الفصل الاول

92.1K 1.3K 26
                                    

تنظر من نافذه سيارة الأجره علي المحيط المختلف من حولها، عينين فقدت لمعتهما،واحتل اليأس بريقهما،وعقل لم يستوعب بعد انهيار عالمها المفاجيء.
عينيها تجوب الشواراع مختلفه، والبنايات القديمه غير تلك الشاهقه التي كانت تشاهدها في محيط مسكنها القديم،
في الحقيقة ليس بالقديم جدا فقد انقلبت حياتها وحياة اسرتها رأسهآ علي عقب، فور حدوث تلك الكارثه التي حلت علي أسرتها وكانت توابعها وفاة والدها حزنآ وتدهور حالتهم المادية  حتي تركوا كل شئ تم حجز البنك عليه، و فجاءه ودون اي مقدمات وجدن انفسهن بمفردهن، الام وابنتيها التي رسمت مع زوجها الحبيب مستقبلهن الباهر ووضعهم المادي المريح دون الاحتياج لشئ، ولكن كان عليها الصمود والتفكير في اربع حوائط تحميهم،
وعند بحثهم في دفاترهم القديمه، وجدوا ذلك المنزل المنسي من سنين والذي أصبح من اليوم مأوي وأمان لهن.
انتبهت علي توقف السائق فا
تسائلت دُره :
-وقفت ليه
اجابها السائق:
-معلش ياانسه دي منطقه القاضي و ماحدش بيحب يدخلها مش عايز مشاكل الله يباركلك
عقدت حاجبيها بعدم فهم  وتسائلت:
-مشاكل ايه، انا ماعرفش المكان هنا وعايزاك توصلني لعنوان بالظبط
بتردد وقلق اجابها السائق:
-اعذريني ياانسه لكني مش عايز مشاكل في اكل عيشي
نفخت بضيق وقالت وهي تمده بعدة ورقات ماليه:
-خلاص هانزل هنا
فا اخذها هو دون حديث اخر..
وقفت تلتفت يمينآ ويسارآ ،لاتدري من اين اتجاه تذهب ، وهي لاول مره تتواجد في هذه المنطقه ،ورغم عنها اثار حديث السائق ريبتها من تلك المنطقه، ولماذا لم يدخل منطقه القاضي تلك هل هي ملغمه مثلا تمتمت بها دُرة بتهكم لنفسها...
اخرجت هاتفها من حقيبتها وهي سائره، تريد ان تحدث شقيقتها او والدتها لترشد ايمنهما علي الطريق الصحيح.
فجأة اصطدمت بحائط بشري  كاد ان يسقطها  للخلف علي الارض لولا تماسكها في آخر لحظه، لكن حقيبتها سقطت وانحنت هي واحضرتها ثم
تمالكت نفسها ورفعت عينيها لتري فعلا حائط بشري ، عقدت حاجبيها لطوله الفاره وعرض منكبيه وملامحه الخمريه المائله للسمار وشعره الناعم الطويل الملامس لحافه قميصه ،وعيناه الرماديتين الواسعتين الثاقبتين ونظرتهم الناريه يذوب
أثرهم من ينظر اليه، وحاجبيه الكثيفيين ولحيته الناميه وانفه الشامخه وتلك القلاده الجلديه المتدليه من عنقه ، وازاز قميصه الأولي المفتوحه لتبرز عضلات صدره.
توترت دُره اثر  نظراته المثبته عليها لا تحيد بتفحص اربكها ،توترت في وقفتها ودارت بعينيها في اتجاهات عدة دون النظر اليه تبحث عن مخرج او ان تحرك قدميها مثلا لتركض من امامه...
ضيق حاجبيه الكثيفين، وهو ينظر لتلك الغربيه عن منطقته هي بالتأكيد غربيه، ملابسها الثمينه السوداء كلها متشحه بالسواد ،سواد يناقض لون بشرتها البيضاء وعينيها البنيه الفاتحه وحمرتها الطبيعيه،
وملامحها الغريبه عليه، وشعرها المعقوص للخلف في ذيل فرس وحتى غرتها لملمتها علي جانب واحد ببنسه وكأنها تخفي اي معالم للزينه علي وجهها وكأنها، في فتره في حداد.
استمع لصوتها الخافت وهي تتمم
بخفوت:
-انا اسفه
ثم انزلت نظارتها الشمسيه علي عينيها  وخطت بجانبه  مبتعده دون انتظار رده ،ووقف هو يحك يده بجبينه يفكر في هوية تلك الحزينه المتشحه بالسواد.
.................
اغلق دفتر الحسابات الخاص بتلك الورشه من مجموعة ورش القاضي الشهيره في المنطقة بأكملها،شد ذراعيه للأمام حتي اصدرت عظامه فرقعه بسيطه اثر جلوسه لوقت طويل دون حراك، ثم لفت نظره ذلك البيت امامه مباشرة ببوابته الحديديه المفتوحه، والذي يبدوا عليها قدم العمر وتآكل الصدأ بعض من حوافها، وتلك الشرفه المفتوحه ولا يتذكر انه رأها مفتوحه هكذا الا في صغره، يعرف ان تلك البنايه مملوكه لأُناس اصولهم من تلك المنطقه لكنهم خرجوا منها وتركوا ذلك المنزل وقد ظهر عليه آثر سنوات تركه، لكن
يبدوا ان سكان البنايه قد آتو أخيرا وقرروا إصلاح ما افسدة الزمن في واجهته القديمه.
- ياريس ياريس الحق
انتبه له واستقام واقفآ فورآ متسائلا في تحفز
-في إيه ياض
اجابه الرجل بأنفاس لاهثه:
-عركه ياريس والرجاله مقطعين بعض
لوي شفتيه وتحرك بخطوات هادئه اتجاه إحدى الادراج، اخرج منه مبتغاه ولفه علي يديه عده لفات ونظر للرجل هاتفآ له وهو يتحرك للخارج اتجاه الاصوات العالية :
-شوفلي  ريس حسن فين يالا بسرعه
اومأ الرجل برأسه مسرعآ لتنفيذ الأمر لعل تدخله يمنع ازدياد الشجار .
...............
بعد الانتهاء من نظافه البيت المغلف لاعوام عديده أنهكت كل منهما  لصعوبه تنظيفه بعد تلك السنوات، لكنها مهمه ويجب إتمامها بعد ان اصبح مآواهم .
ارتمت تلك الفتاه علي الاريكه وتنفست الصعداء وقالت
نفخت شهد بتعب:
-احمدلله خصلنا
تسائلت كريمه بقلق:
-كلمتي اختك ياشهد شوفيها اتاخرت ليه
اجابتها شهد مطمئنه:
-كلمتني ياماما وجايه في الطريق هي بس اتلخبطت علي بال ماعرفت المنطقه وتابعت بسخريه مريره:
-بنتك بتقولي ابعتلها لوكيشن هي المنطقه دي ع الخريطة أصلا
قالت كريمه بضيق:
-ماتكلميش علي منطقه ابوكي كده
اجابتها ابنتها بحزن تغير احوالهم قائله:
-بقي ابويا انا الباشمهندس سعد الحكيم صاحب الشركات و الفيلا كان عايش هنا ويدور الزمن مراته وبناته يخسروا كل حاجه ويرجعوا لنفس مكانه زمان
تنهدت كريمه بحزن :
-منه لله اللي نصب علي ابوكي وخد منه كل حاجه في مشروع مالوش وجود اساسا، الحمدلله ان بعد ماالبنك حجز علي كل حاجه فضلنا دي كنا هانروح فين
اومأت شهد وهمست :
-الله يرحمه ربنا هايخد حقه ان شاء الله

استمعوا لضوضاء واصوات شجارات من الخارج ، نظرت شهد لوالدتها بتساؤل فا قابلت نظرة والدتها القلقه،ثم خرجوا للشرفه ووجدوا عدد من رجال يتشاجرون مع بعضهم بالايدي .
مشاهد لم تمر عليهم في حياتهم ابدا، اثارت انتباهمم و ايضا خوفهم..
صرخت شهد عند رؤيتها لدره علي اول الشارع وقالت :
-نهار اسود دره جايه من بعيد اهي ازاي هاتعدي انا لازم انزلها الحلقها
شهقت كريمه بخوف وهتفت داعيه:
-استر يارب احمي بناتي يارب
...................
اقتربت من اول الشارع بتعب من البحث عن منزلها الجديد ، بعد وقت  وعدد لا بأس من السؤال حتي اقتربت اخيرآ منه، انتبهت لأصوات الرجال العاليه ووقفت بصدمه من المعركة الدائره امامها، لم تري بحياتها اي معارك او حتى شجار، التجمع يزداد واصوات الرجال تعلوا، والنساء من الشرفات يتابعون المعركة كأنه عرض مسرحي.
لاتدري من اين تذهب والي اين ، وتمنت لو ينتهي اليوم وتكون بين شقيقتها ووالدتها، او ان يخرجن من ذلك المكان لاي وجهه آخري.
وضعت يديها علي جبينها المتعرق بشده،وفكرت لو حاولت المرور من جانبهم بحذر ربما تخطهم وذهب لشقيقتها ووالدتها، حتي لو احتاجت للركض ستفعل. هكذا قررت دُرة ،وعند محاولتها للتنفيذ  والمرور من جانبهم،الا ان قبضه قويه امسكت بمعصمها  ومنعتها من التحرك خطوة للامام.
شحب وجهها بشده ، واتسعت عينيها بتحفز،وصوت رجولي قوي  يهتف بخشونه ، كان يتابعها وهو متجعآ للمعركه الدائره:
-انتي فاكره نفسك رايحه فين
..................
وقفت امام العقار تبحث عن شقيقتها، تطلعت المعركة الدائره امامها فغره فاهها من السلاح الصغير(المديه) الذي طلعه الرجل الأول (والمطواه) الذي اخرجها الرجل الثاني وهم يلوحون لبعضهم باسلحتهم البيضاء والآخرون يقذفون بعضهم بما تطاله يديهم من كراسي او منضده قهوه .
حاولت شهد الخروج برأسها للرؤية شقيقتها والذي ضاعت رؤيتها بسبب ذلك التجمع الكبير في الشجار....
لم تنتبه لملابسها البيتيه المريحه وشعرها المسترسل بحريه.
ضيق عينيه ذلك الذي كاد التدخل لفض الشجار،فاوجد فتاه في تلك البنايه الذي كان من دقائق يفكر في سكانها الجدد واقفه، مشرأبه برأسها خارج بوابتها، مالذي ترتديه هذه!
وجد محاولاتها في الخروج من بوابه البيت للشارع في محاوله مستحيله لتخطي الشجار دون ان يصيبها اي مكروه..
نفخ بغضب من جنونها وتوجهه اليها مباشرة يمنعها من ذلك الجنون، في حين
تحركت هي بحذر علي الرصيف وعينيها تدرس كيف ستواصل سيرها بعيدا عن الشجار و
فجأة وجدت نفسها في منتصف المعركه وقدمها لا تقوي الحراك.
وجدت من يرفعها من الأرض بيد واحده من خصرها وكأنها لا تزن شئ وادخلها في مقدمه البنايه وعلامات التحفز علي وجه ودون ان يدقق في ملامحها المرتبكه والمذعوره من حمله لها..
هتف بغضب لتتحكم في تصرفاتها الجنونيه قائلا بصراخ:
-ايه الجنان ده ازاي تقفي كده انتي فاكره نفسك داخله فين..
رمشت بعينيها عدة مرات وهي تشد علي بلوزتها البيتيه وعقلها في تشوش بين مامرت به من لحظات وماسيحدث لشقيقتها وذلك الثور الهائج امامها،
و يبدو انها وشقيقتها وقعوا في قبضتين قويتين من رجلين لا يستهان بهما ابدا في منطقه القاضي
يتبع...

دُرة القاضي / سارة حسن حيث تعيش القصص. اكتشف الآن