١| عَودة

2.5K 208 159
                                    

فَتحت عَيناها بتثاقُلٍ شَديد، كان المَكانُ حَالِكٌ مِن حَولِها ولا يوجَد إلا الظَلام.. هي تعلمُ انَ النُور مَوجودٌ هُنا و يُحيطَها مِن كُلِ مَكان، ولكِن رُغمَ ذَلك لم تستطع التقاطِه..

شُعورٌ أشبهُ بِأنكَ مَدفونٌ على بُعدِ ثَمانية أَمتارٍ مِن سَطحِ الأرض، عيناك مَفتوحَتان ولَكِنَ الرِمالَ عبأت كِليهِما.. فأصبحتَ حَتى لا تَقوى عَلى إغلاقِهما من جَديد ..

لا تجرُأ على اخذِ شَهيق، ولا يوجَد هَواءٌ في رِئتيكَ لإخراجه.. شُعور بانقطاع الاوكسُجين ولكِنك رُغمَ ذَلِك لَن تَموت ..

-

كانت تشعُرُ وَكأنها مُمَدده على سَريرٍ بارِد في أَعماقِ الأَرضِ السَابعة، سَرير أبيضٍ بائِس و كأنهُ سَريرُ مشفى..

لَم تَستطع تَحريكَ رَأسها شِبراً وَاحداً فَقَط لترى مَا حَولها، و لَكِنها استَطاعت رَسمهُ بمُخيلتِها..

فَأغلقت عَينيها بإحكامٍ وتَحدي، وَكأنها تَعلمُ أَن عِند فَتحِها لَهُما مِن جَديد سَيختَفي كُل هَذا..

___

". لَقد .. لَقد فَتحت عَيناها ."

تَعالى صَوتٌ أُنثويٌ فَرِحٌ في أرجاءِ الغُرفة، جاعِلًا الرجُل ذو الرداءِ الأَبيض يَقفزُ مِن فوقِ مَكتبِه تاركًا خلفَهُ الكَثيرُ مِن الأوراقِ المُبعثَرة وَالَذي كانَ مُنهَمِكًا في قراءَتِها..

ليقتَربَ مُسرعًا مِن الفَتاةِ ذَاتَ الشَعرِ القَصير وَ المُمَدَدة فوقَ سَريرِ أَبيضَ، فَأخذَ يَتَأملُ مُقلَتيها الثابتَتان في مَكانِهما   وَالمُحدقتان في سَقفِ الغُرفَةِ بِلا وَعيّ..

". لَقد عَادت، الم أُخبِركِ! ."

صاحَ الرَجُل بِاندهاشٍ بينَما ينظُرُ لتِلكَ المرأةُ المُتكِئة عَلى الأَرضِ في الطَرفِ الأَخر مِن السَرير، مُمسكةً بيدِ صاحِبة الشعرِ المُمَوجِ وَ المُمَددةِ بِلا حَراك..

أحكَمَت المرأةُ قَبضَتها على يدِ الفَتاة وَ قَالت بينَما تغرغَرت عَيناها بِالدُموع

". تَحليّ بِالقوةِ يا صَغيرَتي ."

اِقتَربَ الرَجُل أكثَر مِن وجهِ الفَتاةُ بعدَ أَن أخرَجَ مِصباحٍ  صَغيرٍ مِن جَيبِ مِعطَفه، ليُسَلط ضَوئَهُ السَاطع نَحوَ بُؤبُؤ  عَينِها فَلاحَظَ عَلى الفَور اِستجَابتهُ للنُور وَتقلُص حَجمِهُ مِما  جَعلهُ يَزفُر بِارتياحٍ قَائِلٍا

 آمْنيزْيا | زَهرة الفاوانيا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن