الفصل السادس

33K 834 14
                                    

استيقظ بنشاط رغم عدم انتظام نومه، هندم ملابسه المكونه من بنطال خامة الجينز اسود وقميص ازرق داكن اللون، ثم توجه ليتفقد عمله، وقابل في طريقه سيف الذي هلل هاتفا:
-صباح الفل يازعيم
رد حسن بابتسامه :
-كان زمان يابني
نفي سيف وبشقاوة قال:
-زمان ايه، ده انت هاتفضل طول عمرك الزعيم
اجابه حسن وقد تبدلت ملامحه :
-مابحبش الاسم ده بيفكرني باأيام ،اسوء أيام حياتي
فا كان رد ابن عمه سيف مشجعا:
-كله عدي ياريس المهم انت دلوقتي بقيت ايه، ده وقتك كله للحته ،الحته كلها بتحبك دلوقتي وبتفكرهم بالحاج عبد الرحيم ، انتي من يوم وفاة عمي ماقصرتش مع حد
انطفأت عينيه وقال بألم :
-ماقصرتش مع الغريب، لكني قصرت مع ابويا، يارب يبقي راضي عني ويسامحني
ربت سيف علي كتفه وقال:
-راضي ياابوعلي ان شاء الله راضي
حرك حسن رأسه وقال مشيرا لرأسه :
-اخبار الجرح ايه، غيرت عليه
_ ايوة روحت للدكتور اللي الصيدليه علي اول الشارع وغير عليه وحط اللزقه دي خلاص قرب يخف
ثم دار حديث آخر  عن بعض الاعمال، اندمج حسن هذا وذاك، غير مدرك بتتبع عينين سيف بشهد، التي تسير علي مسافه ليست بعيدة بينهما، و هذا المتطفل الذي يحاول مضايقتها ، يسير بمحاذاتها و بسمه وقحه علي وجه وهو يلقي علي مسامعها شئ ما، رآي سرعت خطواتها ومحاولتها بالسير بالجهة الاخري، بدءت الدماء بالفوران بعروقه، لكنه ااتنفض وكأن عفريت تلبسه عندما رآي ذلك يوقع يحاول ملامستها.
نفخت شهد بضيق لهذا السمج والتفتت لتوبخه، ولكن فاجئتها يد قويه تشدها للخلف تبعدها عنه، شهقه مفاجأة  صدرت منها بخوف وابتعدت تلقائيا خطوتين للخلف، بينما انقض عليه سيف بغضب وهو يلكمه عدة لكمات بوجه حتى سقط، لم توقف سيف عن ضربه مع سباب لاذع لم تسمعه بحياتها ابدا، حاولت الابتعاد عن التجمهر الذي حدث فجاءه، ومحادثه اختها لتاتي اليها ،أخرجت هاتفها وبايدي مرتعشه هاتفت شقيقتها، الذي ما ان اجاابتها قالت
شهد بصوت متقطع:
-دره دره تعالي الحقني انا خايفه
انتبهت دره لشقيقتها وهبت واقفه هاتفه بقلق:
-شهد مالك انتي فين
-بعد البيت بشارعين
اجابتها دره وهي تخطو بخطوات اقرب للركض علي درجات السلم :
-انا نزلت خلاص بس في خناقه
اجابتها شهد وهي تلتفت حولها :
- مانا في الخناقه
تجمعت رجالهم وحاوطت سيف حتي لا يتدّخل أحد من أهل المنطقه لفض الشجار، تاركينه يفرغ شحنة غضبه مادام لم يطلب تدخلهم.
اما حسن فا وقف يتابع مايحدث ببرود كأنها إحدى المشاهد السينمائيه المعتاد عليها ، هو  يعلم سبب غضب ابن عمه وعينيه التي اشتعلت بمجرد رؤيته للشاب الذي يعاكس شهد، وتحوله من الهدوء التام لتلك الشراشه المفاجأة،وانقضاضه علي الشاب دون تدخل منه للان.
نفخ حسن بضيق عندما رآها تركض من بعيد،تبحث عن شقيقتها، تمتم بضيق وهو يضع كلتا يديه في جيبي بنطاله:
-أصلها ناقصه مابحبش الخناقات اللي فيها الحريم
هرولت دره بأحتضان شهد لتهدئتها والاخري تبكي،وقد استصعب عليها رؤية مشاهد الضرب والسباب في محيط لم تعتاده بعد.
قالت شهد بخوف وهي تشير للرجل الملقي اسفل سيف :
-الحقي يادره الراجل شكله هايموت محدش بيدخل انا خايفه
هدئتها دره ببضع كلمات رغم قلقها عليها، ثم التفتت تبحث عن شخص بعينيه،شخص اخبرها بأول معلومه لها هنا، ( الخناقه مش هاتتتفض الا لما انا ادخل)
وجدته واقفا ببروده يشاهد دون ان يفعل شئ،  فا اجهت اليه بانفعال وقد طفح الكيل بها من مشاهد العنف والسباب ورجالهم المحاوطين بهم دائما.
وقفت دره أمامه هادره بغضب :
-انت واقف كده ليه الراجل هايموت في ايده
نظر لها ببرود قائلا:
-ده كان بيعاكس اختك علي فكره
هتفت بوجهه بأنفعال:
- يتأدب،بس مش لدرجه انه يموت، انتو ايه كل حاجه عندكوا خناق مابتتفهموش ابدا، الخناقه مش هاتتتفض الا لما تدخل يالا انهيها بقي مش عايزين مشاكل
رفع حسن حاجبيه وقال بثقه :
-كويس انك بتتعلمي بسرعه
اتجه لابن عمه الذي لم يتوقف عن تلقين ذلك المتحرش درسآ قاسيآ، اقترب منه يحول بينهما مقررا توقف الشجار وعودة ابن عمه لوعيه ،ومن يجرء غيره علي التدخل..
قال حسن وهو يبتعد بسيف :
-خلاص ياسيف انت روقته سيبه بقي
حاول الرجل الوقوف اكثر من مره ولم يستطع، لم تعد ملامح وجه واضحه ساعده احدي الرجال ، ثم جه حسن حديثه للرجل بتحذير:
-تمشي ووشك في الارض بعد كده ، ولو اتعرضت لها او لغيرها هاتبقي تحت ايدي انا
اومأ له الرجل بصمت هرول بالابتعاد سريعا عن قبضه القاضي الداميه.
اقترب سيف من تلك المتشبثه باختها قائلا:
-نتي كويسه
لم ترد عليه شهد، ووجهت الحديث لاختها بخفوت قائله:
-دره عايزه امشي من هنا
هتف هو بحنو غريب عليها يحاول تهدئتها من بكاءها :
-متخافيش محدش هايتعرض لك تاني
هتفت بصوت بات طفولي بدموعها واحمرار انفها:
-انت متوحش
لايعرف لما اراد الضحك علي تشبيهها واحتضنها وتهدئتها  ، ولكنه هتف بصوت حاول ان يكون هادئ موضحآ :
-لا مش كده، بس ماكنش ينفع اسيبه يعاكسك او يلمسك انتو مادام هنا يبقي في حمايتنا
كان رد دره هذه المره لكن بأنفعال قائله:
-حماية ايه هو ماينفعش حماية من غير همجية وبلطجه
ردد حسن كلماتها  بأستهزاء:همجيه وبلطجه!  الهمجيه دي يادكتوره هي اللي بتحمي الناس من اي حد شمال يدخل المنطقه ومن المخدرات تدخلها ، والبلطجه دي اللي حمت اختك واي بنت في الحته دي من واحد كان هايلمسها او يسمعها كلمتين مالهمش لازمه
رسمت بسمه مستهزه وحركت رأسها بلا فائده، مدركه ان الحديث مع امثاله لم يجدي نفعآ،فاهتفت بضيق لسيف الواقف امامهم :
-عايزين نعدي لوسمحت
اومأ لها براسه وعينيه علي تلك التي لم تنظر اليه أصلا :
-اتفضلوا
تابعهم سيف حتي دخلوا بنايتهم وشرد بتفاصيل تلك التي جعلته يتصرف لاول مرة بتهور دون سابق ترتيب، متحير من ذلك الاندفاع والرأفه بها لدرجه الرغبه في تهدئتها .
اقترب منه حسن من الخلف يربت علي كتفه فجاءه قائلا :
-هو ايه الحكايه
رد الاخر بشرود:
-مش عارف ياحسن بس تقريبا كده وقعت
رد حسن بمشاكسه وهو يغمز باحدي عينيه :
-يامتوحش!
ضحك سيف علي جملته وقال :
-تحسها عامله زي العروسه اللعبه الا مايشوفها اول مره مايشوفها دلوقتي وعامله زي الكتكوت المبلول
قال حسن ضاحكآ وهو يحاوط رأس سيف ذراعه بمزاح رجولي:
-الله هو في مره اولي لا دي عايزه قاعده بقي.
...............
حل الليل وعم السكون المكان، بعد ان اطمآنت علي شقيقتها، وهدئت والدتها، ارادت بعض الوقت لنفسها، تعيد كل شئ مر عليها اليوم.
لاتدري لما تُأنب نفسها علي كلمتها له بعد مااستمعت لحديث اختها وماتعرضت له من الفاظ جرىئه من ذلك المتحرش وايضا محاولته للمسها ،داهمتها رغبه في انتزاع عينيه من مقلتيها من الغضب لاختها الصغري ومحاولته للتحرش بها .
 نفخت وهي تفكر انها من المفترض ان تشكره وصفته بالهمجيه!
اي همجيه وهم من دافعوا عن اختها وادميتها ، ولكن دائما ما تقف امام الطريقه، الضرب والسباب وانواع أسلحتهم التي يستخدموها ورجالهم المتواجدون دائما بعدين كل البعد عن التحضر، وكأنهم اجتمعوا واتفقوا علي قوانين ثابته لا تتغير والعقاب علي الجميع.
تنهدت بتعب و توجهت لشرفتها، تأخذ انفاسا متتاليه تصفي عقلها من ذلك التشوش الغريب عليها، ورغبه ملحه لرؤيته وماتمنته حدث بالفعل، وجدته يتحدث بهاتفه امام ورشته ويسير ذهابا وايابا، عدة دقائق وانتهي حتي بعد مااغلق هاتفه استمر بفعلته وكأنه شارد بعقله في شئ ما مستحوذ علي تفكيره، واستغرق دقائق عدة في شروده.
وفضول غريب عليها جعلها تتمني ان تعرف سبب ذلك الشرود الطويل، ولكنه رفع عينيه فجأة لاعلي يحدق بها دون ان يخفض عينيه ، تسمرت دره مكانها لاتقوي لا علي الدخول و لا  علي ابتعاد عينيها عن عينيه في حادثه فريده من نوعها،و كأن مغناطيس خفي يجذبها دون ارادة منها نحو رماديته الثابته عليها الان.
اما هو ينظر لها وشعرها يتطاير علي وجهها بنعومه،كان لقدومها وقعآ غريبآ عليه، و هو الذي لم تعد اي انثي تؤثر عليه منذ زمن بعيد ، جاءت هي وملئت عقله بها،نظر لها بتساؤل وكأنه يريد إجابه عن سبب اقتحامها لعقله،وضيقه منها ومن لسانها السليط وايضا، يسألها لما عينيها بمثل هذا الدفئ فقط عندما تنطر اليه خفيه ، وتكون بمثل ذلك البرود والانفعال في اي مواجهه تحدث بينهما.
ابتعد هو بعينيه عنها و نظر لاسفل قليلا، ثم غادر و بداخله رغبه ملحه للنظر إليها مره اخيره بوقفتها وهدوء ملامحها وتلك النظره الهادئه من عينيها، ولكن كلماتها تركت اثرها السلبي علي كبريائه وتلك الصوره التي تراه بها يبغضها ، هو ليس بهمجي او بلطجي وهي... هي لن تفهم ذلك أبدا ولكن لعل في القريب شئ ما يتغير .

يتبع

دُرة القاضي / سارة حسن حيث تعيش القصص. اكتشف الآن