الفصل السابع

29.2K 723 17
                                    

بعد مرور اسبوع التزمت فيهم شهد المنزل ولا رغبة لها بالخروج، بينما كان رد فعل درة هو التجاهل التاام، تؤدي عملها وتعود دون الاختلاط بأحد، بينما التزم رجال القاضي الصمت ايضا.
استيقظت شهد في الصباح وبعد الحاح والدتها وصديقاتها عن اهميه مافاتها من محاضرات توجهت لكليتها، لعلها تستجمع محاضراتها وتستذكرها.
-شهد ياشهد
استوقفها نداء زميلها من الخلف، التوي فمها بضيق وهي تستدير له علي مضض، فقال الشاب بلهفه:
-شهد ازيك ، بقالك فترة مش بتيجي وسالت عليكي كتير
اجابته شهد باختصار:
- كان عندي شويه ظروف

فقال علي الفور عارضآ خدماته:
-لو عايزة اللي فاتك انا ممكن اجمعهم ليكي لحد عندك
قالت شهد بفتور:
-ازاي وانت في تالته وانا لسه في اولي
قاطعها الشاب مرة اخري في تودد:
-دي حاجه بسيطه جدا بس انتي قولي ايوه
عدلت من حقيبة كتفها وقالت وهي تتحرك مبتعده :
-شكرا، انا جبتهم خلاص ، بعد اذنك بقي
وتحركت الي البوابه، وعقلها منشغل في عدد المحاضرات التي تغيبت عنها، بسبب ما مرت به في الاونه الاخيرة، بعد اخر حادثه ولم يعد لها رغبة في الخروج من المنزل، تشعر انها بمجرد ما ان تخطوا للخارج ستواجه شئ لا تريده ، او مشهد من مشاهد الاكشن الخاصه بمنطقه القاضي.
كانت غارقه بأفكارها ، الا ان فاجئها ذلك الذي وقف امامها وكأنه ظهر من العدم، شهقت شهد هاتفه بذهول:
- انت!
قال سيف بتساؤل وملامح وجه محتقنه:
-مين اللي كنتي واقفه معاه ده
وكأنه بسؤاله أشعل فتيل الغضب بها، فا صرخت به بغضب:
-وانت مالك، كنت من بقيت عيلتي
ضم شفتيه بغيظ وقال سيف :
-ردي عليها وبلاش تختبري صبري
لوحت له بيدها في الهواء بعينين مشتعلتين:
-لا انا عايزة اختبره بقي، ايه هاتطلعلي مطوة من جيبك،ولا موس من بؤك
اتسعت عينيه من كلماتها الغريبه فقال بحده:
-وانتي شيفاني سرسجي ولا بلطجي قدامك
ما كان من شهد الا ان القت ما في جعبتها قائله:
- في منطقتكم والكل تحت حمايه القاضي وعرفناها ، هنا بقي ايه، مسكتوا الجامعه هنا كمان، جاي تسالني واقفه مع زميلي ليه، وانت مالك، هاخد منك الاذن في كل مكان اروحه.
ثم اكملت هادره بوجهه محتقن، امام عينيه المتسعتين لحديثها الذي تلقيه بوجهه دون توقف:
- بص ياابن الناس اسلوب الفتونه ده مش علينا، والله لو ماكانت الظروف ماكنا دخلنا منطقتكم اصلا، فاخليك في حالك وابعد عن طريقي
انهت شهد حديثها دفعه واحده حتي انها بدت وكأنها كانت تركض في سباق، وانتظرت منه ان يجابها بحديث ويتطور الامر، لكن لم يحدث اي شئ، ولا رد فعل منه سوي انه عاقدآ حااجبيه و بات ينظر اليها حتي طالت نظراته، نظراته التي تحوي من الاستغراب والعتاب!
هربت شهد بعينيها عنه، بينما عيناه لازالت مرتكزة عليها، وشعور بالضيق احتله من كلماتها التي القتها بوجه كالسهام، ابتعد خطوه للخف وقال بصوتا باهتآ:
-انا لا همجي ولا بلطجي، ومش عارف ليه شيفاني بالصورة الوحشه دي، انا ما أذتكيش ولا قربت من عيلتك بالشر، مش عارف عملت ايه علشان العداء اللي في عيونك ليا ده
كانت اجابتها عليه بضيق:
- واللي حصل اخر مرة ده كان ايه واللي قبلها ده انت
قاطعها سيف بحده قائلا:
- انتي زعلانه علشان ضربت واحد كان بيعاكسك وهايمد ايده ويلمسك، لو رجع الزمن هاعمل كده واكتر، مش هاسمح لحد يقرب منك او يأذيكي
كادت ان تجابهه بالحديث، لكنه اشار له بيده واكمل:
-يمكن انتي مستغربه اللي بتشوفيه في منطقتنا، لكننا عمرنا ماظلمنا حد ولا جينا علي غلبان.
صمت كلاهما بعد وصلة الحديث الحاده بينمهما من قبالة شهد، والمبرره من ناحية سيف، سيف الذي ولاول مرة تراه يتحدث بتلك الجديه، و عينيه التي تراها دائمآ عبثيه ومشاغبه،ملائمة لملامحه الشبابيه،عينين سوداء واسعه وشعر اسود قصير وغزير ناعم، لحيه نامية لم تراها به من قبل، لكنها تليق به، رجل ملامحه هادئه لا تجعلك ترتاب منه بل علي العكس، تصرفاته العفويه تجعله من هؤلاء الذي يطلقون عليهم ولاد البلد.
خرج منها سؤالا مباغتآ لكلاهما:
-جيت ليه ياسيف
ابتسم، وتعرف تلك البسمه التي تلتمع عينيه معها بشقاوة،مجيبا عليها :
- اول مرة تقولي اسمي
ارتفع حاجبيها، فقال علي الفور:
-جيت علشان اشوفك
اتسعت عينيها فقال مسرعا:
-اصل كلمه متوحش وجعاني الصراحه فا قولت اجي اغير نظرتك يعني
التوي فمها ببسمه تحاول اخفائها عن عينيه المرتكزة عليها، فقالت وهي تحاول التحرك:
-انا ماشيه
وقف امامها مرة اخري وقال مبتسما ببشاشه:
-ياستي استني، هو انتي حدفتيلي كام طوبه وعايزة تمشي عادي كده
-عايز ايه
نظر لها قليلا ثم قال بعد ان غمز بعينيه بمرح:
-ولا حاجه، كنت عايز اشوفك وشوفتك
قالها وتحرك من امامها دون ان يضيف شئ آخر، تابعته بعينيها حتي بدء يغيب في الزحام، فا ظهرت ابتسامه علي ثغرها غريبه،وشعور لذيذ لايمكن إنكاره، وعقلها يعيد كلماته مره أخري، تنهدت وهي تعدل من حقيبتها عائده لمنزلها.
.............................
عادت دُرة مبكرا من عملها، كان اليوم شاق و عدد حالات زائد ولكن كا طبيبه بالبداية اظهرت تفوقها واجتهادها.
مرت من امام ورشته و بحركه لا إراديه منها رفعت عينيها مكان جلسته امام باب الورشه و لكنها لم تجده،انبت نفسها علي ذلك الفعل منها ، وافترضت أنه ربما كان موجود ورأها ماذا كان سيقول، تبحث عنه مثلا!
فتحت باب بنايتها و دخلت و لم تدرك ان حظها العثر فعلا جعله يراها وهي تنظر لمكانه، و لكنه كان بداخل الورشه و لم تلاحظ هي ذلك،و لكنه رأها و لا يعرف لما اراد ان يخرج و يريها نفسه ،و لكنه توقف في اللحظة الأخيرة منعآ في ان تكون مجرد نظرة عابره منها و قد اخطئ هو في فهمها ، ولا يريد اي تصادم مع الطبيبه، ولا رغبة له في سماع كلماتها الحاده عن بشاعه قوانينه، وتقيم تصرفاته البشعه من وجهه نظرها، جلس علي الباب في انتظار سيف، الذي هاتفه وطلب منه مقابلته هنا ،في حديث هام وجاد للغايه فأضطر للقدوم، بعد عدة ايام لم يأتي الي هنا، ولكنه علي مشارف استقبال اخبار تخص الطبيبه.

.........................
في حديث عائلي بين ثلاثتهن،كانت درة وشهد ووالدتهن،قالت دره بتساؤل:
-عملتي ايه النهاردة ياشهد، جبتي محاضراتك
اومات شهد برأسها وسردت بعض تفاصيل يومها، بعيدا عن رؤيتها لسيف وما دار بينما، ثم قالت دره:
-الفترة الجايه احتمال اتاخر في الشغل
قالت والدتها:
-تتاخري ليه يادره، ماينفعش
-مش بأيدي ياماما في عجز في المستشفى وضغط شغل ماينفعش اقول لا
قالت شهد :
- بس يادره صعب تيجي لوحدك باليل، حاولي اتحججي باي حاجه
تنهدت دره قائله :
-مش عارفه
قالت والدتها بقلق:
-حاولي يادره انا عمري ما هاسيبك تيجي لوحدك في الليل
مسحت دره علي وجهها وقالت وهي تدخل عرفتها :
- هحاول يا ماما
ارتمت علي سريرها، وتشعر بالضغط عليها، جهه من عملها ومايحتاجه من تركيز، ووالدتها وخوفها الزائد عليهن، والتأقلم في حياتها الجديده، وبين مجهول لا تعرف ملامح له، وعقل مشوش التفكير متحيره منه، وفي دوامة عقلها غفت دره، والقادم بحوزته الكثير لها .
.........................
استمع حسن لما جاء سيف اليه، وفاجأه سيف ان الموضوع الهام ينتمي للعائلة الجديده، وخصوصا الطبيبه الشابه.
لكن فأجاه حسن بصوته يقول :
-نعمممممم!!! عريس وده شافها فين هي لحقت دي مابقالهاش شهر حتى.
قال سيف باستغراب من ابن عمه:
-الراجل كويس و معاه شهاده وصاحب علم.
هتف به حسن باستهزاز لم يخفيه:
-و شافها فين صاحب العلم
-هو في ايه ياحسن
قالها سيف بأستغراب من تلك الحالة التي اصابت حسن فور علمه و طريقته في الاستهزاء في العريس القادم ل دره،
و كأنه استعاد نفسه  من تسرعه وتحدث ببعض الهدوء:
-وانت قولت له ايه
اجابه سيف:
-قولت هاقول لامها، الراجل جالنا لانه مش عارف لها حد يروح يكلمه و لما سأل ماعرفش اكتر من أنها دكتوره
اوما حسن برأسه و قال بهدوء:
-تمام انا هابلغهم النهارده
..............
نسي ،نسي ماضيه و الفروق التي بينهما وأنفعل من فكره كونها ستكون لغيره ،فا بالتأكيد ستكون لغيره ، لا يوجد بينهم سوي الفروق ،بنظرتها اليه و عدم قبولها بأي تصرف منه،لم يري منها سوي النفور.
لم يري منها سوي الرفض لكل ما يقوم به حتي لو كان من باب الحمايه
هتف لنفسه بوجوم:
-ايه ياحسن نسيت ولا ايه،ماتنفعكش كفايه ماضيك الاسود اللي بسببه مات ابوك بحسرته ،هي قدامها مستقبل تاخد اللي من توبها ، و انت بنات الحته بيترموا تحت رجليك و انت قافل علي قلبك جاي تفتحه دلوقتي  هي مش شبهك ولا هاتكون ،اخترت الشخص الغلط في الوقت الغلط ،لا ...الشخص الصح للشخص الغلط .
شارد  بعقله وهو يقود بسيارته، لم ينتبه للوقت ولا للمكان وهو غارق بأفكاره، بعد ما انهي حديثه مع سيف واراد الانفراد بنفسه،   حتي فجأه ظهرت امامه سياره اخري ، كادت ان تصطدم به لولا ان تفادها حسن، ترجلت الفتاه من سيارتها بغضب متوجه اليه بانفعال مستعده لتوبيخه رغم كونه من خطأها هي، و لكن تلاشي كل شئ عند رؤيته.
اتسعت عيناه يتطلع لماضيه الواقف امامه بجمود وكانه نُحت من صغر، بينما
اقتربت هي ببطئ و عينيها تتلكئ علي وجه ببطئ بعد مرور خمس سنوات ، ومع اقترابها البطئ وصوت كعب حذائها الذي يضرب الارض في سكوت الليل،ابتعد هو خطوه للخف وعلي وجه علامات الصدمه والنفور.
-حسن
اغمض عينيه بضيق من سماعه لاسمه من شفتيها ، شفتيها التي كانت في يوم من الايام غايته وسبيله ، وتغني بهما اليالي.
هتفت مجددا وعينيها متلهفه لسماع صوته :
-حسن ازيك
خرج صوته جامدا وقاسيآ:
-انتي تعرفيني ،مافتكرش اننا اتقابلنا قبل كده
ثم تركها وقاد سيارته و انطلق بها بسرعه متهوره، وقفت هي من خلفه  تنظر لسرابه بذهول وقلب يخفق بجنون لرجل ملكته في يوم من الايام.
يتبع.

دُرة القاضي / سارة حسن حيث تعيش القصص. اكتشف الآن