذه المرة توأم"
رفع وجهه اليها وتوقف عن ما يفعل:
"تريدين ماذا توأم هل تريدي أطفال مرة أخرى وابنتك لم تكمل العام والنصف"
"نعم وما الغريب في طلبي هذا يبدو أني لن إنتهى من جامعتي أبدا وأنت لا تتوقف عن عبثك معي إذا أريد بدل أن يهدر هذا المجهود توأم"
رد عليها بصوت متشدق في كلاماته,وهو يعود لتقبيلها:
"وقحة حبيبتي وتحديدا أيضا توأم إذًا تحت أمرك حمقائي سوف أقوم بالضغط على زر التوأم لدي ألبي طلبك يا أم فناري"
زمجرت به:
"جلف غير مراعي واسمها مناررررررر"
***************
"إيهاب توقف.."
أوقفه صوت أمه وهو يقوم بالخروج لبحثه اليومي عنها؛ لم يترك مكأنا لم يبحث فيه حتى جميع الخطوط الجوية راجعها بعد أن راجع أسماء المسافرين جميعا ولم يجد شيء,إذاً هي مازالت في البلاد راجع حسابها الذي كان يضع لها المال فيه,ولكنه لم يجده تغير من الأساس لم تسحب منه أي أموال. عاد للفندق الوحيد الذي تعلمه عندما كان يأخذها إليه ربما تكون لجأت إليه ولكنه لم يجد لها أي اثر كأنها لم يكن لها وجود قط شعر بالألم لقد شعر بالانحطاط عندما ذهب للفندق يبحث عنها كيف لجنونه بها لم يجعله ينتبه لانحطاط الطريقة التي كان يعاملها بها,يأخذ زوجته إلى فندق من أجل لقاء بضع ساعات مثلهم مثل......
قطع أفكاره بعنف كيف لم يفكر في نظرات العاملين لهما,هل وصلت به الحقارة لعدم الانتباه متحججا بورقة الزواج التي يعطيها لهم,الآن بدأ يسترجع كل أفعاله معها لقد كان خاليا من كل أخلاق معها يتبجح بالعناية بها وهو يؤلمها كيف لم يفهم ثورتها على الوضع واكتفى بجرحها بالكلام ووعدها أنه لن يمسها وَيَا ليته حافظ على وعده بل عاد بخسة,يشبع روحه منها مستغلا ضعفها نحوه في موعدهم الأخير على وجه خاص,لقد استسلمت لحاجتها للاطمئنان وكانت ضعيفة هشة بسبب حملها وهو بغباء أعتقد أنها تعود لمطالبته كزوج بشكل مستتر,كيف كان يتفاخر بأنه يفهمها ولم يفهم أسبابها لم يراعي وضعها الحساس كيف استطاع ان يجعلها تربط بين خطأ أمها وبين زواجهما نعم وإن اختلفت الأسباب فطريقه إتمام الزواج واحدة في سرية مهينة.
ردد لنفسه صديقه الذي يلقبه بالمجنون محق؛ ربما لم يقولها لكنه بعد أن هدأ قليلا ومع بحثه عنها بدأ يتذكر كل ما فعله معها ليصل لنتيجة واحدة كان خسيسا,حقيرا معها يستحق ما فعلته به ولكن لو يطمئن فقط عليها لو تريح قلبه المحطم من أجلها,فقط لو تعطيه فرصة إصلاح ما أتلفته يديه,يبتهل لله في كل فرض أن يغفر له وأن تكون أمنة سليمة.
جذب انتباهه,صوت أمه الغاضب:
"إيهاب أنا أحدثك لما لا تجيبني"
إلتفت لها وعاد من أمام باب المنزل الذي فتحه بالفعل حاول أن يصبر عليها وعلى محاضرتها اليومية:
"نعم أمي ماذا تريدين"
مظهره المزري,ملابس غير مرتبة,لحيته التي طالت,كل شيء به أصبح مزريا بطريقة بشعة..أجابته بغضب :
"أتساءل فقط متى تتوقف عن ما تفعله بنفسك؟! انظر إلى هيئتك ..أصبحت مثل أي متشرد وعملك الذي أهملته ..نحن لم نراك منذ عودتك وكل هذا من أجل ماذا ومن أجل من؟ !وقحة صغيرة هربت شبية أمها في كل التصرفات"
تنهد بضيق:
"توقفي يا أمي أرجوك,توقفي عن كلامك هذا,مريم مسئوليتي أنا وأنت تعلمين هذا جيدا لا علاقة لها بفريال التي تعلمين أيضاً أنها لم تعاملها كإبنة في يوم من الأيام ..حاولي أن تنظري للأمر من جهة أخرى أرجوك رأفة بي وبفتاة مسئولة مني شخصيا وإختفت من بيتي بدون أسباب واضحة ..إنها تجهل البلاد وأخطارها ولا تعرف أحدا هنا كيف أترك الأمر هكذا؟ أخبريني كيف أتوقف أيضا في البحث عنها"
أجابته بصوت حاقد غاضب:
"ونسيت إضافة شيء هام,خطأ أبيك الذي لن تستطيع يوما مداراته حتى لو كان عمك سجلها بإسمه ستظل جريمة أبيك والحقيرة فريال ..ربما هربت مريم مع أحدهم والآن تستمتع وتلهو بوقتها وأنت تبحث عنها كالمجنون مثل أمها عابثة وعندما تنتهي من وضاعتها سوف تجد رجلا أحمق مثل عمك تتزوجه"
أظلمت ملامحه وإرتسم الغضب على وجهه لن يستطيع الصبر أو مراعاة أنها أمه تتهمه في عرضه وشرفه نعم عرضه فمريم شرفه هل غباؤه أوصله أن يقف الآن يسمع أمه تتهم شرف زوجته؛ يستحق..نعم يستحق أكثر من هذا لأنه هو السبب في كل هذا .
هدر بصراخ مجنون بصوت يلف المنزل بأكمله غير مراعي أن من أمامه أمه لقد وصل لحافة الألم والجنون والغضب الهادر:
"كفي عن هذا كيف إستطاعتي قول هذا؟ كيف إستطاعتي أن تقفي في وجهي وأنت تعلمين من هي مريم ماذا رأيت منها,ليست أختي تعرفين هذا جيدا لكن تريدين أن تبرري لنفسك أخطائك الفادحة في حق أبي وحقي وترميها على مريم لا فريال التي تخشينها"
أجابته بغضب مثله تماما:
"أتصرخ بوجهي إيهاب وتعايرني بخطأ أبيك هل كنت تنتظر مني أن أنتظر عطفه علي؟ كان يجب أن أبحث عن حياتي وأنا لا أخاف من الساقطة فريال ولا تعنيني الساقطة الأخرى إبنتها"
هدر بجنون تملكه لو لم تكن أمه أمامه الآن لإرتكب فعلا مجنون بقتلها:
"زوجتي ليست ساقطة بل أشرف من جميع من في هذه العائلة لم تخني ولم تبعني أنا وأبي لتأخذ أموالنا وتعود تبحث عن ملذاتها وطبقتها المخملية وتتزوج من شاب صغير ينهب أموالها في النهاية لتعود تستنجد بي متناسية أنها أهانت رجولتي وأنا ابن الثانية والثلاثون وأمي تزف لشاب مماثل لعمري,لم تهتم بأي شيء من الذي قاله أو إدعت عدم الإنتباه إلا شيء واحد"
ردت بثورة وهي مصدومة و مذهولة:
"زوجتك هل جننت أم تهذي زوجتك كيف ؟ !"
إقترب منها يصرخ بصوت هادر كثور أفلت عقاله يقول الصدق وربما يدعي بعض الكذب في انه أجبرها ربما للدفاع عنها من اتهام يعلم أنهم سيرمونها به:
"نعم سيدة إلهام,مريم إبنة فريال زوجتي منذ أكثر من عام منذ أن عدت بها إلى هنا"
إرتدت للخلف بصدمة تنفي بشدة:
"زوجتك,مستحيل..مستحيل"
أكمل بنفس نبرته:
"بلا إلهام هذا هو الواقع مريم زوجتي,أعيدها عليك مرة أخرى لتصدقي وما لا تعلمينه أجبرتها على إتمام زواجها مني,من تتهمينها كانت ترفض العلاقة التي في الخفاء تلك وأنا كنت أجبرها عليها هل تتوقعين هذا؟!!ما رأيك في إبنك المثالي الذي تحطم على يديك ليستغل فتاة صغيرة كان يقوم بحمايتها وهربت منه في النهاية"
أتاه صوت مصدوم أخر من خلفه:
"يا إلهي,يا إلهي ما الذي تقوله ما الذي سمعته؟! أنت تكذب"
إلتفت لها بشراسة:
"مرحبا بنسخة إلهام وفريال المصغرة إسراء هانم,ما المستحيل بالضبط فيما سمعتي"
أضاف بتأكيد وكأن عقال لسانه قد إنفك أخيرا منه:
"مريم زوجتي وليس هذا فقط بل تحمل جزءً مني جزءُ من العقيم الذي تركتيه لتهربي لصديقه,مريم حامل بابني فلذة كبدي..كم أحمد الله لانه رفض السكن بداخلك أنتِ وإختارها هي"
قاطع صراخهم الحاد الصوت الثالث الذي يتمنى حقا إختفائه من العالم سبب كل مصائبهم تقف هناك عند الباب المفتوح,تتحدث بجنون:
"من تلك التي تحمل منك يا عقيم؟!ّ! ياكاذب"
ضحك بعلو صوته ضحكات فاقدة للسيطرة وهو ينظر لوجه فريال المستنكر يبدو أنها عادت هي وحسين بك الذي يقف بإرتباك وخوف ربما هذا سبب عدم كتمانه ضحكه فمظهر عمه الخائف دائما من فقدان فريال أجابها فورا على سؤالها بسخرية وتشفّي:
"مرحبا بالضلع الثالث لمثلث الشر فريال هانم في وقتك تماما,كنت أخبرهم الآن أن إبنتك حامل من العقيم ..ما رأيك في هذه المفاجأة؟؟"
0000000000000000000000000000000

دقات محرمةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن