٢٤| قرار

404 74 46
                                    


-وكأنني سَجينةٌ بأغلالٍ صدأة جُرت مِن خلفي أبحث عن المفتاح، مفتاح الخلاص مِن ذلك العذاب، مِن تلك الدنيا التي دفنتني بين أخشاب مَسرحها المُتهالك، فلا أنا قادرة على تأدية دوري أمام الجماهير، ولا أنا قادرة على إغلاق السيتار.
_____

خرجت مِن محل الأزهار مُمسكتًا بوردة بيضاء قد خبأتها في معطفها لتحميها مِن نفحات الهواء حتى تصل إلى وجهتها

قطعت الشارع مشيًا على الأقدام إلى مكان قد اكتسى بطبقات مِن الثلوج السميكة، فرفعت ساقًا وأنزلت الأخرى مُتقدمتًا بصعوبة نحو البُقعة التي تقع أمام ناظريها، فلمحت شخصًا مُنثي على ركبتيه يجلس هناك

اقتربت منه بهدوء لتغرس الوردة البيضاء التي معها في كومة الثلج المُتجمعة قُرب ساقيها، فالتفت لها الشخص مُتفاجئًا بوجودها

". جوآن؟ ."

أردف مُتعجبًا

". لقد عدتِ! ."

ضربته بخفة على كتفه وابتسمت بأريحية

". وأين سأذهب، يا إيدن ."

دفنت كفيها في جيوب مِعطفها، وتركت جسدها ليهبط جالسًا إلى جانبه أرضًا

أمالت رأسها وأسندتها على كتفه فتمدد طرف شفتيه باسمًا ببعضٍ مِن التملق

". ما الذي تفعلينه الآن؟ ."

". أحاول العيش، كجوآن ."

". هذا لا يناسبكِ ."

رفعت رأسها عن كتفه فزفر بضحكةٍ هادئة قبل أن يمد يده ليسحب رأسها نحو كتفه مِن جديد، فتأوهت بخفه

". كُن حنونًا! ستكسر عُنقي ."

". هذا ما أحاول فعلة ."

ابتسمت، ثم سألت بعد أن أراحت رأسها على كتفه

". ما الذي تفعله هُنا؟ ."

". أنظف المكان مِن رسائل الكارهين، عسى أن أجد مَن يفعل هذا معي ."

أردف سائلًا

". وأنتِ، لِمَ تركتِ الزهرة هُنا، وليس في قبرها؟ ."

". في القبر سأجد الجسد وهُنا سأجد الروح."

تابعت

". أخبرني صديق، بأن الأموات هُم أزهارٌ أنبتتها الأرض ."

 آمْنيزْيا | زَهرة الفاوانيا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن