السادس عشر

26.1K 666 7
                                    

اقتربت من غرفته بقلق بعد اطمئنان الطبيب علي حالته، وبعد خياطه الجرح و عمل الاشعه الازمة تجنبآ لاي مشاكل داخليه غير معروفه،كانت الساعات الماضيه صعبة ومليئه بالتوتر ،دلفت بخطوات هادئه  و وجدته ممدد علي الفراش  و ملتف برأسه الضمدات الطبيه و علي وجه علامات الإرهاق و التعب ، و يظهر انه في سبات عميق بفعل المسكنات والادوية.
و قفت بحزن تتأمل رقوده و شحوب وجهه، لاول مره  لا ترآه و اقفآ بقوته  وهيبته الملحوظه و ببروده و  بتودده اليها مؤخرآ.
اقتربت دره اكثر حتي و قفت بجواره و هسمت بأسمه بصوتآ حزينآ:
-حسن
و لم تستمع لرد منه، فاتابعت برجاء و دموع بدءت بزياره عينيها المتأمله اياه: -خوفت عليك اوي ،خوفت تسيبني ، قوم مش عايزه اشوفك نايم كده مش عايزه أحس اني لوحدي ياحسن, مدة يديها و لا مست  اناملها بنعومه فوق  عروق يديه البارزة  تتلمسها  برقه و حزن.
تحركت يديه بخفه اسفل يديها بتعب لم يستطع تحمل بكاءها و تصنع النوم اكثر من ذلك، فصغيرته خائفه و بحاجه للاطمئنان عليه...
فتح عينيه و ظهرت رماديته تنظر لها بحنان، تلقيائيا ارتسمت ابتسامه علي شفتيها هامسه باسمه مره أخرى:
-حسن
-بطلي تقولي اسمي بالطريقه دي
قال جملته بنبره جعلت قلبها يضرب في موضعه
ابتسمت بدموع و هي تزيح عباراتها بيديها قائله :
-طب اقول ايه طيب
اجابها حسن بتنهيده بعد ان اغمض عينيه لبره :
-مش عارف،بس اسمي منك انتي مختلف
اخفضت عيناها و يداها مازالت علي يده،و عند محاولتها لسحب يديها تمسك هو بها  ولم تقوي علي النظر اليه، فاناداها حسن بخفوت:
-دره
ياالهي أنها المره الاول التي تسمع منه اسمها من شفتيه و كأنها معزوفه رقيقه اطربتها ،لأول مره ينطق اسمها و منه هو برنه مختلفه
ردت بخفوت وهي تتهرب من عيناه:
-نعم
رد بأمر لطيف :
-بصيلي
رفعت عينيها اليه بتساؤل
فا قال هو :
-ماتخبيش عيونك عني... بحب أشوفها
عقدت حاجبيها باستغراب وردت ببلاهه لحاله العجيب ربما اثرت عليه الضربه بشكل او بأخر
-حسن انت كويس
اتسعت ابتسامته ورد قائلا:
-مش انتي جمبي يبقي كويس جدا
رمشت بعينيها عدة مرات من حديثه ال..المعسول.. حسن يغازلها !!
دخل سيف الغرفه فجأة فاضطربت دره و سحبت يديها من تحت يديه،وتركها حسن علي مضض
قال سيف بود و هو يربت علي كتف حسن :
-سلامتك يا ابو على الف سلامه عليك
اجابه حسن بتعب:
-الله يسلمك اخبار الرجاله ايه
قال سيف متوعدا:
-خلعوا يامعلم بس وديني مانا معدي الليله دي
تدخلت دره متسائله:
-مين ده ياحسن و ليه عملو كده
نظر لها حسن بتعب و قال:
-مشاكل،ماتشغليش نفسك انتي بيها
اكمل سيف مسترسلآ:
-الدينا مقلوبه عليك عمامك جايين و الحبايب جاين يطمنوا عليك والمستشفي شويه و هاتشغي ناس
و جه حسن انظاره لدره و اشار لها بالاقتراب بينما  انسحب سيف للخارج لجيب  علي هاتفه..
قاالها حسن بهدوء:
-امشي انتي في رجاله كتير جايين و دوشه
هزت راسها برفض و قالت:
-لا ياحسن مش هاسيبك
هتف حسن بصبر:
-صدقيني انا كويس مش عايزك تقفي قدام الرجاله كده،روحي ارتاحي وغيري هدومك اللي كلها دم دي
لوت شفتيها بالرفض فقال مره اخري:
-اسمعي الكلام يادرة انا تعبان و مش هابقي قادر اركز مع الناس اللي جايه و لا فيكي انتي
اشارت اليه بسببابتها و قالت بتأكيد:
-هاجي تاني اصلا شغلي بقي هنا.
ابتسم لفعلتها و قال بلطف:
-و انا هاستناكي
..............
دخلت شهد هي و سميه استقبال المشفي المتواجد به حسن و وجدت الكثير و الكثير من الزائرين
بحثت شهد عن سيف ليدلها علي رقم غرفة حسن و لم تعثر عليه
تمتمت  شهد و قالت:
-هو فين سيف
سمعتها سميه و تحدثت:
-تلاقيه مع الريس حسن اكيد مش هايسيبه يعني
توقفت عين شهد  عن البحث فور ان وجدت  سيف و هو يحادث الممرضه بجانب الرواق، وبينما الممرضة تلتمع عيناها اليه من حين لآخر و الآخر علي وجه ابتسامه موجهه اليها!!
ولكنها تلاشت فورا عند رؤيته لشهد تقترب و عينيها نيران مشتعله ، تحركت الممرضة مستأذنه ،ولم يستوعب سيف في بادئ الأمر سبب غضبها و لكن عند هتافها
بذلك بتهكم و قائله :
-بقي انت هنا و احنا بندور عليك
ووجهت حديثها لسميه:
-شوفتي ياسميه مطلعش مشغول بحسن طلع مشغول بناس تانيه
ابتسم و تراقص قلبه طربا  اهي تغير! 
حاول مجاراتها لاثاره غيرتها اكثر
و قال سيف ميغظآ اياها:
-شوفتي ياشهد والله الواحد بيتعب مش عارف يعمل ايه ولا ايه
رفعت حاجبيها لاعلي  و قالت:
-لا ياراجل
بينما تمادي هو عندما استمر بتلاعبه و قال بكلمات لا يعرف نتيجتها جيدآ:
-اه والله طلعت من عند حسن قولت أفك عن نفسي شويه
شهد وبلغ الحنق منها مبلغه هاتفه:
-تفك عن نفسك ؟ تفك عن نفسك ياسيف
ضربته بقوه بقبضتها علي صدره و هدرت:
-فك عن نفسك براحتك بس ابقي استنضف
و تركته بغضب تبحث بنفسها عن غرفه حسن.
بينما اتسعت ابتسامته، تغير !  تغير حقا
يكاد يجزم انه رأي اشتعال عينيها و نظراتها الناريه له ولتلك البائسه التي انسحبت فور ان رأت شهد قادمه،
و ضع يده مكان ضربتها بحب متمتآ :
-تعبتي قلبي ياشيخه أخيرا
انتهت من زيارتها القصيره له و قد ظنت ان دره متواجده ايضا و لكن أخبرها انها غادرت ،وعند خروجها من البوابه  قالت
سميه لها:
-شهد انا مش هاروح انا هاشتري شويه حاجات الاول تعالي معايا
قالت شهد نافيه بضيق:
-لا ياسميه مش هاينفع هاروح و عشان اشوف دره كمان كنت فاكراها هنا بس مشيت روحي انتي
قالت سميه و هي تودعها:
-طيب  وخلي بالك من نفسك
اومأت لها شهد و ذهبت في طريق آخر...
شردت في سيف و موقفه ،تعترف بداخلها ان نبتت الحب بدءت في الازدهار بداخلها، مشاكساته لها ورجولته و وسامته وضحكته تستحوذ علي عقلها و تفكيرها دون ان تشعر لكن!  اهو زير نساء ؟ عند هذا السؤال اغرورقت عيناها بالدموع لن يكتفي بها أبدآ ، وربما الكثير لم تكتشفه بعد عنه
-شهد ياشهد انتي يا بنتي
توقفت اثر منادته المستمر باسمها و التفتت اليه ببطئ
وقف سيف قبالتها و هو يلتقط انفاسه من ركضه خلفها قائلا:
-جرتيني وراكي يابنتي كل ده مش سمعاني
-عايز ايه
قالتها بجمود لم ينتبه اليه، حتى انه اجابها بود:
-استني هاجيب العربيه و اوصلك
-لا
ردد هو كلمتها باستغراب:
-لا!لا ايه
قالت شهد بغضب و هي تشهر اصبعها بوجهه :
-مالكش دعوه بيا و لا بحياتي ياسيف ابعد عني
رمش بعينيه عدة مرات و عقد حاجبيه بتساؤل قائلا:
-في ايه ياشهد
صرخت في وجه:
-في ايه ،مافيش حاجه ،مافيش اي حاجه ،غلطت غلطه و بتحمل نتيجتها
و كادت ان تذهب و لكنه جذبها من ذراعها لتقف أمامه مره أخرى و
هتف بحده:
-أنتي عاوزه توصلي لايه ياشهد
ردت  هي بغضب:
-اوصل لايه ابعد عني
همت بالابتعاد عنه و لكنه  عادها مكانها مره اخرب بقبضته  علب ذراعها مقربا اياها اليه
نظرت اليه بغضب و هتف و هي تحاول ان تجذب ذراعها من قبضته:
-انتي قد اللي بتعمليه ده ، انتي واعيه للي قولتيه من شويه
توقفت عن المحاولة و شعرت بالتوتر قليلآ و اخفضت عينيها لاسفل مد يده ليجذب راسها لاعلي قائلا بإصرار:
-لا تبصيلي كده و ردي عليا
لم تستجب اليه و لم تنظر اليه ابتسم بلؤم  و قال بتلاعب :
-كده احرجتي مشاعر البت تقوليلي استنضف حرام عليكي  يا شيخه
رفعت عيناها بحده اليه وهتفت به بحده
-حرمت عليك عشتك انت و هي
رفع حاجبيه وقال مستمرا بتلاعبه معها:
-و انتي ايه اللي مضيقك اوي كده
فارت دماؤها من حديثه المستفز و قالت:
-انا مش مضايقه كل واحد حر انت حر و أنا كمان حره
ضغط علي ذراعيها المازال بقبضته بشده و قال من بين اسنانه:
-اياكي اياكي ياشهد تحاولي تثيري غيرتي ضغطه علي يديها مناقضآ بشده  لنظراته الهائمه بها
قال سيف و عينيه تدور علي وجهها و كأنها تتشربه
-عاوزاني اشوف حد جمبك من غير ماتجنن
شهد انا بتجنن لما بشوفك مع زميل ليكي و انا مش عارف حتي اكلمك
لم يصدر منها اي ردة فعل سوا احمرار و جنتبها و ذلك الارتباك الذيذ الي تغلب علي عنفوانها منذ قليل
ناداها سيف بخفوت و
همست بتلعثم :
-نعم
اكمل و عينيه بعينيها هائما بها و بتلك النظرات التي تهديها اياه بسخاء دون أراده منها، و تكشف ما بداخلها من خلالها مدركآ مدي شفافيتها و براءتها التي يذوب بها
همس بخفوت و مشاعر صادقه
انا بغير..... بغير بجنون
يتبع 

دُرة القاضي / سارة حسن حيث تعيش القصص. اكتشف الآن